
أفريقيا برس – المغرب. حلّت خلال الأيام الماضية الذكرى السنوية الثانية لاتفاقيات أبراهام التي وقّعها المغرب مع إسرائيل. وتشير كل المعطيات إلى سراب النتائج وصعوبة تطوير الاتفاقية في ظل وصول حكومة متطرفة دينيا بزعامة بنيامين نتنياهو، بدأ الغرب بدوره يأخذ مسافة منها، وتطرح تحديات على الدولة التي ترأس لجنة القدس.
إسرائيل ونزاع الصحراء
كان المغرب إلى جانب الإمارات والبحرين، قد وقّع على اتفاقيات أبراهام التي تعيد استئناف العلاقات مع إسرائيل، مقابل اعتراف أمريكي بسيادته على الصحراء الغربية، وكذلك اتفاقيات أخرى لم يعلن عنها، ولكن لم يظهر لها أثر بعد مرور سنتين. ويجد أنصار التطبيع مع إسرائيل صعوبة في الدفاع عن هذه الاتفاقيات في ظل غياب نتائج ملموسة.
في هذا الصدد، كان الرأي العام المغربي قد اندهش لكثرة الوعود التي صدرت عن السياسيين ووسائل إعلام معينة تبرز مزايا التطبيع وانعكاساته على قضية الصحراء التي يعتبرها المغاربة القضية الوطنية الأولى، كما أن الخطاب الرسمي والشعبي يضع قضية فلسطين في مرتبة الصحراء وطنيا.
واندهش الرأي العام المغربي عندما تأكد بعدم اعتراف إسرائيل رسميا بمغربية الصحراء، علاوة على نية إسرائيل عدم الاعتراف مستقبلا، الأمر الذي خلق وضعا صعبا لأنصار التطبيع. ويذهب بعض المعلقين السياسيين إلى القول بدعم إسرائيل للمغرب للحصول على اعتراف بمغربية الصحراء من طرف بعض الدول الإفريقية. ويعلق سياسي رفيع المستوى لجريدة “القدس العربي” بالقول: “مثل هذا الكلام غير مسؤول، اعتراف بعض الدول الإفريقية بمغربية الصحراء يعود إلى الزيارات التي كان يقوم بها الملك محمد السادس، وسياسة التعاون جنوب- جنوب التي أرساها، ولا فضل لإسرائيل في هذا الشأن”.
من جانب آخر، اندهش المراقبون كيف ورطت إسرائيل المغرب في ملف “بيغاسوس”. وبعدما توجهت أصابع الاتهام إلى المغرب، وتفترض تجسسه على عدد من المسؤولين الأوروبيين ببرنامج بيغاسوس ومنهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكان المغرب ينفي شراءه البرنامج، اكتفت إسرائيل بالقول إنها لن تبيع للمغرب ودول أخرى البرنامج مستقبلا، وكأنها تؤكد تهمة اقتناء الرباط له.
السلاح الذي لم يصل
تبقى المفارقة الكبرى، هي الاعتقاد السائد بقوة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة ووقوفه إلى جانب المغرب. وعمليا، منذ اتفاقيات أبراهام، تراجعت جودة العلاقات العسكرية بين المغرب والولايات المتحدة من خلال محاولة أعضاء في الكونغرس إلغاء مناورات الأسد الأفريقي، أو على الأقل نقل جزء كبير منها إلى دول أخرى، ثم تجميد عدد من الصفقات العسكرية وعلى رأسها صفقة الدرون المتطور “MQ-9B”، الأمر الذي دفع بالمغرب إلى الرهان على العتاد الحربي الصيني والتركي.
في المقابل، لم تقدم إسرائيل حتى الآن دعما كبيرا للمغرب لسببين، الأول وهو كفاءة الجيش المغربي من خلال الاحتكاك بالجيوش الغربية وخاصة الفرنسي والأمريكي، الأكثر تطورا من الإسرائيلي، ثم عدم توفر إسرائيل على أسلحة تعتبر حاسمة ولا سيما “الدورنز”، إذ تبين أن دولا مثل تركيا لديها مسيرات أكثر تطورا من إسرائيل نفسها. بينما القبة الحديدية الإسرائيلية التي يجري الحديث عنها، تبقى دون مستوى منظومة الدفاع الصينية المتطورة “FD-2000” التي اقتناها المغرب منذ سنتين، أو أنظمة سابقة مثل Sky Dragon 50 الصينية كذلك، وأنظمة فرنسية أخرى. ويحاول أنصار التطبيع الإيحاء بكثافة الدعم العسكري الإسرائيلي، لكن هذا الدعم لا يظهر على مستوى العتاد العسكري الذي لا يمكن إخفاؤه، ويقتصر حتى الآن على بعض الدعم في الحرب السيبرانية.
وكشفت مصادر عليمة بالعلاقات العسكرية للمغرب، أن الجيش المغربي كان يحافظ دائما على علاقات عسكرية مع إسرائيل، وخاصة الضباط من أصل مغربي، ولم يتوصل المغرب حتى الآن بأي سلاح حاسم، وتبقى المسيّرات التي يستعملها في حرب الصحراء الآن من صنع صيني وتركي وليست إسرائيلية. ومن المفارقات الكبرى، أن صادرات إسرائيل للمغرب طيلة سنة 2022 من السلاح، لم يتجاوز 11 مليون دولار، وهو مبلغ مثير للتساؤل.
كيف سيتعامل المغرب مع حكومة متطرفة؟
وسط غياب نتائج ملموسة يستفيد منها المغرب في اتفاقيات أبراهام، يضاف إلى هذا الموضوع وصول حكومة متطرفة في إسرائيل بزعامة بنيامين نتنياهو، ومشاركة أحزاب متطرفة ستعمق يهودية إسرائيل على حساب الليبراليين الإسرائيليين أنفسهم، وستكون الرباط بصفتها رئيسة لجنة القدس في موقف حرج للغاية، هل ستتعامل مع حكومة متطرفة؟ بل كيف سيقوم المغرب بدور فعال في هذا النزاع ما بين حكومة متطرفة، وبين شبه انقطاع لعلاقاته مع السلطة الفلسطينية. غير أن المغرب حافظ على ورقة رابحة حتى الآن، وهي عدم قبول سفير إسرائيلي، والاكتفاء بمكتب اتصال طالما لا تستأنف إسرائيل مفاوضات الحل النهائي مع الفلسطينيين.
في غضون ذلك، بينما كانت إسرائيل ترغب في تطبيع رسمي وشعبي، تبيّن لاحقا كيف لم يتجاوز التطبيع بعض وسائل الإعلام، وكانت الرصاصة المعنوية ضد الاتفاق هي رفع لاعبي المنتخب المغربي، علم فلسطين، في مونديال قطر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس