أفريقيا برس – المغرب. كشف عبد العاطي أربيعة، عضو المكتب السياسي لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي المغربي، في حواره مع أفريقيا برس، أن “فيدرالية اليسار الديمقراطي تدعم كل الحركات الاحتجاجية ذات المطالب العادلة والمشروعة، وتوفر كل إمكانياتها لذلك، خصوصًا على المستوى البشري”، لافتًا إلى أن “شباب الفيدرالية كانوا متواجدين في الحراك الشبابي الأخير بالمغرب، بل كانوا أول المعتقلين، وعلى رأسهم الكاتب الوطني للشبيبة ومجموعة من أعضاء مكتبها الوطني.”
وأشار إلى أن “الفيدرالية تعمل في الوقت نفسه على الحفاظ على استقلالية هذه الحركات الاحتجاجية، لكن مطالبها تتقاطع مع مطالبنا، خصوصًا فيما يتعلق بضرورة الإسراع بإصلاحات سياسية حقيقية، ومحاربة الفساد ونهب المال العام، وإعطاء الأولوية للمسألة الاجتماعية في اختيارات الدولة، وعلى رأسها الصحة والتعليم.”
وأضاف أن “اليسار المغربي أمام لحظة وامتحان تاريخيين، خصوصًا مع توالي الحركات الاحتجاجية، حيث إن دور اليسار اليوم هو قلب ميزان القوى لصالح هذه الفئات المهمشة.”
ورأى أن “السيناريوهات المحتملة في حال استمرت الاحتجاجات بنفس الزخم، هي إما مراهنة الدولة على الوقت وبالتالي إرهاق هذا الحراك وتراجعه بشكل أوتوماتيكي، أو أن يظل الشباب صامدين يتظاهرون بنفس القوة والعزيمة والحماس، وبالتالي فلن يكون أمام الدولة إلا تقديم مجموعة من التنازلات، خصوصًا والمغرب مقبل على تنظيم تظاهرة رياضية بحجم كأس إفريقيا لكرة القدم.”
عبد العاطي أربيعة هو عضو المكتب السياسي لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي المغربي، وأستاذ التعليم الثانوي التأهيلي، وناشط حقوقي ومدني.
مع تجدد الاحتجاجات الشبابية ضد الأولويات الحكومية، ما هو موقفك كسياسي مغربي من هذا الحراك الاجتماعي؟
بداية، تحية لكم على هذه الاستضافة التي تأتي في سياق دولي وإقليمي دقيق يشهد احتجاجات واسعة في عدد من البلدان، ومنها المغرب، حيث خرج الشباب للمطالبة بإصلاحات اجتماعية واقتصادية حقيقية، مركّزين على التعليم والصحة ومحاربة الفساد.
ومن هذا المنطلق، فلا يمكنني كفاعل سياسي داخل حزب ديمقراطي تقدمي كـفيدرالية اليسار الديمقراطي، إلا أن أكون إلى جانب الحركات الاحتجاجية ذات المطالب العادلة والمشروعة.
هل بوسع الحكومة امتصاص غضب الشارع مع إعلانها خطة لإصلاح الصحة والتعليم، أم أنها خسرت مصداقيتها أمام الرأي العام؟
للأسف، أعتقد أن الحكومة فقدت مصداقيتها بشكل كلي، وليس المعارضة وحدها من تقول ذلك، بل الشارع المغربي بأكمله. فقد أدى اتساع رقعة الفساد وتضارب المصالح، الذي يستفيد منه بعض أعضاء الحكومة، إلى تآكل الثقة الشعبية، في ظل عجزها عن ترجمة شعاراتها الرنانة إلى واقع ملموس، مما أسهم في تراجع نسب النمو، وارتفاع معدلات البطالة، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين.
أما بشأن إعلانها عن إصلاحات في قطاعي الصحة والتعليم، فقد جاءت للأسف عكس التطلعات. ففي قطاع الصحة، أعلنت الحكومة عن صفقات تفاوضية بدلًا من اعتماد طلبات عروض وفق دفاتر تحملات واضحة، ما يفتح الباب أمام تضارب المصالح.
وفي قطاع التعليم، عوض أن تقدم إصلاحًا حقيقيًا يستجيب لطموحات الشعب، أعلنت عن مشروع قانون للتعليم المدرسي يمكن وصفه بأنه ينسف ما تبقى من مجانية التعليم الأساسي، ويضاف إلى محاولات إلغاء مجانية التعليم الجامعي.
وبالتالي، يمكن القول إن لا تقاطع حقيقي بين مطالب الشارع المغربي وتوجهات الدولة في المرحلة الحالية.
برأيك، هل ستواصل الحكومة اعتماد المقاربة الأمنية لاحتواء الاحتقان رغم سلمية مطالب المحتجين وتحركاتهم؟
لقد تابع الرأي العام الوطني والدولي أسلوب تعامل الدولة المغربية مع الحركات الاحتجاجية، والذي يخضع لسياسة العصا والجزرة. فقد تم قمع احتجاجات جيل “زد” في اليومين الأول والثاني بشكل مفرط، ما أدى إلى إصابات واعتقالات في صفوف الشباب، الأمر الذي زاد من حدة الاحتجاجات قبل أن تتراجع الدولة عن القمع الممنهج.
لكن في الواقع، هذا التراجع ليس إلا الشجرة التي تخفي غابة المقاربة الأمنية المتبعة، والتي تؤكدها أعداد المعتقلين والمتابعين على خلفية هذه الاحتجاجات، ومن بينهم قاصرون، حيث تشير التقديرات الأولية إلى نحو 2480 متابعًا من بين 5780 موقوفًا.
ومن جهة أخرى، تتجه الدولة نحو تقييد حرية التعبير وحماية المنتخبين الفاسدين من خلال مشروع القانون الجديد الخاص بانتخاب أعضاء مجلس النواب، الذي يحظر التشكيك في نزاهة الانتخابات.
ويُضاف إلى ذلك تمرير قوانين أخرى تسير في الاتجاه نفسه، كالقانون التنظيمي للإضراب والمسطرة الجنائية التي تمنع الأفراد والمجتمع المدني من التبليغ عن جرائم الفساد.
ما هي مقترحاتكم للخروج من الأزمة الاجتماعية التي يعيشها المغرب؟
أعتقد أن الحل للخروج من هذه الأزمة بسيط وجديد، ويكمن في امتلاك الإرادة السياسية من طرف الدولة المغربية لتجاوز مطبات التغيير الديمقراطي، والخروج من واقع الفساد الذي يكلف البلاد غاليًا، إذ تتجاوز كلفته 50 مليار درهم سنويًا.
ويجب اعتماد انتخابات حرة ونزيهة فعلًا لا قولًا، لا يمكن تحقيقها إلا عبر هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات، وتطبيق التسجيل التلقائي للمواطنات والمواطنين المستوفين للشروط القانونية في اللوائح الانتخابية، ومنع المتورطين في جرائم الأموال من الترشح.
كما ينبغي اعتماد قانون لتضارب المصالح، والضرب بقوة على أيدي المفسدين وناهبي المال العام، إلى جانب سياسة اجتماعية حقيقية تضمن للمغاربة الحق في الصحة والتعليم المجانيين والجيدين، وحماية القدرة الشرائية، وتوفير فرص العمل والسكن الكريم.
وُصفت الاحتجاجات الأخيرة بأنها احتجاجات شبابية يقودها “جيل زد 212”، فهل برأيك هذا الجيل قادر على إيصال صوته والدفاع عن الطبقات الفقيرة والمهمشة؟
في المغرب، راكمت الحركات الاحتجاجية تجارب متواصلة، فكما لم تكن حركة 20 فبراير الشرارة الأولى ولا الأخيرة، تلتها سلسلة من الاحتجاجات المجالية والفئوية.
اليوم، يؤكد جيل زد أنه لا يمكن وقف زحف ربيع النضال مهما قُطفت من الزهور، فقد أوصل صوته فعلًا وجعل الدولة تتخذ إجراءات التفافٍ على مطالبه، لكنه ما زال مستمرًا في نضاله من أجل إصلاحات حقيقية.
ومن المؤكد أن هذه الاحتجاجات التي أطلقها جيل زد لن تكون الأخيرة، فما دامت الأسباب التي تدفع المواطنين للاحتجاج قائمة، فسيظل المغاربة يحتجون حتى تحقيق مطالبهم العادلة والمشروعة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
برأيك، من يقف وراء هذه الاحتجاجات؟ وهل هناك جهات خارجية تدعمها، خاصة مع اتهامات في الفضاء الرقمي للجزائر أو إسرائيل وأمريكا بالاستفادة من التغيير في المغرب؟
للأسف، بدل أن تنظر الدولة إلى أصل الداء المتمثل في انتشار الفساد، وتردي قطاعي الصحة والتعليم، وارتفاع معدلات البطالة، فإنها تتجه دائمًا إلى اتهام أبناء وبنات الوطن باتهامات تثير الاستغراب. فالمحرّض الحقيقي ليس الخارج بل الفقر والتهميش وتدهور الخدمات الاجتماعية وانتشار الفساد داخل البلاد.
ما هو تقييمك لموقف الأحزاب؟ هل هو داعم للاحتجاجات أم متوجس منها، خاصة أنها تُقاد بلا قيادة واضحة وقد تتطور مطالبها ميدانيًا؟
في المغرب لا يمكن وضع جميع الأحزاب في كفة واحدة؛ فهناك أحزاب إدارية هي جزء من بنية الدولة وُجدت لاستدامة اختياراتها على مختلف الأصعدة، وهناك أحزاب ديمقراطية وُلدت من قلب المجتمع.
فأحزاب اليسار المعارضة طالبت منذ البداية بـالاستماع إلى نبض الشارع والاستجابة لمطالب الشباب، بل أصدرت نداء رسميًا عبّرت فيه عن دعمها للمطالب التي طرحها جيل زد، وما زالت تترافع من أجل إطلاق سراح المعتقلين ووقف المتابعات في حق الشباب المحتج، منددة بالقوانين التراجعية التي تحاول الحكومة تمريرها.
نحن الآن أمام مرحلة مفصلية من تاريخ المغرب، فإما أن نحقق قفزة حقيقية نحو الأمام عبر تبني مقاربة اجتماعية وديمقراطية في التعامل مع مطالب المواطنين، أو ستصبح الدولة أكثر تغولًا في محاولاتها لاحتواء الاحتجاجات المتصاعدة.
كيف تفسرون بروز حركة “جيل زد 212” بهذه القوة المفاجئة في المشهد الاحتجاجي المغربي؟
أولًا، المشهد الاحتجاجي المغربي متواصل في الزمن، إذ لم يمر يوم دون مظاهرات في البلاد. وقد اختلفت طبيعة هذه الحركات من مرحلة إلى أخرى، فبعد تراجع حركة 20 فبراير بقيادتها الشابة وحمولتها الشعبية ومطالبها الجامعة بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ظهرت حركات احتجاجية جديدة في مناطق مختلفة من المغرب.
فقد شهدت البلاد حركات مجالية مثل الريف، زاكورة، جرادة، وآخرها حراك فكيك الذي ما زال مستمرًا بنفس الزخم منذ ما يقارب السنتين، إلى جانب حركات فئوية مهنية في قطاعات التعليم والصحة والتمريض والجماعات والعدل، وكذلك المظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية والمناهضة للتطبيع.
وبالتالي، كان هناك تراكم كمي قوي في المشهد الاحتجاجي المغربي. وإذا أضفنا إلى ذلك الواقع المعيشي الصعب الذي يعيشه المغاربة، خصوصًا الشباب، الذين يشعرون بغبن جماعي أمام الإمكانيات المالية الضخمة التي ظهرت مع الاستعدادات الجارية لاحتضان الاستحقاقات الرياضية الكبرى مثل كأس العالم وكأس إفريقيا، فإن ذريعة “غياب الإمكانيات المالية” لم تعد مقنعة في مواجهة مطالب الشباب.
وقد ساهم في تعزيز هذا الزخم أيضًا غياب البعد الاجتماعي في تلك الاستعدادات، إلى جانب ما توفره المنصات الإلكترونية مثل “ديسكورد” ومواقع التواصل الاجتماعي من إمكانيات كبيرة للتنسيق والتفاعل بين فئات الشباب، مما زاد من قوة تنظيم الحركة واتساع تأثيرها.
ما الذي يميز احتجاجات جيل زد عن الحركات الاجتماعية السابقة في المغرب؟
يمكن تلخيص ما يميز احتجاجات جيل زد عن الحركات السابقة في أربع نقاط رئيسية:
أولًا: طبيعتها الشبابية، إذ تضم مواليد ما بين سنتي 1997 و2011، وهي فئة لم تشارك في الاحتجاجات الكبرى السابقة ولم تعش الزخم النضالي الذي عرفته مراحل مفصلية من تاريخ المغرب.
ثانيًا: تركيز مطالبها على عناوين رئيسية كبرى، وهي التعليم، الصحة، ومحاربة الفساد، ما جعلها محط إجماع واسع من قبل الشباب المغربي.
ثالثًا: انطلاقها من منصة رقمية غير معروفة لدى فئات واسعة من المجتمع، وهي منصة كانت مخصصة أساسًا للألعاب، إذ قام الشباب بتحويلها من منصة Gamers إلى منصة احتجاجية وتنظيمية.
رابعًا: طريقة اتخاذ القرارات، حيث يتم اللجوء إلى التصويت عبر المنصة الإلكترونية، وهي آلية تعبّر عن نضج ديمقراطي ومستوى متقدم من النقاش الحر، وهو ما يفتقده الواقع السياسي والمؤسساتي في البلاد للأسف.
هل ترى مطالب المحتجين في الصحة والتعليم والبطالة واقعية وقابلة للتنفيذ؟
طبعًا، فالإمكانات التي تم رصدها للاستحقاقات القادمة، إلى جانب الكلفة الباهظة للفساد وما يُرصد سنويًا لهذه القطاعات رغم محدوديته، يوضح أن المشكلة الأساسية ليست في غياب الإمكانيات، بل في غياب الحكامة الرشيدة في التدبير.
الأمر، كما ذكرت سابقًا، لا يتطلب سوى إرادة سياسية حقيقية لدى الدولة المغربية، من خلال القضاء على منظومة الفساد، وترشيد النفقات، وتوجيهها نحو القطاعات الأساسية كالتعليم والصحة وتوفير فرص العمل.
هل ترى أن جيل زد يرفض الوساطات الحزبية التقليدية؟ وما البديل الذي يطرحه؟
فعلاً، للأسف فقد المواطن المغربي ثقته في الأحزاب السياسية، وهي نتيجة طبيعية لتمييع العمل الحزبي والسياسي في البلاد، من خلال تفريخ الأحزاب الإدارية وغياب الصلاحيات الحقيقية لدى الحكومة التي أصبحت مجرد حكومة تصريف أعمال أمام الفاعل السياسي الرئيسي في الدولة.
كما أن بلقنة البرلمان عبر تزكية وجوه الفساد وأصحاب رؤوس الأموال، الذين لا همّ لهم سوى خدمة مصالحهم الخاصة، ساهم في تعميق الأزمة، إضافة إلى تهميش الأحزاب الديمقراطية الحقيقية التي لا تجد لنفسها موطئ قدم في الإعلام العمومي أو الخاص الذي يهيمن عليه رجال الأعمال.
وبالتالي، تظل الصورة الحزبية في المغرب ضبابية، لا يستطيع المواطن التمييز فيها بين الأحزاب الإدارية والأحزاب المنبثقة فعلاً من نبض الشارع ومعاناة الشعب.
هل هناك تواصل مباشر بين فيدرالية اليسار وقادة الاحتجاجات؟
في الحقيقة، تتبنى فيدرالية اليسار الديمقراطي مبدأ أساسيًا في التعامل مع الحركات الاحتجاجية، يقوم على دعم كل الحركات ذات المطالب العادلة والمشروعة، وتوفير كل إمكانياتها لذلك، خصوصًا على المستوى البشري.
وقد كان شباب الفيدرالية متواجدين في الحراك، بل كانوا من أوائل المعتقلين، وعلى رأسهم الكاتب الوطني للشبيبة وعدد من أعضاء مكتبها الوطني. كما وضع الحزب قطاع المحامين رهن إشارة العائلات للترافع عن المعتقلين، مستعينًا بمنصة تم تعميمها لتسهيل التواصل.
وفي الوقت نفسه، تحرص الفيدرالية على الحفاظ على استقلالية هذه الحركات الاحتجاجية، رغم أن مطالبها تتقاطع مع مطالب الحزب، خاصة في ما يتعلق بضرورة الإسراع في الإصلاحات السياسية الحقيقية، ومحاربة الفساد ونهب المال العام، وإعطاء الأولوية للمسألة الاجتماعية في اختيارات الدولة، وعلى رأسها الصحة، التعليم، السكن، وفرص العمل.
هل ترون أن اليسار المغربي قادر على تأطير الحراك الشبابي واستعادة ثقته أم أنه متأخر عنه؟
في الحقيقة، اليسار المغربي أمام لحظة وامتحان تاريخيين، خصوصًا مع توالي الحركات الاحتجاجية التي تصطدم بميزان قوى يميل لصالح الدولة المغربية على حساب الجماهير والفئات الشعبية الواسعة.
وأعتقد أن دور اليسار اليوم هو قلب ميزان القوى لصالح هذه الفئات المهمشة، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال توحيد صفوفه والعمل الجماعي وفق استراتيجية واضحة ومطالب مركزة تمنح الحراك الشبابي بعده السياسي الحقيقي.
فاليسار مطالب بالسير جنبًا إلى جنب مع الحراكات المجتمعية لتحويل هذا التراكم الكمي إلى تراكم نوعي يقود إلى تغيير ديمقراطي حقيقي، وبذلك تُخلق البيئة الأساسية لتحقيق مطالب المغاربة في العيش الكريم والعدالة الاجتماعية.
ما السيناريوهات المحتملة إذا استمرت الاحتجاجات بنفس الزخم؟ وهل تتوقعون تحولها إلى حركة سياسية منظمة؟
يصعب التنبؤ بالسيناريوهات المحتملة في حال استمرار الاحتجاجات بنفس الزخم، خصوصًا بعد إشارات الدولة الأخيرة بتخصيص غلاف مالي إضافي لقطاعي الصحة والتعليم، وفتح الباب أمام الشباب دون الخامسة والثلاثين للترشح للانتخابات، سواء من داخل الأحزاب أو في لوائح مستقلة، مع تخصيص دعم مالي سخي لهم.
ويبدو أن هذا التوجه محاولة لتهدئة الاحتجاجات، غير أن الشباب اعتبروا هذه المبادرات غير كافية، خاصة مع عدم ترجمة الوعود على أرض الواقع، بل على العكس، صدرت مشاريع قوانين مثيرة للجدل مثل:
– مشروع قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب،
– مشروع قانون التعليم المدرسي،
– الصفقات التفاوضية في قطاع الصحة،
– غياب إجراءات ملموسة لمكافحة الفساد وتضارب المصالح.
وبالتالي، نحن أمام سيناريوهين محتملين:
– إما أن تراهن الدولة على الوقت لإرهاق الحراك وتراجعه تدريجيًا،
– أو أن يستمر الشباب في صمودهم وتظاهراتهم بنفس القوة والعزيمة، مما سيجبر الدولة في النهاية على تقديم تنازلات حقيقية، خصوصًا مع اقتراب تنظيم المغرب لكأس إفريقيا لكرة القدم.
ما الرسالة التي توجهونها لجيل زد من موقعكم كقيادي يساري؟ وهل ترون فيهم شركاء أم خصومًا في معركة التغيير؟
سأنطلق من الشق الثاني من سؤالك؛ فنحن نرى في جيل زد جزءًا من هذا المجتمع، بل هم مستقبله الحقيقي، الذي نعلّق عليه آمالنا في النهوض بهذا الوطن.
فلا مستقبل لأي بلد بدون شبابه وأطفاله، شباب تُسرق أحلامه وآماله بفعل الفساد الذي ينخر المؤسسات ويعيق بناء مغرب أفضل.
أما عن الشق الأول، فرسالتي بسيطة وواضحة:
– حافظوا على طبيعتكم كحركة شبابية بمطالب واضحة يلتف حولها جميع المغاربة، وابقوا متحدين ومتضامنين، لا تتركوا خلفكم متابعًا أو معتقلًا أو أمًّا مكلومة.
– انتزعوا ما استطعتم من المكتسبات المرحلية حتى تصنعوا تراكمًا إيجابيًا يكون أساسًا لبناء مستقبل أفضل لشعبنا ووطننا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس





