موريتانيا: زعيم المعارضة يهدد بمقاطعة الحوار المرتقب

1
موريتانيا: زعيم المعارضة يهدد بمقاطعة الحوار المرتقب
موريتانيا: زعيم المعارضة يهدد بمقاطعة الحوار المرتقب

أفريقيا برس – المغرب. بينما تستعد الساحة السياسية الموريتانية لانطلاقة الحوار السياسي الوطني، بدأت مؤشرات التوتر تطفو على السطح، مع تهديد النائب بيرام الداه اعبيد، زعيم المعارضة المتشددة، بمقاطعة هذا المسار، في موقف يعكس استمرار حالة الشك وعدم الثقة بين النظام وبعض الفاعلين السياسيين.

وفي ظل هذه الأجواء، خرج حزب «الصواب» المعارض، ذو التوجهات البعثية، بدعوة لافتة لتأجيل موعد الحوار، مؤكداً ضرورة ضمان مشاركة جميع الأطراف السياسية دون استثناء، تجنباً لأي اختلال في التمثيل أو مخرجات الحوار.

وتفتح هذه التطورات الباب أمام تساؤلات جدية حول قدرة الأطراف المعنية على تجاوز الخلافات وبناء توافق وطني حقيقي، في بلد لا يزال يواجه تحديات سياسية واقتصادية وأمنية متشابكة.

وأعلن عبد السلام حرمه، رئيس حزب الصواب، أن «حزبه تقدم بطلب للأحزاب والفعاليات المعارِضة خلال مشاوراتها المتواصلة حالياً لاتخاذ موقف موحد من الحوار السياسي، بتأجيل اجتماعاتها «بعد المعلومات المتداولة بشأن، ما سماه، السعي لإقصاء حركة إيرا وزعيمها النائب بيرام الداه اعبيد من الحوار المرتقب».

وأوضح ولد حرمه «أن حزبه وجّه طلباً للجنة المشتركة بضرورة «تأجيل اجتماعها الذي كان مقرراً هذا الأسبوع لمدة 10 أيام لإتاحة الفرصة لثاني قوة في البلد للمشاركة في الحوار أو الرفض».

ولعل رئيس حزب الصواب الذي ترشح النائب بيرام الداه اعبيد تحت ألوان حزبه في الانتخابات النيابية الأخيرة، ينوي بذل مجهودات لإقناع النائب المتشدد بالانضمام للحوار المرتقب.

وكان النائب البرلماني والناشط الحقوقي بيرام الداه اعبيد، قد وصف قبل أيام الحوارات التي نظمت في موريتانيا منذ عام 1978 إلى اليوم بأنها «عبثية»، معتبراً أن الحوار المرتقب «سيكون أشدّ عبثية من سابقيه».

وتساءل ولد اعبيد خلال مؤتمر صحافي أخير له «إذا شاركت مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية (إيرا) التي يرأسها في الحوار المرتقب، فمع من ستتفق؟ وعلى ماذا تتفق؟».

وأحال موسى افال منسق الحوار السياسي منتصف يونيو/ حزيران الماضي وثيقة إلى الأحزاب السياسية، اعتبرها «ملخصًا أوليًا مؤقتًا لخارطة الطريق للمسار الذي سيسلكه الحوار الوطني».

وأكد موسى افال أن الوثيقة تتضمن «الردود التوافقية التي وصلته»، مطالبًا بإرسال ملاحظات عليها في أجل أقصاه 15 يومًا.

ونبه إلى أن استكمال إعداد خريطة الطريق سيشكل خاتمة هذه المرحلة التحضيرية من الحوار الوطني.

ورغم التحركات الأخيرة لإطلاق حوار سياسي جديد في موريتانيا، تتعاظم المؤشرات التي تنذر بانزلاق المسار نحو مأزق جديد من الشكوك والتجاذبات، ما يهدد بتحويل الحوار المرتقب إلى تمرين سياسي شكلي يفتقر إلى شروط الفعالية والشمول.

وفي مقدمة هذه العراقيل يبرز الجدل المحتدم حول مشاركة حركة «إيرا» وزعيمها بيرام الداه اعبيد، فقد أدت مؤشرات استبعاد الحركة من التشاور، لحالة من التوتر في أوساط المعارضة، ودعت بعض التشكيلات السياسية إلى تعليق اللقاءات التنسيقية لإتاحة فرصة مراجعة شاملة قد تفضي إلى إشراك «إيرا»، أو على الأقل تأكيد موقفها النهائي من الحوار.

وقد ألقى هذا الخلاف بظلاله على وحدة صف المعارضة، التي تجد نفسها اليوم أمام سؤال صعب يتعلق بحدود التوافق الداخلي قبل التوجه للحوار مع النظام.

وفي الوقت الذي باشرت فيه اللجنة التحضيرية للحوار توزيع وثيقة اعتُبرت بمثابة ملخص أولي لخريطة الطريق، برزت تحفظات بشأن غياب الضمانات اللازمة التي تكفل تنفيذ مخرجات الحوار، أو توضح طبيعة الجهة التي ستشرف على مراقبة تطبيق التوصيات.

وشكلت هذه النقاط محوراً لانتقادات متزايدة من قِبل فاعلين يرون أن الوثيقة لا ترقى إلى مستوى تعهد سياسي يُبنى عليه اتفاق جاد.

ويضفي السياق السياسي الموريتاني المشحون بتاريخ من الحوارات غير المثمرة يضفي بدوره مناخاً من الشك المشروع، فكثيرون يرون أن الحوارات التي شهدتها البلاد منذ نهاية السبعينيات وحتى اليوم لم تؤدّ إلى تحولات بنيوية، وإنما كانت في الغالب أدوات لامتصاص الضغوط أو إعادة ترتيب المشهد السياسي بما يخدم توازنات ظرفية.

ويثقل هذا الإدراك على أي مبادرة جديدة، ويجعل نجاحها مرهوناً بقدرتها على تجاوز أخطاء الماضي.

وتزيد الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة بالحوار المرتقب من تعقيد الموقف، فموريتانيا تقف على أعتاب استحقاقات حاسمة، أبرزها أن المأمورية الحالية هي آخر مأموريات الرئيس غزواني، ويرافق ذلك حديث متزايد حول ترتيبات ما بعد العهد الحالي، وسط صمت رسمي حول نوايا الترشح أو التعديل الدستوري.

كما أن الحريات العامة شهدت في الآونة الأخيرة تراجعاً ملحوظاً، وفقاً لما يقوله خصوم النظام، مع تسجيل انتهاكات ضد نشطاء ومنظمات تعنى بالحقوق المدنية، خصوصاً تلك التي تنشط في ملفات حساسة كالإرث الإنساني والتمييز الاجتماعي.

ويرى باحثون أن تكرار نمط الحوارات السابقة دون مراجعة نقدية عميقة، سيؤدي في الغالب إلى نتائج محدودة، وربما يعمّق من أزمة الثقة القائمة ببن أطراف المشهد.

ويظل الحوار السياسي في موريتانيا مرهوناً بإرادة سياسية صادقة تتجاوز منطق الترضيات الشكلية إلى التأسيس لمسار وطني جاد يعيد الاعتبار للثقة ويستوعب تنوع البلاد السياسي والاجتماعي، ويمنح المجال العام مساحة حقيقية للنقاش الصريح حول القضايا الكبرى التي طال تأجيل النظر فيها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس