أفريقيا برس – المغرب. أعربت أحزاب سياسية معارضة عن انشغالها بما سمته “تحديات وصعوبات” الموسم الدراسي الجديد 2024-2025، ودَعَت الحكومة في المغرب إلى ضرورة المضي قدما في إصلاح المدرسة العمومية في اتجاه تحقيق الجودة وتكافؤ الفرص. كما دعت وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى إلى عقد لقاءات في البرلمان حول الموضوع.
وقالت الهيئات السياسية المغربية إن الدخول المدرسي الحالي يطرح تحديات وصعوبات جَمَّة على الأسر المغربية، لاسيما منها المتوسطة والمستضعفة، بسبب “الارتفاع المهول” لكُلفَة مستلزمات الموسم المدرسي، بالنظر إلى “الاختلالات والفوضى” التي يعرفها سوقُ الكتاب المدرسي. كما أن هناك “زيادات فاحشة” فُرضت من طرف معظم مؤسسات التعليم الخصوصي بالنسبة لرسوم التسجيل والواجبات الشهرية، بدعوى حرية الأسعار والمنافسة، فضلاً عن فرض اقتناء كتب مدرسية مستوردة، بما يُرهق أكثر كاهل الأسر المعنية.
وأثار حزب “التقدم والاشتراكية” المعارض انتِباه الحكومة إلى تعمق معاناة الأسر المغربية التي يرتاد أبناؤها وبناتها مؤسسات التعليم الخصوصي، “تحت ضغط الاضطرار من جراء إكراهات المدرسة العمومية”، وفق تعبير بلاغ المكتب السياسي للحزب، مستحضراً “فوضى الأسعار وفرض رسوم تسجيل وتأمين فاحشة واعتباطية، وفرض كتب ومقررات دراسية مستوردة وغير موحدة ومرتفعة السعر بشكل مهول”. وطالب الحزب اليساري الحكومة بالتدخل الحازم لضبط وتنظيم ممارسات التعليم الخصوصي، وعدم التَّملص من تحمل هذه المسؤولية تحت أي ذريعة كانت.
في غضون ذلك، طالب رشيد حموني، رئيس فريق “التقدم والاشتراكية” في مجلس النواب، بحضور وزير التربية والتعليم شكيب بنموسى إلى البرلمان من أجل المساءلة حول “تحديات وصعوبات الدخول المدرسي”، واعتبر أن هذه القضايا الأساسية تقتضي نقاشاً مثمراً بين الحكومة والبرلمان بهدف الإسهام الجماعي في إنجاح الموسم المدرسي الحالي، وبأفق تضافر جهود إصلاح المدرسة الوطنية.
كما دعا الحكومة إلى “التعاطي الحازم والبنَّاء والناجع” مع قضايا الدخول التعليمي الذي يهُمُّ ملايين الأسر المغربية، والحرص التام على اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية ومراعاة القدرات المادية للأسر المغربية، ولتوفير كافة شروط إنجاح هذا الدخول.
و أكد عبد الرحيم شهيد رئيس “الفريق الاشتراكي” على الأهمية البالغة التي يكتسيها الدخول المدرسي في انطلاقة الموسم الدراسي الجديد وتأثيره المباشر على سير العملية التعليمية برمتها، لكونه نقطة تحول في مسار العملية التعليمية ويؤثر بشكل مباشر على تحصيل الطلاب وتحفيزهم ويشكل الأساس لبناء جيل متعلم ومواكب للتطورات.
وأوضح شهيد في رسالة موجهة إلى رئيس “لجنة التعليم والثقافة والاتصال”، بأن التحديات المُتراكمة التي واجهت المغرب في السنة الدراسية الماضية، في إشارة إلى الإضرابات عن العمل والاحتجاجات التي خاضها نساء ورجال التعليم طيلة ثلاثة أشهر، تتطلب تقييماً دقيقاً لتحديد أسبابها واقتراح الحلول المناسبة، والتي تتجاوز مجرد معالجة الأعراض إلى معالجة الجذور، ما يقتضي الاستعداد المبكر لضمان توفير بيئة تعليمية مناسبة للجميع تلبي احتياجات الطلاب والمدرسين، وتجنب الارتجال في اتخاذ القرارات وتطور العملية التعليمية بشكل مستمر.
ودعا شهيد إلى الوقوف في الاجتماع الذي دعا له رفقة الوزير، على ما تم توفيره من بنية تحتية للمدارس وتوفير الموارد اللازمة لضمان جودة التعليم، خاصة المدارس في المناطق النائية، والاطلاع على ما قامت به الوزارة من تحديث للكتب الدراسية والمناهج التربوية لتتناسب مع المتغيرات التربوية والعلمية وتطوير مناهج تعزز التفكير النقدي والإبداع والابتكار، وبرنامجها لتطوير القدرات والمهارات التعليمية للأساتذة وبرامج تدريبية مستمرة، وتشجيع البحث العلمي التربوي، والوقوف على نسبة تنفيذ الالتزامات الأربعة للوزارة والتي تهم المؤسسة التعليمية والمتعلقة بتحسين ظروف استقبال التلاميذ، وقيادة المؤسسة التعليمية، وتوفير بيئة مدرسية محفزة على التعلم والتفتح، وتعزيز الأنشطة الموازية والرياضية.
حزب “فدرالية اليسار الديمقراطي” من خلال مراسلة لنائبته البرلمانية فاطمة التامني، عبّر عن قلقه من كون “الأسر المغربية تواجه أزمة حقيقية في كل موسم مدرسي جديد، في كل ما يتعلق بالمستلزمات والأدوات مدرسية وما تتطلبه من مصاريف تثقل كاهل العائلات في ظل تزايد ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة”، وساوت البرلمانية في ذلك بين التعليم العمومي والخصوصي “الذي تزداد حدة تكاليفه المرهقة للأسر”.
وبالنسبة للبرلمانية نفسها، فإن هذا الأمر يتكرر عند “بداية كل موسم دراسي، ما يتناقض مع الوظيفة التعليمية لفائدة الجانب التجاري”، متسائلة “عن التدابير التي تعتزم الوزارة القيام بها من أجل حماية الأسر المغربية من جشع أرباب التعليم الخصوصي”، وعن “الإجراءات التي يمكن اعتمادها من أجل فرض رقابة على المناهج والمقررات المعتمدة، من الجانب المادي من حيث التكلفة والمعنوي المتعلق بالمضامين والمحتويات”.
معطيات وإجراءات حكومية
تخوفات الأحزاب السياسية المعارضة، بدَّدها وزير التعليم الأولي والتربية الوطنية والرياضة شكيب بنموسى، الذي أكد أن العرض المدرسي تعزز في الدخول المدرسي الجديد بـ189 مدرسة منها 10 مدارس جماعاتية، بالإضافة إلى 15 داخلية جديدة كلها في العالم القروي، وبذلك يصل مجموع المؤسسات التعليمية إلى 12300 مؤسسة (8433 للابتدائي و2289 للإعدادي و1568 للتأهيلي)، لافتاً إلى أن الموسم الدراسي الجديد سيشهد التحاق 18 ألف مدرس جديد بالفصول الدراسية، ليبلغ عدد المدرسين في الأسلاك الثلاثة 288 ألفاً و72 مدرساً ومُدرِّسة.
ولفت وزير التعليم المغربي خلال ندوة صحافية عقدها الجمعة 6 أيلول/سبتمبر، قدم فيها أهم معطيات ومستجدات الدخول المدرسي 2025/2024، أنه من المتوقع أن يصل عدد الطلاب هذا العام 8 ملايين و112 ألفاً و592 تلميذاً، منهم مليون و136 ألفاً و894 في التعليم الخصوصي.
المعطيات التي قدمها الوزير بخصوص التعليم العمومي تشير إلى أن عدد الطلاب في التعليم الثانوي التأهيلي ارتفع بنسبة 12.7 بالمائة ليصل إلى مليون و235 ألفاً و206 تلميذاً، بينما ارتفع عدد طلاب التعليم الإعدادي بنسبة 5.5 بالمائة ليصل إلى مليونين و24 ألفاً و607 تلميذاً، مقابل تراجع نسبة الطلاب في التعليم الابتدائي بـ1.3 بالمائة ليصل 3 ملايين و715 ألفاً و885 تلميذاً. فيما أشارت المعطيات إلى ارتفاع عدد الأطفال بالتعليم الأولي (العمومي والخصوصي) بنسبة 3.4 بالمائة، ليبلغ 983 ألفاً و654 طفلاً.
وركزت الوزارة على مسألة توفير مقعد دراسي لكل الطلاب بالتعليم العمومي، والتقليص من الاكتظاظ بالفصول الدراسية ومن الأقسام متعددة المستويات، لأجل ذلك فقد تعزز العرض المدرسي بإحداث 189 مؤسسة جديدة، 68 في المئة منها في الأرياف، ليرتفع بذلك عدد المؤسسات التعليمية على مستوى كل المغرب إلى ما يناهز 12 ألفاً و300 مؤسسة تعليمية، 56 في المئة منها في الأرياف. كما تم إحداث 3.492 حجرة دراسية في إطار توسيع المؤسسات التعليمية، 59 في المئة منها في الأرياف.
وبالموازاة مع الدخول المدرسي الحالي، أقرَّت الحكومة دعماً مالياً لفائدة الأسر المعوزة برسم الدخول المدرسي، يصرف مرة واحدة كل شهر سبتمبر/أيلول من كل سنة، حيث سيعمل الدعم على مساعدة الأسر المستفيدة، في “التخفيف من تكاليف وأعباء الدخول المدرسي وما يقتضيه من اقتناء الكتب واللوازم المدرسية، الأمر الذي سيساهم إيجاباً في الحد من الهدر المدرسي وتحسين مؤشرات التمدرس”، وفق بلاغ لرئاسة الحكومة.
وحدّدت الحكومة قيمة المبالغ التي ستُمنح للأسر في إطار إعانات الحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة، بخصوص أبنائهم وبناتهم في السلك الابتدائي والسلك الثانوي الإعدادي والسلك الثانوي التأهيلي، المسجلين في مؤسسات التعليم العمومية في حدود ستة أبناء كحد أقصى، يصرف مرة واحدة كل سنة، في 200 درهم (حوالي 20 دولاراً) عن كل طفل لفائدة الأسر التي تضم أبناء وبنات في السلك الابتدائي أو السلك الثانوي الإعدادي. كما ستستفيد الأسر التي تضم أبناء وبنات يدرسون في السلك الثانوي التأهيلي من مبلغ حُدِّد في 300 درهم (30 دولاراً) لكل ابن أو ابنة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس