“النفّار”.. مهنة رمضانية تراثية في المغرب تقاوم الزوال

2
“النفّار”.. مهنة رمضانية تراثية في المغرب تقاوم الزوال
“النفّار”.. مهنة رمضانية تراثية في المغرب تقاوم الزوال

أفريقيا برس – المغرب. مع حلول شهر رمضان من كل سنة، يفتح أطفال المدن العتيقة ذات العمق التاريخي أعينهم على شخصيات تخترق أصوات آلاتها الموسيقية أسماعهم، بشكل استثنائي خلاله، تزيدهم شوقا إلى موعد نفيرهم وغيطهم وتطبيلهم، ليعم الفرح والمرح والاستمتاع أكثر بأجواء ليالي شهر الغفران، إذ لا يمكن لا يمكن الحديث عن مظاهر الإرث الرمضاني التقليدي في المغرب من دون ذكر مهنة “النّفار”، الذي يجوب الأزقة والدروب في المدن المغربية، حاملا مزماره النحاسي الطويل، وبلباسه المغربي الأصيل المتمثل في الجلباب المغربي والطربوش الأحمر وبلغته الصفراء.

ومهنة “النّفار” من التراث الشعبي المغربي، ومن مظاهر الإرث الرمضاني التقليدي في كل المدن المغربية، ويتجلى دوره في إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور، إذ يشبه إلى حد كبير ما يقوم به “المسحراتي” في أغلب الدول العربية.

وتعد مهنة “النفّار” الوحيدة في المغرب التي يعمل صاحبها شهرا واحدا في السنة، ثم يتوارى عن الأنظار بمجرد الإعلان عن يوم عيد الفطر، ويظل هذا النوع من الرجال من ممتهني هذه الحرفة التراثية يجوبون بعض دروب المدن المغربية العتيقة، رغم وجود وسائل حديثة للاستيقاظ.

وارتبطت حرفة “النفار” لعقود في المغرب بليالي رمضان، وظلت ممارستها ملتصقة بالتطوع وإيقاظ النيام لتناول وجبة السحور، مع تفعيل جولات للحصول على هدايا وإكراميات، نظير شهر كامل من التطوع.

وقال الباحث المتخصص في التراث الشعبي، بجامعة محمد الخامس في الرباط، أسامة خضراوي، إن “مفهوم النفار في الثقافة الشعبية المغربية الأصيلة ارتبط بقدوم شهر رمضان وعيد الفطر؛ وهي من المهن الشعبية التراثية التي تدخل البهجة والسرور على المغاربة، بسماع تهاليله وتكبيراته وابتهالاته”.

وأوضح خضراوي، في تصريح لـ”إرم نيوز”، أن “مصطلح النفار، كما هو معروف، لم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نسبة إلى آلة النفخ النحاسية الطويلة الشهيرة، فيما يعود أصله العربي لكلمة النفير؛ وهو البوق الذي يضرب ليستنفر الناس”.

وسجل الباحث في التراث الشعبي أنه لا يزال “بعض النفارين متمسكين بحرفة الأجداد، ويحرصون على عدم موتها والاستمرار في الاجتهاد من أجل بقائها واستمرار هؤلاء في أداء خدماتهم، تعبيرا عن ولعهم بهذه المهنة، كي لا يطالها النسيان، حتى لو كان المقابل دراهم معدودة”.

وأضاف خضراوي أنه “حتى إن وجدنا طلقات المدافع تُسمع من أعلى أبراج المدن المغربية العتيقة، لتنبيه الصائمين بموعد الفطور والسحور، يظل النفار تلك الشخصية الثقافية والجمالية والفنية، التي ما فتئت تعبّر عن عمق فني متجذر، ضاربا بجذوره في أعماق التراث الشعبي الأصيل للبلد”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس