اكتشاف قوى كهربائية جديدة في الجليد العادي

3
اكتشاف قوى كهربائية جديدة في الجليد العادي
اكتشاف قوى كهربائية جديدة في الجليد العادي

أفريقيا برس – المغرب. الماء المتجمد هو أحد أكثر المواد وفرة على الأرض، حيث يوجد في الأنهار الجليدية وعلى قمم الجبال وفي القمم الجليدية القطبية.

ورغم أن الجليد العادي مادة معروفة جيدا، إلا أن دراسة خصائصه لا تزال تسفر عن نتائج رائعة، ومنها دراسة جديدة قام بها فريق علمي دولي بقيادة الجامعة المستقلة في برشلونة، ونشرتها مؤخرا دورية “نيتشر فيزيكس”، والتي كشفت عن قوى كهربائية مثيرة في الجليد العادي، وأبرزها قدرته على توليد الكهرباء.

ومن المتوقع أن يُساعد هذا الاكتشاف في تفسير الظواهر الطبيعية مثل تكوّن البرق في العواصف الرعدية، وكذا في تطوير الأجهزة التكنولوجية المستقبلية التي يمكن أن تستخدم الجليد كمادة فعالة.

خصائص الجليد الكهربائية

ويقول البروفيسور غوستاو كاتالان، الباحث المشارك في الدراسة، في تصريحات خاصة للجزيرة نت: “لقد توصلنا في دراستنا إلى أن الجليد العادي مرن كهربائيا، وهذا يعني أنه يُولّد جهدا عند ثنيه أو عند تطبيق أي تشوه غير متجانس عليه، كما يمكن أن يكون سطح الجليد مرنا كهربائيا، عند درجات حرارة منخفضة جدا (أقل من 100 درجة مئوية تحت الصفر تقريبا)، أي يصبح كهروضوئيا”.

وأضاف البروفيسور: “لقد اكتشفنا الخصائص المرنة الكهربائية للجليد (أي قدرة الجليد على توليد جهد استجابة للتشوه) عن طريق ثني ألواح رقيقة جدا من الجليد موضوعة بين أقطاب معدنية، وتوصيل الأقطاب بجهاز قياس، وقد لاحظنا أنه عند اهتزاز لوح الجليد، يتولد تيار متذبذب”.

بالإضافة إلى ذلك -كما يوضح كاتالان- “تمكنا من رصد طبقة رقيقة من “الفيروكهربائية”، أي طبقة كهربائية حرارية على سطح الجليد، وذلك عند درجات حرارة أقل من -113 درجة مئوية تحت الصفر، وهذا يعني أن سطح الجليد يمكن أن يطور استقطابا كهربائيا طبيعيا، والذي يمكن عكسه عند تطبيق مجال كهربائي خارجي، على غرار كيفية قلب أقطاب المغناطيس، إذ إنه من خصائص جميع المواد الفيروكهربائية استقطابها الكهربائي الطبيعي والقابل للعكس”.

وتعدّ الفيروكهربائية السطحية اكتشافا رائعا بحد ذاته، إذ تعني أن الجليد قد لا يمتلك طريقة واحدة لتوليد الكهرباء فحسب، بل طريقتين: الفيروكهربائية عند درجات حرارة منخفضة جدا، والفيروكهربائية المرنة عند درجات حرارة أعلى.

تفسير نشأة البرق

من أكثر جوانب هذا الاكتشاف إثارة للدهشة ارتباطه بالطبيعة، إذ تشير نتائج الدراسة إلى أن المرونة الكهربائية للجليد قد تلعب دورا في كهربة السحب أثناء العواصف الرعدية، وبالتالي في تفسير نشأة البرق.

وبحسب ما جاء في بيان جامعة برشلونة المستقلة، فإنه معروف أن البرق يتشكل عندما يتراكم جهد كهربائي في السحب نتيجة تصادمات بين جزيئات الجليد، التي تصبح مشحونة كهربائيا، ثم ينطلق هذا الجهد على شكل صاعقة برق.

ومع ذلك، لا تزال آلية شحن جزيئات الجليد الكهربائية غير واضحة، لأن الجليد ليس كهرضغطيا، فلا يمكنه توليد شحنة بمجرد ضغطه أثناء التصادم، إلا أن هذه الدراسة تُظهر أن الجليد يمكن أن يصبح مشحونا كهربائيا عندما يتعرض لتشوهات غير متجانسة، أي عندما ينحني أو يتشوه بشكل غير منتظم.

وخلال البحث، كما يوضح كاتالان في تصريحه للجزيرة نت، “تم قياس الجهد الكهربائي الناتج عن ثني شريحة من الجليد. وتحديدا، وُضعت الشريحة بين صفيحتين معدنيتين ووصلت بجهاز قياس، بحيث تتطابق النتائج مع تلك التي لوحظت سابقا في تصادمات جسيمات الجليد في العواصف الرعدية.

ويضيف “تنشأ البرقيات نتيجة تراكم شحنات كهربائية متعاكسة الاتجاه في أعلى وأسفل سحب العواصف، وتتولد هذه الشحنات الكهربائية من تصادمات جسيمات الجليد الموجودة في السحب (تصل هذه السحب إلى ارتفاعات عالية في الغلاف الجوي، وبالتالي تكون درجات حرارتها دون الصفر)”.

ويوضح: “وعلى الرغم من ذلك، لم يفهم أحد حتى الآن سبب توليد جسيمات الجليد للشحنات عند اصطدامها، لأن الجليد ليس كهروضغطيا (أي أنه لا يُولّد جهدا عند ضغطه)، ولكن ما أظهرناه في دراستنا، هو أن الشحنة تتولد عن طريق المرونة الكهربائية”.

تطوير الأجهزة التكنولوجية المستقبلية

ويعتقد الباحثون إنه يمكن استخدام هذا الاكتشاف لتطوير تكنولوجيا مستقبلية، والتي يمكن ان تعتمد على فاعلية الجليد الكهربائية.

وعن هذا يقول الدكتور شين وين، أحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة، في تصريح تضمنه البيان الرسمي الصادر عن الجامعة المستقلة في برشلونة: إن خصائص الجليد الكهربائية المكتشفة في هذه الدراسة تضع الجليد على قدم المساواة مع المواد الكهروسيراميكية مثل ثاني أكسيد التيتانيوم، والتي تستخدم حاليا في التقنيات المتقدمة مثل أجهزة الاستشعار والمكثفات.

ويضيف كاتالان، في تصريحاته الخاصة للجزيرة نت: “بالنسبة للتقنيات، فإن المرونة الكهربائية للجليد النقي، على الرغم من أنها كبيرة بما يكفي لتفسير البرق، فإنها لا تزال صغيرة جدا بالنسبة للأجهزة القابلة للاستخدام.

ويضيف: “في بحث نشرناه في دورية “نتشر ماتيريلز”، أظهرنا أن معامل المرونة الكهربائية (أي كمية الشحنة التي يولدها الجليد عند ثنيه) يُضرب بألف إذا تم إضافة بعض الملح إلى الماء قبل تجميده”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس