ساركوزي يدعو لإنهاء اتفاقيات 1968 مع الجزائر

4
ساركوزي يدعو لإنهاء اتفاقيات 1968 مع الجزائر
ساركوزي يدعو لإنهاء اتفاقيات 1968 مع الجزائر

أفريقيا برس – المغرب. أمام النظام الجزائري المتمادي في غطرسته واستفزازه، طالب الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بإنهاء الامتيازات الممنوحة للجزائر واتفاقيات 1968. ودعا باريس إلى الحزم، لا سيما من خلال « إصدار تأشيرة مقابل الموافقة على الإلزام بمغادرة الأراضي الفرنسية ». كما يشترط إطلاق سراح الكاتب بوعلام صنصال والصحفي كريستوف غليز.

لا تزال الأزمة بين فرنسا والجزائر مستمرة. أكثر من عام من التوتر المتواصل كان كافيا لإثبات أن النظام الجزائري، السجين في تناقضاته، يواصل سياسة التحدي المستمر تجاه باريس. في هذا المناخ المسموم، تأخذ تصريحات نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي السابق، بعدا خاصا. ومن خلال إعلانه أن الوضع لم يعد قابلا للاستمرار، ودعوته إلى مزيد من الحزم تجاه الجزائر، يركز ساركوزي مفارقة تاريخية: التساهل الفرنسي في مواجهة نظام استبدادي لا يوفر الاستقرار الداخلي، ولا يلتزم بالقانون الدولي، ولا بالتعاون الصادق مع شريكه التاريخي.

منذ صيف عام 2024، ضاعفت الجزائر استفزازاتها: رفض استقبال مهاجريها غير النظاميين، وعرقلة طرد الأفراد المدانين أو الخطرين، ومضايقة المعارضين الجزائريين الذين لجأوا إلى فرنسا، واحتجاز مواطنين فرنسيين أو جزائريين فرنسيين، أبرزهم الكاتب بوعلام صنصال والصحفي كريستوف غليز…التجاوزات، وهذا أقل ما يقال، عديدة ولا تتوقف.

أمام هذا الموقف، يرفض نيكولا ساركوزي أنصاف الحلول. في مقابلة مع صحيفة « لوفيغارو » يوم الأربعاء 3 شتنبر 2025، شدد على تناقض الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي يعتبر تدبيره للملف « غير مفهوم ». وأكد قائلا: « يؤسفني القول إن موقف فرنسا يصعب فهمه. كنت أعتقد أن الشؤون الخارجية يدخل في المجال الحصري لرئيس الجمهورية، لكن هذا الاختصاص فُوض إلى وزير أول مهدد بالرحيل، عبر رسالة تطالب بمزيد من الحزم تجاه الجزائر! ولأي نتيجة؟ لا شيء ». واستشهد الرئيس الفرنسي السابق بمثال بوعلام صنصال وكريستوف غليز لا يزالان في السجن. وقال: « هذا لم يعد مقبولا ».

نيكولا ساركوزي كان صريحا وواضحا في هذا الحوار: لا بد من تغيير اللهجة تجاه الجزائر. يجب وقف العمل باتفاقيات عام 1968، التي تمنح الجزائريين مزايا مهمة في مجال الهجرة. لماذا الإبقاء على نظام استثنائي بينما ترفض الجزائر أي معاملة بالمثل؟ وأوضح ساركوزي بكل هدوء: « حان الوقت لوضع حد لهذه الوضعية الشاذة: اتفاقيات عام 1968 لم تعد لها مبرر لوجودها. لا يوجد سبب لإساءة معاملة الجزائر أكثر من غيرها من الدول، ولكن لم يعد هناك أيضا سبب لتفضيلها أيضا على غيرها من الدول ». هذا الخطاب، الذي لا ينتمي إلى اليمين المتطرف ولا إلى سياسة معادية للجزائر، يمثل تحولا جذريا. يرفض ساركوزي التساهل ويطالب بالتطبيع. لا معاملة تفضيلية ولا معاملة تمييزية، بل بكل بساطة بوضع حد لامتياز غير مستحق.

يدور جوهر النقاش حول اتفاقيات عام 1968. باعتبارها إرثًا من التاريخ الاستعماري، ينظر إليها النظام على أنها « مكسب تاريخي ». لكن في الواقع، ليست هذه سوى من بقايا الماضي، لا تتناسب مع واقع الهجرة والواقع السياسي الراهن. ساركوزي يدرك ذلك. بمهاجمته هذا الرمز، يمس بوتر حساس لدى النظام. وفي نهاية المطاف، ليس لإذلال الجزائر، بل لإجبار قادتها على التخلي عن موقفهم الريعي.

ولإعادة النظام الجزائري إلى جادة الصواب، فإن أدوات الضغط، كما يقول نيكولا ساركوزي، موجودة. ففي كل عام، تمنح أكثر من 250 ألف تأشيرة للجزائريين، رغم رفض النظام استعادة مهاجريه غير النظاميين، الذين غالبا ما يدانون بجرائم خطيرة في فرنسا. وقال في حوار مع لوفيغارو: « على حد علمي، لم تستقبل الجزائر أيا من مهاجريها الموجودين في وضعية غير نظامية منذ يناير الماضي. لذا، يجب أن نكون أكثر حزما وصرامةً فيما يتعلق بمنح التأشيرات ».

« فرض مبدأ المعاملة بالمثل »

اقتراح ساركوزي واضح وحازم: إرساء مبدأ الأخذ والعطاء. تمنح التأشيرة مقابل بادرة حسن نية. وإلا، يغلق باب التأشيرات. يمكن أن تكون الطريقة بسيطة للغاية. واقترح ساركوزي قائلا: « على سبيل المثال، من خلال وضع هذه القاعدة البسيطة: تمنح تأشيرة واحدة مقابل الحصول على الإلزام بمغادرة الأراضي الفرنسية، أو حتى 5 أو 10 تأشيرات مقابل الحصول على الإلزام بمغادرة الأراضي الفرنسية. وذلك لفرض مبدأ المعاملة بالمثل. أما الشرط القبلي فهو بطبيعة الحال إطلاق سراح مواطنينا ».

إذا كان ساركوزي صائبا، فذلك لأن النظام الجزائري حصر نفسه في تناقض قاتل. ففي الداخل، يتمسك بسلطة فقدت مصداقيتها، ويمنع أي معارضة، ويقمع المجتمع المدني، ويواصل الاعتماد على عائدات الطاقة للحفاظ على سلام اجتماعي هش. وفي الخارج، يضاعف مواقفه العدائية (تجاه المغرب وفرنسا والاتحاد الأوروبي، وغيرها) وخطابه الذي يتقمص فيه دور الضحية. وتظهر قضية الإلزام بمغادرة الأراضي الفرنسية هذا الإنكار للواقع. فبينما تطرد الجزائر بوحشية، ودون أي شكليات أو إنسانية، المهاجرين المنحدرين من جنوب الصحراء إلى الفيافي، فإنها ترفض استقبال مواطنيها الجانحين. وهذا النفاق يعزز تصريحات ساركوزي: الجزائر لا تنصت إلا إلى موازين القوى.

ويستهدف انتقاد ساركوزي أيضا إيمانويل ماكرون. فمن خلال تكليف وزير أول ضعيف بالملف الجزائري، بمضاعفة المبادرات الرمزية دون تأثير ملموس، يفاقم الرئيس الأزمة دون حلها. النتيجة: فرنسا ترى وكأنها ضعيفة والجزائر تشجع على غطرستها. وأوضح ساركوزي قائلا: « أتفهم أنه يجب أن نثق في كرم الرئيس الجزائري وإنسانيته، لكن طال انتظارهما… لم يعد الوضع قابلا للاستمرار. فلنكن حازمين مع الجزائر بقدر ما تسمح لنفسها بأن تكون صارمة مع فرنسا التي تعطي انطباعا مزعجا بأنها لم تعد تعرف كيفية احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان ».

قد ينبئ هذا الموقف بما سيكون عليه الموقف الفرنسي غدا في مواجهة نظام جزائري أصبح انعدام مسؤوليته وانعدام إنسانيته أمرا لا يطاق. إن إطلاق سراح المعتقلين الفرنسيين-الجزائريين، واستئناف العمل بالإلزام بمغادرة الأراضي الفرنسية، ومراجعة اتفاقيات عام 1968، كلها اختبارات حاسمة. إذا كان الأمر كذلك، فعلى النظام في الجزائر أن يختار: إما التعاون الكامل أو الطريق المسدود. لكن هناك أمر واحد مؤكد: لقد ولى زمن الأوهام إلى غير رجعة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس