هل يشرع المغرب في إنتاج القنب الهندي “الكيف” العلاجي والصناعي؟

98

مصطفى واعراب

أفريقيا برس – المغرب. قام مجلس الحكومة المنعقد برئاسة عزيز أخنوش الخميس الماضي، بالمصادقة على مشروع مرسوم رقم 2.22.159 بتطبيق بعض أحكام القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي (المعروف بالمغرب تحت اسم “الكيف”). ويندرج هذا المشروع في إطار استكمال تطبيق القانون المذكور، وأعدته وزارة الداخلية بتنسيق تام مع القطاعات الوزارية المعنية، بحيث حدد الأقاليم التي يجوز فيها الترخيص بممارسة أنشطة “زراعة وإنتاج القنب الهندي، وإنشاء واستغلال مشاتله (وهي أقاليم: الحسيمة وشفشاون وتاونات)، مع إمكانية إضافة أقاليم أخرى بحسب إقبال المستثمرين الوطنيين والدوليين على الأنشطة المرتبطة بسلسلة إنتاج القنب الهندي”.

 

زراعة القنب الهندي "الكيف" في المغرب

وتأتي هذه الخطوة في إطار عملية التنزيل القانوني الطويلة، لما يسمى في المغرب بـ “تقنين الكيف”، التي تثير منذ أكثر من عقد نقاشا سياسيا محتدما وسط الطبقة السياسية والمجتمع المغربي. وهو التنزيل الذي شُرع فيه غداة رفع لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة، في 3 ديسمبر 2020، القنب الهندي من قائمة المواد المخدرة، والسماح باستخدامه للأغراض الطبية والصناعية. لكن هذه العملية الواعدة بالكثير من المزايا معقدة وتواجهها إكراهات عدة، يتوقف عندها هذا التحقيق.

زراعة القنب الهندي "الكيف" في المغرب

تقدر المساحة المزروعة بالقنب الهندي في المغرب بنحو 50 ألف هكتار، تنتشر في مناطق جبلية منعزلة بأقاليم شمال المغرب. ويتم تحويل النبات محليا في بيوت الفلاحين، ليصنع منه “الحشيش” الذي يهرب 80 بالمئة منه بالأساس إلى أوروبا الغربية، بينما يوجه الباقي للاستهلاك داخل المغرب. ويقول باحثون أوروبيون إن ارتفاع الاقبال الأوروبي على الحشيش، خلال عقدي الستينيات والسبعينيات، هو ما دفع الإنتاج يتضاعف في المغرب لمسايرة الطلب المتزايد. وتقدر دراسة قام بها مكتب دراسات دولي شهير، عدد المغاربة المشتغلين في إنتاج القنب الهندي بنحو 800 ألف، بينما يتراوح عدد الأسر التي تعيش من عائداته بين 80 ألف و140 ألف أسرة.

لكن وجه المفارقة أن الكفة الرابحة تميل لفائدة مافيات الحشيش، المكونة من كبار المهربين المغاربة الذين يهربونه نحو أوروبا، ويقومون بتبييض أمواله في مشاريع سياحية وتجارية، ببعض البلدان الأوروبية بعلمها طبعا (خصوصا هولندا وإسبانيا) التي يحملون جنسياتها. بينما لا يجني مزارعو الحشيش سوى الفتات والملاحقات الأمنية. ولذلك يتابع الرأي العام المغربي بكثير من الاهتمام تطورات هذا الموضوع.

مصادقة حكومية

هكذا، قام مجلس الحكومة المنعقد يومه الخميس تحت رئاسة عزيز أخنوش بالتداول والمصادقة على مشروع مرسوم رقم 2.22.159، بتطبيق بعض أحكام القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي. وقدم هذا المشروع، الذي أعدته وزارة الداخلية بتنسيق تام مع القطاعات الوزارية المعنية، وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت. ويندرج هذا المشروع في إطار استكمال تطبيق القانون المذكور، فيحدد الأقاليم التي يجوز فيها الترخيص بممارسة أنشطة زراعة وإنتاج القنب الهندي، وإنشاء واستغلال مشاتله (وهي أقاليم الحسيمة وشفشاون وتاونات). مع إمكانية إضافة أقاليم أخرى إلى القائمة، بحسب إقبال المستثمرين الوطنيين والدوليين على الأنشطة المرتبطة بسلسلة إنتاج القنب الهندي.

وفي سياق تشجيع الاستثمار في هذا المجال، يَعْهَدُ هذا مشروع المرسوم إلى “الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي” بمُواكبةَ طالبي الرخص وتيسير إنجاز المساطر الإدارية المتعلقة بمنحها، طبقا لمقتضيات القانون سالف الذكر. وذلك بتنسيق تام مع كل المتدخلين المعنيين. كما ينص على إحداث “لجنة استشارية” تتولى دراسة طلبات الرخص وإبداء رأيها فيها، سيرأسها المدير العام للوكالة أو ممثله وتتكون من ممثلي القطاعات المعنية.

وسعيا من الحكومة إلى تفادي أيّ تحويل للقنب الهندي المقنن إلى أغراض أخرى غير مشروعة، فإن مشروع المرسوم ينص على “إلزام أصحاب الرخص بموافاة الوكالة بتقارير شهرية، حول مدخلات ومخرجات القنب الهندي الذي ينتجونه، وكذا وضعية مخزونه وبذوره وشتائله ومنتجاته، علاوة على جرد مادي سنوي لهذه النبتة ومنتجاتها”. من ناحية أخرى، يُؤَهِّل مشروع المرسوم المذكور السلطات الحكومية المكلفة بالداخلية، والفلاحة، والصحة، والتجارة والصناعة، بحسب الحالة، لـ “إصدار القرارات المتعلقة بتحديد محتوى ملفات طلبات الرخص الخاصة بكافة الأنشطة المتعلقة بالزراعة، والإنتاج، والتحويل، والتصنيع، والنقل، والتصدير. وكذا استيراد المنتجات والبذور والشتائل، ومنح رخص إنشاء المشاتل، وكيفيات منحها”.

زراعة القنب الهندي "الكيف" في المغرب

وتشمل القرارات ذاتها أيضا تحديد نسبة رباعي هيدروكانابينول (THC)، وهي المادة التي ينتج عن استهلاكها التخدير وما يرتبط به من تأثير نفسي وعقلي، ونماذج السجلات وكيفيات مسكها من لدن الوكالة وأصحاب الرخص، وشروط وكيفيات اعتماد البذور والشتائل، ونماذج عقود بيع المحاصيل ومحضر تسليمها، ومحضر إتلاف فائض الإنتاج، وتحديد رمز خاص يثبت أن منتج القنب الهندي تم الحصول عليه وفقا لأحكام القانون رقم 13.21 المشار إليه آنفا، علاوة على تحديد كيفيات التصريح، داخل الآجال القانونية، بالأضرار أو هلاك محاصيل القنب الهندي نتيجة قوة قاهرة أو حادث فجائي.

نقاش داخلي لا ينتهي

وتأتي هذه الخطوة الحكومية كحلقة أخرى ضمن سلسلة من الإجراءات المعقدة، التي ما تزال الطريق أمامها طويلة قبل أن تخرج بإنتاج الكيف من دائرة المحظور إلى أفق قانوني. والواقع أن المجتمع المدني والطبقة السياسية في المغرب لم ينتظرا قرار الأمم المتحدة إياه، حتى يرفعا الطابو عن مناقشة قضايا وإشكاليات الكيف والحشيش. فمنذ أكثر من عقد تواترت تقارير وبيانات الجمعيات القريبة من الملف بأقاليم شمال المغرب، داعية إلى رفع التجريم عن إنتاج هذا النبات المخدر، الذي ظل اسم المغرب بسببه حاضرا في صدارة الدول المنتجة له عالميا، في التقارير الدولية. وصدرت أولى الإشارات السياسية المطالبة بتقنين زراعة القنب الهندي وبالعفو الشامل عن المزارعين المتابعين، في عام 2009 من بلدة كتامة بقلب جبال الريف، خلال الحملة الانتخابية، وتحديدا من طرف قيادات حزب الأصالة والمعاصرة، يتقدمها مؤسس الحزب وصديق الملك وكبير مستشاريه فؤاد عالي الهمة. ودفعت هذه الدعوة “الجريئة” كثيرا من المعنيين بهذا الملف الشائك، إلى التفاؤل بكونه بات قريبا جدا من الحل، بالنظر إلى ثقل الحزب الذي تبناها وموقع مؤسسه.

لكن تلك الدعوة لم يكن لها غد، بحيث تم حسابها على الوعود الانتخابية التي لم يكن من هدف وراءها غير كسب أصوات مزارعي الكيف الفقراء بمنطقة الريف. ثم عاد الاهتمام بالموضوع حصريا إلى المجتمع المدني المحلي، القريب من المناطق المنتجة للقنب الهندي، ونأت عنه الطبقة السياسية بنفسها إلى حين.

وفي يونيو 2014 دخل ملف القنب الهندي الشائك لأول مرة إلى مجلس النواب [الغرفة الأولى من البرلمان]، من خلال مقترح قانون تقدم به حزب “الاستقلال”، ويتعلق بـ “العفو العام عن مزارعي الكيف”. ثم تلاه مقترح ثان لحزب “الأصالة والمعاصرة (المعروف اختصارا باسم “البام)” أحيل على مجلس المستشارين [الغرفة الثانية من البرلمان] في ديسمبر 2015. ويتعلق بإصدار قانون لـ “تقنين زراعة واستعمال الكيف لأغراض طبية وصناعية”. لكن حزب “العدالة والتنمية” (الإسلامي) الذي كان يرأس الحكومة، رد بالمطالبة بتجريم زراعة القنب الهندي في رد على غريمه “البام” الذي كان سباقا إلى المطالبة بتقنين القنب الهندي.

وفي مواجهة هذه المزايدات السياسية، كان لزاما على المؤسسات ذات الصفة لإبداء الرأي والاستشارة أن تدلي بدلوها، وفي مقدمتها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي انكب على الملف، منذ صدور قرار الأمم المتحدة المذكور في 3 ديسمبر 2020. وفي هذا الإطار، كشف نور الدين مضيان رئيس فريق حزب الاستقلال بمجلس النواب، خلال مناظرة عن بعد نظمها المجلس مؤخرا حول موضوع زراعة القنب الهندي، أن زراعة هذه النبتة، كانت تقتصر في البداية على ثلاث مناطق، هي “بني سدات” و”كتامة” بإقليم الحسيمة و”بني خالد” بإقليم شفشاون، قبل أن تتسع فيما بعد لتشمل أربعة أقاليم أخرى بشمال المملكة، هي تاونات ووزان والعرائش وتطوان. ودعا مضيان إلى “تقنين زراعة الكيف على غرار باقي الزراعات الأخرى”، مقترحا تعديل ظهير 1974 بما يتماشى مع القرار الأخير للجنة مكافحة المخدرات بالأمم المتحدة، القاضي برفع الصفة الإجرامية عن نبتة الكيف، ومؤكدا أن فريقه البرلماني “بصدد إعداد مقترح قانون في هذا الاتجاه”.

رفع التجريم الأممي

زراعة القنب الهندي "الكيف" في المغرب

المعروف أن حشيش القنب الهندي يعتبر أكثر أنواع المخدرات انتشارا في العالم. بسبب رخص ثمنه أولا، وتوفره بكثرة بالمقارنة مع باقي أنواع المخدرات الأخرى ثانيا. وهنا تتمثل مدى خطورته على عقول متعاطيه، خاصة من فئة الشباب والمراهقين، الذين يتوهمون بأن مخدر الحشيش لا يمكن إدمانه، كما هو الحال بالنسبة إلى الكوكايين أو الهيرويين. ويدفع ذلك أعداد المدمنين على الكيف والحشيش إلى مستوى قياسي، إذ يزيدون حاليا على 183 مليونا عبر العالم، في مقابل 17 مليون مدمن على الكوكايين مثلا، بحسب الأمم المتحدة.

ولذلك أدرج اسم القنب الهندي أو الماريخوانا مرتين في اتفاقية الأمم المتحدة للعام 1961. ففي الفئة الأولى التي تشمل جميع العقاقير المخدرة الممنوع تداولها بصفة فردية، تم ذكر اسم القنب الهندي. كما ذكر اسم هذه النبتة في المادة الرابعة التي تسمح بالاستخدامات المحدودة لها ضمن قواعد صارمة.

ويبرر المؤيدون لاستمرار تجريم الحشيش، بأثره السلبي على صحة مستهلكيه البدنية والعقلية. وكذا ارتباط ترويجه بعوالم الجريمة المنظمة. بالإضافة إلى عوامل أخرى تبرر الإبقاء عليه ضمن دائرة المحظورات. لكن المدافعين عن تقنين رواجه يدافعون باستحضار النموذج الهولندي، الذي يعتبرونه “ناجحا” لتبرير وجهة نظرهم. فعلى غير المتوقع، لم تؤد السياسية الليبرالية تجاه المخدرات إلى جعل الهولنديين شعبا مدمنا. وذلك على عكس ما هو حاصل في فرنسا وبريطانيا مثلا، اللتان يؤدي تجريم الحشيش فيهما إلى رفع مستويات المدمنين، وفق مبدأ “كل ممنوع مرغوب”.

وفي المجمل، أصبحت اتفاقية الأمم المتحدة بشأن المخدرات للعام 1961 بحكم الواقع متجاوزة، إذ إن هناك العديد من الدول التي خالفتها وسنت قوانين داخلية خاصة بها، تنظم استخدام القنب الهندي. لكن على الجانب الآخر، ما زالت العديد من الدول ترفض السماح برواجه على أراضيها. وانعكس ذلك بشكل منطقي على جلسة التصويت، على قرار يبيح استعمال نبتة القنب الهندي في مجالات الاستخدام الطبي، خلال اجتماع لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة التي انعقدت في 3 ديسمبر 2020. وكانت الأمم المتحدة تتبع في ذلك توصية منظمة الصحة العالمية، الصادرة منذ نحو ثلاثة أعوام، حول اعادة تعريف درجة خطورة نبات القنب. وكان مفترضا أن يتم التصويت على القرار بداية العام 2020، لولا أنه تم تأجيله.

وما يعكس حجم الانقسام الدولي الذي يرافق هذا الموضوع، هو أن القرار وافقت عليه في النهاية 27 دولة مقابل رفض 25 دولة. وكان المغرب إلى جانب ألمانيا ودول ذات وزن دولي كبير في جانب المصوتين لفائدة تبني القرار. فجاءت صيغة الاتفاق بتنظيم استخدام القنب للأغراض الطبية والتجميلية والصناعية، كحل وسط بين الدول المنقسمة. لأن اقتراح الأمم المتحدة لخطوة مثل رفع نبتة القنب بشكل كامل من قائمة المواد المخدرة، لم يكن لينال أغلبية داخل أروقتها.

وقد اعتبرت المنظمات التي ناضلت طويلا في أمريكا وأوروبا، من أجل رفع التجريم عن القنب الهندي، قرار لجنة المخدرات التابعة لهيئة الأمم المتحدة، القاضي بحذف الكيف من الجدول الرابع الملحق بالاتفاقية الأممية للمخدرات لسنة 1961، بمثابة انتصار للحركة العالمية المدافعة عن رفع المنع عن زراعة واستعمال الكيف لأغراض طبية. وتمنت أن ينهي القرار حملات الشيطنة التي يتعرض لها القنب الهندي في العالم، من طرف بعض الهيئات والدول. لكن إذا كان هذا القرار الأممي يمكن أن يلغي جزئيا شيطنة القنب الهندي، الحاصلة منذ زمن بعيد في العالم، فإنه لا يجيز بالمقابل للدول الأعضاء في المنظمة إضفاء الشرعية عليه.

آفاق اقتصادية واعدة

زراعة القنب الهندي "الكيف" في المغرب

المعروف تاريخيا أن القنب الهندي كان يُستخدم لأغراض طبية. فهو يحتوي على مادة “تيترايدروكانابينول” (THC) ذات التأثير النفسي، التي تجعل من يتناولها يشعر بالبهجة والاسترخاء، كما يمكن استخدامها كمسكن للألم. وتحتوي أزهار النباتات المؤثنة غير المخصبة على كميات عالية من هذه المادة، ولهذا السبب يتم استخدامها لإنتاج الماريخوانا.

زراعة القنب الهندي "الكيف" في المغرب

ولذلك بات من الواضح الآن أن تتوجه الدراسات بشكل أكبر للتطبيقات الطبية للقنب، حيث أصبح بإمكان كبريات شركات الدواء العالمية أن تستثمر أكثر في أبحاث حول هذا الموضوع، بعدما كانت مترددة في التعامل مع هذه القضية. ويرى خبراء أنه رغم أن الدراسات والأبحاث الخاصة بالاستخدامات الطبية للقنب معقدة ومكلفة للغاية، وكانت على نطاق ضيق فقط، إلا أن الموضوع يعتبر مغريا بسبب ما يمكن أن يدره ذلك عليها من عائدات بالمليارات.

ويسمح القانون المغربي بهذا التحول، حيث تسمح المادة 3 من الظهير الصادر بتاريخ 24 أبريل 1954، بزراعة الكيف لأغراض طبية. فهو ينص على أن وزير الصحة يمكن له ه أن يأذن، طبقا لشروط يحددها، بحرث القنب الهندي وصناعته واستعماله، وكذا صناعة واستعمال مركباته ومنتوجاته. وفي هذا الصدد، سبق للمعهد الوطني للبحث الزراعي ومختبر الأبحاث والتحاليل التقنية والعلمية التابع للدرك الملكي، أن أجريا دراسات وتجارب سنة 2010 لإنتاج “كيف صناعي”، بكل من أكادير وصفرو وسيدي علال التازي وبني ملال. وذلك في أفق تقنين زراعة واستعمال الكيف الصناعي.

لقد بلغت قيمة بزنس “القنب الهندي العلاجي” في العام 2018 حوالي 13,4 مليار دولار عالميا. ويبدو هذا الرقم متواضعا بالنظر إلى التوقعات المتفائلة جدا للخبراء، الذين يتوقعون أن يشهد القطاع ثورة غير مسبوقة يرتقب أن ترفع القيمة إلى 148 مليارا في غضون الخمس سنين القادمة. فالفورة غير المسبوقة للقنب الهندي العلاجي آخذة في اكتساح سوق يتوسع يوما بعد يوم، وهي تشمل حاليا 20 دولة في أوروبا وحدها، قننت هذا النوع الطبيعي من العلاج. فمن المملكة المتحدة وحتى البلقان يتسابق كبار المستثمرين على التموقع مبكرا وسط سوق مشتقات القنب الهندي الواعد.
وللتدليل على ذلك، تكفي الإشارة مثلا، إلى أن عملاق الصناعة الدوائية “جاز” دفع 7,2 مليار دولار، مقابل شراء كبرى الشركات الصيدلية المتخصصة في إنتاج وتصدير مشتقات القنب الهندي في المملكة المتحدة GW Pharmaceuticals. وتصنف وسبق أن صنف تقرير للأمم المتحدة في 2018 المملكة المتحدة كأول منتج للقنب الهندي العلاجي في العالم، بحجم إنتاج يصل إلى 95 طنا من الحشيش الموجه للاستعمالات الطبية والعلمية. كما صنفها التقرير كأول مُصدر لنفس المادة بما يمثل 70 بالمئة من حجم الرواج العالمي

وليست الاستعمالات العلاجية للقنب الهندي قضية مليارات، فقط يتهافت على اقتناصها المستثمرون. بل إنها تفتح أيضا باب الأمل علاج أمراض مستعصية. ففي كندا وإسرائيل وهولندا والمملكة المتحدة تتسابق المختبرات الأكثر تطورا في العالم، لاستخراج مشتقات طبية طبيعية من القنب الهندي، وتجريبها على مرضى متطوعين مصابين بأمراض مستعصية، من بينها السرطان والصرع. وفي ذات الوقت يعالج عشرات الآلاف من المرضى في دول مثل إسرائيل وكندا منذ سنوات قليلة بالفعل، بعلاجات طبيعية مشتقة من القنب الهندي. وتشمل هذه المشتقات وريقاته المجففة، وحبوبا للشرب، وزيوتا، ومعجنات، وعلكا منسما، وعطورا للاستنشاق، وغيرها.

ويأمل المغرب من جانبه أن يجني من وراء “تقنين” القنب الهندي حوالي 25 مليار دولار، وتوفير علاجات طبيعية لمئات الآلاف من مواطنيه المرضى بالصرع. وأيضا رفع عائدات المزارعين، الذين تتوقع دراسات غربية أن يرفع التحول نحو استخدامات شرعية للقنب الهندي، مداخيلهم بثلاثة أضعاف.

القنب الهندي ليس فقط مُخدرا !

زراعة القنب الهندي "الكيف" في المغرب

عند الحديث عن القنب الهندي، غالباً ما يتبادر إلى الذهن ذلك التأثير المخدر لهذه النبتة متعددة الاستعمال. لكن لا يمكن اختزال القنب في تأثيره المخدر فقط، حيث تتوفر على فوائد صحية وبيئية عديدة، في ما يلي بعضها. الحشيش هو خليط من خلاصات أوراق وبذور وأزهار نبات القنب الهندي، المعروف شعبيا في المغرب باسم “الكيف”. وهذا الأخير عبارة عن نبتة خضراء ذات تأثير مخدر.

ويعتبر القنب الهندي أحد أقدم المحاصيل الزراعية في العالم. فقد حظيت هذه النبتة العجيبة بتقدير خاص في الصين منذ أكثر من 10 آلاف سنة، نظرا لفوائدها المتعددة، حيث تعتبر بذورها من المواد الغذائية الأساسية. بينما كانت أليافها تُستخدم كمواد أولية. كما استُخدمت نبتة القنب الهندي أيضا كعلاج للملاريا والروماتيزم وغيرها من الأمراض. ويحتوي نبات القنب على مادتين فعالتين هما: رباعي الهيدروكانابينول (THC) هي التي ينتج عن استهلاكها التخدير وما يرتبط به من تأثير نفسي وعقلي. والكانابيديول (CBD) ، الذي ينجم عن استخدام جرعة معينة منه أثر طبي وعلاجي.

وقد أصبحت حصة المواد الغذائية المشتقة من القنب الهندي، تزداد بشكل ملحوظ اليوم بين المواد الغذائية المعروضة في السوق. وينطبق ذلك بشكل خاص على بذور القنب الهندي التي تعتبر منذ قرون مادة غذائية أساسية. وتوجد بذور القنب، سواء المقشرة منها أو غير المقشرة، بوفرة في الأسواق العالمية، خاصة بعدما أصبحت تصنف في السنوات الأخيرة كغذاء “خارق” (Superfood)، نظرا لغناها بالمواد المضادة للأكسدة، وفيتامين E، وفيتامين B12، حسبما أفادت آخر الدراسات.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس