الطيب مضماض: الحكومة تراوح بين القمع والمناورة لإخماد الاحتجاجات

14
الطيب مضماض: الحكومة تراوح بين القمع والمناورة لإخماد الاحتجاجات
الطيب مضماض: الحكومة تراوح بين القمع والمناورة لإخماد الاحتجاجات

أفريقيا برس – المغرب. أشار الطيب مضماض، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في حواره مع “أفريقيا برس”، إلى أن “شرائح الشعب المغربي المتضررة من السياسات العمومية في حالة احتجاج مستمر، حيث لم تتوقف التظاهرات المنددة بالأوضاع الاجتماعية المتردية، في حين اختارت الحكومة نهج المناورة والقمع لإخماد الحراك الشبابي والشعبي المتصاعد”.

واستبعد مضماض “أي تغيير في التوجهات الاقتصادية للحكومة”، موضحًا أن “الشباب لم تعد تنطلي عليه الوعود والتسويفات، خاصة مع تواصل ارتفاع معدلات الفقر في البلاد”.

وأكد أن “الحراك الشبابي الذي تواجهه الحكومة بالقمع والاعتقالات، شأنه شأن الحركات الاحتجاجية السابقة، هدفه الدفاع عن الطبقات المهمشة والأسر الفقيرة التي يبلغ عددها نحو ستة ملايين أسرة، أي ما يعادل حوالي 25 مليون نسمة”، لافتًا إلى أن “الشباب المحتج هم أبناء الفقراء ويحتجون من أجل الشعب والفئات الضعيفة”.

والطيب مضماض هو ناشط حقوقي في صفوف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومهندس مختص في الهندسة المدنية.

مع تجدد الاحتجاجات الشبابية ضد الأولويات الحكومية، ما موقفك كحقوقي مغربي من هذا الحراك الاجتماعي؟

مبدئيًا، ومن زاوية حقوقية، من حق كل مواطن أو مجموعة مواطنين التعبير عن مطالبهم بالوسائل الاحتجاجية السلمية. ومن موقعي كمناضل حقوقي مطلع على الوضع الحقوقي بالمغرب ومعاناة الشباب المغربي، فإن شرائح واسعة من الشعب المتضرر من السياسات العمومية في حالة احتجاج دائم، في المدن والقرى والمناطق الجبلية.

هل بوسع الحكومة امتصاص غضب الشارع مع إعلانها عن خطة لإصلاح الصحة والتعليم، أم أنها فقدت مصداقيتها أمام الرأي العام؟

أظن أن رد الشباب المحتج على إعلانات الحكومة كان سريعًا وواضحًا، وهو الاستمرار في الاحتجاج، لأن هؤلاء الشباب لم تعد تنطلي عليهم الوعود والتسويفات. أما الحكومة، فلا يبدو أنها قادرة على اتخاذ أي إجراء حقيقي لمعالجة الاختلالات العميقة في قطاعي التعليم والصحة العموميين أو في محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين.

برأيك، هل ستواصل الحكومة اعتماد المقاربة الأمنية لاحتواء الاحتقان رغم سلمية مطالب المحتجين؟

كل الحركات الاحتجاجية التي عرفها المغرب خلال العقدين الأخيرين واجهتها الدولة بالقمع والمناورة والاعتقالات. فقد تم اعتقال آلاف الشباب ومتابعة المئات بأحكام قاسية وانتقامية وصلت إلى 10 و15 سنة سجنًا. هذا هو خيار الدولة منذ اليوم الأول للاحتجاج.

وبما أن السياسات العمومية مملاة من الدوائر المالية للإمبريالية وتصاغ خارج دواليب الحكومة، فلن يكون هناك أي تغيير ملموس في التوجهات الاقتصادية. والدولة اليوم تراوح بين القمع والمناورة على أمل أن يخفت الحراك الشبابي والشعبي المتصاعد.

ما هي مقترحاتكم للخروج من الأزمة الاجتماعية التي يعيشها المغرب؟

مطالب الشباب كانت واضحة، وهي نفسها مطالب كل الحركات الاحتجاجية المغربية منذ عام 2011: حرية، كرامة، وعدالة اجتماعية. أي بناء دولة ديمقراطية تقوم على توزيع عادل للثروات، ومحاسبة ناهبي المال العام، واسترجاع الأموال المنهوبة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.

وُصفت الاحتجاجات الأخيرة بالاحتجاجات الشبابية حيث يقودها “جيل زد 212″، هل برأيك هذا الجيل الجديد قادر على إيصال صوته والدفاع عن الطبقات الاجتماعية الفقيرة والمهمشة؟

حسب الأرقام التي أعلنتها الحكومة بمناسبة تقديم ومناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، فإن عدد الأسر المغربية التي استفادت من دعم الدولة أي الفقيرة، هو تقريبًا أربعة ملايين أسرة خلال سنة 2024، وتمثل نسبة 62 في المائة من عدد الأسر المستحقة للدعم.

وهذا يعني أن عدد الأسر التي تعيش في وضعية هشاشة يفوق ستة ملايين أسرة، أي ما يعادل حوالي 25 مليون نسمة. إذن فالأغلبية الساحقة من المواطنين يعيشون الفقر، والشباب المحتج هم أبناء الفقراء، يحتجون من أجل الشعب الفقير والفئات المهمشة.

برأيك من يقف وراء هذه الاحتجاجات؟ وهل هناك جهات خارجية تقف خلفها، خاصة وأن هناك اتهامات في الفضاء الرقمي موجهة للجزائر، وأخرى ترى في إسرائيل وأمريكا المستفيد الأساسي من التغيير في المغرب؟

هذه أسطوانة مشروخة، فكلما هبّ شعب للاحتجاج سارعت الأنظمة إلى اتهامه بخدمة أجندات خارجية. وكما قلت في البداية، فإن نضال الشعب المغربي لم يتوقف يومًا، ولن يتوقف إلا ببناء مغرب الديمقراطية والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة، مغرب يضمن كافة حقوق الإنسان للجميع.

ما هو تقييمك لموقف الأحزاب؟ هل هو داعم للاحتجاجات أم متوجس منها، خاصة وأنها تُقاد بلا قيادة واضحة ومطالبها قابلة للتطور ميدانيًا؟

لست أدري عن أي أحزاب تتحدثين. فالأحزاب المناضلة شبابها من شباب “جيل زد”، أما أحزاب الدولة فهي تسعى فقط لإيجاد موطئ قدم من أجل الالتفاف على الحراك الشبابي ومحاولة احتوائه.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس