موريتانيا ترد على تقرير «هيومن رايتس ووتش» وتعتبره كيدياً

3
موريتانيا ترد على تقرير «هيومن رايتس ووتش» وتعتبره كيدياً
موريتانيا ترد على تقرير «هيومن رايتس ووتش» وتعتبره كيدياً

أفريقيا برس – المغرب. أشعل تقرير «هيومن رايتس ووتش» الأخير الذي انتقد سياسات موريتانيا في مجال الهجرة جدلًا واسعًا في نواكشوط، بعدما رأت فيه وزارة الداخلية الموريتانية أنه ملفق من «مزاعم غير دقيقة» واعتبره كتّاب موريتانيون «كيدًا سياسيًا» يستهدف بلدًا يواجه منفردًا موجات هجرة غير مسبوقة، فيما كشف محللون موريتانيون عما سموه «صمت «هيومن رايتس ووتش» المخزي أمام الإبادة في غزة، وأمام طرد الدول الأوروبية الجماعي للمهاجرين من أوروبا.

وعبّرت الحكومة الموريتانية في بيان نشرته وزارة الداخلية، عن «أسفها البالغ» لما وصفته بالمزاعم غير الدقيقة الواردة في التقرير الأخير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» حول سياسات موريتانيا في مجال الهجرة، مؤكدة أنّ ما تضمّنه التقرير يفتقر إلى «الموضوعية والتحقيق الشفاف» الواجب على المنظمات الحقوقية الالتزام به.

وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها الجديد «أن قوات الأمن الموريتانية ارتكبت بين عامي 2020 وبداية 2025 انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بحق مهاجرين وطالبي لجوء، ينحدر معظمهم من غرب ووسط إفريقيا، وذلك غالبًا أثناء محاولتهم مغادرة البلاد أو العبور عبرها».

وقالت الوزارة «إنّ موريتانيا تطبّق إطارًا قانونيًا وتنظيميًا متفقًا مع القوانين والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، مشيرةً إلى أنّ السلطات أنشأت خمسة مراكز استقبال وإيواء مؤقتة للمهاجرين غير النظاميين في ولايات نواكشوط ونواذيبو، بينها مركز خاص بالنساء، إضافةً إلى مركزين جديدين خاصين بالمهاجرين القادمين عبر البحر سيتم تشغيلهما نهاية سبتمبر 2025».

وذكرت الوزارة «أنّ هذه المراكز مجهزة بالمياه الصالحة للشرب، والكهرباء، والنقاط الصحية بطواقمها الطبية، وسيارات إسعاف وحافلات جديدة مكيّفة، فضلًا عن وسائل الإعاشة والمرافقة الأمنية حتى نقاط الحدود»، كما أُدخلت، حسب الوزارة، أنظمة رقمية متطورة مثل نظامي «عبور» و»الديار» الخاصين بتدقيق الهويات وضمان عدم ترحيل أي شخص في وضعية قانونية.

ولإبراز الشفافية، أوضحت الداخلية «أنّ هذه المراكز فُتحت أمام زيارات وزراء خارجية وسفراء وقناصل ورؤساء جاليات من دول شقيقة، إلى جانب هيئات وطنية كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان واللجنة الوطنية لمناهضة التعذيب، الذين أعربوا جميعًا عن ارتياحهم لاحترام حقوق الإنسان داخل هذه المرافق».

وأكد البيان «أنّ أيًّا من المهاجرين لم يثبت أنه كان في وضعية شرعية أو أنه تعرّض للتعذيب أو الإهانة أو حُرم من ممتلكاته»، مضيفةً «أنّ سجلات خاصة تُوقّع من طرف المعنيين قبل الترحيل تثبت حصولهم على حقوقهم كامل».

وفي سياق الجهود الأمنية، أعلنت وزارة الداخلية الموريتانية «أنّ السلطات فككت شبكات تهريب واتجار بالبشر وأحالت أفرادها إلى العدالة، وأحبطت مئات المحاولات للهجرة غير النظامية، كما أنقذت خفر السواحل آلاف المهاجرين من الموت في عرض البحر، بينما دفنت السلطات نحو تسعمائة جثة لفظها المحيط». وكانت أحدث هذه العمليات يوم 27 آب/ أغسطس 2025 قرب مركز امحيجرات، حيث تم إنقاذ عشرات المهاجرين وانتشال عشرات الجثث، وفقاً لبيان الوزارة.

وأشار البيان إلى أنّ موريتانيا، وعلى عكس كثير من دول المنطقة، تستضيف منذ 1991 مخيم «امبره» الذي يؤوي اليوم أكثر من 153 ألف لاجئ مالي، في وقت يصل فيه العدد الإجمالي للاجئين في المنطقة إلى حوالي 300 ألف، ما يعكس «التزام البلاد الإنساني والأخلاقي».

وشددت الداخلية على «أنّ الهجرة غير النظامية تمثل تحديًا عالميًا يتطلب تعاونًا دوليًا عادلًا يقوم على الاحترام المتبادل لسيادة الدول،» داعيةً «المنظمات الحقوقية، وفي مقدمتها «هيومن رايتس ووتش»، إلى الاعتراف بالجهود الكبيرة التي تبذلها موريتانيا لمواجهة موجات المهاجرين القادمين من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية عبر مسارات محفوفة بالمخاطر».

وختمت الوزارة بيانها «بتجديد التزام موريتانيا الثابت بحقوق الإنسان والتعاون البنّاء مع الشركاء الدوليين، مع رفض أي مزاعم أو تقارير تفتقر إلى المصداقية وتتناقض مع الوقائع الميدانية».

وضمن عشرات التدوينات والمقالات التي رد كتابها على «هيومن رايتس ووتش»، أكد الكاتب ومحلل السياسي البارز الدكتور محمد ولد الراظي «أن «هيومن رايتس ووتش» لم تستحضر هذه المنظمة «إنسانيتها» حين أغلقت بلدان أوروبا منافذها أمام هؤلاء المهاجرين ولم تتذكر أن حق الهجرة حق من حقوق الإنسان، ولم تتذكر أن لهؤلاء المهاجرين حقاً كبيراً على أوروبا، دولاً وشعوباً. فقد نهبت الدول الاستعمارية أوطانهم وخيراتهم ومقدراتهم وتطورت وازدهرت من عرق آبائهم، وحين تعرضت للغزو كانت دماء الأفارقة تسيل بغزارة للدفاع عنهم».

وقال: «لم يتحرك ضمير هذه المنظمة «الإنساني كثيراً» حين كانت الكاميرات توثق بالصوت والصورة البشاعات التي يتعرض لها هؤلاء جهاراً في شوارع أوروبا…!!!! ولم يتسع ضمير هذه المنظمة «الحساسة كثيراً في موضوع حقوق الإنسان» لغير ظروف المهاجرين، فلا مذابح غزة ولا مجازرها ولا موت الشيوخ والولدان جوعاً وعطشاً ولا مسح المشافي والمصحات وقتل كل أسباب الحياة فيها، يستحق أن يستفز ولو على استحياء ضميرها الإنساني المقلوب».

وأضاف ولد الراظي: «أرجو أن ننتبه جميعاً لهذه المؤامرة الكبرى، وأن لا نستبعد أن تعمد هذه المنظمة ومثيلاتها في قادم الأيام لتقديم شكاوى بغية استصدار قرارات تسيء لبلدنا وتعرض حاضرنا ومستقبلنا لخطر كبير».

وأضاف «أن خرجة هذه المنظمة تستدعي دعم المجهود الأمني ومضاعفة الموارد المخصصة له من حيث الوسائل والمعدات والأشخاص وجمع الكلمة وتنسيق الفعل الإقليمي».

وبهذا الرد الرسمي القوي، تكون نواكشوط قد وضعت النقاط على الحروف، مؤكدةً أن معالجة الهجرة غير النظامية مسؤولية عالمية مشتركة لا يمكن أن تختزل في مزاعم متسرعة وتقارير فاقدة للإنصاف.

غير أن الجدل يفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات عميقة: لماذا يشتد تركيز المنظمات الحقوقية على دول الجنوب الهشة، بينما تغض الطرف عن السياسات الأوروبية الطاردة للاجئين وعن صمتها المريب أمام المجازر اليومية في فلسطين؟ سؤال يبقى معلقًا، لكنه يعكس حجم التسييس الذي يلاحق عمل بعض المنظمات الحقوقية الدولية، ويضعها في مرمى الاتهام بفقدان البوصلة الأخلاقية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس