الطالبي العلمي: التهافت على المناصب يضر بالسياسة

1
الطالبي العلمي: التهافت على المناصب يضر بالسياسة
الطالبي العلمي: التهافت على المناصب يضر بالسياسة

أفريقيا برس – المغرب. أكد راشيد الطالبي العلمي، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، أن الحزب أرسى خلال السنوات الأخيرة نموذجًا مبتكرًا في التواصل السياسي، يقوم على القرب والإنصات والإنتاج الفكري التنموي، بعيدًا عن الخطاب الشعبوي والمقاربات الظرفية، وذلك خلال مداخلته في اللقاء التواصلي الختامي لـ“مسار الإنجازات” بمدينة طنجة.

وأوضح الطالبي العلمي، في كلمته خلال المحطة الثانية عشرة والأخيرة من “مسار الانجازات” بجهة طنجة تطوان الحسيمة، اليوم السبت، أن اختيار طنجة لاختتام هذه الجولة الوطنية يحمل دلالات رمزية قوية باعتبارها “بوابة المغرب إلى أوروبا وبوابة أوروبا إلى إفريقيا”.

وأشار المتحدث إلى أن “مسار الإنجازات”، الذي انطلق من مدينة الداخلة في 4 ماي 2021، يشكل امتدادًا لسلسلة من المبادرات التواصلية غير المسبوقة، من بينها “100 يوم 100 مدينة”، و“مسار الثقة”، و“مسار المدن”، مبرزًا أن هذه اللقاءات لا تندرج في إطار ظرفي أو انتخابي، بل تؤسس لمنهجية جديدة في العمل الحزبي، قوامها الإصغاء المباشر للمواطنات والمواطنين، والتعرف عن قرب على انشغالاتهم، وتعزيز الثقة في السياسة وقيمة الانخراط في تدبير الشأن العام.

وأضاف الطالبي العلمي أن هذا التوجه مكّن الحزب من بلورة أدبيات سياسية جديدة سماها بـ“الفكر التنموي”، وهو فكر ينبني على تحويل الإمكانيات المحلية إلى ثروات، وتعبئة الطاقات البشرية، وزرع روح المبادرة، في شراكة وثيقة مع الفاعلين المحليين، معتبرًا أن هذا النموذج التواصلي القائم على القرب هو ما يفسر بعض ردود الفعل “المرتبكة والمتشنجة” من قبل بعض المنافسين.

وفي سياق استعراضه لمسار الحزب، ذكّر عضو المكتب السياسي بأن التجمع الوطني للأحرار تأسس قبل 46 سنة في سياق وطني مفصلي أعقب المسيرة الخضراء، استجابة لمتطلبات مرحلة جديدة من تاريخ المغرب، مؤكداً أن الحزب عرف “ميلاده الثاني” مع انتخاب عزيز أخنوش رئيسًا له، حيث أطلق ورشًا شاملًا لإعادة الهيكلة والتنظيم والعصرنة، شمل مراجعة الهياكل، وإحداث أكثر من 19 تنظيمًا موازيًا، في مقدمتها التنظيمات الشبابية والنسائية والمهنية، واعتماد أدوات اشتغال حديثة تواكب التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

وشدد الطالبي العلمي على أن هذا المجهود التنظيمي لم يكن موجهاً للاستعداد الانتخابي، بقدر ما كان يرمي إلى تحديد وظائف واضحة لكل تنظيم، والانكباب على دراسة القضايا العمومية واقتراح الحلول، من أجل بلورة سياسات عمومية منتجة للتنمية، مؤكداً أن التجمع “كان وسيظل حزب البناء وتقدير النداء الوطني، وليس حزب الابتزاز والمساومة”.

وفي هذا الإطار، أبرز أن الحزب ظل، منذ سنة 1979 إلى 2021، فاعلاً أساسياً في الحياة السياسية، سواء من موقع الأغلبية أو المعارضة أو مساندة الحكومة، مشيرًا إلى أن حضوره الدائم شكّل عنصر طمأنة وتوازن داخل المنظومة السياسية الوطنية، بفضل وفائه للمؤسسات ومساهمته الإيجابية في مختلف الواجهات.

وأكد المتحدث أن التجمع الوطني للأحرار لا ينظر إلى تدبير الشأن العام باعتباره سباقًا نحو السلطة، ولا يشترط التموقع الحكومي لخدمة الوطن، مشددًا على أن خدمة الدولة والمواطن والملك لا تكون مشروطة بالمواقع، وأن التهافت على المناصب يسيء إلى السياسة ويضعف صورتها لدى الرأي العام.

وعلى المستوى السياسي الراهن، عبّر الطالبي العلمي عن استغرابه من الجدل الذي أعقب تصدر الحزب لانتخابات 2021، مذكّرًا بأن الحزب لطالما احترم نتائج صناديق الاقتراع ولم يسبق له أن شكك فيها أو احتج عليها، مهما كانت مرتبته، وهو ما يعكس، حسب قوله، إيمانه العميق بالاختيار الديمقراطي.

وفي معرض حديثه عن الحصيلة، شدد على أن البرنامج الانتخابي للحزب شكّل تعاقدًا واضحًا مع الناخبين، وُضع على أساس التشاور العمومي والرؤية الواقعية، وليس على المزايدات أو دغدغة العواطف، موضحًا أن البرنامج الحكومي يستهدف إصلاحًا عميقًا ومستدامًا، يضع المواطن في صلب السياسات العمومية، ويجعل من هذه السياسات أداة لإنتاج التنمية، وضمان فرص الشغل، والدخل القار، والتعليم والصحة بكرامة ودون وساطة.

كما نوّه الطالبي العلمي بالقيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وبالنجاحات الدبلوماسية التي تحققت في ملف الوحدة الترابية، والدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، معتبراً أن ما تحقق يكرس مكانة المغرب كدولة صاعدة ذات تموقع إقليمي ودولي وازن.

ودعا عضو المكتب السياسي إلى ممارسة سياسية مسؤولة، قوامها التواضع، والعمل بالأرقام والحقائق، والاستعداد الدائم للمحاسبة عبر الانتخابات، مشيدًا بدور الشباب والنساء داخل الحزب، وبأداء الوزراء والمنتخبين التجمعيين على المستويات الوطنية والترابية، ومؤكدًا أن الهدف الأسمى للحزب يظل الإسهام في استقرار المغرب وتنميته وصيانة وحدته الترابية تحت القيادة الملكية.