مصطفى واعراب
أفريقيا برس – المغرب. حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، مؤخرا، من أن ” ارتفاع أسعار الأسمدة يثير مخاوف من عدم تلبيتها للطلب العالمي في عامي 2022-2023، وهو ما قد يؤدي إلى آثار سلبية على إنتاج الغذاء والأمن الغذائي في العالم”. والمغرب الذي تختزن أرضه 70% من مجموع احتياطيات الفوسفاط العالمية، ويعد أكبر مُصَدّر للأسمدة الكيماوية (بلغت العام الماضي 40 مليون طن)، يسعى لتلبية حصة من الطلب العالمي المتهافت على سوق الأسمدةالأسمدة، عن طريق رفع إنتاجه بنسبة 10٪ خلال العام الجاري. بل إن لديه طموحا يشتغل عليه، للرفع من قدرته الإنتاجية خلال الأربع سنوات القادمة بأكثر من 50٪.
وإذا كانت العائدات المالية من صادرات الفوسفاط تجلب للمغرب عوائد مالية معتبره بالعملة الصعبة، حطمت رقما قياسيا في تاريخ الفوسفاط المغربي بأكثر من 10 مليار دولار العام الماضي، فإن صناعة الأسمدة الزراعية باتت منذ أكثر من عقد سلاحا استراتيجيا ناعما، تدير به الرباط ما بات معروفا باسم “ديبلوماسية الفوسفاط”. وتمثل القارة الأفريقية في هذا الصدد نموذجا ناجحا على أكثر من صعيد.
لكن نجاح المغرب في تدبير ثرواته الفوسفاطية، بما يتيح له تحصيل مكاسب مالية وسياسية وفيرة في أفريقيا وباقي العالم، لم يمر من دون أن يشعل “حرب الفوسفاط” التي يواجهها المغرب مع أكثر من منافس عالمي.. صراع جيواستراتيجي على كسب موعد مع المستقبل في القارة السمراء.. ظاهره تنافس تجاري، وباطنه حرب نفوذ صامتة وغير معلنة. والتحليل التالي يحاول الغوص في خلفياتها وخباياها.
تمكن المغرب خلال عام 2022 من إنتاج 40 مليون طن من الفوسفاط، مما جعله يحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد الصين التي أنتجت حوالي 85 مليون طن، وفقًا لمعهد الجيوفيزياء الأمريكي.
وكشف المصدر نفسه أن الولايات المتحدة الأمريكية احتلت المركز الثالث، على المستوى العالمي من حيث الإنتاج بعد المغرب، وقبل روسيا التي أنتجت فقط 13 مليون طن من الفوسفات في عام 2022.
أما في ما يتعلق بالإنتاج على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيحتل المغرب المركز الأول في الترتيب، بينما تحتل الأردن المرتبة الثانية بإنتاج يصل إلى 10 ملايين طن، تليها المملكة العربية السعودية بحجم إنتاج يبلغ 9 ملايين طن، تليها مصر بـ 5 ملايين طن، وأخيرا تونس في المركز الخامس بإنتاج يصل إلى 4 ملايين طن.
ويجدر بالذكر أن الإنتاج العالمي السنوي للفوسفات يقدر بـ 240 مليون طن، وتقدر الاحتياطيات الاقتصادية للفوسفات في العالم بـ 69 مليار طن، بينما تصل الموارد الصخرية الفوسفاتية القابلة للاستغلال إلى 300 مليار طن، وفقًا للمعهد الأمريكي المذكور. والمعروف أن المغرب يختزن بين 70 و80 ٪ من مجموع الاحتياطي العالمي من الفوسفاط، وهو ما يسمح له بمواصلة الاستغلال لحوالي 5 قرون قادمة، بحجم الاستغلال الحالي، وفقا لتصريحات سابقة للمدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط مصطفى التَّرّاب.
الفوسفاط سلاحا جيواستراتيجيا
لم تحمل الأزمة الروسية الأوكرانية مفاجآت سيئة فقط للمغرب. فباعتباره المُنتج والمُصدّر الأول للفوسفاط الخام في العالم، قد استفاد بشكل كبير من التوترات في سلاسل التوريد لسوق الأسمدة الزراعية، كما يوضح إجمالي مبيعات المكتب الشريف للفوسفاط (م.ش.ف.) خلال العام 2022، الذي سجل رقما قياسيا بلغ 114.57 مليار درهم (حوالي 11,29 مليار دولار)، مستفيدا من ارتفاع الأسعار في السوق الدولية. وهو ما يمثل زيادة بنسبة 36٪ مقارنة بعام 2021.
نحن نتحدث هنا عن شركة مساهمة تمتلك الدولة المغربية غالبية أسهمها (96 c/o)، أي شركة هي ملك للمغاربة أجمعين، وتلعب دورا مهما في التشغيل (تشغل حوالي 30 ألفا من العمال والمهندسين والعلماء داخل المغرب وحده)، وتوفر عائدات مالية هامة لميزانية الدولة بالعملة الصعبة.
ويمكن شرح هذا الرقم القياسي الذي حققه (م.ش.ف.) بكون “الصراع الروسي الأوكراني زاد من التوتر في السوق الخاصة بالفوسفاط، وأدى إلى زيادة أسعارها، والتي دعمتها أيضًا زيادة تكاليف المواد الخام، ولا سيما الأمونيا والكبريت”، بحسب ما كشف المكتب الشريف للفوسفاط قبل عام.. في حين أن الصين ، التي تعد أكبر منتج للأسمدة الفوسفاطية في العالم، أوقفت صادراتها لتلبية حاجيات سوقها المحلية العملاقة، بينما تتعرض روسيا لعقوبات دولية، تشغل العديد من القادة بالخوف من اندلاع أزمة غذائية عالمية.
لكن الفوسفاط (ومشتقاته) ليس قضية موارد مالية (على أهميتها القصوى) فقط، بل إنه تحول في السنين القليلة الماضية إلى سلاح ديبلوماسي، يجري توظيفه بفعالية في خدمة قضايا المغرب الحيوية. وتحول معه المكتب الشريف للفوسفاط إلى جزء رئيس من الآلة الديبلوماسية المغربية.
فقد عقد المكتب في 2016 شراكة مجموعة الملياردير أليكو دنغوت، أغنى رجل في نيجيريا وإفريقيا، تقضي باستثمار الطرفين مبلغ 2,5 مليار دولار، لإقامة منصة عملاقة لإنتاج الأسمدة الزراعية في ضواحي لاغوس عاصمة نيجيريا التي تعتبر أكبر دول القارة سكانا بأكثر من 200 مليون نسمة. كما تم التوقيع مع إثيوبيا (ثاني أكبر دولة سكانا في إفريقيا بحوالي 115 مليون نسمة) على اتفاق شراكة ضخما، لإقامة منصة عملاقة أخرى تتضمن سبع وحدات لإنتاج الأسمدة من الفوسفاط بغلاف يناهز 3,7 مليار دولار.
ويعتبر اقتحام الديبلوماسية الاقتصادية المغربية لهذين العملاقين الإفريقيين، تطورا مهما على سبيل تغيير موقفهما (أو على الأقل تليينه) من قضية الصحراء، حيث كانا من أبرز دول أفريقيا دفاعا عن جبهة البوليساريو في المنتديات والمؤسسات القارية والدولية.
ولمعرفة درجة تأثير “ديبلوماسية الفوسفاط” في الدول المعادية لقضية الصحراء الغربية، يكفي التذكير بأن الموقف الرسمي الإثيوبي (إثيوبيا التي تحتضن مقر الاتحاد الأفريقي) انتقل خلال أقل من خمس سنوات (بين 2016 و2020)، من مؤيد مطلق لجبهة البوليساريو، إلى موقف فاتر منها بفضل تلك الشراكات.. وإلى درجة أن الرئيس السابق لنيجيريا محمادو بخاري رفض، في 2020، الحديث عن مشكل الصحراء مع وزير الخارجية الجزائري السابق صبري بوقادوم، رغم أنها كانت السبب الوحيد لانتقاله من الجزائر إلى أبوجا.
وإلى جانب قضية الصحراء، يبدو أن المغرب آخذ في تحويل الفوسفاط إلى سلاح جيواستراتيجي فعال، لفرض نفوذه ضمن معادلة عالم ما بعد وباء كوفيد-19 والحرب الروسية-الأوكرانية. فوفقا لتحليل معهد الشرق الأوسط، وهو مركز تفكير think tank مقره واشنطن، فإنه “عندما تساعد الرباط دول العالم في مواجهة التهديد الروسي القائم على تحويل الارتباط بين الغذاء والطاقة إلى أداة عسكرية (من خلال توفير الأسمدة الزراعية التي حولتها موسكو إلى جزء من قوة الضغط)، فإنها (الرباط) تبرهن على أهميتها المتزايدة بالنسبة إلى أوروبا والولايات المتحدة، باعتبارها شريكا جيوسياسيا في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى[يقصد المعهد من خلال اكتساح المغرب لسوق الأسمدة والأمن الغذائي لدول أفريقيا جنوب الصحراء]”.
ويوضح مركز التفكير رؤيته قائلا: “بينما تواجه أوروبا حربا اقتصادية تستنزفها على جبهتين مع روسيا، فإن من شأن مشروع المغرب لزيادة إنتاج الأسمدة الزراعية، أن يغير المعادلة الاستراتيجية عن طريق مواجهة قدرة موسكو على تحويل صادراتها من الغذاء والطاقة إلى أدوات عسكرية”.
“حرب” على الفوسفاط المغربي
إحصائية واحدة تلخص القضية كاملة. فزهاء 60٪ من الأراضي الصالحة للزراعة التي ما تزال غير مستغلة، توجد في القارة الأفريقية. وكون القارة مرشحة لتصبح مخزن العالم في العقود القادمة، فمن الطبيعي أن ينصب نحوها اهتمام كبار منتجي الأسمدة الزراعية على المستوى العالمي، وفي مقدمتهم عملاق الأسمدة المكتب الشريف للفوسفاط. صحيح أن هذه الشركة المغربية كانت تتصدر منافسيها بشكل مريح في القارة السمراء منذ سنوات طويلة، لكنها أصبحت في السنين الأخيرة تتعرض لحرب شرسة من قبل منافسين عمالقة آخرين في عالم الفوسفاط، خصوصا السعودية وروسيا. وبسبب سياسة نشطة لشركات تابعة لهذين البلدين، سيوضع النفوذ الكبير للمكتب الشريف للفوسفاط، وخاصة في أفريقيا، على المحك خلال الأشهر والسنين القادمة.
في هذا السياق، قوَّت شركة التعدين العربية السعودية (معادن) تواجدها في أسواق جنوب وشرق أفريقيا، حيث دخلت مجال إنتاج الأسمدة. وفي عام 2019، اشترت مجموعة “أفريقيا ميريديان غروب” لتوزيع الأسمدة، التي تتخذ من جزر موريشيوس (دولة صغيرة تقع في المحيط الهندي شرق أفريقيا) مقرا لها.
كما فتحت “معادن” أيضا ميناء تجاريا للأسمدة الزراعية في مالاوي عام 2021، لشحن الأسمدة عبر مناطق جنوب شرق أفريقيا. وفي عام 2022، شكّلت حصة السعوديين في أسواق كل من الموزمبيق، وزيمبابوي، وزامبيا، ومالاوي حصة تراوح ما بين 35٪ و 65٪. وفي عام 2022 كذلك، أعلنت “معادن” السعودية للأسمدة عن فتح مقرها الإقليمي في جنوب أفريقيا.
أما بالنسبة إلى الشركات الروسية “فوس أغرو”، و”أوروكيم”، و”يوراكيم” ، فقد وسعت هي الأخرى وجودها في أفريقيا. وهكذا أعلنت شركة “أوروكيم” في عام 2019 نيتها بناء مصنع لإنتاج الأسمد الزراعية بتكلفة 1,3 مليار دولار في أنغولا، يُتوقّع أن يشرع في الإنتاج في العام الجاري. بينما فتحت “فوس أغرو” مكتبها الإقليمي في جنوب أفريقيا، هي الأخرى، عام 2020، وقامت بتوسيع قدراتها التخزينية للأسمدة الزراعية في دول جنوب شرق أفريقيا.
بيد أنه على الرغم من السياسة التوسعية العدائية (بمنطق السوق) التي ينتهجها السعوديون والروس، إلا أن المكتب الشريف للفوسفاط، الذي يحتكر حوالي 31٪ من حجم التجارة العالمية للفوسفاط، ما زال يحتفظ —حتى الآن—بتفوقه في القارة الأفريقية، التي تشكل عمقا تجاريا كبيرا حيث تتواجد في أكثر من 16 دولة.
وإذا كان المكتب الشريف للفوسفاط حقق إيرادات قياسية، تسمح له بالمضي قدما في توسيع شراكاته مع شركائه الأفارقة الحاليين ومع شركاء جددا، فإنه يواجه مع ذلك بعض الإكراهات والصعوبات، منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، قد تُعرض خططه للعرقلة. ويتعلق الأمر بنقص مادة الأمونياك في السوق الدولية.
فالمعروف أن الشركة المغربية تستورد هذه المادة التي تعد المكون الرئيس الذي يدخل في تصنيع الأسمدة الزراعية من الفوسفاط، من العديد من الموردين بينهم روسيا وأوكرانيا. لكن بدء الحرب في فبراير 2022 أدى إلى تقليص الواردات السنوية للمكتب الشريف للفوسفاط من الأمونياك إلى النصف.
وقد تمكن المكتب من تعويض النقص بالحصول على مزيد من الإمدادات، من دول أخرى، بينها السعودية، ومصر، وقطر، وترينيداد، وتوباغو. وعلى المدى القريب، يخطط عملاق الأسمدة المغربي للحصول على إمدادات الأمونياك من الولايات المتحدة خلال العام الجاري، بانتظار أن يتمكن قريبا من الاعتماد على إمداداته الخاصة من مصنعه بنيجيريا، الذي أقامه بالشراكة مع رجل أعمال ملياردير من البلد بقيمة 1,3 مليار دولار، حيث من المتوقع أن يشرع في إنتاج الأمونياك في غضون العام الجاري.
أفريقيا في قلب “استراتيجية الفوسفاط” للمغرب
فالقارة، التي سيصل عدد سكانها إلى أكثر من ملياري نسمة بحلول عام 2050، هي حاليا من أكثر بقاع العالم تضررا لناحية أمنها الغذائي، وتدهور التربة، ونقص المياه بسبب التغير المناخي، ما ينتج عنه إنتاجية زراعية منخفضة. ومن الغريب أن أفريقيا، المنتجة والمصدرة للفوسفاط واليوريا (ممثلة أساسا بالمغرب وبدرجة أقل مصر وتونس)، تستهلك فقط 17 كيلوغراما من الأسمدة للهكتار، وهو ما يقل بكثير عن المتوسط العالمي الذي يصل إلى 150 كيلوغراما للهكتار في بعض دول غرب أوروبا. ويمكن ربط الاستخدام المنخفض للأسمدة، الذي يعد مكونًا أساسيًا للإنتاجية الزراعية، بالتكلفة المرتفعة، خاصة بالنسبة للمزارعين في العديد من دول القارة. فالسنتان الماضيتان 2021 و2022، شهدنا ارتفاعا كبيرا في أسعار الأسمدة.
ولذلك فإن قضية وصول الفلاحين الفقراء إلى الأسمدة، حاليا ومستقبلا، هي مسألة حاسمة بالنسبة إلى أفريقيا. وتوضح الأرقام التي نشرتها منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، الأمر بشكل جلي. فوفقا للمنظمة الأممية، فإن أكبر الزيادات مَسّت أسعار الأسمدة النيتروجينية، خلال الفترة بين نوفمبر 2020 ونفس الشهر من عام 2021. فقد ارتفعت أسعار اليوريا، وهي واحدة من أهم الأسمدة النيتروجينية، بأكثر من ثلاث مرات خلال تلك الفترة. وارتفعت أسعار الأسمدة الفوسفاطية بنفس الوتيرة. بينما تضاعفت أسعار الفوسفاط الأحادي الأمونيومDAP ، وهو واحد من الأسمدة الفوسفاطية المركبة الرئيسة، من 360 دولارا للطن إلى 726 دولارا للطن خلال الفترة المذكورة.
وبوضوح ، واصل عام 2022 المتميز بالحرب في أوكرانيا والأزمة الطاقية العالمية، صعوده في ذات الاتجاه المرتفع لأسعار المدخلات الزراعية. وهذا لن يكون بدون تداعيات على مستويات الإنتاج في عدة دول أفريقية. ويحذر خبراء منظمة الأغذية والزراعة من أن ارتفاع أسعار الأسمدة وتقلباتها، تثير مخاوف من توفر ضعيف للأسمدة في عام 2023، ما قد تؤثر بشكل سلبي على الإنتاج والأمن الغذائي.
في سياق ذلك، مرت حتى الآن 12 سنة منذ أن حدد المكتب الشريف للفوسفاط القارة الأفريقية، كسوق كبرى لشركاته وأيضا كمجال ديبلوماسي لتنفيذ توجهات الملك للتنمية المشتركة للقارة الأفريقية. “بوصفنا شركة إفريقية ورائدا عالميا في السوق الدولي للأسمدة الزراعية، نحن ملتزمون بشدة ببناء قطاع الأسمدة والزراعة التي تخلق قيمة مضافة في أفريقيا”، يشرح محمد أنور الجمالي، المدير العام لـفرع المكتب الشريف للفوسفاط الخاص بأفريقياOCP Africa. وقد تم تأكيد هذا الالتزام فعليا، من خلال تمكين المزارعين الصغار في أفريقيا من الوصول إلى الأسمدة ذات الجودة، عبر إطلاق مبادرة واسعة النطاق في يوليو 2022، استجابة لارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية على المستوى العالمي. وجاء الإعلان عنها بعد أيام من تقديم المجموعة المغربية 15 ألف طن من الأسمدة هبة لدولة رواندا، التي سيفتح بها المكتب الشريف للفوسفاط مصنعا لإنتاج الأسمدة الزراعية، بشراكة مع حكومة هذا البلد العام الجاري. ويتكرر هذا السيناريو في النيجر، حيث يتفاوض عملاق الفوسفاط المغربي حول مشروع بناء مصنع لإنتاج الأسمدة.
وتمكنت هذه المبادرة، التي تضمنت تخصيص الشركة المغربية 550 ألف طن من الأسمدة، لتقديمها في شكل تبرعات أو للبيع بأسعار مخفضة (تمثل 16٪ من احتياجات الأسمدة الفوسفاطية في القارة). واستفاد من هذا الدعم 4 ملايين مزارع في 20 دولة أفريقية، بينها موريتانيا، والنيجر، والسنغال، والغابون، ومالي، وغامبيا، وغيرها.
وتماشيا مع نهج الشركة المتكامل والمركز على المزارعين الأفارقة، يتضمن هذا البرنامج للدعم أيضا تحليل مكونات التربة، وتنظيم تداريب لتوعية الفلاحين بأفضل الممارسات الزراعية في مجال التسميد المستدام، ودعم سلسلة التوريد. وكذلك توعيتهم بسبل الوصول إلى تمويل مشاريعهم والأسواق، ، إلى جانب تكوينهم ومساعدتهم على تحسين صحة تربتهم وحماية البيئة، وفقا لما أوضحه جمالي.
ولأن فريقيا جنوب الصحراء، التي يعيش 60% من سكانها على الزراعة، لا تخلو من فرص وآفاق للتعاون بالنسبة إلى المكتب الشريف للفوسفاط، فإنه يمد نفوذه بواسطة الاثني عشر فرعا أفريقيا، على القارة السمراء بشكل متزايد، من خلال بناء مصانع كيماوية لإنتاج الأسمدة جديدة في السنوات المقبلة.
ففي عام 2019، وقعت الشركة اتفاقا مع الحكومة الإثيوبية لإنشاء خمسة مصانع لخلط الأسمدة في البلاد، حيث بدأ إنتاج اثنين منها بالفعل في عام 2022. بينما يعكف المكتب الشريف للفوسفاط على بناء مجمع ضخم للأسمدة الزراعية، بتكلفة 3,7 مليار دولار في ديري داوا بإثيوبيا بسعة إنتاج سنوية تبلغ 3,8 مليون طن.
وفي نيجيريا، يخطط عملاق تصنيع الفوسفاط المغربي لإنشاء ثلاثة مصانع لخلط الأسمدة، حيث تم تشغيل الأولى في ولاية كادونا في نهاية عام 2022. وهناك مصنعان أخران قيد الإنشاء حاليا في منطقتي سوكوتو وأوغون. وتقوم الشركة المغربية كذلك ببناء مصنع لخلط الأسمدة بسعة 100 ألف طن في تنزانيا، من المتوقع افتتاحه في العام الجاري بالقرب من العاصمة دار السلام. وهناك مصنع آخر بسعة 100 ألف طن يتم بناؤه حاليا في رواندا، في إطار شراكة بين المكتب الشريف للفوسفاط والحكومة الرواندية وشركة الأسمدة في رواندا. وهذه مجرد أمثلة بارزة.
علاوة على ذلك، وفي إطار استراتيجيتها لزيادة حصتها في السوق الأفريقية، وفي سياق برنامجها لتوفير الأسمدة الزراعية أفريقيا، كان الرئيس المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط مصطفى التراب، قد التزم في أكتوبر /تشرين الأول الماضي بتوفير 15 مليون طن من الأسمدة لدول القارة خلال العام الجاري، لتلبية الطلب المتزايد على الأسمدة في أفريقيا في سياق عالمي يشهد اضطرابات في سلاسل التوريد.
ويُمثل هذا الحجم أكثر من ربع الإنتاج الإجمالي المتوقع لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، وفقا لذات المسؤول، الذي أوضح بأن هذا الحجم هو ضعف حجم ما تسوقه مجموعته سنويا في أفريقيا. وبالتالي، ستستفيد 35 دولة من القارة السمراء، بما في ذلك المغرب، من هذا البرنامج للإمداد الذي سيهدف جزئيا إلى تدريب وتعزيز قدرات المنتجين. وينتظر أن يستفيد من هذه الـ 15 مليون طن ما يصل إلى 44 مليون فلاح أفريقي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس