“الأسد الأفريقي” 2023، المغرب يحتضن أضخم مناورات عسكرية في أفريقيا

40
"الأسد الأفريقي" 2023، المغرب يحتضن أضخم مناورات عسكرية في أفريقيا

مصطفى واعراب

أفريقيا برس – المغرب. كما كان منتظرا، انطلقت الاثنين 22 مايو/أيار 2023 بمقر القيادة العامة للمنطقة الجنوبية بأكادير، دورة التكوينات الأكاديمية التحضيرية، الخاصة بمختلف المجالات العملياتية، تمهيدا للنسخة 19 من مناورات “الأسد الإفريقي 2023”. ووفقا لبلاغ صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية، فإن “هذه التكوينات الأكاديمية ستستمر إلى غاية 2 يونيو المقبل، حيث سيستفيد منها نحو مائة من الضباط وضباط الصف المغاربة ومن بلدان شريكة، وستتوج بتسليم الشواهد”. وبالإضافة إلى مختلف المجالات والجوانب المتعلقة بالتمرين، يضيف المصدر ذاته، تهم هذه التكوينات بشكل عام منهجية التخطيط العملياتي المشترك، والجوانب القانونية، والمعلومات العامة، والتخطيط الطبي، والأمن السيبراني، وكذا تقنيات تقييم تمرين مشترك بين القوات.

ومن المنتظر أن تنطلق المناورات العسكرية المشتركة متعدد الجنسيات ميدانيا يوم 2 يونيو القادم، لتستمر إلى غاية 16 من نفس الشهر في ست جهات ترابية بالمغرب، هي: أكَادير وتزنيت (وسط-غرب)، وتفنيت وطانطان والمحبس (الصحراء)، والقنيطرة (شمال)، وبنجرير (وسط). وذلك بمشاركة حوالي 6000 جندي من 20 بلدا أفريقيا ودوليا، إلى جانب المغرب والولايات المتحدة، بالإضافة إلى 27 بلدا ملاحظا.

وبحسب صفحة “القوات المسلحة الملكية” على منصة فيسبوك، سيتم الرفع من القوات المشاركة في المناورات في هذه النسخة الى 10 آلاف جندي. وكشفت القيادة العامة للجيش المغربي في بلاغها، بأنه “فضلاً عن التكوينات المتعلقة بالعديد من المجالات العملياتية، وتمرين للتخطيط موجه لأطر القيادة العليا بالبلدين [الولايات المتحدة والمغرب]، من المقرر إجراء مناورات مسلحة متعددة ومشتركة، خاصة بالقوات البرية منها والمحمولة جوا والقوات البحرية والقوات الخاصة والقوات الجوية. إلى جانب العمليات المدنية- العسكرية وتلك المتعلقة بإزالة التلوث (النووي والإشعاعي والبيولوجي والكيميائي)”.

من جهة أخرى، حدد القائمون على التخطيط، من الأميركيين والمغاربة، كيفيات إجراء العرض الموسيقي المختلط بين القوات المسلحة الملكية والفرقة الـ23 من القوات العسكرية لولاية يوتا، الذي سيتم على هامش الأنشطة العملياتية لتمرين الأسد الأفريقي 23.

أضخم مناورات في أفريقيا

مناورات “الأسد الإفريقي” هي تمرينات عسكرية سنوية مشتركة، انطلقت أول مرة عام 2002 بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب بمنطقة طانطان (جنوب غرب المغرب). وقد حافظت على تواترها بحيث لم يتم إلغاؤها إلا مرتين: في 2013 بناء على قرار من المغرب ردا على مساعي واشنطن تقديم مسودة قرار إلى مجلس الأمن، لتوسيع مهمة بعثة المينورسو لتشمل “مراقبة حقوق الإنسان” بالصحراء المغربية. ثم العام الماضي عندما تم إلغاؤها لظرف استثنائي تمثل في استفحال وباء كوفيد -19. وإن كانت تجرى سنويا، فإنها سبق أن نُظِّمت أحيانا أكثر من نسخة منها في العام الواحد.

وتعد هذه المناورات مناورات عسكرية مشتركة ومتعددة الجنسيات، من التدريبات الرئيسة والكبرى التي تنظمها وتشرف عليها قيادة القوات الأميركية بأفريقيا (أفريكوم) بشراكة مع القوات المسلحة المغربية، بهدف “تعزيز مستوى التعاون والتدريب، وزيادة قابلية التشغيل البيني. وكذلك تعزيز تبادل الخبرات والمعرفة بين المكونات العسكرية المختلفة، من أجل تمكينها من تحقيق قدرتها العملياتية الكاملة”، كما يقول قيادة الأفريكوم. وذلك من خلال التدريب على تضاريس متنوعة منها (صحراء، وهضاب، ووديان، ومنبسطات، ومناطق قريبة من البحر)، تعكس إجمالا تضاريس منطقة الصحراء الأفريقية الكبرى.

وقد انطلقت هذه المناورات سنة 2002 بين مشاة البحرية الأميركية (المارينز) والقوات المسلحة المغربية، بتدريبات على مواجهة التهديدات الأمنية في شمال أفريقيا وجنوب أوروبا، بحسب القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا. وبمرور السنين كشفت نسخ المناورات مدى حرفية وكفاءة الجيش المغربية، وقدراته على العمل ضمن جيوش أخرى متعددة الجنسيات، ومتعددة العقائد العسكرية والأمنية. بل وأثبتت التجارب مدى تأهيل الجيش المغربي بمختلف أسلحته، للعمل ضمن أقوى الجيوش في العالم وفي مقدمتها الجيش الأمريكي.

ويصنف تمرين “الأسد الإفريقي” كأضخم مناورات عسكرية على مستوى القارة الأفريقية، ومن بين أهم التدريبات العسكرية المشتركة في العالم. وله أهداف متعددة من بينها التكوين والمحاكاة في مجال أنشطة القيادة، وكذا التدريب الميداني على عمليات مكافحة المنظمات الإرهابية العنيفة.

وسوف تشمل النسخة 19 لـ “الأسد الإفريقي 2021” تمارين حربية للقوات البرية والجوية والبحرية، بالإضافة إلى تمارين أخرى للتطهير البيولوجي والإشعاعي والنووي والكيميائي، وتدريبات أخرى لإتقان التكتيكات والتقنيات والإجراءات؛ وتطوير مهارات الدفاع السيبراني (أمن الأنترنت)، وتدريب المكون الجوي على إجراء العمليات القتالية والدعم والتزويد بالوقود جوا، وتعزيز التعاون في مجال الأمن البحري، وإجراء التدريبات البحرية في مجال التكتيكات البحرية والحرب التقليدية. وأخيرا، القيام بأنشطة إنسانية حيث جرت العادة أن تشارك فيها فرق طبية عسكرية مغربية وأمريكية.

وإلى جانب المناورات الأضخم التي يحتضنها المغرب، تشرف قيادة الأفريكوم على تنظيم تمارين فرعية بشكل متزامن، بكل من السنغال وغانا وجيبوتي، وأخرى بتونس مخصصة أساسا لنزع الالغام و محاربة الإرهاب. وإذا كان لا يزال من المبكر معرفة تفاصيل وافية عن مناورات النسخة 19، نُذَكّر بأن الدورة الثامنة عشرة من مناورات “الأسد الأفريقي” جمعت العام الماضي 7500 جندي يمثلون 18 دولة، من أبرزها البرازيل وتشاد وفرنسا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة وتونس وغانا ودولا أخرى، إلى جانب مشاركة مراقبين عسكريين من نحو ثلاثين دولة من أفريقيا والعالم. وقد كلفت الأفريكوم ميزانية ضخمة قدرها 36 مليون دولار أمريكي.

مشاركة “واسعة” لإسرائيل

لقد فسح التقارب العسكري الكبير بين الرباط وتل أبيب منذ عامين، الباب مشرعا أمام مشاركة جيش الاحتلال الإسرائيلي. فقد شارك للمرة الأولى في النسخة 18 من المناورات العسكرية الأضخم في أفريقيا، وفد عسكري إسرائيلي بصفة “مراقب”، تكون من ضابطين في تمارين ميدانية وتكتيكية إلى جانب الملحق العسكري بمكتب الاتصال بالمغرب. واتضح أن تلك المشاركة “الرمزية” كانت تمهيدية، حيث يتحدث الإعلام العبري عن مشاركة إسرائيلية “وازنة” برسم النسخة الحالية، من حيث الأطر العسكرية والخبرات الميدانية؛ إذ لن تقتصر على الملاحظة والتنسيق بل تشمل كذلك التداريب الميدانية. وذلك “من أجل تعزيز حضورها الإقليمي في المنطقة، لاسيما في ظل الزخم الذي تشهده العلاقات بين تل أبيب والرباط الذي يترجمه حجم الصفقات العسكرية الموقعة بين الطرفين في وقت قياسي”.

وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الاسرائيلية أدرعي أفيخاي، قد وصف المشاركة الإسرائيلية في نسخة العام الماضي من مناورات الأسد الأفريقي بصفة مراقب، بأنها “خطوة جديدة وإضافية من شأنها توطيد العلاقات الأمنية بين البلدين”، وأن ” إسرائيل تراهن على مناورات الأسد الأفريقي لتعزيز التعاون الأمني مع المغرب”.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية كشفت تفاصيل الاتفاقيات، التي أبرمها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق أفيف كوخافي خلال زيارته إلى المغرب في يوليو/تموز 2022، وأهمها “إجراء تدريبات جوية مشتركة لأول مرة مع القوات الجوية المغربية ودول أفريقية، وتعيين ملحق عسكري دائم لإسرائيل في سفارتها بالمغرب. إلى جانب زيادة مستوى التعاون الأمني الوثيق بينهما، بما في ذلك مشاركة قوات إسرائيلية في مناورات الأسد الأفريقي التي تجرى سنويا في المغرب تحت قيادة أفريكوم”.

وبذلك يتضح أن المشاركة الإسرائيلية في مناورات الأسد الأفريقي، منصوص عليها ضمن بنود الاتفاقيات المؤطِّرة للتعاون العسكري بين الرباط وتل أبيب.

وللتذكير، يعتبر التعاون العسكري أكثر مجالات التعاون زخما والأسرع تطورا، منذ استئناف العلاقات الرسمية بين الرباط وتل أبيب أواخر العام 2020. فقد زار أبرز قادة المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية المغرب، حيث عقدوا اتفاقيات غير مسبوقة مع أي بلد عربي أو إسلامي آخر، شملت صفقات لبيع المغرب أسلحة ونظما أمنية متطورة وبرامج للتدريب على الحروب الإلكترونية والتعاون الاستخباراتي، وغيرها. كما زار كبار قادة الجيش المغربي بمختلف أسلحته، البرية والجوية والبحرية وأجهزة المخابرات تل أبيب علانية، وشارك بعضهم في فعاليات عسكرية (معارض سلاح، مناورات عسكرية).

وبرأي مراقبين ومحللين عسكريين دوليين، فإن أنظمة الدفاع والاستخبارات والحرب الإلكترونية والراجمات والمُسيرات والرادرات وغيرها من الأسلحة الإسرائيلية المتطورة، التي شملتها اتفاقيات ضخمة مع المغرب على مدى العامين الماضيين، قد خلقت ميزان قوى جديدا في منطقة شمال غرب أفريقيا وغرب المتوسط. إلى جانب إقامة تل أبيب مشاريع لتصنيع طائرات بدون طيار (سرية) بالمغرب، وغيرها من مجالات التعاون التي باتت تقلق حتى دول الجوار الأوروبي (إسبانيا بالأساس).

ولذلك فإنه بالنسبة إلى إسرائيل، تمثل مناورات الأسد الأفريقي فرصة لا تعوض لإجراء تمارين حربية، مع جيوش أفريقية لها وزنها الاعتباري قاريا، في مقدمتها الجيش المغربي.

رسائل “سياسية” للجزائر؟

بانتظار أن يتضح سيناريو الدورة الحالية، نُذَكّر بأن سيناريو مناورات العام الماضي تضمن تمرينا لقيادة قوة عملياتية مشتركة ضد هجات مجموعات مسلحة، وتمرينا مشتركا للأسلحة البرية بالذخيرة الحية وتمرينا آخر بحريا، وتمرينا جويا شمل استعمال قاذفات القنابل، وتمرينا ميدانيا مشتركا مع قوات المظليين، بالإضافة إلى برامج للرد والتدخل على هجمات كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية. وشاركت في التمرينات المشتركة حوالي 80 طائرة عسكرية (قاذفات وطائرات مقاتلة ومروحيات حربية)، وسفينتان حربيتان، ودبابات، وراجمات للصواريخ.

ومنذ الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في ديسمبر/كانون الأول 2020، أصبحت مناورات الأسد الأفريقي تشمل منطقة المحبس بالصحراء، المقابلة لتندوف الجزائرية التي تحتضن جبهة البوليساريو. وجعلت هذه التطورات المسؤولين الجزائريين يعتبرون أن بلادهم مستهدفة بتلك المناورات السنوية، وكرد مباشر على “التهديد”، دأب الجيش الجزائري على تنظيم مناورات عسكرية بالذخيرة الحية ينقلها التلفزيون الرسمي و الإعلام المحلي.

لكن قائد القوات الأمريكية المشتركة في إفريقيا الجنرال ستيفان تاونسند، سبق أن حرص على التأكيد على هامش نسخة العام الماضي من مناورات “الأسد الأفريقي” في الفاتح من يوليو/تموز 2022، على أنها “لا تستهدف أحدا”، في إشارة إلى الجزائر التي دأبت على تنظيم تمارين عسكرية بالذخيرة الحية على الحدود مع المغرب، ردا على “الأسد الأفريقي”. وشدد الجنرال تاوسند في التأكيد على أن التدريبات، التي تنظمها قيادته سنويا مع المغرب”ليست موجهة ضد بلد معين، بل تسعى إلى رفع مستوى التحضير المشترك في مواجهة تحديات مشتركة”، مشيرا إلى أن “الرهانات المطروحة داخل حلف شمال الأطلسي وفي أوكرانيا، تؤكد قيمة وجود حلفاء أقوياء وشركاء يعملون معا للدفاع عن مصالحنا المشتركة”.

لكن تحليلات دولية ترى غير ذلك. ففي تحليل سبق أن نشرته مجلة “ميلتاري واتش” الدولية المتخصصة في الشؤون العسكرية، قبل عامين، اعتبرت بأن “مناورات الأسد الأفريقي هي رسالة موجهة إلى الجزائر، تتضمن إشارات غير مسبوقة من حيث الأهداف والنطاقات”. فمن حيث “نطاقها غير المسبوق، تضمنت أنواع أهداف جديدة تحاكي تنفيذ أمريكا وحلفاءها حربا عليها، تأتي بعد مرور عقد من توسيع الوجود العسكري الأمريكي في القارة الأفريقية. وهو الوجود الذي بدأ عندما قادت أمريكا حملة لتفكيك الحكومة الليبية في عام 2011 بدعم أوروبي”.

وكشفت المجلة بأن هذه التدريبات تحاكي بشكل ملحوظ هجمات على بلدين خياليين هما “روان” و”نيهون، وكلاهما يقعان على أراضي الجزائر”. واعتبرت المجلة أن التركيز على الجزائر واضح من حيث “أنواع الأسلحة التي يطبق المشاركون في تدريبات الأسد الأفريقي تقنيات الهجوم عليها. وهي أسلحة إس -400 (مضادات جوية) البعيدة المدى وأنظمة الصواريخ [البالستية] الجوية”. وتستدل المجلة على كلامها بكون “الجزائر هي المشغل الوحيد لمنظومة إس-400 في القارة الأفريقية”.

وزعمت المجلة بأن “الجزائر تمثل تحديا هائلا لأي مهاجم محتمل، حيث إن شبكة دفاعاتها الجوية أكثر قدرة بكثير من أي شبكة دفاع جوي أخرى، سبق أن واجهتها الولايات المتحدة منذ الحرب الكورية [في خمسينيات القرن العشرين]”.

وهو ذات الاستنتاج الذي يسوقه محللون جزائريون، يلحون في التأكيد على أن “أبرز سيناريوهات مناورات الأسد الأفريقي تحاكي تدميرا للأسلحة الروسية”، التي تعتبر الجزائر الأكثر استعمالا لها في القارة الأفريقية. ويقرأون بالتالي في تلك التمرينات العسكرية مجرد ضغط عسكري لحمل بلادهم على مراجعة “مواقفها من قضية الصحراء الغربية”.

ماذا يستفيد المغرب؟

لنتأمل السيناريو التالي: في ختام نسخة العام الماضي (2022) من “الأسد الأفريقي”، قادت فرق عسكرية هجوما جويا وبريا متزامنا ضد أهداف معادية في منطقة صحراوية قرب مدينة طانطان الصحراوية جنوب المغرب. وشاركت في العملية طائرات إف 16 مغربية، ومروحيات أباتشي (يمتلكها المغرب)، ودبابات أبرامز (يمتلكها المغرب) وآليات عسكرية أخرى، ضمن فريق مدرعات مشترك مدعوم بنظامين للقذائف، بينها راجمات “هيمارس” (التي حصل عليها الجيش المغربي أخيرا). وقد جرت أطوار المعركة بالذخيرة الحية، تحت سحب كثيفة من الرمال المتطايرة بفعل الرياح القوية القادمة من المحيط الأطلسي.

إن مناورات من هذا المستوى مع جيوش من عدة دول، وفي بيئة صحراوية مغربية، تقدم فرصة ثمينة لتدريب الجيش المغربي في بيئته المحلية وبالسلاح الأمريكي المتطور الذي اقتناه مؤخرا، على ظروف الحرب الحقيقية للدفاع عن صحرائه. وبتكرار هذا النوع وغيره من التمارين الحربية سنويا، يجعل ذلك الجيش المغربي على أهبة الاستعداد الدائم لمواجهة أي اعتداء على أراضيه. خصوصا أن أغلب التقارير تتوقع في حال مواجهته لهجوم، أن يتم ذلك من حدوده الشرقية أو الجنوبية الشرقية أو الجنوبية، وجميعها مفتوحة على مناطق صحراوية شاسعة جدا.

فضلا عن ذلك، يجني المغرب منذ أكثر من عامين ثمار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، فللمرة الثالثة، يجري جزءٌ من تلك المناورات في إقليم الصحراء، منذ أن اعترفت واشنطن، في 10 ديسمبر 2020، بسيادة المغرب على الإقليم. حيث تشمل مناورات الأسد الأفريقي قطاع المحبس الصحراوي، الذي لا تتوقف جبهة البوليساريو عن الادعاء يوميا بأنها تستهدفه بـ “أقصاف [هكذا تنطقها]”. والحال أن قواعد الاشتباك تغيرت منذ نوفمبر 2020، بحيث أصبح مصرحا للجيش المغربي المرابط في الصحراء بالرد على أي مصدر للنيران.

ويرعى المغرب بصبر النمل طموحه في بناء جيش عصري وقوي بمعايير الحلف الأطلسي، ليكون الأقوى مغاربيا في أفق العام 2030، لردع أية تهديدات قد تستهدفه مستقبلا. ولذلك يشارك الجيش المغربي في مناورات عسكرية بحرية وجوية وبحرية، سنوبا، مع إيطاليا، وإسبانيا، والمملكة المتحدة، والبرتغال، والسعودية، والإمارات، إلى جانب جيوش أفريقية وأوروبية وعربية أخرى كثيرة.

ولا تخلو تصريحات قادة الجيوش الغربية من إشادة بالمستوى الذي بلغه الجيش المغربي. وفي مقدمتهم قائد القوات الأمريكية المشتركة في أفريقيا (السابق) الجنرال ستيفان ج. تاونسند، الذي حرص على التأكيد على هامش نسخة العام الماضي من مناورات “الأسد الأفريقي” في الفاتح من يوليو/تموز 2022، على قوة الجيش المغربي الذي وصفه بأنه “محترف ومهني ويتوفر على كفاءات عالية وموارد بشرية متمكنة”.

وإذا كان تنظيم مناورات “الأسد الأفريقي” يعتبر مكسبا ثمينا بالنسبة للمغرب، فإن استمراريته تتعرض بين وقت وآخر لمناورات سياسية من داخل البيت الأمريكي نفسه. فعلى إثر تصريحات السيناتور الجمهوري جيمس إينهوف، المعروف بمناصرته للجزائر وجبهة البوليساريو، التي طالب فيها إدارة الرئيس جو بايدن بعدم تنظيم نسخة 2023 من مناورات الأسد الإفريقي في المغرب، مبررا طلبه بـ “العراقيل” التي تضعها المملكة في طريق التوصل إلى تسوية لملف الصحراء.. استغل الجنرال مايكل لونغلي قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، قيامه بزيارة رسمية للمغرب يومي 17 و18 أكتوبر 2022 على رأس وفد كبير، ليعلن عن إجراء تمارين الأسد الإفريقي لسنة 2023 بالمغرب. وبرر لونغلي ذلك بأنه “من الصعب إيجاد بلد في القارة الأفريقية يمتلك القدرات التي يتوفر عليها المغرب لاستضافة مناورات الأسد الإفريقي العسكرية، أو حتى الاقتراب مما قام به المغرب على مدار 18 سنة من احتضان هذه المناورات”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس