مسيرات تضامنية ليلية في مدن المغرب والإعلامي كوكاس: لخدمة القضية الفلسطينية علينا إبقاءها محط اهتمام الرأي العام

6
مسيرات تضامنية ليلية في مدن المغرب والإعلامي كوكاس: لخدمة القضية الفلسطينية علينا إبقاءها محط اهتمام الرأي العام
مسيرات تضامنية ليلية في مدن المغرب والإعلامي كوكاس: لخدمة القضية الفلسطينية علينا إبقاءها محط اهتمام الرأي العام

أفريقيا برس – المغرب. شهدت مجموعة من المدن المغربية، مساء الأربعاء، وقفات ومسيرات تضامنية مع غزة المحاصرة، جدد فيها المتظاهرون دعمهم غير المشروط للشعب الفلسطيني، كما نددوا باستمرار العدوان الصهيوني، داعين لوقف التطبيع العربي مع الكيان المحتل.

وكانت من أكبر التظاهرات المنظَّمة من طرف “الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة”، المسيرات التي أقيمت في عدد من أحياء مدينة الدار البيضاء بعد صلاة التراويح الرمضانية، ووصل صداها إلى صفحات التواصل الاجتماعي.

وتبدو محنة الشعب الفلسطيني مع “حرب الإبادة” أسطورية ولا تنتهي آلامها، وهو ما لخّصه الإعلامي والكاتب المغربي، عبد العزيز كوكاس، بقوله “لم تعد الكلمات قادرة على حمل صدق ما يحدث من تقتيل ودمار، لم يعد بمستطاع الحروف أن تعبر بحرارة عن فجائع الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على شعب من العزل، وهي مدعومة بأكبر دولة في العالم”.

ويضيف لـ “القدس العربي” قائلا: “أبحث عن كلمات مثل الجمر لتنقل بصدقية مهنية ما نراه من تجويع وتقتيل فريد في التاريخ، كلمات أو جمرات تترك في وجه قرائها بثورا حارقة لكي لا ننسى ما يحصل من هولوكوست العصر الجديد، خرجنا من عصر لا يقين ألان تورين، إلى عصر الالتباس شديد الوضوح”، ويتساءل “ماذا تعني اليوم الديمقراطية، حقوق الإنسان، العدالة، جرائم الحرب، القانون الدولي”، ليلاحظ “أن الصيادين يكتبون تاريخهم، وعلينا نحن الأرانب، أي الشعوب الضعيفة أن تبحث عن سبيل لتقول سرديتها وإن بصوت مبحوح”.

سؤال التضامن مع الشعب الفلسطيني صار سؤالا كونيا، لكن على صعيد العالم العربي، وجهت اتهامات لبعض الإعلاميين والمثقفين، بالصمت، وكانت علامة استفهام كبيرة حول مبررات ذلك، وهو رد عليه كوكاس، مؤكدا أنه “لا يمكن أن نضع كل المثقفين والمفكرين العرب في سلة واحدة، وبرأيي لا يوجد مثقف أو مبدع كوني، باستثناء من لم يتخلصوا من عقدهم التاريخية تجاه اليهود ويبحثون عن تطهيرها على جسد الشعب الفلسطيني”.

وبالنسبة للكاتب المغربي، “لا يمكن أن يحس بألم ووجع ما يحدث في غزة اليوم من تدمير وقتل أقوى من إبادة الهنود الحمر، كما أنه ليس لدينا سوى أن نكتب ونعبر ونحتج في المظاهرات العامة، أما التعبير عن الوجع حول ما يحدث، فلا يمكن أن نطالب المبدع والمفكر اليوم أن ينتج قصيدة أو رواية أو مسرحية أو فيلما أو لوحة”.

لأننا الآن، يضيف كوكاس، “نحن نعيش في صلب زلزال غير مسبوق، نعيش مذبحة يومية لم يميز فيها بين الأطفال والنساء وبين المدنيين بكافة أنواعهم، حين ترتفع صوت المدافع والصواريخ المتطورة تكون الحقيقة هي أول ضحية، وعلينا أن ننتظر زمنا آخرا لاختمار كل هذه الآلام لتنضج الإبداعات والتصورات، الناس اليوم يحتاجون إلى الخبز إلى الشرب، إلى حفظ الحياة، وماذا بشأن قصيدة أو قصة أو أي شكل إبداعي أن يقدم لمن يعيش تهديدا وجوديا كل لحظة في حياته اليومية”.

وسألت “القدس العربي” عبد العزيز كوكاس عن الدعم الدائم والمتواصل للشعب الفلسطيني من طرف الصحافيين المغاربة، ليؤكد أنهم “مذ كانوا ظلوا مناصرين للقضية الفلسطينية حتى الموجودون في الإعلام الرسمي المرتهن لإكراهات التطبيع الذي دخلته الدولة المغربية، هو مع الحق الفلسطيني وضد المجزرة التي تحدث، وهنا لا تمييز لا بين يميني ولا يساري ولا عربي أو أمازيغي، هذه حرب إبادة هذه مجزرة، هذا قتل بدم بارد للأطفال وللنساء، هذه فظائع ينقلها الإعلاميون المغاربة في حياتهم اليومية وفي حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي”.

وجوابا على سؤال ما يمكن أن يقدمه الإعلام المغربي للقضية الفلسطينية، أكد أن الخدمة هي “أن يبقيها في محط اهتمام الرأي العام، ولا تسقط بالتقادم، وألا تتراجع أخبار التجويع والتقتيل التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى الأعمدة الخلفية للجرائد والمجلات، وأن يعلن الصحافيون المغاربة دوما تضامنهم مع زملائهم الفلسطينيين الذي استهدفوا في هذه الحرب لاغتيال الحقيقة، وليس مطلوبا منه أكثر”.

وارتباطا بموضوع التضامن المغربي، أشار الإعلامي كوكاس إلى أنه “يجب أن نقر ان التطبيع هو إكراهات دولة، أما المغاربة يبدون اليوم أكثر وعيا بالقضية الفلسطينية التي ظلت عبر تاريخنا قضية وطنية، كل معركة هناك لها أثر هنا في المغرب، وهذا كان مشتركا بين القمة والقاعدة عبر مسار تاريخي طويل، ولا أدل على ذلك هو كثرة الاحتجاجات والتظاهرات المنددة بما يقع من تقتيل وذبح في غزة”.

ـ وهل تمكن الإعلام المحايد من انصاف الفلسطينيين خاصة بعد فورة الاعلام المؤيد لإسرائيل في البداية وممارسته التعتيم على كل ما هو مناصرة لعدالة القضية الفلسطينية؟ يجيب كوكاس أنه “لا يوجد إعلام محايد اليوم”، ثم يضيف “سبق أن قلت إن أول ضحية في الحرب هو الحقيقة، وقد رأينا بأم أعيننا كيف سقطت كبريات المؤسسات الإعلامية المشهود لها بالمصداقية عبر تاريخها في حبال الدعاية الإسرائيلية، وكيف يواجه من استنكروا حرب الإبادة بغزة حتى إن كانوا أدانوا هجوم قوات حماس في السابع من أكتوبر، بتهم معاداة السامية التي لم تعد لها من معنى سوى أغلق فمك ولا تقل الحقيقة، إن الأمر يتعلق بأمن إسرائيل، حتى وهي التي تقتل وتهتك عرض أمن وحياة شعب صاحب الحق في الأرض”.

وبالنسبة لكوكاس، فإن “الإعلام اليوم موجه وموضوع لخدمة الديناصورات الكبار، لكن أعتقد أن هذا لن يدوم، فانتشار وسائط التواصل الاجتماعي، برغم التضييق المراقب عليها تعمم الحقائق في حينها، وإتقان حماس لشكل ترويج خطابها، لأول مرة يجعل الطرف الفلسطيني له سردية يدافع عنها، وتجد لها صدى لدى أحرار العالم، وأعتقد أنه بدأت الأدوار تنقلب والحقائق تتكشف ولم يعد أمر وضع الجلاد والضحية ممكنا بعد انتشار فظاعات ما يقوم به الإسرائيليون المتهمون بكونهم مارسوا جرائم حرب مروعة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس