أفريقيا برس – المغرب. هنا باقون إلى الأبد، رفقة الزعتر والزيتون… 30 آذار/ مارس يوم الأرض يوم من أيام فلسطين الصامدة في وجه الكيان الصهيوني المتوحش”، تلك العبارة التي وحدت المغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي وهم يواكبون ويتابعون يتقاسمون ما جادت به الصور ومقاطع الفيديو من توثيق لمشاركتهم في مسيرات تضامنية جديدة حركتها مناسبة عزيزة وهي “يوم الأرض”.
قبل الإفطار وبعده لا فرق، هو لقاء في رحاب الأرض التي “تتكلم فلسطيني”، وتحكي سردية المعاناة ووحشية العدوان المتواصل، لكن قبل ذلك تحكي يوم الانتماء للجذور يوم الأرض في فلسطين وهي تتجول في شوارع المغرب بأقدام أبناء المدن الكبرى والصغرى التي لم تتأخر في تلبية نداء المشاركة المكثفة في إحياء ذكرى يوم الأرض خاصة في ظل يوميات القتل والإبادة التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
بالنسبة للمغاربة، فإن المشاركة في إحياء يوم الأرض واجب قريب من المقدس، لأن القضية الفلسطينية هي قضية وطنية لها أولوية قضية الوحدة الترابية للمملكة، لكن طعم التخليد هذه السنة مغاير تماماً لما مر من سنوات، اليوم تنظم المسيرات ليس للتذكير فقط بحق الشعب الفلسطيني في أرضه وقيام دولته ونيل حريته، بل من أجل الاحتجاج والمطالبة بوقف المجزرة التي تقترفها إسرائيل في حق العزل من المدنيين في قطاع غزة.
يوم السبت 30 آذار/ مارس كان يوم مطر في المغرب بصباحه ومسائه، والليل كان مرتعاً لخطوات المواطنين وهم يغادرون بيوتهم ويتوجهون إلى الساحات للمشاركة في الاحتفاء بيوم الأرض وتكريم ذكرى من رحلوا وهم يحلمون بيوم تصبح فلسطين حرة.
إلى وقت قريب كانت وما زالت تقام في عدد من المدن المغربية، احتفالات رمزية عبارة عن أمسيات شعرية وندوات ومهرجانات خطابية وموائد مستديرة وحتى سهرات على نغمة “مجموعة العاشقين” وهي تبت الأمل شعراً ولحناً في قلوب ملايين المترقبين ليوم أرض دون قيود في فلسطين.
طعم الذكرى 48 ليوم الأرض كان مغايراً لما سبق، وهو ما ترجمته “الجبهة المغربية لدعم فلسطين” في نداء تخليد المناسبة بشعار “التشبث بالمقاومة ضمان لتحرير الأرض”، واستعرضت المدن التي استجابت للنداء وكانت كثيرة كعادة المغاربة، واحتضنت وقفات تضامنية واحتجاجية على مجازر إسرائيل في غزة.
كما استعرضت “الجبهة المغربية لدعم فلسطين” عبر مقاطع فيديو، حجم المشاركة في مدن مثل الدار البيضاء وتلك الدمى “المكفنة” الموضوعة على الطريق، في إشارة إلى الشهداء من أبناء فلسطين. الفقيه بن صالح، المدينة الأطلسية، كانت حاضرة أيضاً كما هي الحال لمدن الجديدة وأغادير ومراكش، وقس على ذلك بالنسبة لمدن أخرى لم تعجز الأمطار ولا البرد المواطنين لمغادرة منازلهم والمشاركة في المسيرات والوقفات.
أبناء المدن الحاضرة في إحياء يوم الأرض تسابقوا من أجل المشاركة، كذلك فعلوا وهم ينشرون الصور ومقاطع الفيديو ليفخروا بحجم المشاركين في التظاهرة التي شهدتها مدينتهم، ونجد أبناء القصر الكبير والفقيه بن صالح، وهما مدينتان صغيرتان بالمقارنة مع الرباط والدار البيضاء وفاس، وقد حرصوا على إبراز أقوى المشاهد وأبلغها.
وكانت الجبهة المذكورة قد وجهت نداء لتخليد يوم الأرض، وذلك وفق برنامج وطني، تضمن القيام بالتظاهرات التضامنية من وقفات ومسيرات شعبية حاشدة، ودعت المواطنين والمواطنات والشباب والنساء إلى المشاركة المكثفة في الوقفات والمسيرات ليوم السبت 30 آذار/ مارس 2024.
وأكدت الجبهة في بيانها، على ضرورة وقف الحرب في غزة، وإسقاط كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، كما دانت “بقوة الدور الخطير الذي تلعبه إدارة الولايات المتحدة الأمريكية في إطالة أمد الحرب، وتوفير كل أشكال الدعم المالي والعسكري والسياسي والدبلوماسي لذلك”.
بيان الجبهة لم يكن مجرد دعوة لتخليد يوم الأرض، بل عبارة عن مواقف سبق أن أعلنت عنها في مناسبات عدة مثل عدد من الهيئات والمنظمات المغربية، حيث نددت بإمعان وتصعيد ما وصفته بـ “تحالف الإرهاب الصهيوني الإمبريالي للغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، في تنفيذ الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة من هدم للمنازل وغزو المستشفيات وقتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين بطرق الأبارتايد الفاشية البغيضة”.
شكل آخر لإحياء يوم الأرض الذي أعلنت عنه “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”، والمتمثل في أول إضراب عام في المغرب تعلن عنه هذه النقابة العمالية. وثمة شاعر يكتب قصائد “الهايكو” قرر أن يخلد الذكرى بطريقته من خلال الدعوة إلى إطلاق العنان للأقلام وكتابة ما تجود به القريحة الشعرية في يوم الأرض.
“الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة”، كانت حاضرة في يوم الأرض وقبله من خلال جمعة الغضب رقم 25، حيث امتزج التضامن الأسبوعي مع التخليد السنوي، وأثمر مئات المظاهرات في أكثر من 52 مدينة، عرفت مشاركة عدد كبير من المواطنين وجددوا التعبير عن وحدة وتضامن الشعب المغربي مع إخوانهم في فلسطين، وكالعادة، رفعت الشعارات المنددة بالجرائم الإسرائيلية والمطالبة بضرورة إنهاء الحصار الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في غزة.
ومن بين المدن التي شهدت تظاهرات مخلدة ليوم الأرض في ذكراه الـ 48، الدار البيضاء، وسلا، ومكناس، وتطوان، وتارودانت، وبني ملال، وأزرو، وتاوريرت، والجديدة، ووجدة، والناظور، ومراكش. وحضرت مدن أخرى كذلك في تخليد الذكرى، مثل القنيطرة، وبنسليمان، وأولاد تايمة، واسفي، والفقيه بن صالح، الراشيدية، وأغادير، وخريبكة، والعرائش، والمحمدية، وسطات، وتازة، الخميسات، والقصر الكبير، وسيدي قاسم، وبركان، وشفشاون، فاس، وورزازات، والمضيق، ومدن أخرى لا يسع المجال لذكرها جميعاً.
في الساحات الرقمية أيضاً، حضر المغاربة من خلال تدوينات عديدة ومقالات كتبها شعراء وأدباء وصحافيون ونشروها في يوم الأرض على صفحاتهم في الفيسبوك أو عبر صور في إنستغرام، أو كلمات حارقة في ‘إكس” أو غيرها من منصات التواصل الاجتماعي؛ بين من تجول شعراً “في أزقة بيت لحم وحيفا، في دروب القدس ويافا، في شوارع غزة ومتاهات القدس القديمة، وعلى عتبات الخليل وبيسان”، أو من وجّه “رسالة الى الغرب العقلاني والديمقراطي بمناسبة إحياء يوم الأرض”، ومن فتح صفحته لنشر أشعار هايكو في مدح القضية والاحتفاء بالذكرى التي بلغت عامها الـ 48، ومن صدح صوته وأقدامه تسير في درب دعم القضية. مر يوم الأرض في المغرب فلسطينيا بطعم الألم والأمل.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس