الحكومة المغربية تطلق برنامج دعم متضرري فيضانات آسفي

1
الحكومة المغربية تطلق برنامج دعم متضرري فيضانات آسفي
الحكومة المغربية تطلق برنامج دعم متضرري فيضانات آسفي

أفريقيا برس – المغرب. أطلقت الحكومة المغربية برنامجا لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات الاستثنائية التي شهدتها مدينة آسفي، وأسفرت عن خسائر بشرية وأضرار مادية مست عددا من الأحياء والبنيات والتجهيزات الأساسية.

وأفاد بيان، تلقت “القدس العربي” نسخة منه الخميس، أن هذا البرنامج يتضمن حزمة من التدابير العملية ذات الطابع الاستعجالي، الرامية إلى التخفيف الفوري من آثار هذه الكارثة، من بينها تقديم مساعدات مستعجلة لفائدة الأسر التي فقدت ممتلكاتها الشخصية، والتكفل بوضعية المنازل التي لحقتها أضرار، عبر إنجاز أشغال الترميم الضرورية، إلى جانب إعادة بناء وترميم وتصميم المحلات التجارية المتضررة، مع مواكبة أصحابها، وذلك في انسجام تام مع توجيهات العاهل المغربي الداعية إلى صون كرامة المواطن وضمان شروط العيش اللائق وتعزيز الصمود.

وأضاف البيان أنه جرت تعبئة مختلف الوسائل البشرية واللوجستية الضرورية، مع تعزيز التنسيق بين كافة المتدخلين المعنيين، على أن تباشر السلطات المحلية، في أقرب الآجال، الشروع الفعلي في تنفيذ مختلف الإجراءات والتدابير المبرمجة، قصد تأمين تدخل عاجل وناجع، والتجاوب السريع مع حاجيات السكان المتضررين، وتأمين التنفيذ السليم والمتدرج لمختلف محاور هذا البرنامج.

وكان فاعلون سياسيون ونشطاء حقوقيون قد وجهوا انتقادات حادة إلى الحكومة المغربية بسبب طريقة تعاملها مع الفيضانات الأخيرة التي شهدتها مدينة آسفي وأودت بحياة 37 شخصا، فضلا عن إلحاق أضرار جسيمة بالعديد من المباني والممتلكات في المدينة العتيقة.

واستغرب مراقبون عدم قيام حكومة أخنوش بتنظيم زيارات ميدانية إلى المنطقة المتضررة، وكذا عدم تفعيل صندوق التعويض عن الكوارث الطبيعية”.

وأعادت الفيضانات القوية التي شهدتها مدينتا آسفي وتطوان وانهيار عمارتين في مدينة فاس، إلى واجهة النقاش الحاد حول مدى جاهزية السياسات العمومية في المغرب، في مواجهة الكوارث الطبيعية، وحول نجاعة آليات التعويض وحماية سلامة المواطنين. فبين ارتفاع منسوب المياه، وانهيار المباني، وسقوط عشرات الضحايا، تتعالى أصوات سياسية وحقوقية تطالب بالمحاسبة، وتطرح أسئلة محرجة حول دور الدولة ومؤسساتها في التدبير الاستباقي للأخطار.

في هذا السياق، وجّه النائب البرلماني والأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، نقدا لاذعا لأداء الحكومة خلال جلسة برلمانية. واعتبر أن “صندوق التعويض عن الكوارث الطبيعية” الذي أُحدث لحماية المواطنين في مثل هذه الظروف، بات محاطا بإشكالات قانونية وتنظيمية تُفرغه من مضمونه، مشيرا إلى أن شروط الاستفادة منه، وعلى رأسها المدة الزمنية المحددة للفيضانات، تجعل التعويض أمرا شبه مستحيل بالنسبة لعدد كبير من المتضررين.

وتساءل السياسي المعارض عن جدوى الإبقاء على معايير لا تعكس الواقع الميداني، ولا تستجيب لحجم الخسائر التي يتكبدها السكان في ظرف وجيز. كما تساءل: “ألم يحن الوقت لنعلن آسفي مدينة منكوبة ليستفيد المتضررون من صندوق التعويض عن الكوارث الطبيعية؟ وإذا لم يتم تفعيل الصندوق في مثل هذه الوقائع وفي مدينة من هذا الحجم فلماذا يصلح إذن، علما بأننا نساهم فيه كمغاربة؟”.

وقال القيادي الحزبي ساخرا إن مرسوم (قانون) صندوق الكوارث هو “أكبر كارثة في حد ذاته”، مفسّرًا ذلك بأن “الحكومة وضعت فيه شرطا مضحكا لكي يستفيد المتضررون منه، وهو مرور 500 ساعة على الفيضانات، بمعنى 21 يوما، أي حتى لا يبقى أحد في المدينة”.

كما أعاد المتحدث ذاته تسليط الضوء على ملف المنازل الآيلة للسقوط، محذرا من الخطر الذي يتهدد مئات الآلاف من المواطنين، خاصة في المدن العتيقة. واعتبر أن ما وقع في مدينة فاس ليس حادثا معزولا، بل نتيجة تراكمات طويلة من التأخر في معالجة هذا الملف، رغم التحذيرات المتكررة من خطورته. وذكّر في هذا السياق بحوادث انهيار سابقة أودت بحياة عدد من المواطنين، داعيا إلى مقاربة شمولية تتجاوز التدخلات الظرفية.

وفيما يتعلق بمدينة آسفي، شدد أوزين على حجم الأضرار التي خلفتها الفيضانات الأخيرة، خصوصا في المدينة العتيقة وسوق الفخار وباب الشعبة، مطالبا بإعلان المدينة مدينة منكوبة لتمكين المتضررين من الاستفادة من صندوق التعويض عن الكوارث الطبيعية، وتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل المناطق المتضررة.

ومن جهته، طالب حزب “النهج الديمقراطي العمالي” السلطات المعنية بإعلان المدينة العتيقة في آسفي منطقة منكوبة من أجل ترتيب الإجراءات القانونية اللازمة عن ذلك. كما طالب بتقديم التعويضات للتجار الذين فقدو موارد رزقهم، مشددا على ضرورة جبر ضرر السكان الذين تهدمت مساكنهم، وكذا جبر ضرر المدينة العتيقة برمتها.

وفي بيان اطلعت عليه “القدس العربي”، اعتبر فرع الحزب المذكور في آسفي أن “حجم الكارثة وما ترتب عنها من أضرار غير مسبوقة لا يرجع إلى كمية الأمطار الغزيرة التي تساقطت في وقت وجيز، وأدت إلى ما أدت إليه، بل إلى الفساد البنيوي المستشري في مختلف المؤسسات المعنية بالشأن المحلي، وإلى سوء التخطيط، وغياب الرؤية الاستباقية، وإلى اهتراء البنية التحتية، وإلى الإهمال الممنهج للمدينة وسكانها منذ عقود”.

وأوضح البيان أن هذه الفيضانات ليست الأولى في تاريخ المدينة، مضيفا أنها تتكرر كلما كثر تهاطل الأمطار، غير أنها تبقى الأقوى والأصعب بسبب عدم إصلاح قنوات الصرف، وبسبب عدم تنفيذ مجموعة من المخططات التقنية ذات الصلة بالموضوع.

وخلص الحزب المعارض إلى القول “إن التقليل من تلك الآثار الكارثية على الأقل كان ممكنا لو وفر المسؤولون عن المدينة بمختلف مستوياتهم الشروط الدنيا لصرف المياه بعيدا عن المدينة العتيقة التي تعرف هشاشة متعددة الأوجه منذ عقود، والتي تضرر سكانها أكثر من غيرهم بصورة مهولة”.

وفي الاتجاه نفسه، وجهت البرلمانية نادية تهامي، عن فريق “التقدم والاشتراكية”، سؤالا كتابيا إلى رئيس الحكومة، دعت فيه إلى الإعلان الرسمي عن مدينة آسفي مدينة منكوبة. واستهلت تهامي سؤالها بالتعبير عن تعازيها لأسر الضحايا، وتضامنها مع الساكنة المتضررة، مؤكدة أن حجم الخسائر البشرية والمادية يستوجب تفعيل المقتضيات القانونية المرتبطة بتغطية عواقب الوقائع الكارثية.

وطالبت البرلمانية بالشروع العاجل في إحصاء الضحايا والمتضررين، وتقييم الأضرار التي لحقت بالمساكن والمحلات التجارية والبنيات التحتية، تمهيدا لصرف التعويضات المستحقة من طرف صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية. كما نبهت إلى الوضعية الصعبة التي يعيشها عدد من التجار الذين فقدوا محلاتهم أو تضررت بشكل كبير، مشيرة إلى أن بعض الضحايا لقوا حتفهم داخل محلاتهم التجارية، ما فاقم من حدة الصدمة الاجتماعية والاقتصادية.

من جهتها، دعت “الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان في المغرب، إلى الإعلان الفوري عن مدينة آسفي منكوبة، معتبرة أن ما حدث لا يمكن تفسيره فقط بعوامل طبيعية، بل يعكس إخفاقات واضحة في التدبير الاستباقي، وغياب آليات الوقاية والإنذار المبكر. وانتقدت الجمعية ما وصفته بغياب دور لجنة اليقظة المحلية، وعدم اتخاذ إجراءات استباقية رغم المؤشرات المناخية المعروفة.

وسلطت الهيئة الحقوقية الضوء على وضعية وادي الشعبة، الذي اعتبرته نقطة سوداء معروفة تاريخيا بتجميع مياه السيول، متسائلة عن أسباب التأخر في معالجته رغم المشاريع التي أُعلن عنها في إطار رد الاعتبار للمدينة القديمة. كما أثارت تساؤلات حول مصير الاعتمادات المالية التي خُصصت لمعالجة الدور الآيلة للسقوط، مطالبة بفتح تحقيقات مستقلة لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية اللازمة.

وفي خضم هذا الجدل، كانت الحكومة قد قررت، خلال آب/ أغسطس من السنة الجارية، الرفع من نسبة رسوم التضامن ضد الوقائع الكارثية، بهدف تعزيز مداخيل صندوق التضامن، مبررة ذلك بارتفاع تكلفة تغطية المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية، خاصة بعد الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز. غير أن هذا القرار أثار تساؤلات حول مدى انعكاسه الفعلي على تعويض المتضررين من الفيضانات الأخيرة، في ظل غياب معطيات رسمية مفصلة حول حصيلة تدخلات الصندوق.

اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل