هذه الحرب ..

17
هذه الحرب ..
هذه الحرب ..

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. واحد وعشرين يوما قضيتها في جبهات القتال، كان القصف العنيف متبادلا بين الطرفين على مدار الساعة واليوم وكانت الطائرات المسيرة تجوب السماء، وفي إحدى المرات ظلت طائرة فوق رؤوسنا مباشرة لمدة لا تقل عن ربع ساعة ولا أدري مالذي منعها من أن تدمر السيارات التي كنا على متنها والتي تحمل على ظهرها المقاتلين -أستشهد لاحقا ثلاثة منهم-، تحمل السيارات أيضا كما قلت صحفيان يرتديان بدلات عسكرية متطوعان للموت لا فرق بينهم وبين العسكري إضافة الى أسلحة ثقيلة .

لم يحدث أبدا رغم ما شاهدته وما حصل أمامي مباشرة وما وثقت صوتا وصورة، لم يحدث أن تفوهت بكلمة واحدة او كتبت حرفا واحدا او نشرت صورة أو مقطع فيديو عدا صور وبعض ذكرياتي مع الذين رافقتهم وأستشهدوا لاحقا في الميدان وكان ذلك عربون وفاء لأرواحهم الطاهرة .

لقد وضعت كل شيء كان بيدي منذ وصولي للميدان وحتى اليوم تحت تصرف الدولة والقيادة العسكرية والسياسية .

صحيح، نعم، إعترضت في مرات عديدة وعبرت عن غضبي الشديد من بعض ما شاهدته من تغطيات وطنية ودولية للحرب الدائرة هناك، قلت ولازلت عند رأيي أنها لم تكن أبدا في المستوى، ومع ذلك لازلت أعتقد أيضا أن الإلتزام والإنضباط وترك التصرف في هذا الشأن تحديدا، أقصد شأن الحرب بيد واحدة هو الحل الأنجع والأمثل بدل فوضى المعلومات والنشر التي رأيتها وأراها حتى هذه اللحظة .

أتفهم حاجة الشعب والصحفيين والمدونين الى المعلومة، ولكن صدقوني ما لم يحكم الإلتزام والانضباط والمسؤولية تصرفاتنا جميعا ويقود العقل والحكمة عاطفتنا سيظل العدو هو المستفيد الوحيد من هذه الفوضى غير الخلاقة وسيظل المواطن البسيط يدفع الثمن من نفسيته وستظل عائلات الشهداء ضحية وقبل كل ذلك سيظل المقاتل الصحراوي في جبهات القتال المتضرر الأكبر في حرب يريد الجميع أن يربحها إنما في ميادين أخرى غير ميادين الوغى والشرف .

رغم كل التحفظات التي لدي حول طريقة تسيير الشأن الإعلامي بصفة عامة وفي ما يخص الحرب تحديدا إلا أنني لست نادما أبدا على روح الإنضباط التي تمسكت بها حتى اللحظة رغم شغفي كصحفي بالكتابة والنشر وإعطاء المعلومة للناس .

لا تتسببوا من ميادينكم حيث أنتم -عن حسنة نية حتى- في خسارة الحرب الحقيقية الدائرة هناك في ميادين الشرف وساحات الوغى .

عبداتي لبات الرشيد

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس