حصيلة عام من عمر حكومة عزيز أخنوش

22
حصيلة عام من عمر حكومة عزيز أخنوش
أخوش يتوسط شريكيه في الحكم

مصطفى واعراب

أفريقيا برس – المغرب. تشير الأرقام الرسمية إلى أن الشارع المغربي يحتضن ما معدله 48 مظاهرة يوميا يشارك فيها نحو 2337 مواطن. هكذا، وبحسب ما سبق أن أعلن عنه كل من المجلس الوطني لحقوق الإنسان والوزارة المكلفة بحقوق الانسان، فإن المغرب يشهد تنظيم ما يزيد على 17 ألف احتجاج يشارك فيه قرابة المليون مواطن ومواطنة. وتهم الاحتجاجات قضايا مختلفة تعكس انشغالات المواطنين وهمومهم أفرادا وجمعيات.

نتحدث هنا عن الاحتجاجات التي يكون مسرحها الشارع العام، وبعض المؤسسات المعنية بالفعل الاحتجاجي. لكن مساحة الاحتجاج تمددت خلال العقد الأخير بشكل أوسع على الشبكات الاجتماعية، التي ينشط فيها على مدار الساعة ملايين المغاربة، وأصبحت تشكل قوة ضغط هائلة يُحسب لها ألف حساب.

وفي سياق هذا التحول الجوهري في الإطار السياسي للاحتجاج، ربما لم تنل شخصية عمومية أو مؤسسة مغربية من النقد والاحتجاج في الشارع وعلى مواقع التواصل بقدر ما ناله عزيز أخنوش وحزبه وشركاته. نتذكر بهذا الصدد، حملة مقاطعة منتجات شركة “سنطرال” للحليب ومشتقاته، وشركة “أفريقيا” لتوزيع المحروقات ومشتقاتها التي يمتلكها أخنوش، وشركة المياه المعدنية “سيدي علي”، التي انطلقت في ربيع العام 2018، وما زالت تداعياتها مستمرة (ولو بشكل محدود) حتى الساعة.

فلماذا تتنامى النقمة الشعبية ضد الملياردير رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش؟ ولماذا لم تُفض الحملات المناهضة له إلى الدفع به إلى الابتعاد عن الحقل السياسي وعن تحمل المسؤوليات الحكومية؟

حكومة أخنوش لدى تنصيبها من طرف الملك

في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عيّن الملك المغربي محمد السادس، رسميا، أعضاء الحكومة الجديدة التي يرأسها عزيز أخنوش وتضم 24 وزيرة ووزيرا. واحتفى الإعلام الغربي بأخنوش وحزبه، لأنهما وضعا حدا لحكومتَيْ الإسلاميين “عن طريق صناديق الاقتراع”، بينما اختلف المغاربة بين متفائل وثق في الوعود الانتخابية المعسولة لأخنوش وأعضاء حكومته، ومتشائم من أن جمعه بين السلطة والمال يهدد بتضارب المصالح، ما يعرض مصلحة المواطن للضرر من طرف حكومة يُفترض أن أهم مهامها هو الحرص عليها.

أولا: خيبة الوعود الانتخابية

كانت الثلاثة أشهر الأولى من التدبير الحكومي كافية لتقنع غالبية المغاربة بأن سنوات عجاف تنتظرهم. فمنذ الأسبوع الأول من تعيينها، طوت حكومة عزيز أخنوش، بمكوناتها الحزبية الثلاثة المشكلة للأغلبية البرلمانية وللتحالف الحكومي، صفحة الوعود الانتخابية عالية السقف، التي كانت قد وزعتها بسخاء طوال أيام الحملة الانتخابية، والتي ضمنت لها حصد الأخضر واليابس من أصوات الناخبين المغاربة.

ففي عز الحملة الانتخابية خلال خريف العام الماضي، رفع أكبر حزب في أغلبية اليوم (حزب “التجمع الوطني للأحرار” الذي يحمل شعار الحمامة) شعارات كبيرة، كان أبرزها برنامج اجتماعي واقتصادي طموح، حاول أن يستقطب من خلاله بعض الفئات الاجتماعية الهشة، التي تشكل خزانا انتخابيا حقيقيا. فكان أن وزع مثلا وعودا سخية بالزيادة في أجور الأساتذة، لتصل إلى 7500 درهم (حوالي 800 دولار) في الشهر. هكذا وبدون أدنى تحفظ. أما فئة الأطباء والممرضين فلم تفلت هي أيضا من وعود التجمع الوطني للأحرار، فكان أن تم الإعلان عن نية الحزب أنه في حال تصدره للانتخابات وترؤسه الحكومة، سوف يرفع أجور هذه الفئات بنسبة مهمة. وهو الأمر الذي جعل برنامجه الانتخابي يتربع على عرش أكثر البرامج الانتخابية إغراء لطموحات الناخبين المغاربة.

وأما حزب “الاستقلال”، الذي كان بدوره يطمح إلى رئاسة حكومة أكتوبر 2021، فقد حمل على عاتقه الدفاع عن ملف الأساتذة المتعاقدين، وذهب بعيدا عندما وعدهم بوقف هذا النمط من التوظيف، وإدماج هذه الفئة في أسلاك الوظيفة العمومية، رغم أن هذا الوعد كان يثير الكثير من “الاستغراب”، باعتبار تكلفته المالية المرتفعة التي لا قبل للميزانية بتحملها، وبالتالي استحالة تنفيذه.

هكذا ومنذ أول يوم في التسيير الحكومي، كانت الرسائل واضحة بأن الوعود التي تم إطلاقها في الحملة الانتخابية، لم تكن سوى وسيلة للتسويق السياسي وجذب أصوات الناخبين. أما وقد تولت الأحزاب إدارة الشأن العام الحكومي، فإنها اليوم وغدا ستجد نفسها أمام إكراهات مالية واقتصادية تستحيل معها إمكانية الاستجابة لأية مطالب. وكان أول مطلب تم رفعه في وجه الحكومة هو الزيادة في أجور الأساتذة، ورفعها إلى 7500 درهم كما وعدهم حزب أخنوش. لكن الحكومة كان لها رأي آخر. فمن جهة، ربطت الزيادة بالحصول على شهادة (جديدة) تكوين في علوم التربية، وهو شرط يستحيل تحقيقه قبل سنتين على الأقل. ومن جهة ثانية، هناك إكراه فراغ الميزانية الذي يجعل الاستجابة لهذا المطلب غير قابل للتحقيق.

في المحصلة، تم طي هذا الملف وتبخر كما تبخرت بعده الوعود الأخرى. بل إن عددا من الفئات المهنية التي كانت تطالب بالزيادة في الأجور كما وعدها بذلك الحزب القائد للحكومة، أضحت اليوم لا تطالب بغير إدماجها في الوظيفة العمومية. ومنها فئة الأساتذة “المتعاقدين” الذين يوجدون في وضع إداري مختلف عن باقي زملائهم الرسميين في إطار التوظيف النظامي.

ثانيا: الجفاف والحرب في أوكرانيا

منذ أول يوم في ولاية حكومة عزيز أخنوش، وجد الجهاز الحكومي نفسه أمام موجة زيادات متتالية، ضربت مختلف مناحي الحياة. وبدل أن يتم الشروع في اتخاذ قرارات تعيد التوازن إلى الأسواق، وتفك رهن موائد المغاربة وحياتهم بجشع حيتان الاقتصاد الوطني، تم تحميل المسؤولية لـ”الوباء” (كوفيد-19). ففي أول تصريح، كان يفترض أن يحمل رسالة تحذير، لكل من يراكم الأرباح بدون حسيب ولا رقيب، خرجت حكومة أخنوش لتحمل الجائحة مسؤولية الزيادات التي عرفتها أسعار المواد الغذائية، وتعلق على موجة الغضب بالقول: إن هذه الزيادات بدأت منذ عهد الحكومة السابقة!(حكومة العدالة والتنمية الإسلامي برئاسة العثماني).

بعد أسابيع على ذلك، اندلعت الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022، ما نتج عنها أزمة عالمية متعددة الأبعاد كان المغرب الذي لديه علاقات اقتصادية راسخة مع أوكرانيا وروسيا وما يزال معنيا بتداعياتها؛ حيث يستورد من الأولى الحبوب أساسا، ومن الثانية البترول والغاز ومشتقاتهما. كما أن الشريك الأول للمغرب اقتصاديا هو الاتحاد الأوروبي، إذ الحرب تقع في قلب أوروبا، وهذه الأخيرة تقع في طليعة المتضررين، وبالتالي ينعكس ذلك على المغرب بشكل غير مباشر.

ذهبت توقعات الخبراء الدوليين إلى أن المغرب، الذي يستورد نحو 90 % من احتياجاته الطاقية ونصف استهلاكه من الحبوب من الخارج، سيتأثر كثيرا جراء الأزمة الروسية الأوكرانية، ما قد يكلفه نحو 2 % إضافية من ناتجه الداخلي الخام. وبالتالي سيكون أكثر بلدان القارة الإفريقية تأثرا بالتداعيات السلبية للغزو الروسي لأوكرانيا في إفريقيا، لأن وارداته من النفط والغاز والفحم كانت تستهلك نحو 6,4 % من ناتجه الداخلي الخام قبل الأزمة.

كما تذهب التوقعات إلى أن ارتفاع أسعار النفط والحبوب قد يزيد من عجز الميزانية بنسبة 6,5 %.

صحيح أن المنتجات التي يستوردها المغرب من روسيا وأوكرانيا، يمكن استيرادها من دول أخرى، لكن سعرها يكون أكبر، لأن أسعار بيع القمح والمحروقات ارتفع في السوق الدولية، ما يُثقل كاهل الميزانية المنهكة أصلا في المغرب. ومع ذلك، فقد أعلنت الحكومة المغربية منذ الساعات الأولى لاندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، أنها ستتحمل فرق أسعار بيع القمح [لوحده] داخل البلاد.

وقد فاقمت من متاعب الحكومة معاناة من جفاف استثنائي لم تشهد له البلاد نظيرا منذ أربعة عقود، كان من أبرز انعكاساته تراجع إنتاج الحبوب بشكل حاد. ففي يوليوز/ تموز الماضي، أعلنت وزارة الفلاحة المغربية بأن “إنتاج الحبوب من القمح اللين والقمح الصلب والشعير، لم يزد عن 10,32 مليون طن، في مقابل 31 مليون طن خلال الموسم الفلاحي 2019-2020، وذلك بسبب الجفاف الناجم عن قلة التساقطات المطرية.

ونتيجة لتداعيات الجفاف والحرب في أوكرانيا، سجل الاقتصاد المغربي هذا العام تراجعا في نموه مقارنة مع ما كان متوقعا. فقد كانت المملكة تأمل في تحقيق نمو بمعدل 3,2 % هذا العام، لكن “الظروف الخارجية المفاجئة والتحولات المناخية غير المستقرة أربكت هذه الفرضية”، وفق ما أوضح رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أمام البرلمان. وباتت تقديرات النمو بالتالي تراوح بين 1,5 و1,7 % بحسب الحكومة، و1,1 % وفق صندوق النقد الدولي.

حكومة تضارب المصالح

لا يحتاج المواطن المغربي إلى نظارات سميكة ليرى رأي العين أن حكومة أخنوش حطمت كل رقم قياسي في الجمع بين السلطة والمال.

فشركة رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش “أفريقيا غاز” مثلا التي تستحوذ على 36% من سوق المحروقات في المغرب، 29% من الديزل و42% من البنزين الممتاز، سبق اتهامها إلى جانب شركات المحروقات الأخرى، بتحقيق أرباح خارج نطاق القانون وبشكل غير مشروع، بحسب تقرير للجنة استطلاع برلمانية. فقد بلغت الأرباح غير المشروعة التي حصلت عليها تلك الشركات، إلى حدود مطلع العام 2021، نحو 45 مليار درهم (4,5 مليار دولار) بحسب هذه التقارير وعلى مسؤوليتها.

وعلى الرغم من حملة المقاطعة التي استهدفت شركته المذكورة في 2018، استطاع عزيز أخنوش الفوز في الانتخابات العامة سنة 2021، في استحقاق انتخابي شابهُ ما شابهُ، وعاد بعقارب الساعة إلى الوراء ليذكر المغاربة بانتخابات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات.

فأصبح مالك شركة “أكوا القابضة”، التي تعتبر شركة “أفريقيا غاز” إحدى أذرعها القوية، رئيسا للحكومة المغربية. وهذا الوضع الجديد جعله يقع في تضارب المصالح، بسبب حمله قبعة “السياسي” الذي يترأس الحكومة، وقبعة رجل الأعمال الذي يملك شركة هي فاعل رئيس في قطاع المحروقات، تحوم حولها شبهات الربح غير المشروع. وبتعبير فاعلين سياسيين، فإن عزيز أخنوش السياسي الذي فشل في تدبيره للملفات الحكومية، قد نجح بالمقابل في تدبير مشاريعه الخاصة. وهذا ما انعكس على ثروته التي هي في نمو مستمر، إذ زادت بين عامي 2020-2022 بمليار دولار، بحسب مجلة “فوربس” لتصل إلى ملياري دولار.

ليس ذلك وحسب فلقب “حكومة تضارب المصالح” الذي أطلقه المغاربة على حكومة أخنوش، لم يأت من فراغ. فبالإضافة إلى ما قيل في حق رئيسها، من جمعه بين رئاسة السلطة التنفيذية وامتلاكه لشركة “أفريقيا غاز” التي تحتكر توزيع المحروقات في المملكة، هناك وقائع أخرى لتبادل مصالح شخصية في ما بين أعضاء الحكومة الحالية. أبرزها الواقعة الأخيرة بين عبد اللطيف الميراوي وزير التعليم العالي، والمحامي عبد اللطيف وهبي وزير العدل، المنتميين لحزب “الأصالة والمعاصرة”، أحد مكونات الأغلبية الحكومية. فقد تداولت أخبار عن عقد صفقة مثيرة، بين وزارة التعليم العالي ومكتب المحاماة الذي يمتلكه وزير العدل، من أجل “الدفاع عن مصالح الوزارة”.

وفي حلقة أخرى من حلقات مسلسل حكومة تضارب المصالح، وبحسب بعض المصادر، فقد تم عقد صفقة مع مكتب للدراسات والاستشارة “فاليانس كونسلتينغ”، الذي يعتبر محسن الجزولي الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار وعضو المكتب السياسي لحزب أخنوش “التجمع الوطني للأحرار” قائد الائتلاف الحكومي، هو الرئيس المدير العام لهذا المكتب للدراسات.

هذه الصفقة تم إبرامها بمبلغ يقدر بـ5,7 مليون درهم، من أجل إنجاز “مخطط للتنمية الجهوية” لجهة الرباط سلا القنيطرة، دليل إضافي على استغلال النفوذ في انتهاك صارخ للدستور المغربي، الذي (حسب الفصل 36) يعاقب على “المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح، وعلى استغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه، وكل مخالفة ذات طابع مالي”. كما يعاقب القانون المغربي على “الشطط في استغلال مواقع النفوذ والامتياز، ووضعيات الاحتكار والهيمنة، وباقي الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية”. وهذا مجرد غيض من فيض.

حملة شعبية تدعو إلى رحيل رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش

المطالبة بـ “رحيل” أخنوش

كنتيجة لكل ما سلف ذكره، يعيش المغرب التي تعدّ مستورداً مهماً لمنتجات الطاقة والحبوب، على وقع أزمة نمو وتضخم متزايد جراء استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، والجفاف الذي يضرب البلاد. وأضاف هذا الأخير أثقالا جديدة بسبب فراغ السدود وشح المياه. وهو ما يفرض بشكل مستعجل تشييد سدود كثيرة ومحطات لتحلية مياه البحر، لتوفير مياه الشرب للسكان وأيضا للزراعة مع ما يتطلب ذلك من إمكانيات مالية لا قِبَل للحكومة بها.

وبالرغم من لجوء الحكومة إلى صرف دعم استثنائي لفائدة المهنيين العاملين في مجال النقل، إلا أن هذه الالية الاستثنائية لم تشمل جميع المواطنين المكتوين بارتفاع أسعار المحروقات التي انعكست بشكل كبير وشبه شامل على أسعار باقي المواد الاستهلاكية. وبالنتيجة، تشهد البلاد موجة غير مسبوقة من الاحتقان بسبب تفشي الغلاء، بحيث دفعت موجة الغلاء هذه العديد من المواطنين إلى ركن سياراتهم، لعدم قدرتهم على مسايرة المنحى التصاعدي لأسعار الوقود، والازدحام في وسائل النقل العمومية.

في منتصف يونيو الماضي، طالبت نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الحكومة، بالتدخل العاجل لحماية القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم المواطنات والمواطنين، ومراعاة حجم المعاناة التي يكابدونها”، بينما دعت نقابات أخرى صغيرة إلى إضراب عام، احتجاجا على ارتفاع الأسعار.

تظاهرات ضد غلاء المعيشة ودعوات لرحيل حكومة أخنوش

لكن المواقف وردود فعل الأحزاب والنقابات والجمعيات ظلت عموما ضعيفة، ما دفع العديد من المواطنين إلى التعبير عن رفضهم تحمل أعباء الأزمة، سواء بالخروج إلى الشارع للاحتجاج أو من خلال إطلاق احتجاجات افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، على استفحال موجة غلاء الأسعار ولا سيما أسعار الوقود، على الرغم من تراجعها في السوق العالمية، وفق ما يقولون.

وهكذا شارك عشرات الألاف من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب (خصوصا على منصة “فايسبوك”، هاشتاغا يدعو رئيس الحكومة إلى الاستقالة من منصبه، تحت شعار “أخنوش إرحل Dégage_Akhannouch#” . ونشر عدد منهم الهاشتاغ مرفقا بصور مختلفة، ضمنها صورة للوحة التسعير لإحدى محطات الوقود قبل ثلاث سنوات، تبين أن المحروقات كانت تباع في حدود أسعار معقولة، على الرغم من أن أسعار البترول كانت تتجاوز حينها 90 دولارا.

ويسعى المروجون للهاشتاغ إلى زيادة التفاعل عليه، لدفع الحكومة إلى اتخاذ قرارات لصالح تخفيض أسعار المحروقات التي وصلت مستويات قياسية غير مسبوقة في تاريخ المغرب. وتعيد الحملة الجديدة، التي ما زالت متواصلة منذ مطلع الصيف، إلى الأذهان حملة المقاطعة التي استهدفت قبل نحو أربع سنوات، عدة شركات تسيطر أو تمتلك قطاعات إنتاجية واقتصادية مهمة في المغرب، ضمنها شركة “إفريقيا” للمحروقات، التي يمتلكها رئيس الحكومة أخنوش.

ويعتقد قطاع واسع من المغاربة أن أخنوش لا يود اتخاذ قرارات من شأنها التأثير على التوازنات الخاصة بالشركات، التي يستهدفها المواطنين بالمقاطعة وضمنها شركة التوزيع التي يمتلكها هو، في الوقت الذي بإمكانه اللجوء لعدة خيارات من شأنها تخفيف آثار الأزمة، كما لجأت إلى ذلك عدة حكومات في مختلف بقاع العالم.

لكن في وقت تعطي هذه الحملة الرقمية الموجهة ضد رئيس الحكومة، انطباعا بانتشار تذمر شعبي واسع من ارتفاع الأسعار، وخصوصا منها أسعار الوقود، يرفض أخنوش وحزبه تحمل المسؤولية. ويتهمون من جهتهم تارة، غرماءهم في حزب “العدالة والتنمية” على الخصوص بالوقوف وراء الحملة الشعبية، وتارة أخرى يشيرون بأصابع الاتهام إلى تآمر جهات خارجية معادية للمملكة.

حملة شعبية تدعو إلى رحيل رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش

أخنوش.. رجل الأعمال الذي أخفق في السياسة

في الخميس 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، عيّن الملك المغربي محمد السادس، أعضاء الحكومة رقم 32 في تاريخ المملكة، حيث ضمت 24 وزيرا برئاسة عزيز أخنوش، بصفته رئيسا لحزب “التجمع الوطني للأحرار” المتصدر لنتائج الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 8 سبتمبر/أيلول 2021.

فقد حصد “التجمع” 102 مقعدا برلمانيا (من أصل 395)، متبوعا بحزب “الأصالة والمعاصرة” ثانيا بحصوله 86 مقعدا، يليهما حزب “الاستقلال” بـ 81 مقعدا.

وأخنوش المولود عام 1961 بوسط المغرب، وهو رجل أعمال وسياسي ينحدر من منطقة سوس، التي تعرف بكونها مصدرا لأبرز تجار وأثرياء المملكة، والتي انتخب في 24 سبتمبر 2021، عمدة لعاصمتها مدينة أغادير، ليصبح بذلك أول من يجمع بين منصبي رئاسة الحكومة وعمدة مدينة، في التاريخ السياسي للمغرب كله.

في 1986، حصل أخنوش على شهادة في تسيير الإدارة من جامعة “شيبروك” الكندية، ليعود إلى المغرب لتسيير شركات والده، ويطورها. فأسس مجموعة “أكوا” القابضة التي تضم حوالي 50 شركة، ضمنها أكبر شركة لتوزيع المحروقات وبيعها، بالإضافة إلى العديد من الشركات الأخرى الناشطة في قطاعات الاتصالات والخدمات والإعلام.

ترأس أخنوش في وقت سابق تجمع النفطيين في المغرب، قبل أن يشغل عدة مناصب بينها وزير الفلاحة لمدة 14 عاماً متواصلة في 3 حكومات.

يصفه أنصاره بأنه “صاحب الشخصية المتواضعة، والرجل الطموح والنشيط الذي يقوم بمهام متعددة في صمت وبعيدا عن الأضواء”. لكن خصومه (وفي مقدمتهم زعيم “العدالة والتنمية” عبد الإله بنكيران) يصفونه بأنه جاهل بالسياسة وعاجز عن التواصل مع المواطنين. يقول عنه بنكيران إنه يفتقد إلى الكاريزما والقامة السياسية لتولي منصب من حجم رئيس حكومة. بينما يرى خبراء مستقلون إن نقطة ضعفه الكبرى هي التواصل. فأخنوش لا يتقن التواصل مع المواطنين، وهو ما ينعكس بشكل كبير على حكومته. بل يرى أحدهم أنه “حتى عندما يقرأ من ورقة، فإنه لا يتقن تلاوة بيان باللغة العربية”. وللدلالة على ذلك ثمة مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل، يُنتقد فيها أخنوش لعدم إتقانه اللغة العربية.

لم يكن معروفا عن أخنوش انتماؤه إلى أي حزب مغربي، إلى أن انتخب في 29 أكتوبر/تشرين أول 2016، بـ “الأغلبية” رئيسا لحزب “التجمع الوطني للأحرار”. والمعروف أن “التجمع” حزب ليبرالي من يمين الوسط، الذي تأسس أواخر السبعينيات بمبادرة من القصر، شارك في حكومات مغربية متعددة منذ تأسيسه.

وأخنوش الذي يوجد على اللائحة الضيقة جدا لأغنى أثرياء المغرب، حل في المرتبة العاشرة عربيا وفي المركز 1664 عالميا، ضمن تصنيف قائمة “فوربس” لأثرياء العالم للعام 2021، بثروة قدرت بـ1,9 مليار دولار. وهو ما شكل زيادة في ثروته بلغت 200 مليون دولار مقارنة مع السنة السابقة.

ويعتبر، رسميا، من بين الوزراء الذين لا يتقاضون راتبا مقابل أداء مهماهم الحكومية، حيث سبق أن أعلن في لقاءات صحافية عدم حصوله على أي أجر أو تعويض من الدولة، منذ توليه مهامه أول مرة كوزير للفلاحة سنة 2007 وحتى اليوم. كما كشف في تصريحات للصحافة أنه، قدم استقالته منذ توليه الوزارة، من رئاسة جميع الشركات التي يملكها رفقة شركائه.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس