أفريقيا برس – المغرب. اختتمت، أمس الجمعة بالسجن المحلي بسلا، فعاليات الدورة 18 من البرنامج التأهيلي «مصالحة»، التي عرفت مشاركة 22 نزيلا.
ويندرج هذا البرنامج، الذي يشرف عليه مركز مصالحة، في إطار استكمال الجهود المبذولة من أجل تعزيز إعادة تأهيل السجناء ودمجهم في المجتمع.
واستمرارا لمساعي مركز مصالحة في تحقيق أهدافه، تم، بهذه المناسبة، إطلاق فعاليات الدورة 19 من البرنامج المذكور، وذلك بمشاركة 24 نزيلا، ليصل مجموع المشاركين في هذا البرنامج، منذ انطلاقته سنة 2017، إلى ما مجموعه 436 سجينا في قضايا التطرف والإرهاب.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس مركز مصالحة، أحمد عبادي، أن الاستمرار في تنفيذ برنامج «مصالحة» يرجع إلى نجاح كافة الدورات السابقة وتحقيقه للأهداف المرجوة منه، لافتا إلى أن 13 نزيلة استفدن، في إطار مقاربة النوع، من البرنامج في دوراته السابقة وتم الإفراج عنهن جميعا.
وقال عبادي، في كلمة بالمناسبة، إن هذا البرنامج «جاء استجابة لاحتياجاتكم، بهدف مساعدتكم على تجاوز الأخطاء المرتكبة في حق أنفسكم ودينكم ومجتمعكم، وتصحيح الانحرافات التي من أجلها تقضون اليوم عقوبات سجنية»، مسجلا أن هذا البرنامج التأهيلي المخصص للنزلاء المدانين بموجب قانون الإرهاب يستند على مفهوم «المصالحة» الذي يتضمن ثلاثة أبعاد رئيسية.
وأوضح أن هذه الأبعاد تشمل كلا من مصالحة النزلاء مع ذواتهم من خلال تعزيز التفكير الإيجابي والانفتاح على التغيير، ومصالحتهم مع النص الديني عبر العودة إلى الفهم الصحيح لتعاليمه وروحه المبنية على الاختلاف المسند بدليل والتسامح والانفتاح المتزنين، إلى جانب مصالحتهم مع المجتمع بالتزود بالمهارات والكفاءات الضرورية لاستغلال أنسب لما يتوفرون عليه من قدرات ومؤهلات.
وفي السياق نفسه، أشار عبادي إلى أن برنامج «مصالحة» يولي أهمية كبيرة لتوعية المشاركين بالحقوق والحريات الأساسية التي يكفلها دستور المملكة، وتوضيح آليات حماية هذه الحقوق والحريات، مما يشجع النزلاء المستفيدين على المساهمة في تعزيز حقوق الإنسان في المجتمع.
كما شدد على أن هذا البرنامج جرى إعداده وفق مقاربة متكاملة، مشيرا إلى دمج مختلف الأبعاد السالفة الذكر من أجل ضمان فعاليته وتحقيق أهدافه المحددة مع إسناد تأطير محاوره إلى العديد من الشركاء والمتدخلين.
من جهته، قال رئيس قسم التأهيل التربوي والعمل الاجتماعي والثقافي بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بنعيسى بن ناصر، إن «مصالحة» يمثل «برنامجا وطنيا متفردا يهدف إلى مكافحة الفكر المتطرف، وكذا إعادة تأهيل النزلاء المتابعين على خلفية قانون التطرف والإرهاب».
وأبرز بن ناصر، في تصريح صحافي، أن البرنامج، الذي امتد على ثلاثة أشهر ونصف توزعت على ما مجموعه 227 ساعة، شمل مجالات فكرية ودينية متعددة تميزت بتناول مقاربات حقوقية وقانونية، فضلا عن المجالات النفسية والاجتماعية والسوسيو-اقتصادية، وبرمجة أنشطة موازية همت مجالات المسرح والفن، إضافة إلى تنظيم ورشات في كل من الفن التشكيلي والمنتوجات اليدوية، بما يساعد النزلاء على تحقيق التوازن النفسي مع تأهيلهم لإعادة الإدماج ما بعد مرحلة الإفراج.
وأكد مدير الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل، هشام ملاطي، في تصريح مماثل، أن الدورة 18 من هذا البرنامج «تحمل أكثر من إشارة نحو استمرارية هذا البرنامج، الذي نعتبره نقطة ضوء على مستوى السياسة الجنائية، خاصة وأنه يرتبط بأسس العدالة التصالحية والتقويمية التأهيلية التي تروم فتح المجال للمحكوم عليهم في هذا النوع من القضايا نحو الإفراج، وأيضا الانخراط في المجتمع وإعادة التأهيل».
وأضاف ملاطي أن هذه الدورة هي كذلك تنزيل للتوجيهات الملكية السامية بخصوص ضرورة توسيع فرص الإفراج، مسجلا أن البرنامج يعتمد على مجموعة من الأسس من خلال برمجة عدد من المحاضرات والبرامج ذات الصلة.
من جانبه، أكد المنسق الوطني لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، عبد الواحد جمالي الإدريسي، أن اختتام الدورة 18 من برنامج «مصالحة» يشكل أيضا فرصة لإعطاء انطلاقة الفوج 19 من هذا البرنامج التأهيلي، معتبرا أنه بمثابة «مسار نحو تصحيح السلوك، وتصحيح الأفكار، والتصالح مع النفس والذات والنص الديني، وكذا التشبع بقيم المواطنة والانخراط السلس في النسيج المجتمعي».
وبالنسبة لـ«ز.ح»، أحد النزلاء المستفيدين من برنامج «مصالحة»، فأعرب عن سعادته البالغة بالمشاركة في فعاليات هذه الدورة، مؤكدا على استفادته الكبيرة من برمجتها الغنية والمتنوعة.
وقال، في هذا الإطار، إن « هذا البرنامج جيد يوجه رسالة للكل. لقد كانت دورة متكاملة، شملت العديد من الجوانب الهامة، لاسيما الجانب الديني، والحقوقي، والنفسي، والاقتصادي وكذا الجانب القانوني».
وتميزت فقرات هذا الحفل بتقديم عرض فني من توقيع النزلاء المستفيدين، إلى جانب عرض شريط فيديو يبرز أهم مراحل تنفيذ الدورة 18 من البرنامج التأهيلي «مصالحة».
كما شكل هذا الحفل فرصة لتقديم أبرز مضامين التكوين والتأهيل الذي سيخضع له المشاركون في الدورة 19 من البرنامج في مختلف المجالات الفكرية، والدينية، والقانونية، والحقوقية، والنفسية والسوسيو-مهنية.





