25 عاما من الحكم ( الحلقة الخامسة): الطاقة الشمسية والريحية والغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر… المغرب يتجه بثبات نحو ضمان سيادته الطاقية

11
25 عاما من الحكم ( الحلقة الخامسة): الطاقة الشمسية والريحية والغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر... المغرب يتجه بثبات نحو ضمان سيادته الطاقية
25 عاما من الحكم ( الحلقة الخامسة): الطاقة الشمسية والريحية والغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر... المغرب يتجه بثبات نحو ضمان سيادته الطاقية

أفريقيا برس – المغرب. في عهد الملك محمد السادس، اتخذ المغرب، الذي كان يعتمد في الماضي بشكل كبير على الوقود الأحفوري، خطوات حثيثة وواثقة نحو تحقيق سيادته الطاقية. وبفضل العديد من المشاريع الكبرى في مجالات الطاقة الشمسية والريحية و الكهرومائية، أصبحت المملكة واحدة من الدول الرائدة في إنتاج الطاقات المتجددة في أفريقيا. الهيدروجين الأخضر له هو الآخر مستقبل واعد.

في هذه السنة، من المنتظر أن يخفض المغرب معدل اعتماده على الطاقة إلى 89 %، مقابل ما يقرب من 98 % في عام 2008. ويؤكد هذا الرقم وحده الأسس الصلبة التي وضعتها البلاد على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية لتعزيز سيادتها الطاقية، من خلال إنتاج الطاقات المتجددة. وكان الفضل وراء هذه الثورة الطاقية هو رؤية الملك محمد السادس.

بدأ كل شيء يوم ثاني نونبر 2009. فبمدينة ورزازات، أطلق الملك رسميا أشغال إنجاز مركب الطاقة الشمسية « نور »، الذي شيد على مساحة تزيد على 3000 هكتار، وهو اللبنة الأولى في البرنامج الطموح لتطوير الطاقات المتجددة بقيادة الوكالة المغربية للطاقة المستدامة « مازن ». وبقدرة إنتاجية تبلغ 582 ميغاواط، تطلب هذا المشروع الضخم، الذي يجمع بين الطاقة الشمسية المركزة الديناميكية الحرارية والطاقة الكهروضوئية، استثمارا يزيد عن 20 مليار درهم، على شكل شراكة بين القطاعين العام والخاص.

وبعد سبع سنوات، يوم رابع فبراير 2016، رأت نور 1 النور، وهي أول محطة في هذا المشروع العملاق، بقدرة إنتاجية تبلغ 160 ميغاواط. مشروع مبتكر ولد في قلب الصحراء، ويقدم مشهداً مبهراً يجذب العدسات والكاميرات من جميع أنحاء العالم. وبعد ذلك رأت النور في عام 2018 محطات نور الثانية (200 ميغاواط)، ونور الثالثة (150 ميغاواط)، ونور الرابعة (72 ميغاواط).

واليوم، يزود مركب نور ورزازات، وهو أحد أكبر مركبات الطاقة الشمسية في العالم، ما يقرب من مليوني مغربي بالكهرباء ويحول دون إطلاق ما يقرب من مليون طن من الغازات الدفيئة سنويا. وشهدت سنة 2018 أيضا تدشين محطة نور العيون 1 بطاقة إنتاجية تقدر بـ190 جيغاواط، باستثمارات إجمالية قدرها 950 مليون درهم.

وفضلا عن الطاقة الشمسية، يعتمد المغرب أيضا على الطاقة الشمسية. ورأت العديد من المشاريع النور في الشمال والجنوب. ونذكر الرحبة الريحية أمكدول (60 ميغاواط) بالصويرة التي تم إطلاقها عام 2007، وطنجة 1 (140 ميغاواط)، وبوجدور (300 ميغاواط)، وتازة (87 ميغاواط)، ومحطة كهرباء ميدلت (180 ميغاواط) التي تم تشغيلها في عام 2020 ويضاف إلى ذلك العديد من المركبات الكهرومائية مثل محطة أفورار (464 ميغاواط) الموجودة بجهة بني ملال-خنيفرة والتي تعمل منذ 2005.

حوالي 38 % من الطاقات المتجددة

أوضح أمين بنونة، الخبير في مجال الطاقة، في اتصال مع Le360، أن « المغرب، الذي لا يملك الوقود الأحفوري، كان يعتمد بشكل كبير على الواردات مما أدى إلى زيادة فاتورة الطاقة. ومن أجل تحقيق الصلابة، يجب أن يكون لدينا استقلال في مجال الطاقة، وهو ما يعني إنتاج كميات كبيرة من الطاقات المتجددة، وخاصة الريحية والشمسية »، موضحا أن « المملكة في عهد الملك محمد السادس وضعت الأسس لاستقلالها الطاقي على الرغم من القيود المالية والظرفية الدولية الصعبة».

الرهان الأخضر أعطى ثماره. ففي نهاية عام 2022، بلغت الطاقة المتجددة المنتجة 4154 ميغاواط، منها 1553 ميغاواط من طاقة الرياح، و831 ميغاواط من الطاقة الشمسية، و1770 ميغاواط من المصادر الكهرومائية، أي بنسبة 37.6 % من إجمالي القدرة الكهربائية الوطنية، بحسب أرقام المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. وحتى يومنا هذا، ساهمت هذه المصادر النظيفة بحوالي 20 % في إنتاج الطاقة الكهربائية.

وكان للزيادة في إنتاج الطاقة المتجددة تأثير بشكل خاص على فاتورة الطاقة في المملكة، والتي انتقلت من مستوى قياسي قدره 153.19 مليار درهم في عام 2022 (بزيادة 102 % مقارنة بعام 2021) إلى 110.97 مليار درهم خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2023، أي بانخفاض بنسبة 21.4%.

وستزداد حصة الطاقات المتجددة في إجمالي القدرة الكهربائية الوطنية ابتداء من هذه السنة، مع تشغيل الرحبة الريحية نسيم الكدية البيضاء (100 ميغاواط) في جهة طنجة، ونسيم جبل الحديد (270 ميغاواط) بالصويرة، وكذلك مع إطلاق الرحبة الريحية عبد المومن (350 ميغاواط) بجهة سوس ماسة، والمنزل (300 ميغاواط) بإقليم صفرو.

إن اشتغال محطات الطاقة الشمسية نور 1 (800 ميغاواط) ونور 2 (400 ميغاواط) ونور 3 (400 ميغاواط)، التابعة لمركب نور ميدلت للطاقة الشمسية (تقنيات الطاقة الشمسية المركزة الديناميكية الحرارية والطاقة الكهروضوئية)، في نهاية 2027، بالإضافة إلى محطات توليد الطاقة الست لمشروع نور الأطلس (300 ميغاواط)، ستزيد من تعزيز مساهمة الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء، وتسمح للمغرب بتحقيق طموحه: زيادة حصة الطاقات المتجددة في إجمالي القدرة الكهربائية الوطنية بأكثر من 52 % في أفق 2030.

وأكد محاورنا قائلا: « لقد انتقلنا من الصفر فيما يخص إنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى أكثر من 4 جيغاواط من القدرة الكهربائية المنشأة. تميز العام الماضي ببدء تشغيل العديد من مشاريع الطاقة الريحية. ومن المتوقع أن يشهد هذا العام أيضا قفزة في الإنتاج، مما سيسمح للمغرب بإنتاج ما بين 23 و24 % من احتياجاته من الكهرباء من الطاقات المتجددة ».

الهيدروجين الأخضر: المغرب من بين الفاعلين الرئيسيين في المستقبل

إن الإمكانات الهائلة التي يتمتع بها المغرب في مجال الطاقات المتجددة تجذب الشركات متعددة الجنسيات التي ترغب في استغلال هذه الموارد لإنتاج الهيدروجين الأخضر، الذي يعتبر رافعة أساسية للمستقبل لتسريع التحول إلى الحياد الكربوني. وخلال عام 2023، كشف العديد من المستثمرين الوطنيين والدوليين عن مشاريع في هذا الاتجاه، والتي من المتوقع أن تؤتي ثمارها خلال السنوات المقبلة.

ومن بين هذه المشاريع نجد مشروع إنشاء موقع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 15 جيغاواط، أطلق في جهة كلميم-واد نون من طرف المجموعة الأمريكية « CWP Global »، وهي إحدى الشركات الرائدة عالميا في مجال الطاقات المتجددة.

كما تعد المجموعة البولندية « Green Capital » أيضا من بين المستثمرين المستقبليين. وفي حوار مع Le360، مطلع أكتوبر 2023، كشف حسام أبو عثمان، مدير فرعها المغربي، أن المجموعة تخطط لإطلاق مشروع الهيدروجين الأخضر بقدرة 8 جيغاواط في الداخلة.

وتهتم مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط أيضا بالهيدروجين الأخضر. وتعتزم الشركة الرائدة عالميا في إنتاج الفوسفاط لاستثمار 70 مليار درهم في مصنع مستقبلي لإنتاج الأمونيا انطلاقا من الهيدروجين الأخضر بطرفاية. والهدف: إنتاج 200 ألف طن من الأمونيا بحلول عام 2026، ومليون طن في عام 2027، ثم 3 ملايين طن في أفق عام 2032.

وعيا منه لهذا الحماس والتحديات الهائلة المرتبطة بإنتاج الهيدروجين الأخضر، أمر الملك محمد السادس بتصميم « عرض المغرب »، الذي كشفت الحكومة عن خطوطه العريضة في منشور صدر يوم 11 مارس 2024. وهنا أيضا، فالآفاق واعدة.

وموازاة مع ذلك، تعتزم المملكة لتطوير مشاريع غاز كبرى من أجل تسريع الانتقال الطاقي. وهو ما يؤكده بروتوكول الاتفاق الموقع يوم 26 مارس بين وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ووزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة التجهيز والماء. والهدف: وضع خارطة طريق للغاز لتعزيز التنسيق بين السلطات العامة، بهدف تطوير البنية التحتية المستدامة للغاز على مدى السنوات العشر المقبلة.

خارطة طريق للغاز لتعزيز السيادة الطاقية

وبشكل ملموس، تنص خارطة الطريق، على المدى القصير (2024-2027)، على بناء خطوط أنابيب الغاز التي ستنقل الغاز الطبيعي المسال من حقلي الغاز تندرارة وأنشوا (العرائش) إلى الشبكة الوطنية والمواقع الصناعية.

وسيتعلق الأمر أيضا بإطلاق العديد من نقاط الدخول المخصصة لاستيراد وتخزين الغاز في وقت واحد. وسيتم بناء محطة للغاز الطبيعي المسال داخل ميناء الناظور غرب المتوسط المستقبلي، بالإضافة إلى خط أنابيب للغاز سيربطه بأنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي. ومن المنتظر أيضا إنشاء محطتين أخريين في ميناء الجرف الأصفر 2 أو المحمدية وفي ميناء الداخلة الأطلسي المستقبلي، الذي سيتم ربط محطته في نهاية المطاف بخط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب، وهو مشروع قاري أطلقه الملك محمد السادس أيضا.

كما أن وضع خطوط الأنابيب والمحطات الغازية هاته سيمكن، حسب ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، من توفير بنيات كبيرة للطاقة المتجددة (خاصة تلك التابعة لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط)، فضلا عن مواقع صناعة السيراميك والزجاج.

وبحسب الوزيرة، يهدف المغرب إلى « أن يصبح ممرا رئيسيا لنقل الطاقة ثنائي الاتجاه بين إفريقيا وأوروبا وحوض المحيط الأطلسي، مثل تركيا، التي لديها ست نقاط دخول للغاز الطبيعي المسال على حدودها و20 ألف كيلومتر من خطوط أنابيب الغاز على أراضيها ». ومن أجل إنجاح هذا الرهان، أكدت قائلة: « من الضروري إنشاء بنية تحتية مرنة مخصصة للغاز الطبيعي المسال، والتي ستسهل أيضا نقل الهيدروجين على المدى المتوسط أو الطويل ».

وختاما، سعى المغرب، في عهد الملك محمد السادس، بكل حزم إلى ضمان السيادة الطاقية. المملكة، التي كانت لمدة طويلة جدا تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري، أصبحت اليوم واحدة من الدول الرائدة في إنتاج الطاقات المتجددة في أفريقيا. ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد. فالحكومة ترغب، مع القطاع الخاص، في زيادة الاستثمارات السنوية في الطاقات النظيفة من 4 مليار إلى 15 مليار درهم سنويا حتى عام 2027. وهكذا، فالطاقة في المغرب ينتظرها مستقبل أخضر.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس