أفريقيا برس – المغرب. أثار تصريح غير متوقع لنائب برلماني مغربي موجة واسعة من الجدل والسخرية على منصات التواصل الاجتماعي. النائب المعني هو أحمد التويزي، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة في البرلمان، الذي قال إن دعم القمح المقدم من الدولة “لا يخضع للمراقبة”، وادعى أن بعض الشركات تقوم “بطحن الأوراق بدل الحبوب”.
وجاء التصريح خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، واستُقبل في البداية بالدهشة قبل أن يتحول إلى غضب وسخرية.
وبدت جدّية التويزي واضحة وهو يدعو إلى “معالجة الموضوع بجدية، سواء في هذه الحكومة أو في الحكومة المقبلة، لكون هذا الدقيق من المستحيل أن يتم تناوله”، ما أثار موجة استنكار في صفوف المهنيين الذين تمثلهم “الفيدرالية الوطنية للمطاحن”. ورفضت الفيدرالية التصريحات جملةً وتفصيلاً، واعتبرتها “لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى أي دليل”. ووصف رئيسها، عبد القادر العلوي، تصريحات النائب البرلماني بـ”الكلام الخطير الذي يستوجب الإدلاء بأدلة ملموسة قبل توجيه اتهامات عامة إلى قطاع منظّم يخضع لمراقبة صارمة”.
وشدّد العلوي على أنّ “طحن الورق” أمر غير وارد إطلاقاً في المنظومة الإنتاجية للمطاحن المغربية، مؤكداً انفتاح الهيئة على أيّ تحقيق رسمي، ومبرزاً أن “أبواب المطاحن مفتوحة أمام الجميع، ومن يريد التأكد فليزرها بنفسه بدل إطلاق تصريحات لا تستند إلى معطيات دقيقة”.
وأثار تصريح التويزي سيلا جارفا من التعليقات عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث طُلب فتح تحقيق فوري.
وعلق الباحث عمر الشرقاوي ساخراً: “أفطرت هذا الصباح بخبزة من الشعير مطحونة بالكارتون، وزيت بلدية مخلّط بالبروبان، وكأس حليب ممزوج بالجبص، يا سلام”.
وكتب أحد المدونين: “الحمد لله أننا قرّاء وأميّون نستهلك الورق”، وأضاف آخر: “بصراحة، كيف يفكر البعض يجعلك تشك أنهم يعلفون ورقا”، فيما اقترحت مدوّنة ساخرة وصفة غذائية للحمية مكوّنة من “خبز بالكرتون”، واصفة إياه بأنه “عضوي وصحي، خالٍ من الفيتامينات والبروتينات والألياف، وكل قضمة تمنحكم شعوراً بالثقافة والشبع المعرفي، فلا داعي لقراءة الكتب بل أكلها”.
وقال آخر: “كنت أظن أننا أكلنا التبن، لكن بما أنه الورق فقط فليس هناك بأس”، في حين رأى أحدهم أنه “لو كان المغاربة يأكلون الورق لما كانت نسبة الأمية بهذا الارتفاع”، وختم آخر ساخراً: “أخاف أن أشتري خبزة وأجد فيها نهج سيرة شخص أحد البسطاء”.
وبعيداً عن السخرية، تناول الصحافيون والمحللون تصريحات التويزي بشكل جاد، مشيرين إلى أن عبارة “طحن الورق” كانت مجازاً يقصد به التلاعب في الوثائق والفواتير للحصول على الدعم العمومي، وليس المزج الحرفي للورق بالدقيق.
وكتب الصحافي جيلالي بنحليمة أن رئيس فريق الأصالة والمعاصرة صرّح بأنه سيحضر كيسا من الدقيق إلى لجنة المالية بمجلس النواب “ليتأكد البرلمانيون من صدقية كلامه عن جودة الدقيق المدعّم”، مضيفا أنّ التويزي عاد ليؤكد أن عبارة “طحن الورق” كانت مجازا لم يفهمه بعض الصحافيين.
وأشار بنحليمة إلى أن “الاتهامات اليوم لم تعد تقتصر على جودة الدقيق، بل تتجاوزها إلى التلاعب في الفواتير للحصول على الدعم العمومي”، وهي الفكرة نفسها التي سبق أن طرحها عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حين قال إن “شركات المحروقات تقدم الورق لصندوق المقاصة وتحصل مقابله على الملايين، دون مراقبة حقيقية”.
أما الأكاديمي كمال هشومي فرأى أن “من يسكت على تهمة طحن الورق يطحن الثقة”، موضحاً أن كلام رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة ليس “زلة لسان”، بل اتهام خطير يمسّ الحق الدستوري في الصحة والسلامة (الفصلان 21 و31 من الدستور) ويمسّ ثقة المواطن في مؤسسات الدولة. ودعا إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف من الحكومة أو النيابة العامة.
ووصف الباحث إدريس الكنبوري الواقعة بأنها “فضيحة تتضخم يوماً بعد آخر”، لافتاً إلى تدخل جمعيات حماية المستهلك وتزايد الدعوات لفتح تحقيق.
وعاد التويزي لتوضيح أن عبارته “طحن الورق” كانت مجازية، وأن أي تفسير حرفي لها غير منطقي اقتصادياً أو واقعياً، منتقداً استغلال تصريحاته لأغراض الإثارة الإعلامية، ومؤكداً أن الهدف كان مناقشة جودة الدقيق المدعّم وآليات صرف الدعم.
واستقبل هذا التوضيح أيضاً بتعليقات ساخرة، إذ كتب الصحافي مولاي التهامي بهطاط: “الحمد لله.. أصبح عندنا برلمان أعضاؤه متمكنون من البلاغة والبيان”.
وكتب الإعلامي محمد واموسي: “رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب اتهم شركات بخلط الدقيق بالورق للاستهلاك البشري، ثم عاد ليقول إن ‘الورق مجازي’، وبعدها تَفلسَف قائلاً: ‘إننا نفتقر إلى صحافة تفرّق بين الحقيقة والمجاز’”.
وتابع: “الذي خلط الوقائع بالمبالغات والكذب يطالب الصحافة أن تفرّق بين الحقيقة والمجاز. السياسي الذي رمى اتهامات خطيرة تحت قبة البرلمان بلا دليل صار يلقي دروسًا في البلاغة والنقد الأدبي”.
وطرح الصحافي التساؤلات التالية: “لماذا لا تجرّ النيابة العامة هذا البرلماني إلى ساحة القضاء بتهمة الترويج لأخبار كاذبة وخلق بلبلة في البلاد؟ ما الفرق بينه وبين المواطنين الذين اعتقلوا زمن كورونا بتهمة ترويج أخبار كاذبة؟ هل ‘المجاز’ صار حصانة برلمانية جديدة؟ أم أن القانون لا يُطبَّق إلا على من لا يملكون مقعدًا تحت القبة؟ كيف تُعاقب الكلمة على ‘فيسبوك’ حين يكتبها مواطنون عاديون، ويصبح الاتهام تحت قبة البرلمان مجرد ‘تعبير بلاغي’؟”
وختم تدوينته بالقول: “فعلاً… لا ينقصنا دقيق ولا ورق، بل نخالة في الخطاب السياسي”.
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس
 
            