أفريقيا برس – المغرب. يواجه سيناتور جزائري حكما بالترحيل إلى بلاده من قبل محكمة إسبانية، بعد صدور طلب رسمي من السلطات الجزائرية لتسليمه، بناء على حكم قضائي أدانه بالسجن في قضية تتعلق بتصريحاته في اجتماع مع مسؤولين من قطاع الطاقة.
وتعود فصول القضية إلى مداخلة أدلى بها السيناتور عبد القادر جديع خلال جلسة رسمية لمجلس الأمة في 22 كانون الثاني/ ديسمبر 2019، بحضور وزير الطاقة والمدير العام لشركة سوناطراك، انتقد فيها سوء التسيير وغياب العدالة في التنمية بمناطق الجنوب الجزائري، ودعا إلى إشراك السكان المحليين في القرارات المتعلقة باستغلال الغاز الصخري، وحماية البيئة، وضمان استفادة المنطقة من عائدات الضرائب البترولية، وتمكين شباب الجنوب من فرص العمل في الشركات النفطية، وفق ما ورد في فيديو له.
وبحسب بيان منظمة شعاع الحقوقية التي أوردت الخبر، فإن هذه التصريحات جاءت في إطار ممارسة السيناتور مهامه البرلمانية وحقه الدستوري في الرقابة والتعبير السياسي، غير أن السلطات الجزائرية، حسبها، فتحت بعد مرور أكثر من أربع سنوات تحقيقًا قضائيًا بحقه، في خطوة وصفتها المنظمة بأنها “ذات طابع سياسي”.
ويقيم عبد القادر جديع، عضو مجلس الأمة المنتخب عن ولاية ورقلة جنوبي الجزائر سنة 2019، حاليًا في إسبانيا عقب “هجرته القسرية” إثر ملاحقات قضائية وسياسية منذ عام 2023، وفق ما أوردته منظمة شعاع.
وبتاريخ 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، أصدرت المحكمة الدستورية قرارًا يقضي برفع الحصانة عنه، حسب منظمة شعاع التي قالت إن ذلك تم دون احترام الإجراءات المنصوص عليها في النظام الداخلي لمجلس الأمة، وخاصة المادة 125 التي تنص على وجوب عقد جلسة استماع للعضو المعني والتصويت العلني على القرار، معتبرة أن ذلك يمثل “مساسًا خطيرًا باستقلال السلطة التشريعية”.
وبعد يومين من رفع الحصانة، أصدر وكيل الجمهورية لدى محكمة تقرت، أمرًا بمنع السيناتور من مغادرة التراب الوطني، لتصدر المحكمة نفسها في 5 فبراير 2024 حكمًا يقضي بسجنه ثلاث سنوات نافذة وغرامة قدرها 500 ألف دينار، استنادًا إلى مواد من قانون العقوبات تتعلق بـ”إهانة هيئة نظامية” و”نشر تسجيلات تضر بالمصلحة الوطنية” و”نشر أخبار من شأنها الإخلال بالنظام العام”. واعتبرت المنظمة أن هذه الأحكام تمثل انتهاكًا لحرية التعبير والحصانة البرلمانية، وتؤكد بحسبها، “تسييس القضاء واستخدامه كأداة لإسكات الأصوات المنتقدة داخل المؤسسات الدستورية”.
وفي تطور لاحق، تلقى عبد القادر جديع استدعاءً رسميًا من المحكمة الوطنية الإسبانية بتاريخ 14 تشرين الأول/أكتوبر 2025، في إطار طلب تسليم تقدمت به الجزائر، ومن المقرر أن تُعقد جلسة النظر في الطلب يوم 3 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل بمحكمة السلام في مدينة “إل كامبيّو” بمقاطعة أليكانتي.
وفي ختام بيانها، أكدت منظمة شعاع لحقوق الإنسان أن قضية السيناتور عبد القادر جديع “ذات طابع سياسي بحت”، وأن أي محاولة لتسليمه تمثل “انتهاكًا صارخًا لمبدأ عدم تسليم الأشخاص لأسباب سياسية” المنصوص عليه في المواثيق الدولية، خصوصًا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ودعت المنظمة السلطات الإسبانية إلى رفض طلب التسليم وضمان حماية حقوق السيناتور القانونية والإنسانية، كما طالبت السلطات الجزائرية بإلغاء الحكم الصادر بحقه ووقف الملاحقات القضائية، مؤكدة أن استمرار مثل هذه الممارسات يهدد استقلال القضاء وحرية العمل البرلماني ويقوّض التزامات الجزائر الدولية في مجال حقوق الإنسان.
الاتحاد البرلماني الدولي يدين
ووفق “شعاع” صادق مجلس إدارة الاتحاد البرلماني الدولي بالإجماع، يوم الخميس، خلال دورته الـ151، على قرار قبول الشكوى التي تقدمت بها منظمة شعاع لحقوق الإنسان، ممثلةً عن السيناتور السابق عبد القادر جديع، إلى لجنة حقوق الإنسان للبرلمانيين، بشأن الانتهاكات الدستورية والبرلمانية والملاحقات القضائية والحكم الصادر بحقه في الجزائر.
وبحسب المنظمة، يُعدّ هذا القرار أول ملف يتعلق بانتهاك حق نائب جزائري يُسجَّل في سجل الجزائر لدى الاتحاد البرلماني الدولي، مما أدى إلى إدراج الجزائر ضمن “القائمة الصفراء” التي تشمل الحالات التي تتابعها وتراقبها لجنة حقوق الإنسان للبرلمانيين، في إطار جهودها لحماية البرلمانيين المعرّضين للاضطهاد في مختلف أنحاء العالم.
وأعربت لجنة حقوق الإنسان للبرلمانيين التابعة للاتحاد البرلماني الدولي عن قلقها العميق إزاء الحكم غير المتناسب الصادر بحق السيناتور عبد القادر جديع، معتبرةً أن تصريحاته لم تكن مهينة ولا تحمل أي طابع عدائي، بل جاءت في إطار نقد مشروع للسياسات الوطنية الخاصة بتوزيع الثروات.
وأكدت اللجنة أن تصريحات السيد جديع كانت ضمن ممارسته لحقه الأساسي في حرية التعبير، وأنه ما كان ينبغي أن يُدان بسببها. ولذلك، دعت السلطات الجزائرية إلى إسقاط الملاحقات القضائية بحقه، وتعزيز حماية حرية التعبير لجميع أعضاء مجلس الأمة الجزائري.
وتكررت في السنوات الأخيرة إجراءات رفع الحصانة عن نواب وسيناتورات في البرلمان الجزائري بغرفتيه، بسبب ملاحقات قضائية. وتشير المادة 130 من الدستور الجزائري إلى أنه “يمكن أن يكون عضو البرلمان محل متابعة قضائية عن الأعمال غير المرتبطة بمهامه البرلمانية، بعد تنازل صريح من المعني عن حصانته”. كما تنص على أنه “في حال عدم التنازل عن الحصانة، يمكن لجهات الإخطار، إخطار المحكمة الدستورية لاستصدار قرار بشأن رفع الحصانة من عدمها”.
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس





