
آمنة جبران
أفريقيا برس – المغرب. قيّم رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بالبرلمان المغربي، عبد الرحيم شهيد في حواره مع “أفريقيا برس”، أداء الحكومة برئاسة عزيز أخنوش، راصدا مواطن ضعف في عديد من المجالات والقطاعات مثل التعليم والتشغيل وبرامج الورش الاجتماعية انطلاقا من أرقام ومعطيات رسمية، الأمر الذي قادها إلى الفشل والعجز في الإيفاء بوعودها وتدابيرها أمام المواطن، وفق تقديره.
وأشار شهيد إلى أن”الحزب الاشتراكي الذي يمثل صوته وصوت مناضليه في البرلمان، لا يزال يحتل موقعه التاريخي في مركز المشهد السياسي العام بالبلد، وهو الموقع الذي يحتله نتيجة لمبادراته ومقترحاته لإصلاح الواقع المعيشي للمواطن المغربي”، لافتا أن “المعارضة تحاول التصدي للتضييق الذي تتعرض إليه من قبل الحكومة باستحضار القواعد الديمقراطية”.
وعبد الرحيم شهيد هو رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بالبرلمان المغربي، وأحد أبرز الشخصيات السياسية المعارضة بالبلد، ويعد أول كاتب عام لأول نقابة بإقليم “زاكورة” تحت لواء الكونفديرالية الديمقراطية للشغل ثم مؤسسا للجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
قمتم مؤخرا بمساءلة الحكومة كرئيس للفريق الاشتراكي للمعارضة الاتحادية بالبرلمان المغربي، ماهي مواطن الضعف في الأداء الحكومي حسب تقييمك وهل حققت حكومة عزيز أخنوش وعد الدولة الاجتماعية؟
من المؤكد أن مواطن ضعف الأداء الحكومي عديدة ومتعددة، ذلك أننا اليوم أمام حكومة فاشلة بامتياز، فاشلة على مستوى أول في تنفيذ الالتزامات التي ضمنتها في برنامجها الحكومي، وفاشلة على مستوى ثان في تنزيل وتنفيذ التوجيهات الملكية بخصوص العديد من القضايا والتحديات المطروحة على بلادنا.
فعلى المستوى الأول، والمتعلق بوعود والتزامات الحكومة التي تضمنها البرنامج الحكومي، والذي بناء عليه نالت ثقة الأغلبية البرلمانية، حيث يجب أن يشكل هذا البرنامج أساس أي عملية تقييم للأداء الحكومي، بطبيعة الحال بصورة تقف على مستويات نجاح الحكومة في تطبيق الوعود والتدابير التي ضمنتها في برنامجها الحكومي.
إن الواقع يثبت، أننا أمام فشل حكومي ذريع، حيث أن هذه الحكومة لم تنجح ولم تتمكن من الوفاء ولو بالتزام واحد من عشر التزامات التزمت بها في برنامجها، وإليكم تجليات هذا الفشل وبلغة الأرقام التي تستهوي الحكومة:
التزمت الحكومة بالرفع من وتيرة النمو إلى معدل 4% خلال ولايتها، والواقع يكشف أنه وبسبب اختياراتها الاقتصادية، فقد تراجعت نسبة النمو في السنة الأولى من 8% سنة 2021، إلى 1,3% سنة 2022، كما أنها لم تحقق إلا نسبة نمو 3,2% سنة 2023، والمتوقع أن تكون نسبة النمو سنة 2024: 3,7%.
وبناء عليه فإن نسبة النمو لم تتجاوز 2,5%، في الوقت الذي كان يسجل فيه الاقتصاد الوطني منذ سنة 2000 نموا متوسطا سنويا يقدر ب 4,1%. وهو ما انعكس سلبيا على انتعاش الاقتصاد، وإحداث مناصب الشغل، وامتصاص البطالة.
التزمت هذه الحكومة كذلك بإحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل، والحقيقة أن الحجم الإجمالي للشغل تراجع بـ 24.000 منصب شغل سنة 2022، وبـ 80.000 منصب شغل سنة 2023، وارتفع معدل البطالة إلى 13,7%.
من جهة أخرى، فقد التزمت هذه الحكومة في برنامجها، برفع نسبة نشاط النساء من 20% إلى أكثر من 30%، في حين أنه بعد مضي نصف زمن ولايتها أكدت العديد من التقارير الوطنية، أن وضعية النساء في المغرب تعرف تراجعات خطيرة.
في نفس الإطار، أي المتعلق بالنهوض بأوضاع النساء، وعوض الإسراع في تفعيل الدستور وإخراج هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز إلى الوجود، لجأت الحكومة إلى إحداث اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، في معاكسة صريحة للمقتضيات الدستورية.
التزمت الحكومة كذلك بإخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة، لكن الواقع وبناء على معطيات المندوبية للتخطيط يؤكد نزول أزيد من 3 ملايين مغربي عن عتبة الفقر، وارتفاع معدل الفقر من 1,2% سنة 2022 إلى 6,6% سنة 2023 بسبب التضخم.
حيث وبحسب بحث الظرفية لدى الأسر للمندوبية السامية للتخطيط في الربع الأول من سنة 2024، والذي أكد استمرار تضرر القدرة الشرائية للمواطنين فإن:
82,5 % من الأسر صرحت بتدهور مستوى معيشتها خلال 12 شهرا السابقة
56,9 % من الأسر تتوقع تدهور معيشتها في 12 شهرا المقبلة
80,7 % من الأسر تعتبر أن الظروف غير ملائمة للقيام بشراء سلع مستديمة
56,2 % من الأسر صرحت بتدهور وضعيتها المالية خلال 12 شهرا الماضية
96,9 % من الأسر صرحت بارتفاع المواد الغذائية خلال 12 شهرا الأخيرة
76,3 % من الأسر تتوقع استمرار أسعار المواد الغذائية في الارتفاع خلال 12 شهرا المقبلة
1,8 % من الأسر هي التي تمكنت من ادخار جزء من مداخيلها
كما التزمت بحماية وتوسيع الطبقة الوسطى، والحقيقة أننا أصبحنا بفعل السياسات الحكومية اللاشعبية، والمتمثلة في الزيادة في تضريب هذه الطبقة، وحرمانها من الاستفادة من دعم السكن وتحسين أجورها، أمام تهديد اندثارها، ذلك أن الجزء الأعظم منها أصبح يعيش تحت وطأة غلاء أسعار المواد الاستهلاكية والمحروقات والتضريب واستنفاذ المدخرات.
وبالنسبة لتقليص الفوارق الاجتماعية، فقد التزمت الحكومة تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية من 46,4 % إلى أقل من 39%، لكن الواقع يؤكد استمرار التفاوتات الترابية واتساع الفوارق الاجتماعية وعدم إنصاف الجهات الهشة.
حيث ما تزال معدلات النمو وحجم الاستثمار بالجهات الثلاث: بني ملال خنيفرة، درعة تافيلالت، كلميم واد نون، في تراجع مستمر قياسا بالجهات الأخرى، ولا إجراءات عادلة ومنصفة للحد من معاناتها تحت وطأة المضاعفات السلبية للجفاف، وندرة المياه، وانعدام فرص الشغل.
فيما يتعلق بالنهوض بأوضاع التعليم، فقد التزمت الحكومة بتعبئة المنظومة التربوية لتحسين تصنيف بلادنا على الصعيد الدولي، لكن الواقع يثبت أنها ابتعدت كليا عن تفعيل العديد من المقتضيات الواردة في القانون الإطار للتربية والتكوين، بوصفه الوثيقة المرجعية للجميع، بل انشغلت بقضايا جانبية. دفعت بالمنظومة التعلمية إلى احتقان غير مسبوق ما زالت تداعياته السلبية قائمة إلى اليوم.
في نفس السياق، تعاقدت هذه الحكومة مع الشعب المغربي على تعميم التعليم الأولي لفائدة كل الأطفال ابتداء من سن الرابعة، لكن لا أثر لهذا الإجراء على أرض الواقع، في غياب أي استراتيجية أو مخطط حكومي للإصلاح المؤسساتي والبيداغوجي للتعليم الأولي وربطه بالتعليم الابتدائي. كما أنه الحكومة لم تبادر إلى تفعيل المقتضيات الواردة في هذا الشأن في القانون – الإطار للتربية والتكوين. ولم تتخذ أي إجراء عملي لدمج التعليم الأولي في التعليم الابتدائي ليشكلا معا “سلك التعليم الابتدائي”، وفتحه في وجه الأطفال البالغين ثلاث سنوات بعد تعميمه، وهو ما كان يجب أن يتحقق في ظرف أقصاه ثلاث سنوات على اعتماد القانون الإطار.
التزمت الحكومة كذلك بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من خلال إحداث صندوق خاص بمليار درهم خلال الولاية الحكومية، وبإحداث لجنة استشارية وطنية، ولجان استشارية جهوية، لكن اليوم نسجل أنه قد تم التراجع عن إحداث الصندوق الخاص وموارده التي ستصل إلى مليار درهم من ميزانية الدولة ابتداء من سنة 2025، وأصبح الحديث عن خارطة طريق وبرامج انتقائية محدودة الأثر، وعن تخصيص اعتمادات تصل إلى مليار درهم في أفق 2026.
أما على المستوى الثاني المتعلق بتنفيذ التوجيهات الملكية بخصوص العديد من القضايا والتحديات المطروحة على بلادنا، فإننا نسجل أي مبادرة حكومية جادة فيما يتعلق بتفعيل المنظومة الوطنية المتكاملة للمخزون الاستراتيجي في المجال الغذائي والصحي والطاقي، بالتنزيل الفعلي للنموذج التنموي الذي بقي رهينا عند الحكومة بالاستشهاد، بتفعيل إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية المتضخمة والتي تنهك المالية العمومية، بمباشرة الإصلاح الضريبي لتفعيل مخرجات مناظرة الصخيرات، وأخيرا بمباشرة الإصلاح العميق للمندوبية السامية للتخطيط لمواكبة النموذج التنموي كما دعا إلى ذلك جلالة الملك، وهي كلها ملفات شكلت مضمون توجيهات ملكية وردت في الخطاب الافتتاحي لجلالة الملك للولاية البرلمانية الحالية.
أما فيما يتعلق بالشق الثاني من سؤالكم، أي بورش الحماية الاجتماعية، الذي يعتبر أحد مقومات الدولة الاجتماعية، فقد التزمت الحكومة بتفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة، وفي هذا الإطار نسجل أننا كحزب سياسي وكفريق نيابي قد انخرطنا في هذا الورش الملكي الكبير منذ البداية، من أجل تيسير مسلسله التشريعي، لكن حان لنا اليوم أن نتساءل حول مستويات تنزيل الحكومة لهذا الورش، والتي على أساسها سيتضح للجميع أنها قد فشلت في التنزيل الجيد لبرامج هذا الورش.
في هذا السياق، يحق لنا أن نتساءل حول:
هل تم تعميم “أمو التضامن” على 22 مليون مواطن ومواطنة؟
هل فعلا يلج الأشخاص والأسر التي تعاني من الهشاشة والفقر لآمو التضامن بما يصون كرامتهم؟
لماذا آمو لغير الأجراء لم يحظ بثقة المهنيين والشركاء، في ظل النسب الضعيفة جدا للمنخرطين اللذين يؤدون اشتراكاتهم ولهم ولأسرهم الحق المفتوح Droit ouvert؟
ما مصير الفئات التي أقصيت من أمو التضامن بفعل العتبة والمؤشر؟
هل يمكن أن نكون مطمئنين على ديمومة هذه الأنظمة؟
ما مصير المؤمنين الذين فقدوا الحق في أمو التضامن، علما أن النظام الذي يمكن أن يستقبلهم اختياري “أمة الشامل”؟
ماذا عن الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة والخطيرة؟
ثم بالنسبة لفئة غير الأجراء، بموجب الاتفاقية الموقعة أمام جلالة الملك لتفعيل القانون الإطار بفاس سنة 2021، ستتم تغطية 1,6 مليون فلاح وفلاحة، حاليا كم منهم لديهم الحق المفتوح ويستفيدون فعليا مع عائلتهم من التغطية الصحية؟ المسجلون اليوم 600.000 فقط، منهم 25.000 لديهم الحق المفتوح ويستفيدون فعليا. وبالنسبة لقطاع الصناعة التقليدية، الهدف في الاتفاقية المذكورة هو 750.000 مؤمن، واليوم الذين لهم الحق المفتوح من هذه الفئة 22.000 فقط.
إن هذه المعطيات تكشف بجلاء أننا أمام فشل حكومي ذريع على مستوى التنزيل الجيد لمضامين وبرامج ورش الحماية الاجتماعية بالمغرب.
اتهمتم الحكومة مؤخرا كمعارضة اتحادية ببدء حملات انتخابية ودعمها بالمال العام، هل الفريق الحكومي يتخوف من خسارة قاعدته الشعبية بسبب فشله في إدارة الأزمة الاجتماعية ما يجعله يلجأ إلى حملة انتخابية سابقة لأوانها؟.
الأمر لا يتعلق باتهام، بل بواقع الحال، فالجميع لاحظ ويلاحظ، كيف عملت هذه الحكومة، وبشكل ممنهج، -بحت حناجرنا ونحن ننبه لخطورته ولعدم صوابيته-، على تجميد وتعطيل النقاش بخصوص أدائها في البرلمان، وهو الفضاء الطبيعي لهذا النقاش، في مقابل أن أعضاءها نظموا رحلات مكوكية للعديد من الأقاليم، من أجل الدفاع عن حصيلة قطاعاتهم المرحلية، وبطبيعة الحال باستغلال لوجيتسك وزاراتهم.
قد نتفق، بشكل أو بآخر حول أحقيتهم باعتبارهم فاعلين سياسيين، في التواصل مع الرأي العام بالشكل وبالصورة وبالوسيلة التي يريدون، مادامت لا تتخالف مع الأعراف والقوانين، ولكن ليس على حساب اختصاصات وصلاحيات البرلمان، فليس من السليم في شيء تعطيل النقاش في فضائه الطبيعي باستغلال أغلبية عددية، والسهر على فتح أقواسه في فضاءات أخرى، فالأمر يتعلق في كل الأحول، بالأولويات وبالضروريات، وبما هو مهم لتجويد الممارسة الديموقراطية ببلادنا.
والحقيقة، أن الحكومة لجأت إلى هذا النهج، لأنها تخشى من كل نقاش مؤسساتي، فإن لاحظتم، إن أعضاء الحكومة، في جميع مداخلاتهم، بل وحتى مداخلات رئيسها، يتكلمون في كل شيء، إلا فيما تعاقدوا على أساسه مع المغاربة، أي إلا في التزاماتهم ووعودهم التي ضمنوها في برنامجهم الحكومي، بطبيعة الحال، لأنهم لم ينفذوا منها شيئا، لذلك فهم يهربون من النقاش من فضاءاته الطبيعية، ليفتحوه مع المغاربة، وليعرضوا أمامهم مجموعة من الإنجازات التي لم يسبق أن التزموا بالقيام بها، والتي هي في الأصل إنجازات ملكية، لا فضل لهم فيها، بل يمكن القول أن أداءهم وطريقة عملهم، انتقصت مما كان مرجوا أن تكون عليه. وبالتالي ماذا يمكن أن نسمي هذه الممارسة غير حملة انتخابية سابقة لأوانها، وغير تعطيل للنقاش المؤسساتي بالبلد.
هل تراهنون على قضايا الشباب والبطالة وتضعونها على رأس أولوياتكم كحزب معارض، ما هي ملامح المبادرة التي أطلقتموها مؤخرا لإعادة قطار الشباب إلى سكته الصحيحة وتحسين أوضاعهم؟
إن الأمر يتعلق بمسألة ذات أهمية كبرى، بالنسبة لجميع الإطارات السياسية الحاملة لهم التغيير، وفي مقدمتها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ذلك أنه لا يمكن أن نتصور نجاح أي استراتيجية تروم تحقيق تغيير الأوضاع بالمغرب، من دون إشراك أكبر فئة من المجتمع المغربي، وأكثر الفئات التي تعتبر معنية بهذا التغيير.
بناء عليه، فقد شكلت قضايا الشباب بجميع تحدياتها ورهاناتها تاريخيا، انشغالا بارزا لدى حزبنا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نظرا من جهة أولى، للحجم الذي تمثله هذه الفئة الاجتماعية في الهرم الديموغرافي ببلادنا، وللأدوار المهمة التي يمكن أن تضطلع بها هذه الفئة الاجتماعية، باعتبارها قوة اجتماعية هائلة، فيما يتعلق بربح الرهانات المطروحة على بلادنا، وفي مقدمتها رهان الديموقراطية والتنمية.
ومن جهة ثانية، فإن هذا الانشغال يجد ما يبرره في الموقع الذي تحتله هذه الفئة في الهرم الاجتماعي بالبلاد، فهي تتموقع في أسفله، كنتيجة طبيعية لقصور السياسات الموجهة إليها، وبالتالي كنا نؤكد دائما أن المدخل الرئيس لتحقيق التغيير بالبلد، هو العمل على تحسين أوضاع الشبيبة المغربية.
وهي القناعة، التي أصبحت اليوم قناعة عالمية، مضمونها ضرورة العمل على تحسين الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي لهذه الفئة، هذا الواقع الذي كان عنوانه التهميش منذ سبعينيات القرن الماضي، بسبب التوجهات النيوليبيرالية التي شاعت في العالم خلال تلك الظرفية، والتي امتدت إلى المغرب أيضا خلال الثمانينيات، بعد اعتماده لنظام التقويم الهيكلي، وعليه فقد تزايد اهتمام المجتمع الدوليبضرورة إدماج الشباب في خطط التنمية، وبالتالي فقد بات هذا الواقع يفرض علينا التفكير، في كيفية جعل المسألة الشبيبية في المغرب، نقطة التقاء السياسات العمومية.
في هذا الإطار، تقدمنا كفريق بمقترح قانون إطار للشباب، يهدف إلى ضمان التقائية كل السياسات العمومية الموجهة للشباب، وإلى تجاوز الرؤية القطاعية التي تفتقد للشمولية والادماج والتنسيق، ذلك أن الظرفية والتحديات العديدة المطروحة على بلادنا، تفرض تجاوز إعلان النوايا فيما يتعلق بالمسألة الشبيبية بالمغرب، وتبني سياسات وطنية تعزز المكتسبات الدستورية، وتترجم الخطب الملكية، والأهم تجنب المجتمع المغربي أي صورة من صور التفكك واللاستقرار الاجتماعي.
كيف تقرأ تموقع المعارضة الاتحادية في المشهد السياسي في ظل استمرار التضييق الحكومي على المعارضة السياسية والبرلمانية؟
إن تموقعنا كفريق نيابي، مرتبط بشكل وثيق بتموقع حزبنا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في هذا الإطار، أعتقد أن كل المتتبعين للشأن السياسي بالبلد، يجمعون على أن الاتحاد الاشتراكي لا يزال يحتل موقعه التاريخي في مركز المشهد السياسي العام بالبلد، وهو الموقع الذي يحتله نتيجة لمبادراته، ولمقترحاته، ولتواجده الدائم كآلة حزبية وسياسية مكلفة بمهمة التأطير وبمهمة التعبئة وتعزيز المشاركة السياسية في مدلوها الواسع كمفهوم سياسي، وكعنصر رئيسي في عملية البناء الديموقراطي.
وبطبيعة الحال، فإننا كفريق نستثمر هذا التموقع، باعتبارنا امتدادا للحزب من داخل مجلس النواب، حيث نسهر على استثمار كل الوسائل والآليات المتاحة أمامنا كفريق نيابي وكجزء من المعارضة النيابية، من أجل تصريف تصورات ومواقف حزبنا، بالرغم من جميع الأساليب التي الحكومة بالاستعانة بأغلبيتها العددية من داخل المجلس من أجل تقويض حضورنا، وتسييج تحركاتنا، في هذا الإطار، فإننا نحرص كفريق على مواجهة هذه الأساليب باستحضار القواعد الديموقراطية، والمقتضيات الدستورية، ومواد النظام الداخلي للمجلس، على الأقل لنبيّن للرأي العام أننا أمام أغلبية تحاول بشتى الطرق فرض تصورها للعمل البرلماني وللديموقراطية، وبصورة تختزلها في فهم ضيق لمبدأ الأغلبية، مما يجعلها تدافع عن ديموقراطية الميكانيك، التي تغيب فيها القيم والمبادئ الموجهة للديموقراطية الفعلية.
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في سبتمبر المقبل، هل ستختار أحزاب المعارضة المغربية التوحد والاصطفاف في تحالف واحد لتعزيز حضوها في الحكومة المقبلة؟
تفصلنا عن الانتخابات التشريعية مدة سنتين، وهي مدة مهمة بالنسبة للزمن السياسي وللزمن البرلماني، ذلك أننا لا نفكر اليوم إلا في كيفية تجويد عملنا وأدائنا البرلماني، بصورة تجعلنا نضطلع بمهامنا كأول قوة سياسية معارضة في البلاد، مأمول فيها أن تلعب دور الدركي فيما يتعلق بكل سياسة ممكن أن تكون ضد مصالح المغاربة.
وبالنسبة لخوض غمار الانتخابات في إطار تحالف معين، فالأمر لا يتعلق برغبات أو بتصورات، بل إنه متعلق بدرجة أولى باختيارات حزبية، مؤسسة على ضوابط وقواعد قانونية داخلية، تحدد جيمع التحالفات التي يمكن أن ينخرط فيها الحزب، وقبل كل شيء فإن الحديث عن التحالفات، هو حديث بدرجة أولى عن العقائد السياسية، وعن الأهداف السياسية، والتصورات السياسية، وإلا كنا أمام تحالفات “انتخابوهازية”، ولا أعتقد أن الاتحاد الاشتراكي سينخرط يوما في مثل هذه التحالفات.
لماذا مازال صوت المعارضة المغربية ضعيفا، كيف بإمكانها مواجهة ما تعانيه من تشتت وغياب الانسجام لتحسين أدائها؟
أولا، وجب التأكيد أن وصف تشتت المعارضة وصف غير سليم، ذلك أن المعارضة ليس مفروضا فيها أن تكون كثلة موحدة، وما التنسيق المطلوب منها، إلا تنسيقا في عملها، ونحن حريصون جدا على التنسيق مع جميع مكونات المعارضة، في كل مناسبة أو ظرف تحققت فيه شروط التنسيق، ذلك أننا أمام معارضة مشكلة من أحزاب مختلفة من حيث الإيديولوجيات، والتصورات، وبالتالي من العادي ومن الطبيعي أن نختلف في مجموعة من القضايا، كما أنه من الطبيعي أن نجتمع في أخرى، وهذا حدث كثيرا، حيث نسقنا كمعارضة في العديد من المبادرات البرلمانية.
ثانيا، إذا سلمنا بأننا أمام معارضة ضعيفة، فبشكل طبيعي نحن نسلم أننا أمام حكومة ضعيفة أيضا، ذلك أن الأمر لا يتعلق بنزال رياضي، فيه قوي وضعيف، بل هو يتعلق بقواعد ديموقراطية تحدد كيفية تدبير الشأن العام بالبلد، بصورة تضمن مشاركة الجميع، وهذا بالطبع ما لا تستوعبه الأغلبية الحكومية، التي تعمل جاهدة على تقويض حضور المعارضة، بسبب فشلها في الرفع من إيقاع عملها ليواكب عملن اكمعارضة، وليواكب كذلك مجموع التحولات التي تشهدها بلادنا بقيادة صاحب الجلالة، خاصة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي فهي في سعيها لتقويض حضور المعارضة، لم تقوض إلا حضورها، ولم تضعف إلا من أدائها.
في هذا السياق، سبق وأن أكدت في تصريحات سابقة، أنه وبالرغم من طموح الأغلبية في محاصرة المعارضة، فقد حرصنا دائما في الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، على استثمار جميع الوسائل والآليات التي يتيحها أمامنا القانون، وهو ما انعكس بالإيجاب على حصيلة عملنا، سواء على المستوى الرقابي أو التشريعي أو على مستوى الديبلوماسية البرلمانية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس