أنبياء مغاربة #1: حاميم نبي غمارة الذي انتهى مصلوبا مقطوع الرأس

54
أنبياء مغاربة #1: حاميم نبي غمارة الذي انتهى مصلوبا مقطوع الرأس
أنبياء مغاربة #1: حاميم نبي غمارة الذي انتهى مصلوبا مقطوع الرأس

أفريقيا برس – المغرب. شهد المغرب عبر تاريخه ظهور العديد من مدعي النبوة، غير أن القليل منهم تمكن من أن يجمع حوله عددا كبيرا من الناس، ومن بين هؤلاء حاميم الذي نشر دعوته في قبيلة غمارة الأمازيغية، التي تقع نواحي مدينة تطوان الحالية.

وادعى حاميم النبوة بحسب ما تشير إليه بعض المراجع التاريخية، في سنة 315 هجرية، الموافقة لـ 927 ميلادية، في منطقة غمارة شمال المغرب، مستغلا الجهل الذي كان متفشيا بين السكان، حيث جاء في “كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر” لصاحبه عبد الرحمن ابن خلدون، أن قبيلة غمارة كانت غارقة في “الجهالة والبعد عن الشرائع بالبداوة والانتباذ عن مواطن الخير”.

وبحسب ما يذكر ابن خلدون، فقد حظيت دعوة حاميم باستجابة كبيرة، حيث أقر العديد من السكان بنبوته، تعهدوا بمناصرته ونشر أفكاره. وتحدث المستشرق الفرنسي ألفرد بل، في كتابه “الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي من الفتح العربي حتى اليوم”، عن مدعي النبوة حاميم، وقال إنه استمد اسمه “من القرآن الكريم، ففيه سور كثيرة تبدأ بالحرفين “حا” و”ميم”..وكنيته أبو محمد”. وبحسب ذات المصدر فإن حاميم

وتعد المراجع التاريخية التي تتحدث عن “النبي حاميم” نادرة، ويشير ألفرد بل إلى أن “القليل الذي نعرفه عن هذه الديانة وصل إلينا عن طريق المؤلفين السنة وخصوصا أقدمهم وهو البكري الذي عاش بعد حاميم بحوالي قرن. وهذه الأخبار..رغم إيجازها تسمح لنا مع ذلك بمعرفة القسمات الجوهرية في العبادة التي أقامها التشريع الديني الذي دعا إليه. وفيها نجد إشارات تتعلق بأربعة أركان من أركان الإسلام الخمسة”.

وعاد بل ليؤكد أن “مثل هذه الأخبار القليلة لا تكفي لتحديد عقائد وشريعة ديانة حاميم، وأقصى ما نستطيعه هو أن نجد فيها من ناحية ترتيبا لبعض العقائد والشعائر الإسلامية، ومن ناحية أخرى محاكاة لديانة صالح بن طريف، (مؤسس الديانة البرغواطية، وثاني أمراء الدولة البرغواطية في منطقة تامسنا بالمغرب الأقصى) خصوصا فيما يتعلق بتحريم أنواع من الأطعمة”.

وحاول حاميم تقليد الديانات السماوية، ووضع “قرآنا باللغة البربرية”، بحسب ما يحكي ألفرد بل، وهو ما أشار إليه أيضا ابن خلدون حيث قال في كتابه العبر “واجتمع إليه كثير منهم وأقروا بنبوته، وشرع لهم الشرائع والديانات من العبادات والأحكام، وصنع لهم قرآناً كان يتلوه عليهم بلسانهم”. ويشير المؤرخ المغربي أحمد بن خالد الناصري في كتابه “الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى” إلى أن حاميم شرع لأتباعه صلاتين في كل يوم

كما فرض عليهم حاميم “صوم الاثنين وصوم الخميس إلى الظهر وصوم الجمعة وصوم عشرة أيام من رمضان ويومين من شوال ومن أفطر في يوم الخميس عمدا فكفارته أن يتصدق بثلاثة ثيران ومن أفطر في يوم الاثنين فكفارته أن يتصدق بثورين وفرض عليهم في الزكاة العشر في كل شيء وأسقط عنهم الحج والوضوء والغسل من الجنابة وأحل لهم أكل الأنثى من الخنزير”.

وقال لأتباعه إنما “حرم قرآن محمد الخنزير الذكر. وأمر أن لا يؤكل الحوت إلا بذكاة (ذبح) وحرم عليهم أكل البيض، وأكل الرأس من كل حيوان”. وفي وقت وجيز كثر أتباع حاميم وانتشرت ديانته، وبعد مرور سنتين على دعوته وصلت أخباره إلى عبد الرحمن الناصر ثامن حكام الدولة الأموية في الأندلس التي أسسها عبد الرحمن الداخل بعد سقوط الخلافة الأموية في دمشق، وقرر وضع حد لدعوته.

وبحسب كتاب “الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى” فقد بعث “إليه عبد الرحمن الناصر صاحب الأندلس عسكرا فالتقوا بقصر مصمودة من أحواز طنجة فقتلوه وقتلوا أتباعه وصلبوه بالقصر المذكور وبعثوا برأسه إلى الناصر بقرطبة ورجع من بقي من أتباعه إلى الإسلام وذلك سنة خمس عشر وثلاثمائة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس