آمنة جبران
أفريقيا برس – المغرب. دعت حركة “جيل زد 212” في المغرب إلى احتجاجات سلمية منذ يوم السبت الماضي، للمطالبة بمحاربة الفساد وإعطاء الأولية لقطاعات الصحة والتعليم في المملكة على الاستثمار في البنية التحتية الرياضية التي أنفق عليها المغرب ملايين الدولارات استعدادا لكأس أفريقيا 2026 وكأس العالم 2030 بالمشاركة مع إسبانيا والبرتغال، إلا أن السلطات قابلت احتجاجاتهم بالعنف والاعتقال.
وكشفت سعاد براهمة، المحامية والحقوقية المغربية في حوارها مع “أفريقيا برس” أن “اعتقال المحتجين السلميين يناقض الدستور المغربي والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب”، داعية إلى ضرورة “إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الاحتجاجات وأولهم معتقلي حراك الريف فوراً، باعتباره مدخلاً لبناء الثقة، ثم فتح حوار حقيقي مع ممثلي الشباب والقوى الاجتماعية بهدف احتواء الأزمة.”
واعتبرت أن “تغليب المقاربة الأمنية في التعاطي مع الاحتجاجات خيار قصير الأمد، ولا يمكن أن ينجح في إخماد الحراك”. وبرأيها “هذه الاحتجاجات هي تعبير مشروع عن أزمة اجتماعية خانقة”، وأنه “على الحكومة تغيير نهجها بالانتقال إلى معالجة جوهرية عبر الشروع في تلبية المطالب بشكل مستعجل دون انتظار أو مماطلة وتسويف.”
وسعاد براهمة هي محامية وناشطة حقوقية مغربية، وهي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
تشهد المغرب في الفترة الأخيرة احتجاجات ضد الأولويات الحكومية، ماهو موقفكم من هذا الحراك الاجتماعي؟
أعتبر هذه الاحتجاجات بمثابة تعبير مشروع عن أزمة اجتماعية خانقة يعيشها المغرب، حيث تتراكم مظاهر التفاوت والبطالة وغلاء المعيشة وتردي الخدمات الاجتماعية والصحية، وتفشي الفساد ونهب المال العام دون حسيب ولا رقيب، ومن واجب الدولة أن تتعامل مع هذا الحراك باعتباره صرخة إنذار تستدعي مراجعة عميقة لأولويات الدولة المغربية بما يضمن كل مقومات العيش الكريم من صحة، وتعليم مجاني جيد، وشغل وسكن لائق، وعدالة الاجتماعية للمواطنين.
مع تواصل الاحتجاجات، هل تتوقعون تفاعل الحكومة مع مطالب الشباب المحتج لاحتواء حالة الاحتقان؟
المؤشرات الحالية لا تبعث على التفاؤل الكبير، وهناك إشارات لذلك نظرا لانعدام الثقة واتساع الهوة بين الدولة ومواطنيها، لكن استمرار الضغط الشعبي السلمي يفرض على الحكومة في النهاية الانفتاح على هذا الشباب والاستجابة لمطالبهم الأساسية، علما أنها مطالب وحقوق من واجبات الدولة الأساسية توفيرها للمواطنين دونما حاجة لأي حوار لأن تجاهل الأصوات الصاعدة لن يزيد إلا في تعميق حالة الاحتقان وفقدان الثقة.
ذكرتِ في تصريحات أنه وقع الاعتداء بالعنف على الشباب المحتج واعتقالهم، هل تتوقعين الإفراج عنهم؟
بصفتي محامية، أؤكد أن اعتقال المحتجين السلميين يناقض الدستور المغربي والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وبالتالي من المنطقي أنه كان على القضاء الذي أحيل عليه الشباب والشابات الموقوفين في إطار الحراسة النظرية، عدم متابعتهم وحفظ المسطرة في حقهم والإفراج عنهم، فورا وحفظ المتابعات في حقهم، خصوصاً وأن هذه الأخيرة لا تستند إلى أي أساس قانوني وأفعال مجرمة بل إلى ممارسة حقهم في الاحتجاج السلمي، وحرية التعبير.
وصفت الاحتجاجات الأخيرة بالاحتجاجات الشبابية، هل برأيك جيل زد قادر على إيصال صوته والدفاع عن الطبقات الاجتماعية الفقيرة والمهمشة؟
جيل “زد 212” برهن اليوم أنه جيل واعٍ، استطاع أن يستفيد من الوسائط الرقمية للإقناع والتوسع والتحسيس بالتردي العام في الأوضاع الحقوقية والتنظيم وفتح الفضاء العام بعد أن أغلق من لدن الدولة، بمنع كل أشكال الاحتجاج، لإسماع صوته، وهو يعبّر عن قضايا ليست شخصية بل تهم فئات واسعة من المجتمع، خصوصاً الطبقات الفقيرة والمهمشة. وقوة هذا الجيل في كونه عابر للطبقات إذ به شباب من كل الفئات الاجتماعية، الفقيرة والمتوسطة.. وتكمن أيضا في استقلاليته، وتملكه للفضاء الافتراضي كوسيلة للتواصل السريع وجرأته في طرح قضاياه ومطالبه العادلة، وبساطة خطابه المفهوم من الجميع ومواجهته للسياسات العمومية غير العادلة.
برأيك كيف ستتعامل الحكومة لاحتواء الاحتجاجات، هل ستواصل اعتماد المقاربة الأمنية رغم سلمية مطالب المحتجين وتحركاتهم؟
للأسف ما نراه حتى الآن هو تغليب المقاربة الأمنية، لكن هذا الخيار قصير الأمد ولا يمكن أن ينجح في إخماد الحراك. وقد بدا هذا واضحا وضوح الشمس، إذ كلما زاد القمع وكثرت الاعتقالات، كل ما زاد الإصرار والصمود وارتفع عدد المشاركين فيها، وشملت الاحتجاجات كل الأعمار وتفاقمت إلى أضعاف مضاعفة. والمطلوب من الحكومة أن تغيّر نهجها، بالانتقال إلى معالجة جوهرية عبر الشروع في تلبية المطالب بشكل مستعجل دون انتظار أو مماطلة وتسويف. وفتح حوار وطني واسع والاستجابة للمطالب الاجتماعية بدل مواجهة الشباب بالهراوات والاعتقالات.
ماهي مقترحاتك كمحامية وناشطة حقوقية مغربية للخروج من الأزمة الاجتماعية التي يعيشها المغرب؟
أقترح أولاً إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الاحتجاجات وأولهم معتقلي حراك الريف فوراً، باعتباره مدخلاً لبناء الثقة، ثم فتح حوار حقيقي مع ممثلي الشباب والقوى الاجتماعية. كما أن الحل يتطلب إعادة توجيه السياسات العمومية نحو التعليم، الصحة، الشغل، والسكن والعدالة المجالية، مع إقرار آليات للمحاسبة وترتيب الجزاء، والشفافية تضمن للمغاربة أن ثروات بلادهم تُوظف لخدمتهم فعلا، وإرساء أسس دولة الديمقراطية والحقوق والحريات.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس