المغرب: المعارضة تعتزم تقديم «ملتمس الرقابة» لسحب الثقة من حكومة أخنوش بسبب «عدم الوفاء بالتزاماتها»

10
المغرب: المعارضة تعتزم تقديم «ملتمس الرقابة» لسحب الثقة من حكومة أخنوش بسبب «عدم الوفاء بالتزاماتها»
المغرب: المعارضة تعتزم تقديم «ملتمس الرقابة» لسحب الثقة من حكومة أخنوش بسبب «عدم الوفاء بالتزاماتها»

أفريقيا برس – المغرب. بينما تستعد حكومة عزيز أخنوش في المغرب لتقديم حصيلة نصف ولايتها الأولى أمام البرلمان، تلوّح بعض أحزاب المعارضة بطرح “ملتمس الرقابة” لسحب الثقة منها، متذرعة بعدم وفاء التحالف الحكومي الثلاثي المكون من أحزاب “التجمع” و”الاستقلال” و”الأصالة والمعاصرة” بالتزاماته التي قطعه على نفسه عند تنصيبه في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

وأعلن إدريس لشكر، الكاتب الأول (الأمين العام) لحزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، أنه يجري حالياً فتح حوار مع كافة فرقاء المعارضة، من أجل وضع “ملتمس الرقابة” الشهر المقبل.

وتستند هذه الدعوة إلى الفصل 105 من الدستور المغربي الذي ينص على أنه “لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة”، ويؤكد أنه “لا يُقبل هذا الملتمس إلا إذا وقّعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس”. كما يوضح أنه “لا تصحّ الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم”. ويضيف: “لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس؛ وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية”.

تطوير الديمقراطية والمؤسسات

واستغل القيادي الاشتراكي لشكر لقاء حزبياً لإثارة هذا الموضوع، حيث قال: “نحن في حوار مع كافة فرقاء المعارضة، إذ يجب أن نجمع خُمس التوقيعات، والهدف أن نضع في الشهر المقبل ملتمس الرقابة”. وأعرب عن أمله في أن يشكّل هذا الملتمس “منطلقاً حقيقياً لتطوير ديمقراطيتنا ومؤسساتنا”، وفق تعبيره، مستبعداً إمكانية الإطاحة بحكومة رجل المال والأعمال ورئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار” عزيز أخنوش.

واستحضر ملتمس الرقابة الذي قدّمته فرق المعارضة سنة 1990 ضد حكومة عز الدين العراقي، لكن الملتمس لم يؤد إلى إسقاط الجهاز التنفيذي لعدم توفر الشروط القانونية المنصوص عليها في الدستور ولعدم التصويت عليه من لدن أغلبية البرلمانيين.

وقال لشكر: “لم يُسقط الملتمس الحكومة، لكن المناقشات التي تضمّنها أدّت إلى تحول حقيقي في البلاد، حيث كانت منطلق المُصالحات الكبرى التي حدثت في البلاد والتناوب وتحميل الراحل عبد الرحمن اليوسفي مسؤولية حكومة التناوب”، في إشارة إلى تحمّل المعارضة الرئيسية مسؤولية قيادة الجهاز التنفيذي في شباط/ فبراير 1998، خلال عهد العاهل الراحل الحسن الثاني.

واعتبر الأمين العام لـ “الاتحاد الاشتراكي” أن ذلك الحدث شكّل “منطلقا لمرحلة جديدة يسّرت للدولة المغربية معرفة كيفية التعامل مع الحراك، وألّا يقع في المغرب ما وقع في الدول التي توجد على شرقنا (إشارة إلى الجزائر) والتي تعرفون جميعاً كيف كانت المآلات والنهايات”، وفق تعبيره.

وبعدما ذكّر بـ”الحراكات” التي شهدها المغرب منذ بداية الستينيات والتي شكلت لدينا نوعاً من “المناعة”، أوضح الهدف من تقديم “ملتمس الرقابة” بالقول: “أملنا كبير، ليس في أن نطيح بالحكومة من أجل أن نكون نحن أو الآخر، بل أملنا بهذه المبادرة هو إحداث حركية ودينامية في الحياة السياسية للبلاد تؤدي إلى مزيد من الدمقرطة والتطور”.

وكان ملتمس الرقابة سنة 1990 الثاني في تاريخ المغرب الحديث بعدما كان حزب “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية” سنة 1964 لجأ إلى الفصل 81 من دستور 1962، بهدف سحب الثقة من حكومة باحنيني، متهمين إياها بحماية الرأسمال الأجنبي وإضعاف القدرات الشرائية للمواطنين. ولكن الملتمس لم يفلح في إسقاط الحكومة نتيجة “الشروط التعجيزية” ـ وفق تعبير ملاحظين ـ التي يحددها القانون لهذا الغرض والمتمثلة في الحصول على موافقة الأغلبية.

وأكد إدريس لشكر، على ضرورة وضع حد لمختلف المحاولات التي تروم تبخيس دور الأحزاب السياسية أو التشويش على “ملتمس الرقابة”، عبر إطلاق العنان للاتهامات الباطلة والتهييج الإعلامي وإلهاء الرأي العام، مؤكداً إيمانه ويقينه بدولة المؤسسات والقانون الذي يسمو فوق الجميع؛ وذلك إشارة إلى الجدل الذي أثاره تقرير “المجلس الأعلى للحسابات” في شأن اتهام بعض الأحزاب بسوء التصرف في الدعم المالي الممنوح من طرف الدولة.

وقال عبد السلام الصديقي، القيادي في حزب “التقدم والاشتراكية” المعارض، إن الحكومة لم تكن في الموعد، فهي لم تقم بكل ما ينبغي القيام به فيما يتعلق بحماية القوة الشرائية للساكنة، لكونها ظلت أسيرة المعتقدات “الدوغمائية” التي تؤمن بفضائل السوق، وظلّت مهتمة أكثر بالدفاع عن مصالحها الطبقية.

وتساءل في مقال نشره في صحيفة الحزب نفسه “بيان اليوم” مستغربًا: “كيف يمكن أن نفسّر صمتها (أي الحكومة) أمام النداءات الموجّهة إليها من كل حدب وصوب لمطالبتها بتسقيف سعر المحروقات وإعادة تشغيل الشركة المغربية العمومية لتكرير النفط (لاسمير)؟”.

الحكومة تتقدم لكن إلى الوراء

وأكد أن كل المؤشرات تدل على أن الحكومة لن تنجح في الوفاء بالتزاماتها في أفق سنة 2026، والمُعبَّر عنها بالأرقام، اللهم إلا في حال حدوث معجزة خلال الشوط الثاني من ولايتها.

وشرح ذلك بالأرقام قائلاً: “التزمت الحكومة بتحقيق معدل نمو متوسط ​​قدره 4% خلال فترة ولايتها. وكانت النتائج للأسف، بعيدة كل البعد عن الهدف: بالكاد 1.3% في عام 2022 و2.8% في عام 2023. علاوة على ذلك، وعدتنا الحكومة بخلق مليون فرصة عمل، أي بمتوسط ​​سنوي قدره 200 ألف منصب شغل. لكن النتيجة كانت أكثر من مخيبة للآمال: فبدلاً من خلق فرص العمل، قامت الحكومة بخلق مشاكل من خلال تدمير مئات الآلاف من الوظائف القائمة، وحتى الوظائف غير مدفوعة الأجر وغير المستقرة”.

وتابع: “الملاحظة نفسها المرتبطة بالفشل، تنطبق على معدل نشاط المرأة الذي يعد من أدنى المعدلات في العالم. فقد تم التخلي عن الالتزام بزيادة هذا المعدل إلى 30% في عام 2026، بدلاً من 20% في عام 2021. بل على العكس من ذلك، انخفضت هذه النسبة إلى 19% عام 2023. وهو ما يؤكد أن الحكومة تتقدم، ولكن إلى الوراء!”.

ولاحظ كذلك أن حكومة أخنوش لم تف بالتزاماتها المتعلقة بمكافحة الفقر والحد من الفوارق الاجتماعية وإصلاح التعليم والصحة. وأكد أن المجال الذي كانت الحكومة فيه مقصرة أكثر والتي تستحق عليه البطاقة الصفراء ـ بحسب تعبيره ـ هو الذي يتعلق بتعزيز القيم الديمقراطية. وفسّر ذلك قائلا: “هذا العجز الديمقراطي، بالإضافة إلى العجز التجاري وعجز الميزانية، يظهر في علاقات الحكومة بالمعارضة البرلمانية وأحزاب المعارضة، وفي ترددها حين يتعلق الأمر بإنجاز بعض الإصلاحات الأساسية بما في ذلك السياسة الجنائية، ومحاربة اقتصاد الريع، والفساد، وتضارب المصالح و”الزواج غير الشرعي” بين المال والسياسة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس