أفريقيا برس – المغرب. كلّنا فلسطينيون”… عبارة دبّج بها العديد من المغاربة صفحات التواصل الاجتماعي، ردًّا على مقال كتبه مالك مجموعة إعلامية مغربية، تحت عنوان “كلّنا إسرائيليون”، ونشره في موقع “ذي جيروزاليم ستراتيجيك تريبيون” الذي أسسه هو نفسه في تل أبيب.
أحمد الشرعي، كاتب المقال المصاغ باللغة الإنكليزية، نعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالجماعة الإرهابية المدعومة من لدن إيران”، وقال إنها “أصبحت تشكّل الآن تهديدًا للأمن القومي الأمريكي ولجهود واشنطن من أجل تحقيق السلام في المنطقة”.
وأضاف أن من أسماهم بـ”الإرهابيين” قاموا بتخريب السياج الحدودي وتجاوزوا نقطتين تفتحهما إسرائيل لإمدادات الإغاثة، وهاجموا مركبات مصفحة وشنوا معارك ضارية مع الشرطة والاحتياطيين الإسرائيليين لساعات، حيث تحولت الأحياء إلى ساحات حرب”.
وفي مقابل نعت الفلسطينيين بـ”الإرهابيين”، وصف الناشر المذكور إسرائيل بـ”الأمّة الديمقراطية”، معتبرا أن المهاجمين استغلوا احتفال اليهود بمناسبة دينية مقدسة، حيث لا عمل ولا حركة للسيارات ولا اشتغال على الأجهزة الإلكترونية؛ “فكان ذلك فرصة مواتية لشنّ هجوم على دولة ديمقراطية تحتفل بهدوء”، وفق تعبيره.
أحمد الشرعي الذي يوصف بأنه ينتمي لجماعات الضغط (اللوبي) في الخارج لصالح قضايا المغرب، هاجم أيضًا المتضامنين مع الفلسطينيين، قائلا إنه جرى “تلويث وسائل التواصل الاجتماعي بواسطة أولئك الذين يحاولون تبرير وحشية الهجمات غير المبررة”. وأسهب في وصف الهجمات الفلسطينية على النساء والأطفال الفلسطينيين”، مركّزًا على “معاناة الكثيرين الذين ليس لديهم أي دور في السياسة”.
هذا الموقف الغريب، بعنوانه الصادم، تناقلته العديد من المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، وجاءت ردود الفعل حول كاتب المقال حادة، حيث كتب الإعلامي عمر لبشيريت أن المغرب ليس لديه ملكان، وشدد على أن “المغرب له ملك واحد والدولة لها موقف واحد عبّرت عنه وزارة الخارجية”. ووصف ذلك الموقف بـ”التبرهيش” (أي السلوك الصبياني) وأيضا بـ”الابتزاز والضغط على موقف الدولة المغربية لصالح الخارج”. وخلص إلى القول “يجب أن ينتهي…هذا اسمه التخابر ضد موقف الدولة المغربية”.
ولاحظت صحيفة “الحياة اليومية” أن مقال الشرعي “يأتي في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المطالبة بإلغاء التطبيع مع إسرائيل وسط تعاطف مغربي شعبي مع الشعب الفلسطيني”.
وفي اعتقاد الخبير في البيئة والمناخ والإعلام، عبد العالي الطاهري الإدريسي، فإن ما قام به الشخص المذكور “هو ابتزاز للدولة المغربية ولمؤسساتها الدستورية، وفي مقدمتها المؤسسة الملكية”. وتابع تدوينته مؤكدا “نعتز ونفتخر كمغاربة أنه لدينا ملكا متبصرا حكيما اسمه جلالة الملك محمد السادس قائد الأمة المغربية وراعي مصالحها والمدافع عن توجهاتها واختياراتها الكبرى وكذا سيادتها، وما يعبّر عنه الملك هو ما يمثلنا وننضبط له كاختيارات في إطار منظومة العلاقات الدولية”.
كما خاطب الكاتب والإعلامي عبد العزيز كوكاس كاتب المقال قائلا: “لست على هواك، فالقضية الفلسطينية هي قضية المغاربة أجمعين، وإذا كنا نبحث عن سلام عادل عبر حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية، فهذا لا يسمح لي أبدا أن أكون إسرائيليا، لا يمكن أن نسوي بين الضحية والجلاد”.
وتابع “ما حدث حتى في أكثر مظاهره وحشية والذي أدينه أيا كان مصدره، أعتبره بسبب التعنت الإسرائيلي وسنين التطرف والقمع الموجهة لشعب أعزل، عقود من القمع الوحشي والقتل غير المبرر للأبرياء لم تدفعك لتعلن أننا كلنا فلسطينيون.” وختم الكاتب تدوينته بالقول “واليوم بسبب حركة مقاومة لم تحدث أكثر من خمسة عقود بمثل هذا الزخم، ترق القلوب الهشة لتعلن أننا كلنا إسرائيليون، أين كنت حين كان يقتل شعب ويذبح أطفال وتخبز الطائرات الإسرائيلية عمارات على ساكنتها من الفلسطينيين الأبرياء؟”.
ووصف الباحث أحمد الشقيري الديني كاتب المقال بكونه ينتمي إلى طائفة المتسلقين الذين يتزلفون إلى حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وأضاف قائلا إنه “سَوّد وجه المغاربة بمقال يظهر فيه تضامنه مع الصهاينة عقب طوفان الأقصى، معتبرا إياه اعتداء إرهابيا على دولة ديمقراطية مسالمة”. وتساءل الباحث نفسه “بأي منطق تجعل الجلاد ضحية والضحية جلادا؟ كيف يتحسر الشرعي على زوجات وأطفال ضحايا طوفان الأقصى ولا يتهم الإسرائيليين الذين عاثوا فسادا في المنطقة فيتّموا الأطفال ورمّلوا عشرات الآلاف من النساء؟”.
أما الكاتب إدريس الكنبوري فيرى أن “هناك من يسعى إلى الإساءة إلى المغرب، دولة وشعبا، بمواقفه التخاذلية المتصهينة التي لا تمت بعلاقة إلى تاريخ المغرب وتراثه وتقاليده، ويحاول أن يذهب إلى أبعد الحدود في هذه الإساءة التي يرفضها المغاربة من القاعدة إلى القمة.” وأكد أن “المغرب ليس متصهينا ولن يكون، والذين يحاولون أن يسيؤوا إليه في العالم العربي والإسلامي وفي العالم كله مرفوضون ولا يربطهم بالمغاربة شيء”.
وختم تدوينته بالقول “نحن نثق في بلدنا، ونعتز بهذه الدولة العريقة، ولكننا ندافع عنها من موقع الوطنية لا من موقع الخيانة والانبطاح، ونرى أن تجاوز موقف الدولة والتطرف في المواقف يسيء إلى المغرب ويدنس سمعته. المغرب أكبر من هذه الفضيحة، وموقف الشرفاء احترام موقفه وشرحه للناس دون تمريغ شرفه في التراب”.
المدون سعيد لزغم وصف صاحب عبارة “كلنا إسرائيليون” بأنه أكثر صهيونية من الصهاينة أنفسهم، وأنه بذلك ارتكبت أكبر حماقة في حياته”. وخاطبه بالقول “أنت لا تمثل المغاربة لتتحدث باسمهم، وإنك بذلك ارتبكت بكل جرأة وجسارة جريمة انتحال صفة من المخولين بها دستوريا، خصوصا وان كل المؤشرات تتفق على القرب منهم”. وتابع “إنك خارج أي سياق مغربي شعبي، بل الأدهى حتى الموقف الرسمي؛ وذلك لتبنّيك موقفا بعيدا كل البعد عن بلاغ الدولة المغربية، بل أكثر من ذلك تحدث تشويشا على مضامينه لدى الرأي العام الدولي، بحكم أنك أحد مهندسي السياسة المغربية ببروز اسمك كأحد عرّابي جريرة التطبيع”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس