
أفريقيا برس – المغرب. تبدو طريق التعليم في المغرب محفوفة بالمزيد من العقبات التي لا نهاية لها، فبعد احتجاجات بداية الموسم الدراسي والإضرابات التي شلت المدارس، وأزمة التوقيفات التي طالت عدداً من المدرسين المشاركين في تلك الإضرابات، ورغم توصلهم برسائل تفيد بعودتهم إلى الفصول الدراسية واستئناف العمل، فإن المعنيين بالأمر اعتبروا أن ذلك تم بنهج الوزارة “أسلوب التركيع والترهيب”، وفق تعبير تنسيقيتهم الوطنية.
المستجد الذي طرأ على قطاع التعليم، هو قرار “الكوادر المشتركة بين الوزارات” العاملة في وزارة التربية الوطنية، خوض إضراب وصف بـ “الوحدوي” من أجل الاستجابة “الفورية” لمطالب هذه الفئة، التي تجمع كلاً من المتصرفين والمحررين والمهندسين والتقنيين.
وأوضح عبد الله غميمط، الكاتب الوطني “للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي”، متحدثاً لـ “القدس العربي”، أن “ما جعل تنظيمات المهندسين والمتصرفين والتقنيين تسطر برامج نضالية مشتركة للاحتجاج” يتمثل في أن “اتفاق 29 نيسان/أبريل 2024 بين الحكومة والمركزيات النقابية وممثلي أرباب العمل، جاء مخيباً لآمال وانتظارات العمال والموظفين والمستخدمين”، وأيضاً بسبب “النتائج الكارثية للحوار المركزي في علاقته بمطالبهم، وهو ما يترجمه الإضراب العام الوحدوي للاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة والاتحاد الوطني للمتصرفين والهيئة الوطنية للتقنيين المغاربة، أمس الثلاثاء، مصحوباً بوقفة أمام وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات”.
وقال في تصريحه لـ “القدس العربي”، إنه “في الاتجاه نفسه، اعتبرت (الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي) الاتفاق “غير اجتماعي؛ لأنه أسفر عن نتائج محبطة ومخيبة ولم يستجب ولو للحد الأدنى من مطالب هيئة الأطر (الكوادر) المشتركة، خاصة الزيادة في الأجور التي جاءت هزيلة ولا ترقى لغلاء المعيشة، ومراجعة أنظمتها الأساسية للمتصرفين والمهندسين والتقنيين بما يضمن العدالة الأجرية ويحفظ مكانتها الاعتبارية، ويحفزها على العمل، واستهدف بشكل مباشر ما تبقى من مكتسبات فيما يخص التقاعد والحق في ممارسة الإضراب”.
وزاد المسؤول النقابي موضحاً أن الكوادر المشتركة بين الوزارات تشكل نسبة مهمة من هذه الكوادر عامة، حيث أصبحت وضعيتهم “تدعو للقلق نتيجة إمعان الوزارة في الاحتقار والتهميش الممنهج في حقها من خلال مجموعة من الإجراءات المجحفة والتمييزية”، وذكر منها “الحرمان من التعويضات التكميلية عن المهام أسوة بموظفي القطاع”، و”الحرمان من الزيادة في الأجور داخل القطاع وربطها بالإدماج”.
“الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي” عبرت في بيان تلقت “القدس العربي” نسخة منه، عن مساندتها ودعمها الإضراب الذي وصفته بـ “الوحدوي” لهذه الكوادر العامة بقطاع التربية الوطنية، كما دعت “الحكومة إلى الاستجابة الفورية لمطالبها المشروعة”.
وأضافت أنه على مستوى وزارة التربية الوطنية، أصبحت وضعيتها مقلقة بسبب ما سمته “إمعان الوزارة في الاحتقار والتهميش الممنهج في حقها من خلال مجموعة من الإجراءات المجحفة والتمييزية”، وذكرت منها الحرمان من التعويضات التكميلية عن المهام والتي استفاد منها كل العاملين بالقطاع والمزاولين للمهام نفسها الموكولة للمتصرف، والحرمان من الترشح لمنصب تنسيق التفتيش المركزي والجهوي الذي كان ضمن المكاسب التي تم الإجهاز عليها، وكذلك غياب أي تحفيز فيما يخص الادماج في إطار متصرف التربية الوطنية علماً أن الهيئات الأخرى التي تتقاسم مهام المتصرف الإطار المشترك تستفيد من تعويضات مهمة.
الملف الشائك الذي أثار الكثير من الجدل، المتعلق بتوقيف مدرسين عن العمل طيلة شهور رداً على مشاركتهم في إضرابات بداية الموسم الدراسي، لا يكاد ينتهي حتى يظهر فيه تفصيل يفيد بتواصل التوتر بين هيئة التدريس والوزارة الوصية على القطاع. ووفق آخر تطورات الملف، فقد شرعت المديريات الإقليمية للتعليم، في تبليغ عقوبة الإنذار للمدرسين الموقوفين عن العمل، كما أبلغتهم بالسماح لهم باستئناف عملهم والعودة إلى الأقسام الدراسية، بناء على خلو ملفاتهم الإدارية من أي سوابق تأديبية.
ووضعت المديريات شرطاً أساسياً لذلك، وهو الالتزام بعدم تكرار “الأفعال غير المسؤولة”، والقصد هنا الإضرابات وشل المؤسسات التعليمية طيلة الشهور الأولى من بداية الموسم الدراسي الحالي، وقال عنه “التنسيق الوطني للتعليم” إن الوزارة لجأت إلى “أسلوب التركيع والترهيب”.
وهو ما علق عليه عبد الله غميمط الكاتب الوطني “للجامعة الوطنية للتعليم”، بكون قضيتهم ستبقى “وصمة عار على جبين هذه الحكومة ووزارتها، لأنهما مارستا سياسة التضييق على الحق في الإضراب وتكميم الأفواه، ومعاداة الحريات النقابية، والاجتهاد خارج المساطر القانونية، بتوقيفات انتقامية وتمييزية، واستخدام المجالس التأديبية في تكبيل حق ممارسة الإضراب”، وفق تعبير المسؤول النقابي.
وحسب المتحدث، “إننا أمام مرحلة جديدة عنوانها ارتفاع منسوب محنة الحريات النقابية في ظل تغني الحكومة بشعار (الدولة الاجتماعية)، وخضوعها لإملاءات البنك الدولي التي دمرت قطاع التربية الوطنية بمشاريع معادية للمدرسة العمومية ومقوماتها التربوية والاجتماعية”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس