بقلم: عبدالله ولدبونا
أفريقيا برس – الصحراء الغربية. ليس مبالغة ولا تهويلا ولا ترفا سياسيا، وليس بسبب موقفنا المبدئى من القضية الصحراوية العادلة قولنا أن المغرب بفكره السياسى الحالي يشكل خطرا استراتيجيا على أمننا القومي فى موريتانيا ولعقود قادمة. ولتعزيز وتأكيد هذه المقولة، ليس علينا إلا أن نلقي نظرة عميقة على معطيات تاريخية وراهنة لإدراك ما سنواجهه مستقبلا من مخاطر من جار نود له كل الخير ونتمنى أن يتعافى من داء التوسع والهيمنة.
ولن نتطرق إلى المواقف السياسية المغربية المعادية للدولة الموريتانية منذ الخمسينات لإطلاع الجميع عليها، وإنما سنرصد بعض نتائجها الخطيرة على التنمية والاإستقرار فى موريتانيا منذ استقلالها، فلقد كان من نتائج رفض المغرب الإعتراف بالسيادة الوطنية من 1960 إلى 1969 تعتيم سياسي خطير على الهوية الموريتانية عربيا ومنع أي دعم اقتصادى عربي لها. ثم كان من نتائج اعتراف المغرب بموريتانيا إقحامها فى حرب دموية مع أشقائها الصحراويين مما عرقل كل نمو اقتصادي واجتماعي بها لعقود.
ولقد كان المغرب وراء كل زعزعة دموية للوضع فى نواكشوط، وكان جوهر سياسته نحو موريتانيا تآمر واختراق للمؤسسة العسكرية وللنخبة السياسية، مما انعكس سلبا على كل مشاريع التطوير والتنمية؛ ولقد عمل المغرب على منع أي دعم اروبى لموريتانيا، ثم تحول منذ منتصف الثمانينات للعب بالورقة الزنجية عبر تنسيق مشبوه مع داكار وباماكو. ولقد كشف عن وجه العداء لموريتانيا دولة وشعبا وسيادة في أحداث 89 الدامية، فكان محركها ومشعل نارها، ثم أعلن بصراحة دعمه للطرف السنغالي فيها!!
أما احتلاله للصحراء الغربية فلم يكن سوى زحفا جنوبيا باتجاه نهر السنغال لولا أن المقاومة الصحراوية أرغمته على التمترس خلف جدار هزيمته وأبقته ل32 سنة خلفه، في الوقت الذي يقضم أجزاء من التراب الموريتانى كلما سنحت له الفرصة شمال غرب “بئر أم أقرين” أو قرب عاصمتنا الإقتصادية “نواذيبو”.
وقد انتهج المغرب منذ بداية القرن ال21 استراتيجية طويلة المدى ذات خطورة بالغة على موريتانيا تتمحور حول:
1- إغراق المكتبات بكتابة للتاريخ مزيفة تستولي على كل تاريخ موريتانيا المادي والمعنوي؛ فكل أعلام موريتانيا مغاربة، وكل آثار موريتانيا مغربية، وهو أمر خطير إذ إنه سيشكل تاريخا يقدم بعد نصف قرن أو بعد قرن كبرهان توسعي يدعم الحق التاريخي المزيف للمغرب في موريتانيا.
2- إختراق لطبقات فقيرة تمارس الكتابة لإقحامها فى أتون الفتنة مع المجتمع الصحراوي الشقيق.
3- دعم لمراكز نفوذ في الجيش تشاطر المغرب فكره المريض خوفا أو طمعا.
4- توظيف الطرق الصوفية والبعد الديني في اختراق معاقل تقليدية روحية وقبلية موريتانية.
5- التسلل إلى مفاصل الاقتصاد الموريتاني من بوابة شراء حصص فى البنوك التى هي أصلا صغيرة للتحكم فى آلية تعزز الإختراق المغربى لموريتانيا.
6- الإستثمار فى مشاريع خدمية تدر ربحا على الخزانة المغربية وتوهم الموريتانيين أن المغرب مستثمر مهم!!!
7- دعم مغربي وإدارة لسوق المخدرات والتهريب إمعانا في خلخلة المجتمع الموريتانى المترابط بقوة.
8- تورط الإستخبارات المغربية في لعبة العنف وتهريب السلاح.
وهكذا يكون المغرب متمكنا من تغييب أي مشروع وطني هادف، وتظل اللعبة في نواكشوط لعبة كراسي وولاء لأطراف إقليمية بدل أن تعزز القرار الوطني الحر وتدفع بعجلة التنمية والازدهار.
إن أهم مشروع وطني موريتاني يجب أن يبدأ بتعزيز الإستقلال وحمايته؛ ومعنى ذلك بناء جيش وطني لا يقل عن 200 ألف عنصر؛ جيش محترف يستطيع قلب الموازين في حالة تعرض الوطن لعدوان مغربي كما يلزم إعادة صياغة العلاقة مع الرباط على أسس مصالح مشتركة واضحة المعالم تبعد المغرب عن مفاصل الإقتصاد الموريتاني وعن التدخل السافر سرا وعلنا فى ملفات داخلية حساسة.
إن القيادة الموريتانية -أيا كان توجهها أو خلفيتها- تجعل أمننا القومي نهبا للمغرب مالم تراجع كل الملفات معه بصرامة وحزم، ومالم يغير المغرب جوهر سياساته التوسعية فإن الملكية فيه ستتحول إلى تهديد جدي لأمن واستقرار المغرب العربي وغرب أفريقيا، وبالتالي تكون تهديدا للسلم والأمن في العالم.