المغرب: تضامن واسع مع طبيبة أحيلت على «المجلس التأديبي» لفضحها اختلالات في مركز صحي أمام الوزير آيت الطالب

6
المغرب: تضامن واسع مع طبيبة أحيلت على «المجلس التأديبي» لفضحها اختلالات في مركز صحي أمام الوزير آيت الطالب
المغرب: تضامن واسع مع طبيبة أحيلت على «المجلس التأديبي» لفضحها اختلالات في مركز صحي أمام الوزير آيت الطالب

أفريقيا برس – المغرب. قضية الطبيبة العرش”، هكذا اختصر مغاربة التواصل الاجتماعي وقبلهم المنابر الإعلامية واقعة إحالة طبيبة تعمل في المستشفى الجهوي الحسن الثاني في مدينة الداخلة (جنوب البلاد) على المجلس التأديبي، بعد مواجهتها لوزير الصحة بحقيقة وضعية المؤسسة الصحية التي قالت إنها “كارثية”.

الظاهر من الحكاية هو الفيديو المنتشر والذي يوثق للحظات مخاطبة الطبيبة نزهة العرش لوزير الصحة، وكشفها عمّا أسمته بالوضعية “الكارثية” للمستشفى المذكور، لكن الخفي هو ما كشف عنه مصدر موثوق لموقع مغربي عن الأسباب الحقيقية لاستدعاء الطبيبة للمثول أمام المجلس التأديبي.

فهل كانت الطبيبة ضحية “حرية التعبير” كما ذهبت إليه بعض التأويلات الإعلامية والتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي؟ أم إن الأمر بعيد كل البعد عن الواقعة ويرخي بظلاله على ماض مهني للمعنية بالأمر، كما ورد في تصريحات مصدر مسؤول أفاد بها موقع “كيفاش”؟

بالنسبة للمنابر الإعلامية ومعها عدد من الصفحات المغربية على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الطبيبة كانت ضحية “انتقام” وزير الصحة منها لأنها “تجرأت” على مواجهته بحقيقة الوضع في المستشفى الذي كان موضوع زيارته قبل سنة.

الواقعة صحيحة حسب مقطع الفيديو المنتشر على منصات التواصل الاجتماعي، فقد ذكرت الطبيبة أموراً عديدة كلها انتقاد للوضعية التي يعيشها المستشفى الجهوي الحسن الثاني في مدينة الداخلة، والتي حسب أقوال الطبيبة العرش يعاني من نقص الأجهزة والمواد الطبية والغياب المتكرر للكوادر الصحية، وهذا غيض من فيض، وفق “بطلة” الفيديو.

لكن ما أشارت إليه الطبيبة والذي أثار الكثير من النقع، أنه تم إحضار جهاز أوكسجين وتجهيز بعض الغرف وصباغتها وتغيير الأفرشة تمهيداً لقدوم وزير الصحة، حتى تكون الصورة مثالية ولامعة وتخفي الكثير من نقائص يعانيها المستشفى المذكور.

المنقبون عن التفاصيل توصلوا إلى إجابات معلقة تهم أسئلة تدبير قطاع الصحة في مدينة الداخلة، وذكروا قضية توقيف ثلاثة أطباء جراحين دون الخوض في الحيثيات، ليفتح باب التأويل على مصراعيه أمام الاجتهادات.

وحسب مضمون المراسلة الموجهة للطبيبة والتي اطلعت عليها “القدس العربي”، فإن المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية تطلب منها المثول أمام أنظار المجلس التأديبي الذي سينعقد الخميس المقبل 12 أيار/ مايو الساعة الثانية عشرة صباحاً، في مقر المديرية، بناء على قرار لجنة البحث التمهيدي الإقليمية.

وأضافت المراسلة نفسها أنه يحق للطبيبة الاطلاع على الملف التأديبي المتضمن للتهم المنسوبة إليها واختيار من ينوب في الدفاع عنها طبقاً للمقتضيات القانونية المعمول بها.

الطبيبة ترد

الطبيبة التي قضت 6 سنوات من الخدمة في المستشفى الجهوي في الداخلة، من جهتها، لم تتأخر في التعليق على قرار استدعائها للمثول أمام المجلس التأديبي، وقالت وفق ما تم تداوله في عدة منابر إعلامية: “حان الوقت لقطع رزقي أنا أيضاً، بدل معاقبة ومحاسبة من يستحق ذلك أجد نفسي أمام ورقة لا أجد الكلمات المناسبة من أجل التعليق عليها”.

وزادت الطبيبة قائلة: “كنا ننتظر تكريماً وعرفاناً بالجميل على كل التضحيات التي قمنا بها وها نحن أمام مجالس تأديبية لا تعد ولا تحصى، ستبقى وسام شرف على صدورنا”.

لهيب الواقعة امتد كما هو الحال دائماً إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وضجت صفحات عديدة بتدوينات متضامنة مع الطبيبة العرش، وصلت حد الدعوة لإطلاق حملة.

التدوينات ربطت واقعة المجلس التأديبي بفيديو كشف الطبيبة المختصة في التوليد لوضعية المستشفى الجهوي، وأكدوا حسب رأيهم أنه بمثابة “انتقام” منها بعد فضحها لمجموعة من التجاوزات. إلى جانب التضامن الرقمي، دعا المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام في جهة الداخلة وادي الذهب، إلى وقفة احتجاجية تضامنية أمام المستشفى الجهوي الحسن الثاني في الداخلة وذلك الأحد.

المرصد في دعوته أكد أن الوقفة الاحتجاجية تنظم بسبب قرار طرد الطبيبة نزهة العرش، أخصائية أمراض النساء والتوليد، والتي كشفت لوزير الصحة خلال زيارته الأخيرة للداخلة واقع الصحة في الجهة والعوائق التي تعترض القطاع وتردي الخدمات وغياب التحاليل، في ظل غياب الوسائل، حيث تم استدعاؤها للمثول أمام المجلس التأديبي، يوم الخميس 12 أيار/ مايو، وهو ما يندرج ضمن ما يصفه زملاؤها في المهنة بـ”التضييق وتصفية الحسابات”.

توضيحات الوزارة

من شاطئ التضامن وردود الفعل الإعلامية والاجتماعية، نعبر إلى ضفة التوضيح الذي أفاد به مصدر مطلع بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية دون ذكر الاسم والصفة لموقع “كيفاش”.

الموقع المغربي المذكور أبرز أنه وفقاً للمعلومات التي استقاها من المصدر المطلع، فإن قرار إحالة الطبية نزهة العرش على المجلس التأديبي “جاء بناء على تقارير رسمية صادرة عن المفتشية العامة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية التي وقفت على مجموعة من الأخطاء المهنية التي ارتكبتها المعنية بالأمر”.

وحسب المصدر نفسه، فإن قرار الإحالة على المجلس التأديبي لا علاقة له بلقائها مع وزير الصحة خلال زيارته الأخيرة لمدينة الداخلة، والذي يعود قبل حوالي سنة.

ويواصل المصدر المطلع توضيحاته، نافياً توقيف راتب الطبيبة، مؤكداً أنها “تتلقى راتبها الشهري بشكل عادي، ولم يصدر أي قرار وزاري يقضي بتوقيفها عن العمل أو توقيف راتبها”.

إلى جانب ذلك، كشف المصدر نفسه عن تقديم الطبيبة “مؤخراً شهادة طبية موقعة من طرف طبيب يشتغل بجهة الدار البيضاء، رغم أنها لم تغادر تراب مدينة الداخلة، وكانت تعمل خلال تلك الفترة في عيادات طبية خاصة بالمدينة”، وأن الطبيب الذي سلمها الشهادة الطبية موضوع تحقيق من المصالح المركزية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية.

موقع “كيفاش” سار على الدرب نفسه، وأورد تصريحاً لمصدر نقابي قال فيه إن الطبيبة “سبق ورفضت مؤازرة زملائها في العمل المنتمين للتنظيمات النقابية، وذلك خشية أن يطلعوا على مضامين ملفها التأديبي، الذي يتضمن التهم المنسوبة إليها، والتي ترفض الإفصاح عنها للعموم مخافة فقدان تعاطف المواطنين معها”.

أما المصادر الطبية، حسب رواية الموقع الإعلامي نفسه، فإنها تؤكد أن الطبيبة المعنية بواقعة الإحالة على المجلس التأديبي “تحصل على دخل شهري يبلغ حوالي 30 ألف درهم شهرياً، من خلال اشتغالها في العيادات الطبية في الداخلة، في خرق سافر للقوانين الجاري بها العمل، والشأن نفسه بالنسبة لزوجها الموقوف عن العمل”.

وتابعت المصادر الطبية لتشير إلى أن الطبيبة المذكورة “كانت سبباً في مغادرة زملاء لها في مصلحة التوليد والنساء من الوظيفة العمومية بشكل نهائي، بسبب ممارساتها اللامهنية واللاأخلاقية، وأضحت تمارس الضغط على مؤسسات الدولة باستعمال أساليب وأدوات مكشوفة، ولا تتناسب مع مستواها المهني والعلمي”.

تبقى الإشارة واجبة إلى أن واقعة الفيديو وكلام الطبيبة عن وضعية المستشفى وزيارة الوزير لمدينة الداخلة تعود إلى ما يقارب سنة خلت، وطفت على السطح بالتزامن مع صدور قرار الإحالة على المجلس التأديبي، ويبقى الفيصل في الأمر هو القرار الذي سيتخذه المجلس وتوضيحات رسمية من الوزارة تكشف تفاصيل الواقعة وتعلن عن “صك” الاتهام وتعزيزه بالدلائل حتى يطمئن قلب الرأي العام الذي وجد أمامه واقعة أخرى شكلت مادة دسمة للتدوينات والهاشتاغات وما جاورهما من شعاب التواصل الاجتماعي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس