حزب معارض ينتقد الوضع الاجتماعي وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين

6
حزب معارض يستعيد «لغة اليسار العتيدة» ويتحدث عن «الهجمة الشرسة على المكتسبات الاجتماعية والقدرة الشرائية» للمغاربة
حزب معارض يستعيد «لغة اليسار العتيدة» ويتحدث عن «الهجمة الشرسة على المكتسبات الاجتماعية والقدرة الشرائية» للمغاربة

أفريقيا برس – المغرب. أصدر حزب «فدرالية اليسار الديمقراطي» المعارض في المغرب بياناً طغت فيه لغة قوية، فكانت عبارات مثل «الهجمة الشرسة على المكتسبات الاجتماعية والقدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنات والمواطنين»، و»زواج المال والسلطة، من خلال حكومة تخدم بشكل مفضوح مصالح الرأسمال الاحتكاري والريعي»، مداخل لتوضيح موقف الحزب المعارض من تدبير الحكومة للشأن العام منذ توليها ذلك.

البيان حمل أيضاً ما يشبه الإنذار حين وصف في موقع آخر الأوضاع في المغرب بـ «مقلقة ومزعجة وغير مطمئنة، ومفتوحة على كل الاحتمالات»، ليرمي بالأسباب مثل كرة من نار في مرمى «الدولة» نتيجة «الإصرار على نهج نفس الاختيارات والتوجهات السياسية اللاديمقراطية والفاشلة التي تكرس الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المركبة والبنيوية التي يعيشها المغرب».

حزب «فدرالية اليسار الديمقراطي» أتى عقب المؤتمر الاندماجي العام الماضي لكل من حزبي «المؤتمر الوطني الاتحادي» و»الطليعة الديمقراطي الاشتراكي». وأعضاء سابقون في «الحزب الاشتراكي الموحد» انشقوا عنه بعد معركة التوحيد وجدل الانسحاب من الفيدرالية الذي اتخذته الأمينة العامة نبيلة منيب.

الحزب المعارض عزز بيانه وانتقاداته بلغة «الأرقام، والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات الرسمية تدل على ذلك، خاصة في المجالين الاجتماعي والاقتصادي، وهي أرقام وإحصائيات صادمة ومخيفة تعبر عن اختلالات منذرة بأخطر العواقب».

واستعرض بعضاً من هذه الأرقام، مثل تلك التي تتعلق بمعدلات التضخم وغلاء الأسعار، التي «بلغت نسباً غير مسبوقة منذ ثمانينيات القرن الماضي، ما أدى إلى انهيار القدرة الشرائية للمواطنين، في الوقت الذي حقق فيه الرأسمال الاحتكاري نسب أرباح فاقت العشرين في المائة في مجموعة من القطاعات، كالبناء، والزيوت، وإنتاج الطاقة، ومواد البناء… مع أن نسبة النمو في السنة الماضية لم تتجاوز 1.2 بالمائة، ولن تتجاوز 2.5 بالمائة هذه السنة».

وانتقل الحزب اليساري من حديث الأرقام إلى لغة تجيدها المعارضة المغربية بشكل جيد، وعزف على وتر «تغول الرأسمال الريعي الاحتكاري والمضاربين في مختلف المجالات والقطاعات». في المقابل، لم تكن هناك «أي إجراءات حقيقية للتحكم في نسب التضخم».

وكتحصيل حاصل، وجه الحزب اتهامه لـ «الخلفية النيوليبرالية للحكومة، وخضوعها للوبيات الاقتصادية والمالية»، وهو ما جعلها «عاجزة عن اتخاذ أي قرار جريء وفعال في مواجهة موجات الغلاء أو الحد منها، واستمرار موجة الغلاء رغم تراجع أثمنة المواد في الأسواق العالمية وتكلفة اللوجستيك».

وأشار الحزب اليساري إلى «هدايا جبائية» حملها قانون الموازنة المالية للعام الحالي 2023 لفائدة «الرأسمال الكبير»، مع عدم اهتمامه «بتحسين دخل عشرات الآلاف من الموظفين والعمال، أو يلتفت إلى وضع الهشاشة الذي تعيشه المقاولات الصغيرة جداً والصغيرة والمتوسطة بعد الجائحة؛ الشيء الذي أدى إلى إفلاس الآلاف منها».

البطالة كانت حاضرة في بيان الحزب المذكور، مبرزاً أنها «ارتفعت ووصلت مستويات قياسية لم يعرفها المغرب منذ 23 سنة»، إضافة إلى «ارتفاع قياسي لمعدلات الفقر، حيث إن أكثر من 3 ملايين مغربي أصبحوا فقراء خلال السنتين الماضيتين».

وبالنسبة لـ «فدرالية اليسار الديمقراطي»، فإن ذلك من «مظاهر أزمة اجتماعية خانقة، نتيجة اختيارات اقتصادية لا شعبية ولا ديمقراطية بخلفية نيوليبرالية متوحشة، تخدم مصالح الرأسمال الريعي الاحتكاري الذي يراكم الثروات حتى في وقت الأزمات».

وعن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي وصفها بـ «البنيوية والمركبة» التي يعيشها المغرب، قال الحزب اليساري إنها «نتيجة الاختيارات السياسية والاقتصادية اللاشعبية واللاديمقراطية التي تنهجها الدولة وحكوماتها المتعاقبة، خدمة لمصالح الرأسمال الريعي الاحتكاري، وتنفيذاً لإملاءات المؤسسات المالية الدولية».

الفساد أيضاً كان حاضراً، وقال عنه الحزب إنه يتفاقم وأصبح ذا طبيعة هيكلية ممتدة في كل المجالات والحقول، ويخترق الحياة السياسية والاقتصادية والمؤسساتية في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية تضع حداً للإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية وتعمل على حماية المال العام، وتفعيل وتطوير الرقابة القضائية وغير القضائية.

ولم يفت بيان الحزب الإشارة إلى المحيط الذي ينتمي إليه وهو السياسي، مؤكداً أن الوضع يحتاج لمعالجة جذرية وشاملة. كما عاد لموضوع الغلاء، ودعا إلى اتخاذ إجراءات مستعجلة لوقف الموجة، والحد من فوضى ارتفاع الأسعار، وحماية القدرة الشرائية عبر الزيادة في الأجور وإقرار عدالة ضريبية، وتحسين دخل الأجراء، وإنقاذ المقاولات الصغيرة من الإفلاس، ومواجهة آثار الجفاف وتردي أوضاع الفلاحين وساكنة البوادي، وتسقيف أسعار المواد الأساسية، وإعادة تشغيل شركة «سامير» التي تعتبر لبنة من لبنات السيادة الطاقية للمغرب.

بيان الحزب تشبث موقفه الداعي إلى ضرورة تحمل الدولة لمسؤوليتها الاجتماعية تجاه الشعب المغربي، وإعادة النظر بشكل بنيوي في الاختيارات الإستراتيجية، من أجل ضمان الأمن الغذائي والطاقي للبلاد، وتوفير الخدمات العمومية الجيدة والمجانية، وتمكين الشباب والنساء من فرص الشغل المنتج، مما يساهم في تحقيق التنمية المنشودة ويحقق العدالة الاجتماعية والمجالية، بما يضمن الكرامة لعموم الشعب المغربي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس