المغرب: هل أصبح التحالف الحكومي الثلاثي أوْهَن من «بيت العنكبوت»؟

20
المغرب: هل أصبح التحالف الحكومي الثلاثي أوْهَن من «بيت العنكبوت»؟
المغرب: هل أصبح التحالف الحكومي الثلاثي أوْهَن من «بيت العنكبوت»؟

أفريقيا برس – المغرب. صار هناك شبه إجماع على وجود أزمة قوية داخل أحزاب الأغلبية الحكومية الثلاثة: التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال؛ إلى حد أن الكثيرين ذهبوا إلى القول إن هذا التحالف صار أوْهَن من «بيت العنكبوت»، على الرغم من التصريحات المطمئنة التي يحاول ترويجها قائده عزيز أخنوش. ولم تفلح الآلة الإعلامية الضخمة التي يتوفر عليها، من وسائل إعلام عمومية ومواقع إلكترونية مقربة وصفحات افتراضية ممولة، من تبديد هذه الصورة الرمادية، خاصة بعدما قام ركن أساسي في ذلك الائتلاف بـ»فرقعة الرمّانة»، على حد قول العبارة المغربية الدارجة.

لم تنته بعد الزوبعة التي أثارها البيان الأخير لحزب «الأصالة والمعاصرة» (الذي تحدث عن مشكلة التواصل داخل البيت الحكومي)، فقد طفقت تحليلات الصحف تفكك أبعاد ذلك البيان، وهكذا اعتبرت مجلة «آفاق متوسطية» الصادرة باللغة الفرنسية أن الأغلبية الحكومية في المغرب توشك على التداعي. ولاحظت أنه على عكس الصورة التي تحاول مكوناتها الثلاثة تسويقها لرأي عام محبَط، فإنه لا يوجد وئام بين أحزاب التحالف. واستدلت على ذلك بحزب الأصالة والمعاصرة الذي يدعو إلى أن يكون التواصل بين الثلاثي الحكومي أكثر مرونة وإلى رفع التهميش عن وزراء بعينهم.

واستطردت المجلة قائلة إن التماسك والتضامن الحكومي الذي يحاول قادة أحزاب «التجمع الوطني للأحرار» و»الأصالة والمعاصرة» و»الاستقلال» تأكيده للمواطنين، هو مجرد واجهة، والدليل هو مضمون البيان الصادر عن حزب «الأصالة والمعاصرة» الذي يؤكد هشاشة الائتلاف الناتج عن الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وهكذا، فإن الحزب المذكور الذي يحمل رئيسه حقيبة وزارة العدل يحث رئاسة الحكومة على تكثيف التواصل الداخلي والفعال بين القطاعات الوزارية، فضلاً عن الحوار الفعال مع وزراء «الأصالة والمعاصرة». واستنتج المصدر المذكور أن وراء هذه الانتقادات يكمن شعور «بتهميش» وزراء حزب الأصالة والمعاصرة من قبل رئيس الحكومة عزيز أخنوش.

كما أشار الحزب نفسه إلى ضرورة تقوية التواصل بين الحكومة والمواطنين، من أجل وضع حد للإشاعات والأخبار الكاذبة، وإعطاء الناس الحق في الوصول إلى المعلومات الصحيحة.

وكتبت المجلة المذكورة أنه «لا داعي لأن تكون كاتباً لتخمين أن السهم الذي تم إطلاقه على هذا النحو موجه نحو مصطفى بايتاس، المتحدث الرسمي باسم الحكومة». وأضافت أن هذا الوزير المنتمي إلى حزب «التجمع الوطني للأحرار» الذي سخر منه ممثلو وسائل الإعلام لإجاباته الانتقائية وتصريحاته الغامضة، يعتبر مسؤولاً عن فشل الاتصال الحكومي. وتابعت القول إن «برنامج فرصة» الذي يهدف إلى تمويل المشاريع المقدمة من لدن الشباب، تم تمريره إلى فاطمة الزهراء عمور، وزير السياحة المنتمية إلى «التجمع الوطني للأحرار، وليس إلى يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى المنتمي إلى «الأصالة والمعاصرة» الذي بجانب رفاقه الستة الآخرين ممن قاموا بتأثيث الأغلبية، يرون أنفسهم مهملين على هذا النحو.

أما صحيفة «ليكونومست» فقد نشرت أمس الإثنين، مقالاً تحليلياً في الموضوع بدأته بالقول: «لا شك أن أذني عزيز أخنوش قد صفّرتا عندما علم بمحتوى البيان الصحافي الصادر عن المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، حليفه الأول في الائتلاف الحكومي؛ إذ تدعو إحدى فقرات هذه الوثيقة رسمياً إلى التشكيك في تجانس الأغلبية، وهو مفهوم محبب جداً لدى رئيس الحكومة. علاوة على ذلك، كلما كان هناك اجتماع لأحزاب الأغلبية التي تشكل السلطة التنفيذية أصرّ قادتها أمام الكاميرات وميكروفونات الصحافة على الإشادة بهذه الأغلبية المتجانسة».

ووصفت الصحيفة نفسها بيان «الأصالة والمعاصرة» بـ«الخروج المدوي وغير المتوقع»، واعتبره بمثابة اتخاذ مسافة من رئيس الحكومة، في سياق يتسم بالإشاعات المستمرة حول حدوث تعديل وزاري، لإعادة تشغيل المحركات التي يبدو أنها معطلة.

وتساءلت قائلة: «إذا كان الحزب المذكور ينتقد رئيس الحكومة لعدم التواصل، فما الذي يمنعه من القيام بذلك، على الأقل بشأن القضايا التي تقع ضمن قطاعات وزرائه؟» واستدلت على ذلك بما وقع لوزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بن سعيد عندما تجنب الإجابة عن أسئلة في كلمته تحت قبة البرلمان بشأن تمديد ولاية «المجلس الوطني للصحافة».

وأكدت «ليكونومست» أنه لا شيء على ما يرام بين رئيس الحكومة وحليفه حزب «الأصالة والمعاصرة» الذي يشير مكتبه السياسي إلى ضعف آخر في السلطة التنفيذية ويتعلق هذه المرة بنقص التواصل بين عزيز أخنوش ووزراء حزب الأصالة والمعاصرة.

واستطردت قائلة: «قد تأتي فرضية أخرى يمكن أن تفسر هذا النقص المحتمل في قلة اهتمام عزيز أخنوش بوزراء حزب «الأصالة والمعاصرة»، وتتمثل في إدراكه لضعف مهاراتهم في تنفيذ الإصلاحات والاستراتيجيات القطاعية. واستدلت الصحيفة على ذلك بأنه في ذروة أزمة الطاقة والارتفاع غير المسبوق في أسعار المحروقات، فوتت وزيرة الانتقال الطاقي ليلى بنعلي، حزب الأصالة والمعاصرة، فرصة التعجيل بالتواصل مع الرأي العام الذي لم تكن له رؤية تجاه هذا الملف الاستراتيجي؛ ما أدى إلى الاعتقاد بأنها لا ترقى إلى مستوى مسؤولياتها. كما سبق للوزير المكلف بالزراعة والصيد البحري.

في موضوع ذي صلة، ذكرت صحيفة «الأخبار» أن نواب حزب «الاستقلال» في مجلس النواب غاضبون من استهداف نواب حزب «الأصالة والمعاصرة» لوزرائهم أثناء حلولهم بالبرلمان في إطار الأسئلة الشفهية الأسبوعية. وأضافت أن نواب حزب «الاستقلال» اشتكوا لدى أمينهم العام نزار بركة من تصرفات نواب حزب «الأصالة والمعاصرة» مهددين بالمعاملة بالمثل مع وزراء هذا الحزب الذي يحمل رمز «الجرار» في حال استمرار استهداف وزرائهم موردة أن العلاقة بين الحزب صاحب رمز «الميزان» و حزب «الجرار» داخل المؤسسة التشريعية تمر خلال الأسابيع الماضية، بنوع من الفتور، وهو ما جعل بعض وزراء الاستقلال يشتكون لرئيس الفريق نور الدين مضيان من تصرفات نواب عبد اللطيف وهبي.

صحيفة «بيان اليوم» الناطقة بلسان حزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، نشرت أمس الإثنين، افتتاحية تحمل توقيع مديرها العام الرقاص محتات، بدأها بالإشارة إلى أن «الخرجة الأخيرة لحزب حكومي وامتعاضه لضعف تواصل رئيس الحكومة مع وزرائه، تطرح علامة استفهام حول مستوى تدبير شأننا العمومي من طرف الحكومة الحالية».

ولاحظ كاتب الافتتاحية أن «عدداً من الوزراء يشتكون ضعف تواصل وتفاعل رئيس الحكومة معهم، وقبل ذلك أكدت وقائع ومناسبات برلمانية سابقة عدم انسجام ممثلي الأغلبية وتباين مواقفهم وتقييماتهم، وفي حالات أخرى عديدة يهمس وزراء وبرلمانيون لمقربين منهم هشاشة الانسجام الحكومي، وانتقادهم للعلاقات بين مكونات التحالف الثلاثي، ونقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ومجالس الحديث المتعددة كثير حالات وأمثلة ووقائع عن ذلك».

وتساءل: «هل الوضع العام لبلادنا ومعاناة شعبنا وما يواجهنا من تحديات داخلية وخارجية تسمح إذن بمثل هذا الذي يجري داخل التحالف الحكومي وحواليه؟». ليضيف قائلاً: «يكاد المتابع اليوم يحس كما لو أن تسيير القطاعات الوزارية يجري في جزر معزولة ولا رابط أو انسجام بينها، إنْ في الموقف أو التصور أو الرؤية أو حتى في التنسيق البسيط بين الوزراء أو في وجود قائد أوركسترا واضح الحضور، ويجسد تنسيق التدبير وانسجامه». وتابع تساؤلاته: «كيف يطمئن شعبنا إذن؟ هل سنرى مثلاً حزب رئيس الحكومة يتولى إصدار بلاغ وتصريحات للرد على حزب حليف ومشارك في الحكومة؟ هل سيخرج رئيس الحكومة نفسه إلى الرأي العام الوطني ويقدم التوضيحات اللازمة حول انسجام مكونات الحكومة، وذلك لكي يطمئن المغاربة على أن شؤونهم في أياد أمينة ولا خوف عليها من صراعات أنانية خاوية؟ أم هل ستقر الحكومة أخيراً أن تركيبتها ضعيفة وهشة وغير منسجمة وأن إمعانها في التغول من البداية هو سبب عقمها وفشلها، وأن التشكيلة الوزارية غابت عنها السياسة والكفاءة الحقيقية والمصداقية؟».

وأكد أن «المعاني كلها تختل في ظل هذه الحكومة، وبديهيات السياسة أو أخلاقيات المسؤولية لم يعد لها أي اعتبار في الوعي أو في السلوك»، مضيفاً قوله: «لقد صار عادياً اليوم، مع هذه الحكومة الرفس بالأرجل على كل حالات التنافي، وبات طبيعياً أن نرى وزيراً حالياً صاحب مشروع تجاري ضخم يستفيد من دعم الدولة، وصرنا نرى أيضاً وزيراً يمعن في خرق الدستور والقانون، وبرغم انتقاد بعض الوزراء سراً لسلوكه «البلطجي»، فإن تصوراته ومشاريعه تأتي إلى البرلمان باسم مجلس الحكومة ورئيسه وتؤيدها الأغلبية».

ويرى الصحافي محتات الرقاص أن «السياسة تدنّت كثيراً مع هذا التحالف الحكومي الثلاثي، وصارت الأغلبية العددية الواسعة في غرفتي البرلمان بمثابة عصا ثقيلة لمنع كل حوار تعددي، ولرفض أي رأي مختلف، ولإغلاق كل أبواب التعاون والتفاعل بين الحكومة والمعارضة. وبالنتيجة، لم يعد الكثيرون يتكلمون أو يعارضون، وبقيت البلاد وقضاياها ومصلحتها حبيسة الرأي الوحيد للحكومة، وأيضاً حبيسة صراعات واختلافات وزراء وأحزاب الأغلبية فيما بينها».

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس