“تشكيلات تجريدية”: الفن المغربي منذ الخمسينيات

31
"تشكيلات تجريدية": الفن المغربي منذ الخمسينيات

أفريقيا برس – المغرب. في فترة الانتقال من الاحتلالين الإسباني والفرنسي في المغرب إلى الاستقلال، ركّزت التنظيرات والممارسات الفنية على سؤال الهوية في اتجاهات متعدّدة، في محاولة لتكريس الحداثة الغربية دون التخلّي عن المرجعيات البصرية التراثية؛ عربية وأمازيغية وأفريقية.

توّجه معظم الفنانين الذي درسوا في الأكاديميات الغربية إلى التجربد كأسلوب للتعبير عن إعادة النظر في التقاليد والحرف القديمة التي تعاملت معها النظرة الاستعمارية بتعالٍ، حيث أقصتها بوصفها جزاً من الممارسات الفولكلورية المتواضعة، لتصبح مصدراً لبناء لوحة معاصرة.

“تشكيلات تجريدية” عنوان المعرض الذي افتتح الخميس الفائت في “فيلا الفنون” بالدار البيضاء ويتواصل حتى الثلاثين من أيلول/ سبتمبر المقبل بالتعاون مع “مؤسسة المدى”، ويضيء أعمال الجيلين الأول والثاني من الفنانين التشكيليين في المغرب.

يضمّ المعرض لوحات لفنانين انطلقت تجاربهم عشية الاستقلال، وفي مقدمتهم أحمد الشرقاوي الذي تبنّى السوريالية في بداياته، ثمّ وظف الفن الأمازيغي والتراث التقليدي من التعاويذ وطلاسمها، والفن الإسلامي والحروفيات العربية، والعلامات والوشوم الشعبية في لوحاته التجريدية.

إلى جانب الجيلالي الغرباوي الذي رسم أول لوحة تجريدية عرفها تاريخ الفن المغربي مطلع الخمسينيات، معبّراً عن شغف بالخطوط الغرافيكية والشكل والفراغ والألوان الكثيفة متراكمة الطبقات، والتي تعكس قلفه الداخلي وطبيعته المتمردة، ليصوغ مع صديقه الشرقاوي سمات جديدة للفن المغربي.

يتوقف المعرض عند عام 1965، حيث قاد فنانون آخرون كانوا يدرسون في “مدرسة الفنون الجميلة” بالدار البيضاء نشاطا ثقافياً وفنياً مكثفاً بهدف جعل الفنون التشكيلية تساهم في إعادة تعريف “الهوية الثقافية”، وهو ما أدى إلى نشأة مجموعة حملت اسم “المدرسة”.

و”من خلال مناهج تشكيلية مختلفة، حاول هذا الجيل من الرسامين إيجاد أجوبة فنية لمسألة الإبداع، وبغوصٍ في خبايا الفنون التقليدية، بدأوا في البحث عن طرق تعبيرية تنسجم مع سياقهم الاجتماعي ومع التفكير المعاصر”، بحسب بيان المنظّمين.

ساعدت “مدرسة الدار البيضاء” في انفتاح فن البلاد على الحداثة بمشاريع جمعت بين الحرفية والأشكال الفنية المبتكرة، ومن أبرز رموزها فريد بلكاهية الذي انتقل من استخدام الألوان الزيتية إلى تقنيات عديدة مستمدّة من التراث، مثل الطرق على النحاس، فعمل على تطويعه، كما قدّم أعماله التي صنّعها من جلد الماعز وغيرها من المواد الطبيعية.

من أهمّ روّاد هذه المدرسة محمد شبعة ومحمد المليحي اللذين تحضر أعمالهما في المعرض، بالإضافة إلى لوحات لكلّ من ميلود لبيض ومحمد القاسمي وفؤاد بلامين ومحمد نبيلي ومحمد حميدي، الذين وضعوا في الخمسينيات والسيتنيات المشهد التشكيلي المغربي على خريطة الحداثة العربية والعالمية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس