نهاية أنبوب الغاز “المغرب العربي-أوروبا”

124
أنبوب الغاز "المغرب العربي-أوروبا"

بقلم: مصطفى واعراب

أفريقيا برس – المغرب. بحلول  أوائل شهر نوفمبر تشرين الثاني 2021، يُفترض أن يتوقف تدفق الغاز الطبيعي، القادم من حقول “حاسي الرمل” بالجزائر عبر خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، بقرار جزائري. فالاتفاق الذي يؤطر هذا الخط سينتهي أجله مع نهاية شهر أكتوبر تشرين الأول 2021، بعد أن يكون قد أكمل مدته المحددة “25 عاما”.

على المستوى الرسمي، من المتوقع أن يعمق هذا القرار أكثر الأزمة السياسية المستفحلة بين الرباط والجزائر، التي شهدت أصلاً توتراً غير مسبوق خلال العامين الأخيرين. خصوصا وأن خط الأنابيب هذا يعتبر آخر مجال للتعاون بين الجارين اللدودين، وبنهاية العمل به مع الحدود المغلقة والعلاقات المقطوعة، يكون البلدان قد دخلا مرحلة غير مسبوقة في تاريخهما.

أما على المستوى الشعبي، حظي القرار باحتفاء في الجزائر، وسط ضجة إعلامية رسمية تصاحبه، وتُصَور وقف الصادرات الغازية الجزائرية إلى المغرب، على أنها “ضربة قاتلة” سوف تحطم اقتصاده وتجعل المغاربة يعانون بشدة.

فما هي خلفيات اتخاذ هذا القرار المؤسف؟ وما هي الأبعاد الاقتصادية والجيوسياسية لخط الأنابيب هذا، الذي يخلق من حوله كل هذه الضجة في دول المغارب وخارجها؟ وما هي تداعياته المختلفة على الأطراف الثلاثة (الجزائر والمغرب وإسبانيا)، التي كان يجمعها في إطاره؟

الجميع خاسرون من القرار

بعد يومين من قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، ألمحت الجزائر الخميس 26 آب أغسطس الماضي، إلى إمكانية وقف إمدادات الغاز إلى المغرب في نهاية أكتوبر تشرين الأول الجاري. أي أن هذا القرار يدخل ضمن حزمة “العقوبات” التي فرضتها على المغرب، ردا على “استفزازاته المتكررة”. ويبدو أن هذا القرار أتى ردا على إعراب المغرب بشكل رسمي، قبل قطع العلاقات، عن تأييده لتمديد العمل بخط الأنابيب “المغرب العربي-أوروبا”. فقد أكدت المديرة العامة “للمكتب الوطني للمحروقات” المغربي أمينة بنخضرا “إرادة المغرب الحفاظ على هذا الخط لتصدير الغاز، وهو التأكيد الذي تكرر بوضوح وعلى جميع المستويات -الرسمية المغربية- منذ أكثر من ثلاث سنوات”.

إن تسييس قضية تجارية من قبيل أنبوب غاز المغرب العربي-أوروبا، من طرف دولة المنبع “الجزائر”، لأجل “معاقبة” دولة العبور “المغرب”، خلق أزمة معقدة وغير مسبوقة، جعلت دولة المصب “إسبانيا” تؤدي بدورها فاتورة الأزمة الطاقية. ويرى خبراء مغاربيون في قطاع الطاقة بأن عدم تجديد اتفاقية خط أنبوب المغرب العربي-أوروبا، سيكون مكلفا اقتصاديا وماليا وطاقيا للدول الثلاث. صحيح أن التكلفة لن تكون بالقدر نفسه بالنسبة للجميع لكنها ستمس الجميع. فالقرار الجزائري أتى في وقت تضاعفت أسعار الغاز تقريبا خمس مرات حتى الآن، وهو تطور غير مسبوق في السوق العالمية. كما أن الطلب على ناقلات الغاز الطبيعي المسال آخذ في الارتفاع.

في تحليليه للأزمة السياسية حول أنبوب المغرب العربي-أوروبا، وما نتج عنها من أزمات طاقية وغيرها، يرى الصحفي الاستقصائي الجزائري عبدو السمار، بأنه: “حتى قبل اندلاع التوترات الأخيرة بين الجزائر والمغرب، واتهام المغرب بالتآمر في إحراق الغابات والاستفزازات، الخ… كانت الجزائر قد قلصت إمداداتها من الغاز إلى إسبانيا والبرتغال عبر أنبوب المغرب العربي- أوروبا؛ حيث أصبحت 60% من الامدادات تمر عبر أنبوب “ميدغاز (الذي يربط مباشرة بني صاف الجزائرية بألمريا الإسبانية مرورا تحت البحر المتوسط)، منذ 2016، في مقابل 40% فقط من الغاز عبر أنبوب المغرب العربي- أوروبا”.

ويعيد السمار “التراجع في استعمال هذا الأنبوب الأخير إلى دخول أنبوب ميدغاز المباشر الخدمة من جهة، وتراجع قدرة الجزائر على تصدير الغاز من جهة أخرى، بسبب ارتفاع الاستهلاك الداخلي الجزائري من الغاز، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أن استهلاك الجزائريين للغاز يرتفع سنويا بنسبة 10%، بفعل ارتفاع السكان (الجزائريون يتزايدون بمعدل مليون نسمة في السنة)”. ويعني هذا أن تزايد الاستهلاك الجزائري من الغاز يؤدي بالمنطق، إلى تراجع متواصل لحجم صادرات البلاد من هذا المورد الحيوي الذي تعتمد الخزينة الجزائرية على صادراته بنسبة 87% من مداخيلها. ويعكس هذا المعطى الاقتصادي الهام جدا الذي يلعبه أنبوب الغاز الذي يمر عبر المغرب في تحصيل تلك المداخيل، وكيف أنه يبقى أقل كلفة للجزائر من استعمال خطها الآخر “ميدغاز” المار تحت البحر مباشرة إلى إسبانيا، الذي لا يسع سوى 8 مليارات متر مكعب من الغاز في السنة.

وبالنتيجة، لنقل الأربعة مليارات متر مكعب الأخرى التي تحتاجها إسبانيا لتلبية احتياجاتها، والتي لن يسعها الأنبوب المباشر، ستكون هناك حاجة إلى حوالي خمسين سفينة نقل للمحروقات. لكن لن يكون من اليسير توفيرها بين عشية وضحاها، حيث ارتفع ضغط الطلبات على سوق الناقلات أكثر من أي وقت مضى. كما أن تكلفة استئجارها ستكون مرتفعة جدا. بالإضافة إلى ذلك، فإن عملية الإسالة والتغويز اللاحقة تجعل الغاز الطبيعي المسال بديلا أكثر تكلفة، مقارنة بنقله بكل بساطة عبر خط الأنابيب.

الموقف بالنسبة لإسبانيا

وعلى أبواب موسم البرد، أخشى ما تخشاه مدريد هو أن تواجه أزمة إمدادات في الغاز، في وقت يعاني المستهلكون الإسبان حاليا من ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود والغاز. فإسبانيا تستورد من الجزائر ما يقرب من نصف ما تستهلكه من الغاز سنويا. ولا تحتاج إليه فقط للصناعة والتدفئة. بل وكذلك لإنتاج حوالي ثلث الكهرباء الذي تستهلكه في محطات توليد الطاقة ذات الدورة المركبة التي تعمل بالغاز الطبيعي. وتفاديا لحصول أية أزمة في تموينها بالغاز دافعت مدريد حتى الرمق الأخير، عن تشغيل خطي الأنابيب: أنبوب المغرب العربي- أوروبا العابر للمغرب، وأنبوب ميدغاز الذي يذهب مباشرة من الجزائر إلى ألميريا.

بالمقابل، تعهدت الجزائر بزيادة طاقة هذا الأخير الاستيعابية من 8 إلى 10 مليارات متر مكعب سنويا. ورغم الشكوك المحيطة بقدرتها على ذلك، فإن الـ 10 مليارات متر مكعب لن تكفي الحاجيات الإسبانية، حيث ستظل هناك حوالي 4 مليار متر مكعب إضافية لتلبية كامل حاجياتها. ولتغطيتها تقترح الجزائر أن تصدرها لمدريد على شكل غاز طبيعي مسال (LNG) في ناقلات. لكن هذه الحلول المرتبكة لا تقنع الطرف الإسباني، ولذلك توالت زيارات كبار مسؤولي الحكومة الاسبانية إلى العاصمة الجزائرية منذ شهرين، لقيادة مفاوضات صعبة هدفها تليين الموقف الجزائري، والإبقاء على الأنبوبين معا قيد التشغيل. كانت آخرها زيارة نائبة رئيس الحكومة الإسبانية تريسا ريفيرا للجزائر الأربعاء الماضي، في مهمة الفرصة الأخيرة. وتعد زيارتها هي الثالثة من نوعها إلى الجزائر في أقل من شهر بسبب ملف الغاز، حيث سبقها وزير الخارجية خوسي مانويل ألفاريس الذي زار الجزائر يوم 30 سبتمبر الماضي بسبب الملف نفسه.

وترجع تقارير إعلامية إسبانية التمسك الإسباني بالإبقاء على المغرب العربي-أوروبا، أيضا إلى حرص مدريد على الدفع بالتعاون الاقتصادي بين الجزائر والمغرب، من أجل تخفيف حدة التوترات السياسية والأمنية في المنطقة المغاربية. فضلا طبعا عن ضمان استمرار تدفق الغاز دون مشاكل، علما أنه آخذ في فرض نفسه مصدرا رئيسيا في أوروبا، لتوليد الكهرباء مع التوجه العام الجديد نحو التخلص من الطاقة النووية. ورغم الإلحاح الإسباني، ظلت الجزائر معاندة في رفضها التام والتشديد على وقف العمل بهذا الأنبوب، بعد نهاية العقد آخر أكتوبر تشرين. ومكررة طمأنتها لمدريد بقدرة الجزائر على الوفاء بتعهداتها بتلبية جميع حاجياتها من الغاز.

لكن يبدو أن إسبانيا ليست واثقة من قدرة الجزائر على الوفاء بتعهداتها، عبر أنبوب ميدغاز بالنظر إلى احتمالية تعرضه لحوادث من شأنها أن تتسبب في توقيف مؤقت للإمدادات. وبالتالي تبدي مدريد شكوكا في قدرته على أن يشكل بديلا فعالا للأنبوب الذي يمر عبر المغرب، والذي أثبت فعاليته على مدى الربع قرن الماضي، وهو ما سيشكل أزمة كبيرة لإسبانيا. ولذلك شرعت مدريد في التفكير في ضمان بدائل احتياطية، حيث قاد مسؤولون إسبان مشاورات مع نظرائهم القطريين، من أجل اعتماد الغاز القطري كبديل آخر من أجل الاستجابة للطلب الداخلي المتوقع أن يرتفع شتاء هذه السنة.

الموقف بالنسبة للجزائر

في خريف 1994، كانت قد مرت شهور قليلة على إغلاق الحدود الجزائرية المغربية، ردا على المغرب الذي فرض التأشيرة على الرعايا الجزائريين، ردا منه على تورط المخابرات الجزائرية في حادث الهجوم الإرهابي على فندق أطلس أسني بمراكش… رغم الأجواء المكهربة جدا بين البلدين، لم تمنعهما من إطلاق أشغال تشييد أنبوب المغرب العربي-أوروبا، في إطار شراكة شملت أيضا إسبانيا والبرتغال.

واليوم وبعد مرور ربع قرن بالتمام والكمال، ما زالت الأجواء مكهربة بين الجارين اللدودين. لكن هذه المرة تحول أنبوب نقل الغاز نفسه إلى “قضية وطنية”، يلتف حولها الجزائريون في مواجهة “عدو” مغربي مفترض، نجحت البروباغندا الرسمية في شيطنته بتفوق، وفي تحويل الأنبوب من شراكة تجارية إلى أداة من أدوات الصراع السياسي المتفاقم مع الرباط. وبالتالي فإن عدم تجديد الاتفاق بشأنه هو قرار سياسي أكثر منه اقتصادي، لن تكون له تأثيرات تذكر على الجزائر، التي تصر على أن قرارا من هذا النوع الهدف منه هو الإضرار بقوة بمصالح المغرب. فبعد قطع العلاقات بعد البلدين، ثم غلق الأجواء في وجه حركة الطيران المغربية، يأتي قرار غلق أنبوب الغاز العابر للمغرب كخطوة أخرى منظرة ضمن مسلسل “العقوبات” المفروضة على الرباط.

فهل حقا ستربح الجزائر الكثير من وراء هذا القرار، كما ظل الإعلام الجزائري يردد منذ أغسطس-آب الماضي؟

من بين الأنابيب الثلاثة التي تنقل الغاز الجزائري إلى دول جنوب أوروبا “إيطاليا، إسبانيا والبرتغال”، يعتبر أنبوب المغرب العربي-أوروبا العابر للمغرب هو الأكبر سعة، حيث يمكن له أن ينقل حتى 14 مليار متر مكعب من الغاز سنويا. فضلا على أنه الوحيد الذي يمر تحت مياه البحر المتوسط على مسافة محدودة. بينما أنبوب ميدغاز لا تزيد سعته عن 8 مليارات متر مكعب سنويا فقط، وبحكم مرور الجزء الأكبر منه تحت مياه المتوسط على مسافة طويلة، فإنه أكثر عرضة للأعطاب وتكلفة صيانته تكون أغلى وقد تستغرق وقتا أطول ستبقى خلاله إسبانيا بدون إمدادات غازية. ولذلك تصر هذه الأخيرة على إبقاء العمل بالأنبوبين من باب الاحتياط.

ويقول خبراء جزائريون إنه منذ إنشاء أنبوب الغاز “المغرب العربي-أوروبا”، كان المغرب يشتري حوالي 7% عن صادرات الغاز الجزائرية العابرة الى اسبانيا بأسعار تفضيلية؛ تلبي 65% من احتياجاته من هذه المادة الحيوية “النسبة الحقيقية هي 15% وليس 65”. ووصلت حقوقه المالية من الأنبوب في بعض الأحيان إلى 200 مليون دولار سنويا “للدقة كان ذلك استثناء، حصل ذلك مرة واحدة خلال 25 عاما”، ويستفيد من أثمان تفضيلية في أداء حاجياته من الغاز.

لكن خبراء دوليين في مجال الطاقة يحذرون من أن القرار الجزائري ستكون له تبعات اقتصادية سلبية عدة، من شأنها الإضرار بمصالح الجزائر بشكل مباشر أو غير مباشر.. إذ تذهب توقعاتهم إلى أن يؤدي إلى رفع كلفة نقل الغاز نحو أوروبا، وبالتالي رفع سعر شراء الغاز على الزبون الإسباني و”البرتغالي” وخفض هامش الربح المالي الذي ستحصله الجزائر مقابل نقل غازها إلى إسبانيا.

الموقف بالنسبة للمغرب

على المَدَيَيْن المتوسط والطويل، يمتلك المغرب الكثير من البدائل، لتعويض وارداته من الغاز من الجزائر، من بينها الغاز الصخري الأمريكي والإسرائيلي والتركي. بل وحتى الاكتشافات الأخيرة الواعدة للغاز بشرق وجنوب وغرب المغرب، يمكن لها أن تغطي جزءا هاما من حاجيات البلاد. لكن خيارات المغرب الآنية تبدو ‒بالمقابل‒ محدودة للغاية، لتعويض وارداته التي كان يعتمد عليها لتوليد 5% من الطاقة الكهربائية.

طبعا يمكن تعويض هذا النقص بشرائه من إسبانيا، التي ترتبط شبكتها الكهربائية بالشبكة المغربية عبر كابلين بحريين منذ سنوات. ويتبادل البلدان بشكل عادي بيع وشراء الكهرباء بحسب الحاجة أو أحيانا لتصريف فائض أحدهما منها لدى البلد الجار. لكن المشكلة أن إسبانيا تعاني بدورها صعوبات في توفير حاجياتها من الكهرباء، التي ارتفع سعرها على المستهلك الإسباني. وتتخوف مدريد من أن تعاني من أي نقص وهي على أبواب الشتاء.

ومن جهة أخرى، أكدت مصادر حكومية مغربية بأن المغرب الذي كان يتوقع الخطوة الجزائرية المعادية، أعطى بشكل مسبق تصاريح لمستوردي الغاز المغاربة تحسبا. لكن فضلا عن فاتورة الغاز التي ارتفعت هذا العام بنسبة تقارب 600℅، هناك تكاليف النقل التي أصبحت باهظة، وأيضا مشكلة كون المغرب لا يمتلك تجهيزات لتخزين احتياجاته من الغاز المسال، ولذلك يفكر في إقامة خزانات عائمة في البحر بشكل عاجل.

بمعنى أن مصلحة المغرب تقتضي البحث عن مزود بديل بالغاز يكون قريبا، مثل إسبانيا. ولذلك تقلت وكالة رويترز عن مسؤول مغربي إن بلاده ترغب في الحصول على الغاز الجزائري عبر اسبانيا. وبحسب الإعلام الإسباني، فإن مدريد تفاوض الجزائر لشراء حصة أكبر من احتياجاتها من الغاز، بهدف إعادة تصديرها إلى المغرب، عبر أنبوب الغاز “المغرب العربي-أوروبا”، الذي يقول المسؤولون المغاربة إنهم لن يتركونه يصدأ. وفي هذا الصدد، كشفت يومية “إلباييس” الإسبانية واسعة الانتشار، بأن المغرب يمكن أن يطلب من إسبانيا إرسال الغاز عبر خط الأنابيب إياه في الاتجاه المعاكس، بحكم أنه لا يتوفر على ميناء يستقبل ويعالج الغاز السائل ويحوله إلى طبيعته الغازية، في حين تتوفر إسبانيا على عدد من الموانئ التي تقوم بهذه المهمة. إلا أن الرباط لم تقدم بعد ‒بحسب اليومية الإسبانية‒طلبا رسميا إلى مدريد بهذا الشأن لحد الآن.

وتصف الجريدة وضع إسبانيا التي تحرص على الحفاظ على علاقات ممتازة مع كل من المغرب والجزائر بالصعب، لأنها تجهل كيف ستتصرف الجزائر حيال احتمال نقل الغاز الجزائري إلى المغرب عن طريقها.

وبحسب يومية “الشروق” الجزائرية شبه الرسمية، بأن ما يُعرَف بـ “التدفق المعاكس” للغاز هو عملية صعبة التحقيق. فمحطات الضخ القوية التي يتوفر عليها أنبوب “المغرب العربي-أوروبا” تقوم بضخ الغاز من الجزائر نحو المغرب ومنه إلى اسبانيا، أي من الجنوب الى الشمال. لكن القيام بهذه العملية في الاتجاه المعاكس “من اسبانيا إلى المغرب” يتطلب استثمارات وشهورا طويلة لتهيئة عملية الضخ من الشمال نحو الجنوب.

وإذا نجحت اسبانيا والمغرب في تجاوز هذا العائق، لا أحد يعلم إن كانت الجزائر ستوافق على بيع كمية إضافية من الغاز لإسبانيا لتصديرها نحو المغرب. فإذا كانت مصادر مغربية أكدت الخبر لوكالة رويترز، فإن الحكومة الجزائرية لم تعلق بعد على هذا الموضوع.

الجزائر تضع نقطة نهاية لشراكة ناجحة

خط أنابيب المغرب العربي-أوروبا(MEG)، الذي يعرف أيضا باسم Pedro Duran Farell pipeline، هو خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي، يصل بين حقل حاسي الرمل في الجزائر وقرطبة في إسبانيا مرورا بالمغرب، حيث يتصل مع شبكة الغاز البرتغال وإسبانيا، ويمد كلا من المغرب، وإسبانيا، والبرتغال بالغاز الطبيعي.

تم اقتراح فكرة هذا الخط لأول مرة عام 1963، من طرف شركات فرنسية. وكان التصور الأولي يقترح مد خطوط أنابيب إلى غاية مدينة ستراسبورغ في فرنسا. وبسبب نزاع منطقة الصحراء الغربية، فقد منعت كل الطرق من الجزائر عبر المغرب إلى إسبانيا. لكن فكرة المشروع لم تنضج سوى في أوائل التسعينيات. إذ في عام 1992، وافقت حكومتا إسبانيا والجزائر على إنجازه، وفي الوقت نفسه وقعت كل من شركتي “سوناطراك” الجزائرية للمحروقات ونظيرتها الإسبانية “إناغاز” اتفاق إمداد بالغاز طويل الأمد. وتلا ذلك توقيع اتفاقية مع المغرب تضمنت شروط وإجراءات إنشاء وتشغيل خط الأنابيب. وفي نفس السنة، تأسست شركة “خط أنابيب المغرب العربي-أوروبا المحدودة”. في عام 1994، انضمت شركة “ترانسغاز” البرتغالية للمشروع. لتنطلق الأشغال في 11 أكتوبر 1994، ويفتتح القسم الإسباني في 9 ديسمبر 1996.

يمتد خط الأنابيب هذا على مسافة 1,620 كلم وبلغت تكلفته 2,3 مليار دولار أمريكي، وبإمكانه ضخ ما معدله 13,5 مليار من الأمتار المكعبة سنويا. ويتشكل خط الأنابيب من خمسة أقسام: القسم الجزائري بطول يصل إلى 515 كيلومتر، ويمتد من حقل حاسي الرمل في الجزائر إلى الحدود المغربية، وتملكه وتشغله شركة المحروقات الجزائرية “سوناطراك”. والقسم المغربي بطول يصل إلى 522 كيلومتر وتملكه الدولة المغربية. أما القسم البحري من خط الأنابيب فيقطع أعماق مضيق جبل طارق بطول 45 كيلومتر، ويملكه بالشراكة كل مشركة إناغاز (إسبانيا) والدولة المغربية. بينما يصل طول القسم الأندلسي إلى 269 كيلومتر وينتهي بمدينة قرطبة حيث شركة لتكرير الغاز ومنشئات لضخه نحو البرتغال. وأخيرا القسم البرتغالي بطول يصل إلى 269 كيلومتر

ومع انتهاء عقود الشراكة التي تؤطر هذا الأنبوب، اعتبارا من 31 أكتوبر 2021، ستسترجع كل دولة ملكية الجزء المار من ترابها.