أفريقيا برس – المغرب. أعربت النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن تضامنها مع الإعلاميين الفلسطينيين ومع كافة الشعب الفلسطيني في المحنة التي يجتازونها، جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، ونددت باستهداف المدنيين، مطالبة المجتمع الدولي بالسعي من أجل إيقاف الحرب الغاشمة.
وجاء في بيان تلقت “القدس العربي” أمس الخميس، نسخة منه أن آلة القتل الإسرائيلية تستمر في استهداف الصحافيين العاملين في قطاع غزة وعائلاتهم، إذ سقط عدد من أفراد عائلة الزميل وائل الدحدوح مراسل “الجزيرة” في غزة، بمن فيهم زوجته وابنه وابنته، في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً نزحوا إليه في مخيم النصيرات وسط القطاع.
والخميس ـ يتابع البيان ـ انضافت الصحافية دعاء شرف مع طفلها لقافلة شهداء الواجب، وسط استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع باستهدافه الصحافيين وعائلاتهم، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الجاري.
حماية المدنيين
وإزاء استمرار القتل العشوائي للمدنيين ومنهم الصحافيون، أعلنت النقابة الوطنية للصحافة المغربية في بيانها أنها تتقدم إلى قيادة وأعضاء نقابة الصحافيين الفلسطينيين بأحر التعازي، وتعبّر عن التضامن الكامل معهم في ظل هذه الظروف العصيبة.
وأكدت على إدانتها الشديدة لاستهداف المدنيين ومنهم الصحافيون المشمولون بالحماية الممنوحة بموجب اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين، شمولاً تماماً. والأهم من ذلك أن المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول التي تنص على أن الصحافيين يتمتعون بجميع الحقوق وأشكال الحماية الممنوحة للمدنيين في النزاعات المسلحة الدولية، وفق ما ورد في البيان.
وطالبت نقابة الصحافة المغربية المجتمع الدولي بالتحرك العملي لإيقاف هذه الحرب الغاشمة، واستعمال كل وسائل الضغط لمنع استهداف المدنيين وحماية الصحافيين أثناء مزاولتهم لواجبهم المهني في الميدان.
على صعيد آخر، بعث الشاعر الراحل محمود درويش شعراً ونثراً ومواقف سياسية في لقاء شهدته مدينة الرباط، أول أمس الأربعاء، خصص لتقديم كتاب الإعلامي والكاتب عبد الصمد بنشريف، مدير القناة التلفزيونية الثقافية المغربية، وكانت فلسطين هي الحاضر الأول والأكبر في لقاء تماهى فيه الثقافي والإبداعي مع المواقف التضامنية للمغاربة مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض في غزة لعدوان حربي آخر مشاهده المرعبة تمثلت في أن يصبح الصحافي هو الخبر من خلال وفاة عائلة إعلامي يمثل فضائية “الجزيرة” في القطاع.
بوابة مفتوحة على القضية
الكتاب موضوع اللقاء والموسوم بـ “محمود درويش أنا حيث أنا: مشروع حضور مقابل العدم”، ضمنه مؤلفه بنشريف سلسلة حوارات أجراها مع الشاعر الفلسطيني الراحل على مدار عقد من الزمن يمتد من 1995 إلى 2005، كنا بمثابة بوابة مفتوحة على مصراعيها دخلت منها القضية الفلسطينية وتصدرت النبض والكلمات والأفكار والمواقف، وانزاح الواقع المر والمرعب الذي تمر منه غزة الآن، على ما دون ذلك من شعر أو نثر، كان للموقف التضامني بحمولته العاطفية النبيلة الكلمة الفصل في لقاء الفضاء الثقافي النهضة بالعاصمة الرباط.
وجوه عديدة بارزة من عالم الفكر والأدب والفن والإعلام حضرت اللقاء، كما حضر جمهور عاشق للقضية مؤمن بها، وكانت تلك السيدة الخمسينية التي وضعت على عنقها “شالاً” بنقش الكوفية وفي كلا طرفيه العلم الفلسطيني، قد وقفت أمام “أفيش” اللقاء حيث أبرزت وجه محمود درويش والتقطت صورة لها وهي ترفع علامة النصر.
بلغة الألم، كانت فلسطين هي نجمة الوجع في ذلك اللقاء، وكان محمود درويش الكوني كالعادة هو سبب النزول دائماً، فأينما كان هذا الشاعر كانت القضية، وليست قضية فلسطين فقط بل قضية الوجود الذي يقاوم الغياب والحضور الذي يكافح ضد العدم.
صاحب الكتاب موضوع اللقاء، أعاد لـ “القدس العربي” سرد مشاهد من زيارته لفلسطين قائلاً إن “إسرائيل من تتحكم”، وأضاف: “دخلتُ عبر معبر رفح وعبر جسر الملك حسين بالأردن، وشاهدتُ الإذلال والحصار، بهدف إشعارك بالملل والضجر حتى تستسلم”.
وعن درويش، قال بنشريف إن الشاعر الراحل كان طيلة حياته في “خدمة القضية الفلسطينية من موقعه كشاعر”، رافضاً أي موقع آخر مثل رفضه لمقترح الراحل ياسر عرفات بتعيينه وزيراً للثقافة.
واسترجع بنشريف في تصريحه لـ “القدس العربي”، ما قاله محمود درويش في حوار سابق معه حين تنبأ بمأزق السلام، مؤكداً أن “إسرائيل تدير السلام بعقلية احتلالية”، مبرزاً أنه “لا ينبغي أن نفاجأ اليوم من الدعم الأمريكي للإسرائيليين، فقد أعلنت قبل أمريكا الحربَ على إعلان الدولة الفلسطينية بعد إعلان ياسر عرفات لها”.
وعن المغزى الرئيسي من استحضار مفهوم الراحل محمود درويش لعملية السلام مع الإسرائيليين، يوضح بنشريف، أنه من أجل “الوقوف على حدس وتنبؤات الشاعر، وخبرته في رصد اتجاهات وتطورات الأحداث، والقدرة على تفكيك تداعياتها وقراءة تفاعلاتها، علماً أنه كان دائماً يؤكد أنه ليس مراسلاً حرفياً أو ميدانياً للقضية الفلسطينية، فقد اختار أن يطل على السياسة من شرفة الثقافة ليخدم الحياة الوطنية من خلال الحضور الشعري، خاصة أنه كان يرفض أن يكون فريسة بين فكي السياسي والشعري، حتى ولو كان يؤمن بقوة أن خبز حياتنا معجون بملح بالسياسة، علماً أنه كان يعي جيداً أن من شروط العمل السياسي أَنْ تكون براغماتياً، وأَلا تكون مثالياً، وأَنْ تقبل الواقع المعطى كما هو، بينما العملية الشعرية تقترح واقعاً آخر”.
اللقاء كان قد استهله الشاعر والناقد عبد الغني عارف، بورقة تقديمية لكتاب بنشريف، قال فيها إن استحضار درويش والاحتفاء به، في هذا السياق بالضبط، هو استحضار لقضية أكبر من الأشخاص وهي القضية الفلسطينية، كما وصف الكتاب موضوع اللقاء، بأنه “شكل من أشكال المقاومة”.
“ولأن الحوارات الواردة في هذا الكتاب تنسج رداءها من خيوط التاريخ والمجتمع ومن تداعيات المحن ودموع الوطن والصبر والأمل”، يخلص عارف إلى أنها “تشيد أفقها الجمالي من ثنائية الواقعي والمتخيل في تركيبة إبداعية تتجاور فيها أجناس تعبيرية مختلفة تعطي لكل نص حواري هوية ذات نكهة خاصة، والجامع بينها أنها حوارات أنجزت بهواجس المرحلة وبأحلامها اليانعة والمجهضة.”
الفلسطينيون لا يقبلون بديلاً عن أرضهم
على صعيد آخر، صار موضوع القضية الفلسطينية حاضراً في عدد من التدوينات والفيديوهات التي ينشرها مدونون ودعاة دينيون، من بينها “فيديو” لياسين العمري الذي خصصه للرد على منتقدي “حماس”، وقال: ماذا كان يفعل الكيان الصهيوني منذ حوالي عشرين سنة في غزة؟ هل كان يرسل لأهاليها القوافل الطبية؟ وهل كان يتكفل بتعليم الأطفال الفلسطينيين ويوفر لهم التأمين الصحي والضمان الاجتماعي؟ بالعكس، كان يمارس التقتيل والحصار.
وأضاف قائلاً إنه “لو رضخ المواطن الفلسطيني للإغراءات الصهيونية، لوفر له جواز السفر وجنسية أي دولة يريدها؛ ومع ذلك لم يترك أرضه في عز الحصار، بل ظل متشبثاً بها”. وتابع: “في أحسن الأحوال، كان العدو يصل مع أهالي غزة إلى إطلاق التيار الكهربائي لثماني ساعات فقط، ويبقى 16 ساعة بدون كهرباء؛ فضلاً عن نقص في الأدوية وتفجير المستشفيات”.
ثم خاطب ياسين العمري مُستمعِي حديثه بالقول: “هل تعلمون أين توجد أغلى بقعة من حيث المساحة؟ إنها منزل صغير جداً لسيدة عجوز تطل مباشرة على بيت المقدس. قدمت لها مبالغ مالية ضخمة من أجل إجلاء بيتها، ليحل محله صهيوني، أو ليهدموه كي يبنوا مكانه فندقاً لترويج ما يطلقون عليه باطلاً السياحة الروحية”، أجابتهم بالقول: “حين أفتح نافذتي وأرى بيت المقدس، فنظرة واحدة فيه أغلى عندي من مال الدنيا.”
وأكد أن نصرة القضية الفلسطينية تبتدئ من معرفتها وإدراك أصولها وعلاقتنا بها. وأشار إلى أن للمغاربة أوقافاً باسمهم في القدس الشريف؛ وأنه يوجد باب يحمل اسم “باب المغاربة” وقال: “من منا يحدث نفسه، وأن يأتي عليه يوم يدخل من ذلك الباب، ويلتقط صوراً فيه.”
وأوضح أن المواطن حين يحدّث نفسه في هذا الموضوع، فهو محمي بإمارة المؤمنين، كما أن العاهل المغربي باعتباره أميراً للمؤمنين هو رئيس المجلس العلمي الأعلى، وفي الوقت نفسه رئيس لجنة القدس، ومن ثم يصير الكلام عن القدس ذا بعد شرعي، ومحمياً من جميع الجهات؛ وفق تعبيره.
ووجّه ياسين العمري انتقاداً للناشر الإعلامي محمد الشرعي دون أن يسمّيه، حيث وصفه بـ”الأرعن”، لأنه كتب “كلّنا إسرائيليون”. وقال: “هذا هو من يجب عليه أن يخجل من نفسه، لأنه يتّهم المغاربة في عقيدتهم، بل ويتهم إمارة المؤمنين”. وخاطب المعني بالأمر قائلاً: “حينما تصف حماس بالإرهاب، وعلاقتنا بحماس على المستوى الرسمي ليس فيها سوى الخير والإحسان، فإنك توجّه الاتهام أيضاً إلى إمارة المؤمنين”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس