أفريقيا برس – المغرب. انتقدت هيئة من المجتمع المدني في المغرب حكومة عزيز أخنوش بسبب عدم تجسيد اعتماد اللغة الأمازيغية في عدة قطاعات عمومية، وأوصت بإحداث لجنة استشارية لهذا الغرض.
وعلى بُعد سنة واحدة من انتهاء المدة التي حددها القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، سجَّل «مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة»، أن الحكومة الحالية ما زالت لم تدمج تدريس اللغة الأمازيغية في مستويات التعليم الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي والتكوين المهني، كما تنص على ذلك المادة 4 من القانون التنظيمي رقم 26.16، ولا في برامج محو الأمية والتربية غير النظامية (المادة 7)، ناهيك عن عدم تأكيدها على مراعاة استعمال اللغة الأمازيغية ضمن معايير توزيع الدعم العمومي الموجه للصحافة المكتوبة والرقمية (المادة 14).
وعابت الوثيقة على الحكومة التي يرأسها عزيز أخنوش، أنها لم تقُم بما يلزم من أجل استفادة جميع القطاعات العمومية والمؤسسات والهيئات العمومية والمنتخبة من عملية الترجمة إلى الأمازيغية لمحتوى اللوحات وعلامات التشوير المتواجدة في مقراتها والفضاءات التابعة لها، منتقدة عدم التفعيل الكامل للمادة 24 من القانون التنظيمي، والتي تنص على التزام الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وسائر المرافق العمومية بتوفير بنيات للاستقبال والإرشاد باللغة الأمازيغية، إضافة إلى استمرار غياب تعميم الخدمات الصوتية باللغة الأمازيغية، إلى جانب اللغة العربية، لإرشاد وتوجيه المواطنات والمواطنين في المرافق العمومية.
وانتقدت الورقة التي أعدها فريق البحث في الثقافة واللغة والهوية بالمركز المذكور، عدم تفعيل الحكومة لمقتضيات المادة 28 من القانون التنظيمي المذكور، التي تؤكد على أنه «تكتب باللغة الأمازيغية، إلى جانب اللغة العربية، العلامات الخاصة بمختلف وسائل النقل التي تقدم خدمات عمومية أو التابعة لإدارات عمومية»، ولا سيما منها السيارات والناقلات التي تستعملها الإدارات العمومية، وخصوصاً المكلفة منها بالأمن الوطني والدرك الملكي والدفاع المدني والقوات المساعدة وسيارات الإسعاف، ومختلف السيارات والناقلات المخصصة للخدمات العمومية أو المرخص لها بذلك، وأيضاً الطائرات والسفن المسجلة بالمغرب، وكذا القطارات.
وقطع ترسيم اللغة الأمازيغية مساراً طويلاً ظلت خلاله الحركة الأمازيغية تترافع من أجل إيلاء العناية اللازمة بالأمازيغية من خلال دسترتها بوصفها مكوناً ثقافياً مساهماً بشكل فعال في تنوع وتفرد الهوية المغربية. كما أن التراكم النضالي للحركة الأمازيغية، بمختلف مكوناتها السياسية والأكاديمية والجمعوية، وهو يلتقي مع الإرادة الملكية التي جسدها خطاب أجدير عام 2001، وإصدار الظهير الشريف المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في الجريدة الرسمية بتاريخ فاتح نوفمبر 2001، أسهم بشكل كبير في ذلك الترسيخ، لغة وثقافة، في التشريعات والمؤسسات.
وشكل القرار الملكي بجعل رأس السنة الأمازيغية، عطلة مؤدى عنها، في 3 أيار/مايو الجاري محطة بارزة في مسار تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية بالمملكة المغربية، ولحظة لتجديدِ التأكيد على أنها إحدى روافد الهوية المغربية المتنوعة والغنية.
وأوصى مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة بضرورة التسريع بإحداث اللجنة الاستشارية الوطنية واللجان الاستشارية الجهوية التي تعنى بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والدفع في اتجاه الرفع من الحصص الزمنية المخصصة للنشرات الإخبارية باللغة الأمازيغية بتنويعاتها اللغوية الثلاثة، وكذا الرفع من نسبة الاعتماد في الوصلات الإعلانية السمعية البصرية والإعلانات المطبوعة والرقمية، على الأمازيغية بتنويعاتها اللغوية الثلاثة.
ودعت الورقة القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والهيئات والأحزاب السياسية والنقابات، إلى الرفع من اعتمادها على اللغة الأمازيغية في وثائقها ومختلف وسائل وقنوات تواصلها. كما دعت القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والهيئات والأحزاب السياسية والنقابات، إلى الرفع من حجم التنسيق مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ليشمل تكوين موظفيها ومستخدميها الإداريين والإعلاميين، حتى يساهموا في الرفع من نسبة الإصدارات باللغة الأمازيغية.
وأوصى الفريق البحثي بمراعاة دمج شبكة برامج الإذاعة والقناة الأمازيغيتين في شبكة برامج القنوات والإذاعات الرسمية خلال عملية إعادة هيكلة القطاع السمعي البصري، حتى لا تظل المنصات الإعلامية الناطقة بالأمازيغية فئوية وموجهة لجزء من المجتمع، من منطلق أن الأمازيغية تمثل رصيداً وطنياً مشتركاً، مع إعادة النظر في محتوى المقررات الدراسية في مختلف المراحل التعليمية، وبرامج التعليم العالي، والتكوين المهني، بما يجعلها دامجة للثقافة الأمازيغية كمكون رئيس للهوية المغربية.
كما دعت الورقة إلى تعزيز التواصل مع مغاربة العالم وتنويعه، مع الحرص على أن تكون اللهجات الأمازيغية المحلية مكوناً ثابتاً في كل عملية تواصلية، علاوة على مراجعة التشريعات والسياسات العمومية التي تهم تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مختلف مناحي الحياة العامة، بما يعكس كونها رافداً أصيلاً من روافد الهوية المغربية المتعددة، وبما يتماشى والمكانة التي منحها إياها دستور المملكة لسنة 2011.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة المغربية في علاقة دائماً بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، التزمت في برنامجها الحكومي (2021-2026)، بإحداث صندوق لتمويل ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية قصد تعزيز العدالة الثقافية واللغوية، باعتباره آلية مالية للدولة من أجل إدماج الأمازيغية في مجالات التعليم والتشريع والمعلومات والاتصال والإبداع الثقافي والفني، فضلاً عن استعمالها في الإدارات، وفي مجموع المرافق العمومية.
وقدمت الحكومة في مناسبات عديدة حصيلة مرحلية لمنجزها في مجال تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، عبر تخصيص الحكومة لغلاف مالي يناهز 200 مليون درهم برسم قانون المالية للسنة المالية 2022، وبرمجة 300 مليون درهم برسم قانون المالية للسنة المالية 2023، على أن يتم رفعه تدريجياً خلال السنوات المقبلة ليبلغ مليار درهم في أفق سنة 2025.
وعملت على توفير خدمة الاستقبال والإرشاد والتوجيه باللغة الأمازيغية لفائدة المرتفقين الناطقين باللغة الأمازيغية الوافدين على مصالح قطاعات الصحة والحماية الاجتماعية، والعدل، والثقافة، وذلك من خلال تزويدها بما مجموعه 460 عوناً ناطقاً باللغة الأمازيغية بتنويعاتها اللغوية الثلاثة: تريفيت وتشلحيت وتمزيغت، مع توفير خدمة الاستقبال الهاتفي باللغة الأمازيغية من خلال وضع 60 عوناً ناطقاً باللغة الأمازيغية، بتنويعاتها اللغوية الثلاثة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس





