أفريقيا برس – المغرب. أثار افتتاح وزارة الداخلية الموريتانية بمقرر صادر يوم 11 شباط/ فبراير المنصرم، لمعبر بري دولي جديد بين موريتانيا والمغرب يربط مدينة السمارة المغربية في مدينة بئر أم كرين شمال موريتانيا، مرورًا بجماعة آمكاله، جدلًا بين الساسة والمدونين، حيث يرى أنصار جبهة بوليساريو أنه يمس حياد موريتانيا إزاء النزاع حول الصحراء الغربية الملتزم به منذ اتفاقية آب/ أغسطس 1979 بين بوليساريو وحكومة نواكشوط، لكونه يسمح للمغرب باستغلال الأرض الصحراوية للعبور الدولي نحو موريتانيا.
وأقرت وزارة الداخلية الموريتانية افتتاح 82 منفذًا حدوديًا إلزاميًا، بينها 20 منفذًا دوليًا، من ضمنها المعبر البري الجديد مع المغرب المحدد في منطقة بير أم كرين باعتبارها نقطة عبور حدودية دولية.
وعلى أساس افتتاح هذا المعبر، تواصل الحكومة المغربية مد طريق يوصل للمنفذ الجديد بطول 53 كلم، ومن المتوقع في الجانب الموريتاني أن يمتد الطريق الوطني رقم:1 بضعة كيلومترات إلى بير أم كرين، كما أعلن الجانب المغربي عن انطلاق الأشغال في المشروع منذ مدة، وعن تجهيز محطة طرقية للاستراحة ومرافق صحية ومسجد، ضمن مشروع المعبر الحدودي الجديد.
ومع أن أنصار البوليساريو يرونها موقفًا من شخص غير بعيد من المغرب، فقد جاءت فتوى جديدة لأحمد ولد عبد الله، وزير الخارجية الموريتاني الأسبق، لتؤكد، في خضم هذا الجدل، “أن فتح المنفذ الحدودي الدولي الجديد بين موريتانيا والمغرب لا يمثل خرقًا لحياد نواكشوط”.
وقال أحمدُ ولد عبد الله في تصريحات لإذاعة فرنسا الدولية: “برأيي، من حيث المبدأ، أي دولة تمتلك حرية الحركة والاستثمار والتصرف ضمن أراضيها، وإذا قررت موريتانيا فتح طريق في جزء من أراضيها الوطنية، سواء على حدودها مع الجزائر أو عبر الجسر الذي تبنيه حاليًا مع السنغال على نهر روصو، أو بمدّ الطريق الذي يربط باسكنو مالي، فلا أرى في ذلك عملًا عدائيًا، حتى لو تسبب في إزعاج بعض الأطراف”، مضيفًا قوله: “لا أعتبر ذلك موقفًا عدائيًا تجاه أي بلد أو منظمة”.
وحول ما إذا كان افتتاح المنفذ يعني تخلي موريتانيا عن حيادها التاريخي في قضية الصحراء، ويؤكد أنها تتقارب مع المغرب، قال ولد عبد الله: “أنا على دراية كاملة بالبيان الذي وقعته موريتانيا وجبهة بوليساريو في أغسطس 1979، والذي كنت أنا شخصيًا من صاغه: فالبيان يتحدث عن “حياد صارم”، لكن هذا لا يعني التخلي عن مصالح البلاد، لا سيما في منطقة عبور حيوية تربط الساحل بالمغرب، وهي منطقة تجارية، ولا أرى أن فتح طريق يربط أي مدينة موريتانية بدولة أجنبية مثل مالي أو المغرب أو السنغال أو الجزائر يشكل خرقًا لهذا الحياد، بل على العكس، نحن حاليًا في طور إنشاء طريق يربط تندوف ببير أم كرين، وهو مشروع متقدم للغاية”.
وفي رد على سؤال حول مرور هذه الطريق عبر منطقة جنوب السمارة، التي شهدت مواجهات عنيفة بين الجيش المغربي وجبهة البوليساريو عام 1991، وتحذير الجبهة من “عواقب” فتح هذا الطريق، وما إذا كان افتتاح الطريق سيؤدي لتصعيد عسكري، قال وزير خارجية موريتانيا الأسبق: “طالما أن هناك صراعًا، يبقى احتمال التصعيد العسكري واردًا دائمًا، فقد شهدنا هجمات في منطقة الكركرات قبل سنوات، لكن لا أرى أن موريتانيا تتحمل أية مسؤولية في ذلك، وإذا قامت الجزائر أو مالي أو السنغال بمشاريع بنية تحتية مماثلة، كما هو الحال مع طريق تندوف موريتانيا، فلماذا يُلام المغرب إذا فعل الشيء نفسه؟، فموريتانيا ليست طرفًا في النزاع”.
وجاء رد الفعل الصحراوي حول هذه القضية في تصريح نسب إلى بشير مصطفى السيد، القيادي في جبهة بوليساريو، وأكد فيه “أن فتح معبر جديد بين المغرب وموريتانيا سيقحم موريتانيا في الحرب”، على حد قوله.
ورحب الإعلام الموالي للمغرب بافتتاح المعبر البري الجديد بين المغرب وموريتانيا، واعتبرته مواقع ومنصات مغربية عدة، خطوة استراتيجية لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي”.
وتوقع الإعلام الموالي للمغرب “أن يسهم هذا المعبر بشكل كبير في تسهيل حركة النقل والتبادل التجاري بين المغرب وموريتانيا، مما يعزز الروابط الاقتصادية بين البلدين”.
واعتبرت قناة “ميدي 1 تي في” المغربية “أن مشروع الطريق المتجه نحو المعبر الحدودي الجديد مع موريتانيا، جزء من رؤية المغرب لتعزيز شراكاته الاقتصادية مع دول الساحل والصحراء، حيث يُنتظر أن يشكل امتدادًا استراتيجيًا لمشروع المنفذ الأطلسي، الهادف إلى تطوير شبكة نقل حديثة تخدم التجارة الإقليمية والدولية”.
وفي الجانب الموريتاني، نشرت مواقف عدة بينها ما أكده المدون الموريتاني يحيى ولد عداد الذي اعتبر “أن ولد الغزواني يجر موريتانيا إلى مشكل مع جيراننا”، مضيفاً “أن فتح هذا المعبر بهذه الطريقة هو خروج واضح عن الحياد في ملف الصحراء الغربية”.
وقال “إننا نندد بهذا الموقف الجديد غير الحيادي الخارج عن المألوف فنحن لا نملك أي حدود مع المغرب بل حدودنا مع الصحراء الغربية، وهي أرض تابعة للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”.
وأضاف: “تجاهل نظام ولد الغزواني لبوليساريو الممثل الشرعي الوحيد للصحراويين، رضوخ للإمارات والمغرب، ونحن كسياسيين وحكماء نرجو من القوى الحية والسياسيين والحكماء وأصدقاء القضية الصحراوية الوقوف بحزم وقوة ضد هذا التحول في موقف موريتانيا من ملف الصحراء الغربية”.
هذا، ومن المعلوم أن الصحراء الغربية هي موضع نزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو، ولا تعترف الأمم المتحدة بسيادة المغرب على تلك الأرض، وهي تقوم بالتوسط بين الطرفين لحل النزاع.
وتقع منطقة الصحراء الغربية تحت سيطرة المغرب ويتولى إدارتها ويعتبرها جزءًا من أراضيه، ولا تعترف موريتانيا رسميًا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وتقف على الحياد بين الطرفين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس