بعد زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى المغرب، الرباط تطوي فصول أزمة السَّنة مع مدريد

48
بعد زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى المغرب، الرباط تطوي فصول أزمة السَّنة مع مدريد
بعد زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى المغرب، الرباط تطوي فصول أزمة السَّنة مع مدريد

مصطفى واعراب

أفريقيا برس – المغرب. بعد قرابة عام من القطيعة الدبلوماسية، يتوجه المغرب وإسبانيا بخطى حثيثة نحو مرحلة جديدة في العلاقات بينهما، يجسدها التقارب المتواصل بين الرباط ومدريد عقب إعلان الجارة الأوروبية في 18 مارس/ آذار دعمها للمقترح المغربي بمنح الحكم الذاتي في الصحراء، معتبرة إياه “الأساس الأكثر جدية وواقعية لحل النزاع”. وتكريسا لروح التوافق الجديدة بين البلدين، زار رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز يومي الخميس والجمعة الماضيين المغرب. وأوضح بيان مغربي رسمي أن اللقاء شارك فيه، من الجانب الإسباني وزير الخارجية خوسي مانويل ألباريس، وسفير إسبانيا بالرباط، وعن الجانب المغربي فؤاد عالي الهمة مستشار الملك محمد السادس ، وناصر بوريطة وزير الخارجية، وسفيرة المغرب لدى مدريد.

وقد حظيت هذه الزيارة بمتابعة كبيرة في إسبانيا، حيث يُنظر إلى دعوة سانشيز إلى الإفطار من طرف العاهل المغربي، على أنها “علامة صداقة قوية جدا”، ودلالة على أهمية الزيارة بالنسبة إلى الجانب المغربي. خصوصا أن سانشيز هو أول مسؤول أوروبي يستقبله العاهل المغربي رسميا منذ تفشي الوباء في مطلع 2020.

لكن الزيارة حظيت أيضا بمتابعة دقيقة في الجزائر. والسبب هو تحديدا الموقف الإسباني الجديد من قضية الصحراء الغربية، التي جعلت منها الجزائر أساس ورهان نزاعها مع المغرب منذ نصف قرن. فالمعروف أن مدريد تبنت موقف الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه الغربية في 18 مارس/أذار الماضي، كمدخل لإنهاء أزمتها مع الرباط ودفع الجزائر إلى الدخول في أزمة مع الإسبان.

زيارة “تاريخية”

رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش في استقبال سانشيز

لقد “اتفقنا على تحديد خارطة طريق دائمة وطموحة “. هكذا قال رئيس الحكومة الإسبانية للصحفيين خلال ندوته الصحفية بالرباط، واصفا المحادثات التي قام بها مع القصر المغربي بأنها” لحظة تاريخية”. واعتبر بيان بيان إسباني – مغربي مشترك أعقب المباحثات بأن البلدين “يدشنان اليوم مرحلة جديدة على مبادئ الشفافية والحوار الدائم والاحترام المتبادل”. وجدد البيان التأكيد على أن إسبانيا “تعتبر مبادرة حكم الذاتي، التي قدمها المغرب سنة 2007 للأمم المتحدة، هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل النزاع” حول الصحراء الغربية للمغرب، التي كانت مدريد تحتلها بين ثمانينيات القرن التاسع عشر وعام 1975.

كما أفاد بلاغ الديوان الملكي بأن الاستقبال، الذي خص به الملك محمد السادس بيدرو سانشيز، الخميس الماضي بالقصر الملكي بالرباط، يأتي “تأكيدا للإرادة في فتح مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، قائمة على الاحترام المتبادل، والثقة المتبادلة، والتشاور الدائم والتعاون الصريح والصادق”. وتم الاتفاق، في هذا الإطار، على تفعيل أنشطة ملموسة، في إطار خارطة طريق تغطي جميع قطاعات الشراكة، سيكون من أول “أهدافها استئناف حركة نقل البضائع بشكل طبيعي في المعابر الحدودية لسبتة ومليلية”، وفق ما أوضح سانشيز في مؤتمر صحافي.

للتذكير، فقد كان المغرب أوقف منذ العام 2019 تدفق البضائع من هتين المدينتين الواقعتين على سواحله الشمالية، اللتين تحتلهما إسبانيا، حيث تعتبر الرباط هذه التجارة تهريبا. واستمر الإغلاق مع جائحة كورونا ليشمل أيضاً تنقل الأشخاص بين المدينتين والمغرب.

وتضمنت خارطة الطريق أيضاً “إعادة الربط البحري للمسافرين بين البلدين”. ويشهد هذا الربط وتيرة مكثفة خلال عملية عبور المهاجرين المغاربة المقيمين بأوروبا لعودتهم لقضاء العطل بالمغرب، والتي استثنى منها المغرب الموانئ الإسبانية الصيف الماضي، في عز الأزمة بينهما. وأدى ذلك إلى “موت” الحركة بموانئ جنوب إسبانيا تماما. وهذه النقطة حساسة بالنسبة إلى الطرف الإسباني، لكونها تُشغل قطاعات متعددة وتوفر للخزينة الإسبانية عائدات بمئات ملايين الأورو من جيوب المهاجرين المغاربة.

كما أعلن الطرفان “إطلاق وتعزيز التعاون في مجال الهجرة”، الذي يعد ملفا رئيسا في علاقات البلدين. فالمغرب يشكل منطقة عبور للمهاجرين، الذين يصلون إسبانيا عبر منافذ بحرية متعددة بشمال وجنوب، ويُتهم من قبل أطراف أوروبية باستعمال هذا الملف كورقة ضغط. وتم الاتفاق كذلك على تفعيل “مجموعة إسبانية-مغربية مشتركة”، لمتابعة موضوع تحديد المياه الإقليمية لكل بلد على الواجهة الأطلسية، التي تجاور فيها الأقاليم الصحراوية للمغرب جزر الكناري الإسبانية.

وعموما حصل الاتفاق على “إعادة تفعيل التعاون القطاعي في جميع المجالات”، بما في ذلك الاقتصاد والتجارة والطاقة. ومؤخراً، أُضيف التعاون في مجال الطاقة إلى الملفات المشتركة بين البلدين، حيث اتفق المغرب على استيراد الغاز الطبيعي المسال عبر إسبانيا، عبر خط الأنابيب المغرب العربي- أوروبا الذي كانت الجزائر تستخدمه لتصدير الغاز إلى أوروبا، قبل أن تتوقف عن استخدامه في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2021.

وللإشارة، توجد بين مدريد والرباط مصالح مشتركة كبرى، إذ تعد إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب، بينما يعتبر هذا الأخير الشريك التجاري الثالث لإسبانيا من خارج أوروبا، بحجم مبادلات بينهما يصل إلى 17 مليار يورو.

أزمة قاربت العام

هكذا أنهت زيارة رئيس الوزراء الإسباني إلى الرباط أزمة دبلوماسية بين البلدين دامت قرابة العام. واندلعت عقب استقبال إسبانيا لزعيم جبهة “البوليساريو” إبراهيم غالي للعلاج، بأحد المستشفيات الإسبانية في مدينة لوغرونيو بشمال إسبانيا.

وتوترت العلاقات بين البلدين إثر استقبال لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي بـ”هوية منتحلة”، حيث كشفت المخابرات المغربية عن مكان وجوده وحتى صورة جوازه الجزائري المزور الذي حمل اسم “محمد بن بطوش”. وهو ما فاجأ السلطات الإسبانية التي لم تتوقع رد فعل المغرب القوي.

هكذا وبينما كانت الرباط مزهوة بالاعتراف الأمريكي بسيادتها على الصحراء، تنتظر اعتراف المزيد من دول العالم، جاءتها أنباء سيئة بوصول “إبراهيم غالي”، زعيم جبهة البوليساريو وعدو الرباط الأول، إلى إسبانيا بجواز سفر دبلوماسي من أجل العلاج، على متن طائرة طبية خصَّصتها له الرئاسة الجزائرية.
وزعمت مدريد عبر الإعلام الإسباني حينها، بأن زعيم البوليساريو وصل إلى إسبانيا بسرية تامة، في 18 أبريل/ نيسان2021 في طائرة طبية وضعتها تحت تصرفه الرئاسة الجزائرية، وبحوزته “جواز سفر دبلوماسي” جزائري. ثم أدخل وهو في حالة حرجة، إلى مستشفى لوغرونيو باسم مستعار “لأسباب أمنية”.

وقد سجَّل يوم وصول غالي الأراضي الإسبانية في 18 إبريل/نيسان الماضي نقطة تحوُّل كبيرة في الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، التي أكَّدت أنها استقبلت زعيم الجبهة لأسباب إنسانية لا أكثر، إذ وصل غالي في وضع حرج بسبب إصابته بفيروس كورونا المستجد. بينما اعتبرت السلطات المغربية إدخال غالي إلى دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، خاصة إذا كانت هذه الدولة هي إسبانيا القوة الاستعمارية السابقة للصحراء المغربية، “قرارا عدائيا للغاية”، ولذلك لم تتردد الرباط طويلا في الرد، فخففت مراقبتها لحدودها مع مدينة سبتة المحتلة، بأن خفضت عمدا عدد قوات الحراسة عند مداخلها، ما سمح بإغراق المدينة بالمهاجرين.

وكرد فعل، حاولت إسبانيا أن تُحافظ على موقفها الظاهري بالحياد في قضية الصحراء المغربية، فاستجابت لدعوتين أمام محاكمها تطالبان بمحاكمة إبراهيم غالي. إحداهما رفعها “الفاضل بريكة” وهو منشق عن جبهة البوليساريو حاملا للجنسية الإسبانية، يتهم غالي بالضلوع في عمليات “تعذيب” تعرض لها داخل مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف. في حين تقدمت بالدعوى الثانية الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان ومقرها بإسبانيا، التي تتهم زعيم جبهة البوليساريو بارتكاب جرائم “الإبادة الجماعية” و”الإرهاب” و”التعذيب” و”الإخفاء القسري”.

وبالفعل، مثل غالي أمام القضاء الإسباني للتحقيق بارتكاب أعمال تعذيب وإبادة جماعية، عبر تقنية الفيديو عن بعد من مستشفى لوغرونيو حيث كان يُعالَج. بيد أن الجلسات المغلقة انتهت سريعا دون اتخاذ أي إجراء ضد غالي. فقد اعتبر أحد قضاة المحكمة الوطنية العليا في مدريد بأن “الادعاء لم يُقدِّم أية أدلة تُثبت مسؤولية الرجل عن أية جريمة”. وفي الثاني من يونيو/حزيران 2021، أي بعد قضائه 41 يوما في أحد مستشفياتها، غادر غالي إسبانيا نحو الجزائر على متن طائرة فرنسية.

هل غاب ملف سبتة ومليلية؟

إحدى الجزر المغربية التي تحتلها إسبانيا في شمال المغرب

من بين أهم الملفات الشائكة التي تابع ما سيتمخض عنها الجانبان المغربي والإسباني، ملف المناطق المغربية التي تحتلها مدريد وفي مقدمتها مدينتا سبتة ومليلية المحتلتان. ولذلك كان من أول أهداف خارطة الطريق، التي انتهت إليها المفاوضات الخميس بين المسؤولين المغاربة والإسبان بالرباط، استئناف حركة نقل البضائع بشكل طبيعي في المعابر الحدودية لسبتة ومليلية”، بحسب ما أوضح سانشيز في مؤتمره الصحافي الذي عقده ليل الخميس بالرباط. وكان المغرب أوقف منذ العام 2019 تدفق البضائع من هتين المدينتين الواقعتين فوق التراب المغربي والخاضعتين للحكم الذاتي الإسباني، لأنه يعتبر هذه التجارة تهريبا يضر باقتصاده الوطني. واستمر الإغلاق مع جائحة كورونا ليشمل أيضا حركة تنقل الأشخاص التي تم منعها عبرهما.

وكان مئات المغاربة يمتهنون تهريب السلع من مدينتي سبتة ومليلية إلى باقي المدن المغربية قبل 2019 وعلى مدى عقود طويلة، وهو ما كان يسمح للمدينتين المحتلتين بجني قرابة مليار دولار سنويا من هذا التهريب. وكشف تقرير أنجزه البرلمان المغربي في تلك السنة عن وجود حوالي 3500 شخص غالبيتهم نساء يمتهنّ ذلك التهريب. ورغم أن المغرب قد أطلق بدائل لهذه الفئة من خلال تخصيص حوالي 45 مليون دولار لإنجاز عدد من المشاريع، إلا أن هناك فئة أخرى بالمغرب تنتظر فتح المعابر، وهي فئة العمال القانونيين. وبحسب مصادر مطلعة، فإن حوالي 8600 من العمال في سبتة الذين تربطهم عقود عمل قانونية بسبتة ومليلية يعلقون آمالهم على هذا التطور في العلاقات بين المغرب وإسبانيا. ولذلك انتظر مسؤولو وساكنة مدينتي سبتة ومليلية، إلى جانب العمال المغاربة بمدن الشمال، ما ستسفر عنه زيارة رئيس الحكومة الإسباني للمغرب. خاصة في ما يتعلق بإعادة فتح المعابر البرية للمدينتين أمام رواج البضائع والأشخاص.

لكن قضية سبتة ومليلية المحتلتين لم تظهر ضمن نقاط النقاش، الذي دار خلال المباحثات بين رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز ، والملك محمد السادس ، والتي تم تسجيلها في وثيقة نشرت في نهاية الاجتماع يوم الخميس في الرباط.

وكان رئيس الحكومة الإسبانية قد طمأن شعبه قبل أسابيع قليلة، بعد تغيير الموقف بشأن الصحراء المغربية، بأن وحدة أراضي إسبانيا شاملة سبتة ومليلية “مضمونة”. غير أنه مع ذلك ليس ثمة من دليل على أنه تطرق للموضوع خلال زيارته للمغرب الخميس والجمعة الماضيين، رغم تحدثه مطولا مع الملك محمد السادس ، بحسب ما نقلت مصادر حضرت الاجتماع لوسائل إعلام إسبانية.

وبرأي مراقبين، فقد فشل سانشيز في الحصول على التزام صارم من الملك محمد السادس، بأن المغرب سوف يحترم وضع المدينتين المتمتعتين بالحكم الذاتي على المدى المتوسط والطويل. بينما تقول الدبلوماسية الإسبانية إنه في البيان المشترك، اتفقت الدولتان على “تشكيل مجموعة عمل لتركيب ضوابط جمركية على الحدود البرية” بينهما، دون الإشارة صراحة إلى سبتة ومليلية. والحال أن المدينتين إياهما تمثلان الحدود البرية الوحيدة التي تربط بين البلدين.

ووفق ما نقلت مصادر إعلامية إسبانية، يخشى الجنود الإسبان المنتشرون بسبتة ومليلية والجزر المتوسطية المغربية المحتلة، أن تتخلى حكومة بلادهم عن جزء من تلك المناطق لترضية المغرب، حتى لا يطالبها مستقبلا باسترجاع سبتة ومليلية. ولهذه المخاوف –بحسب ذات المصادر– ما يبررها. مستدلين على ذلك بنقل رفات الجنود والمدنيين الإسبان المدفونين في الجزر المتوسطية التي تحتلها إسبانيا في يوليو/تموز الماضي إلى مقبرة في مليلية.

وتذكر نفس وسائل الإعلام أيضا أنه في نوفمبر الماضي، سمح المغرب لشركة إسبانية بإنشاء مزرعة أسماك في مياه الجزر الجعفرية مؤكدا سيادته على مياهها. وهو ما أثار حينها موجة احتجاجات وسط الرأي العام الإسباني (وحتى وسط الجيش)، بقيت أمامها حكومة مدريد صامتة.

عودة سريعة للعلاقات

مفاوضات صعبة شهدها إجتماع الخميس الماضي

ربما لم تحقق زيارة سانشيز للمغرب كل ما كان مرجوا منها، لكنها حققت على الأقل الأهم برأي المراقبين من البلدين: عودة قاطرة العلاقات إلى سكتها على أسس واضحة. واللافت أنه على الرغم من أن الأزمة استحكمت بين الرباط ومدريد لقرابة عام، إلا أن المبادلات التجارية بين البلدين حققت خلال العام الماضي رواجا قياسيا غير مسبوق. ولم تتضرر المقاولات الإسبانية العاملة بالمغرب، التي يقارب عددها ألف مقاولة، من فصول الأزمة الصعبة. كما أن التعاون الأمني في مجال “مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة” بين المغرب وإسبانيا لم يتوقف طيلة السنة الماضية والربع الأول من العام الجاري، إذ تم تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية بالتعاون بين الأجهزة الأمنية في البلدين.

ولذلك لم يكن مفاجئا أن تتضمن خارطة الطريق، التي كشف عنها البيان المشترك الذي صدر في أعقاب الزيارة، عن خارطة طريق تضمنت عددا من المواقف والقرارات الكفيلة بتطبيع العلاقات في أسرع الآجال. بينها القرار الرابع، الذي ينص على “إعادة الربط البحري للمسافرين بين البلدين، حالا وبشكل متدرج إلى حين فتح مجموع الرحلات”. وهو ما تم بشكل رسمي وبشكل فوري، بحسب تقارير إعلامية مغربية وإسبانية، التي تحدثت عن عودة النقل البحري بين المغرب وإسبانيا، على الرغم من الصعوبات التقنية التي ما زال يواجهها ميناء الجزيرة الخضراء (البوابة البحرية الإسبانية الرئيسة نحو المغرب)، بسبب طول القطيعة بين البلدين.

فبخصوص الهجرة غير القانونية التي تقض مضجع مدريد، كشفت وسائل إعلام إسبانية أن تدفق المهاجرين من المغرب قد تراجع بشكل محسوس، بعد اعتراف مدريد في 18 من الشهر الماضي بسيادة المغرب على صحرائه. ويعني ذلك أن المغرب أصبح يبدي تعاونا أكبر في محاربة الهجرة غير القانونية، التي تتسلل إلى ترابه من دول أفريقيا جنوب الصحراء، نحو إسبانيا وأوروبا بشكل عام. وتُقدر مصادر إسبانية نسبة تراجع الهجرة إلى النصف تقريبا، سواء تعلق الأمر بتلك الوافدة من سواحل شمال المغرب نحو الجنوب الإسباني، أو تلك التي تقصد جزر الكناري التابعة لإسبانيا، انطلاقا من السواحل الصحراوية المغربية.

وفي باب تطبيع العلاقات بين البلدين دائما، أُعلن في مدريد عن اتفاق أمني جديد (تم توقيعه منذ 2019)، يُنتظر أن يدخل حيز التنفيذ ابتداء من الثلاثين من أبريل/نيسان القادم.

تفاصيل خارطة الطريق لـ “المرحلة الجديدة”

في ختام المباحثات بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، يوم الخميس 7 أبريل/نيسان الماضي،

اعتمد المغرب وإسبانيا بيانا مشتركا تضمن خارطة الطريق تشمل العناصر التالية:

1- تعترف إسبانيا بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، وبالجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب في إطار الأمم المتحدة لإيجاد حل متوافق بشأنه. وفي هذا الإطار، تعتبر إسبانيا المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وذات المصداقية لحل هذا النزاع.

2- سيتم معالجة المواضيع ذات الاهتمام المشترك بروح من الثقة والتشاور، بعيدا عن الأعمال الأحادية أو الأمر الواقع.

3- سيتم الاستئناف الكامل للحركة العادية للأفراد والبضائع بشكل منظم، بما فيها الترتيبات المناسبة للمراقبة الجمركية وللأشخاص على المستوى البري والبحري.

4- سيتم إعادة الربط البحري للمسافرين بين البلدين، حالا وبشكل متدرج إلى حين فتح مجموع الرحلات.

5- في نفس الإطار، سيتم إطلاق الاستعدادات لعملية مرحبا (عبور المهاجرين المغاربة لإسبانيا خلال عودتهم من أوربا إلى المغرب).

6- سيتم تفعيل مجموعة العمل الخاصة بتحديد المجال البحري على الواجهة الأطلسية، بهدف تحقيق تقدم ملموس.

7- سيتم إطلاق مباحثات حول تدبير المجالات الجوية.

8- سيتم إعادة إطلاق وتعزيز التعاون في مجال الهجرة. وفي هذا الإطار سيجتمع الفريق الدائم المغربي-الإسباني حول الهجرة قريبا.

9- سيتم القيام بالتنسيق في إطار رئاسة كل منهما لمسلسل الرباط للفترة 2022-2023، بشكل يسلط الضوء على التعاون المثالي في هذا المجال، لصالح مقاربة شاملة ومتوازنة لظاهرة الهجرة.

10- سيتم إعادة تفعيل التعاون القطاعي في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك، من بينها: الاقتصادي والتجاري والطاقي والصناعي والثقافي.

11- سيكون تسهيل المبادلات الاقتصادية والمواصلات بين البلدين موضوع اجتماع سيُعقد قريبا.

12- سيشكل مجال التربية والتكوين المهني والتعليم العالي أولوية خلال هذه المرحلة الجديدة. ولهذا الغرض، سيتم إحداث فريق عمل متخصص.

13- سيتم تعزيز التعاون الثقافي. وفي هذا الإطار، سيتم إحداث فريق عمل قطاعي في مجال الثقافة والرياضة. كما سيتم إعطاء دفعة جديدة لمجلس إدارة مؤسسة الثقافات الثلاث.

14- سيتم رفع تقارير أنشطة الاجتماعات وفرق العمل المحُدثة أو المُفعّلة للاجتماع رفيع المستوى.

15- سيبدأ البلدان في التواصل حول تحيين معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون لسنة 1991، على أساس المبادئ والمحددات والأولويات التي ستوجه العلاقات الثنائية في السنوات المقبلة.

16- سيقوم صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز بتعيين لجنة مكلفة بالسهر على تنفيذ هذا البيان، في أجل 3 أشهر.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس