ردا على بيان حركة “صحراويون من أجل السلام”: شكرا لمن اقترب رغم بعده، وسلاما على من ابتعد رغم قربه

68
ردا على بيان حركة

نفعي أحمد محمد

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. مفارقة تختزل لسان حال وطن ناشد الأبناء إنتشالا من براثن الجهل أولا ومن ثم من حيف كل أشكال التوسع والاستعمار على تعاقب فتراته وحقبه ما تعددت وعددت أساليبها.

طالما كان حال الصحراويين من واقع الشعوب المضطهدة المقهورة، غالبية وإن صمتت في ظاهرها محسوبة على الوضع وأوجاعه ولا ترى خيارا عن حريته بديلا طال الزمن أم قصرت الجهود دون تحقيقه، وأقلية تحسب على الاحتلال فرقا وفرادى عن عمد أو بغيره وفي الثانية أدهى من الأولى إن سيقت للذبح بحنق القرابين فلا هي أوفت غرض الرضا ولا هي نفدت بجلدها حيث تمرغ الرؤوس في التراب بأخف الأضرار وأسلم الخسائر.

أصدق الفعل وأصوبه لا يحتاج مبررات ولا مسوغات، إن هو في سياقه الذي ترضاه الناس بمرونة لأنها تقرنه بسلوك أصحابه وبيئتهم ونموذجيتهم منه وحوله، فعلى قدر مزايا سجية الصحراويين الفطرية السليمة والسلمية إلا أنهم وعلى صعوبة تسليمهم لأي كان ببساطة، إلا أنهم امتلكوا قدرة فائقة على تصفيف وتصنيف الخبيث من الطيب، حدا لا تنطلي فيه عليهم خطوط نسف العرض ودوائر تبجح الألسن، ومبادرات تخجل عوض حملتها ومسميات وتجمعات بين الفينة والأخرى سرعان ما تخفت إذ لا يجد أصحابها بد من الاعتراف وإن على مضد بعرابها الذي عدد السبل ولا يعدمها عله يجد من يفاوض باسم الصحراويين غير صنيعة الصحراويين أنفسهم بعيدا عن أمواله وبيادقه ومن يدورون في فلك عطاياه.

غير أن الساعات القليلة الماضية حملت لنا من بين ما تحمل نذر وباء زمن الوباء يشرع مؤسسوه إتفقوا أم لا؟ وجودهم بعيدا عن قناعات الصحراويين وإجماعهم في الحرية والاستقلال في نفور عن “البوليساريو”؛ الوطن والمعتقد والمواطن والرسالة والتضحية وبالأساس الإجماع الذي لم يأت من فراغ، وما كان تحقيقه ليكون يسيرا أو متاحا بين عشية وضحاها كحال التخندق خلف بيانات ونصوص وعبارات أكثر إفصاحا عن نوايا وخفايا آمريها وماضيهم ومنبتهم ومآربهم، وسمتها الأجلى الخشية من مفردة الاحتلال التي بدت جرما وتلافيها يدحض كل ما قيل فهي الفيصل والفصل والفاصل بيننا وأن السلام شعار وديع خلسة للخنوع إذ يدس سما في عسل التغيير والتصويب والتصحيح والتقويم.

بصرف البصر عن الأسماء التي حملت قائمة التأسيس مع تحفظ محتشم على عدم إعلان المنضوين من أهل المخيمات وتفنيد آخرين علمهم حد التفاجىء وربما لدواع تحين ردات الفعل الشعبية التي لم تكن أكثر جلاء مما كانت عليه اليوم حنقا ورفضا وتهكما على خطوة ولدت ميتة بفعل أنها لم تحتج غطاء تختبىء خلفه أو ستارا، وكأننا بالاحتلال المغربي وهو الناهج مؤخرا كشف أوراق إقتاتت من فتاته حينا وأقرن الجزاء بالعمل بل ومن جنس سياساته، بنى معطياته على ما بدا إنطباعا عاما من أن الصحراويين بدلوا أو أنهكهم الزمان وتقلباته وموجات الفاقة وتشعب أوجه الحياة ومرارة الانتظار، فأقر علنا بعدما دارى ردح زمن أن معادلة البوليساريو المعقدة تظل هي خلاص الصحراويين حلا وترحالا وفكرا ومعتقدا ووجودها من وجودهم بالمسلمة ذاتها أن الشعب الصحراوي لن يتوج نضاله إلا باختراق عمق عدوه وربما كان سببا في تصدع نظام مغربي برمته إلى الأبد .

البوليساريو قناعة جامعة في وجدان وخلد كل مواطنة بخيمتها الرثة، هي كل رجل أفنى عمره زاهدا في وجه كل مغريات الدنيا بحثا عن كرامة لا تحتمل تفسيرا ولا تأويلا غير ما هي عليه، هي كل طفلة و طفل ولدا في المنفى أو تحت الإحتلال او في الشتات، إذ لا هم ولا هدف ولا غاية لهما إلا في استتباب السيادة الصحراوية على الأرض الصحراوية، هي أجيال تتلاحق وتربط الزمان بالزمان لتربط المكان بالمكان مجتمعين على تختزل قوائمهم فئة دون الشعب ولا الشعب عن فئة بعينها.

صحيح أن مسار أي ثورة وكذلك حال نضال أهل الصحراء الغربية يؤخذ عليه ما قد يشوب معركة التحرير من سلوكيات وتجاوزات وهفوات، لكن وصفات تصويبها بائنة خالصة صرفة ولا يحتاج هؤلاء أو أولئك من أحد دروسا ومواعظا ولا نماذج في كيفية علاجها أو بترها إن إقتضى الأمر، فعلى قدر العمل يكون الجزاء.

لسنا بحاجة إلى طرق بيان المجموعة بما فيه من متناقضات ومغالطات ومتاهات ما فوق وبين السطور، لكني اختم حروفي هذه مثلما عنونت بمفارقة الوطن وأبنائه، فإن الصحراويين مجتمعون تحت لواء أفضل ما انتجته تجاربهم النضالية “البوليساريو الحقيقة والاعتراف”، لا زالت لم تصل بنا إلى ما وضعناه على كاهلنا وحملتنا إياه على ما نحن عليه من توحد وتجند تحت لواءها ولن يتأتى متفرقين وإن اختلفت الشعارات والتسميات والفرق وألوانها ولنا العبر في التأريخ وتجارب الآخرين.

لسنا نعطي الأمر أكثر من حجمه لكنها مدعاة لتوضيح الواضحات علّ البعض قد نسي أو خال الصمت ركونا.

نص البيان الصحفي لحركة “صحراويون من أجل السلام”

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس