أفريقيا برس – المغرب. دقّت المنظمة الديمقراطية للصحة، العضو بالمنظمة الديمقراطية للشغل، ناقوس الخطر بشأن ما وصفته بـ«الانهيار التدريجي للخدمات الصحية العمومية» بالمغرب، محذّرة من انعكاسات استمرار هذا الوضع على الأمن الصحي للمواطنين، داعية إلى تأهيل المنظومة الصحية الوطنية وبناء نظام صحي عمومي يرتكز على المقاربة الوقائية ومعالجة المحددات الاجتماعية للصحة.
وحسب بيان صادر عن المنظمة الديمقراطية للشغل، فقد جاء ذلك خلال اجتماع المجلس الوطني للمنظمة المنعقد يوم السبت 11 أكتوبر 2025 بمقر المنظمة بالرباط، تحت شعار « الاستثمار في العنصر البشري ركيزة أي نظام صحي ناجح »، حيث تدارس المشاركون واقع المنظومة الصحية، وما تواجهه من تحديات بنيوية تمس تمويلها وحكامتها وجودة خدماتها.
أزمة تمويل ونقص حاد في الموارد البشرية
وأفاد البيان أن الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للصحة، محمد عريوة، كشف -من خلال عرض مطوّل- عن ملامح أزمة بنيوية يعيشها القطاع، تتجلى في ضعف التمويل العمومي رغم ارتفاع الميزانية إلى 32 مليار درهم سنة 2025، حيث لا تتجاوز وتيرة تنفيذ المشاريع الصحية 50%.
كما انتقد تحويل جزء من الأموال العمومية إلى القطاع الخاص وتوجيه المرضى نحوه، ما أدى إلى تراجع جودة الخدمات ونقص الأدوية والتجهيزات الأساسية في المستشفيات الجهوية والإقليمية.
وحذّر عريوة من نزيف هجرة الأطباء والممرضين نحو الخارج بسبب ظروف العمل الصعبة وضعف الأجور، موضحا أن المغرب يفقد سنويا ما بين 600 و700 طبيب، وقرابة 800 ممرض وممرضة.
هذا النزيف، بحسب المنظمة، خلق فراغا مقلقا في المستشفيات العمومية، وساهم في تفاقم التفاوتات الصحية بين الجهات.
مؤشرات تنموية مقلقة
أشارت المنظمة في بيانها إلى تراجع المغرب في مؤشر التنمية البشرية إلى المرتبة 120 عالمياً، وفي مؤشر الرعاية الصحية إلى المرتبة 90 من أصل 94 دولة، معتبرة أن هذه الأرقام تعكس خللاً عميقاً في بنية النظام الصحي، وتراجعاً في جودة الخدمات الوقائية والعلاجية.
كما سجل البيان غياب الحكامة الجيدة وانتشار الفساد الإداري، إلى جانب سوء تدبير المستشفيات وغياب الكفاءة في التعيينات، ما تسبب في انقطاع الأدوية الأساسية وارتفاع معدلات الأمراض المزمنة ووفيات الأمهات والأطفال.
مطالب بإصلاح عاجل وشامل
ودعت المنظمة في بيانها إلى إصلاح جذري وشامل للمنظومة الصحية، يقوم على تقوية القطاع العمومي وتعميم الحماية الاجتماعية، وتنفيذ التوجيهات الملكية الرامية إلى تحقيق العدالة في الولوج إلى العلاج. كما طالبت بـ:
رفع فوري للأجور والتعويضات وتحسين أوضاع الشغيلة الصحية بمختلف فئاتها.
إحداث درجات جديدة للأطباء والممرضين والتقنيين، ومراجعة الأنظمة الأساسية للمهن الإدارية والصحية.
التوظيف المباشر لخريجي معاهد التمريض والتقنيات الصحية.
إصلاح شامل لبنيات التكوين وتجهيز المعاهد العليا للمهن الصحية.
إلغاء قرار توقيف الأطر الـ17 بمستشفى الحسن الثاني بأكادير، معتبرة أن المشكل ناتج عن ضعف المنظومة وليس عن الأطر.
سن إجراءات صارمة لحماية المهنيين من الاعتداءات داخل المؤسسات الصحية.
نحو عدالة صحية حقيقية
ثمّنت المنظمة، في ختام بيانها، منهجية الحوار الاجتماعي التي تبنتها وزارة الصحة، لكنها شددت على ضرورة إشراك النقابات بفعالية في صنع القرار الصحي، بما يضمن نجاح الإصلاحات الهيكلية المنتظرة.
وأكدت أن إنقاذ المنظومة الصحية الوطنية يمر عبر «إعادة الاعتبار للقطاع العمومي، وتقوية مكانة الكفاءات الوطنية، وربط السياسات الصحية بمبدأ العدالة الاجتماعية والحق في الصحة للجميع».
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس