صراع الصومال والعفر، الأيادي الخفية تلعب من جديد

180
سكان بإقليم عفر يؤدون الصلاة على أحد القتلى جراء الأحداث

بقلم : الهضيبي يس

أفريقيا برسالصومال. عاد الصراع مابين إقليم الصومال الإثيوبي ، وإقليم عفر للواجهة من جديد بعد وقوع اشتباكات مابين ميلشيات مسلحة خلال الأيام الأخيرة، أسفرت عن سقوط مئات المدنيين من القتلي ، الذين يعمل بعضهم في مجال الرعي، الأمر الذي أعاد صورة الحرب القديمة بين الاقليميين والتي اندلعت قبل نحو سنوات وامتدت لنحو ثمانية أشهر خلفت من وراءها آلاف القتلي والجرحي.

اسقاطات تاريخية
وبالعودة للوراء فان العفر والصوماليون قوميتان كوشيتيان، تعدان قريبتين من حيث العنصر الجيني واللغوي والثقافي، كما يشتركان في اتباعهما للدين الإسلامي. تتجاوران في كل من جيبوتي وإثيوبيا، إلا أحد أهم عناصر تكوين القوميتين الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، المتمثل في كونهما قوميتين رعويتين متجاورتين، جعل الاحتكاكات الناشئة عن الارتحال إلى مصادر العشب والماء لماشيتهما، أمراً لا يمكن تجنبه، وسبباً لخلق تراكمات من المشاكل بين القوميتين.

محمود محمد حسن عبدي، كاتب صحفي صومالي

يقول الكاتب الصحفي الصومالي محمود محمد حسن عبدي لموقع “أفريقيا برس”، تظل الظروف التاريخية التي أحاطت بالقوميتين الصومالية والعفرية هي التي فرضت نفسها في صناعة هذا الواقع ، وكذلك تبعات موقعهما الجغرافي مسارين متباينين في نظرتهما لذاتهما، فمركزية القيادة التقليدية العفرية، تأثرت سلباً بتقاسم أرض العفر بين الاحتلالين الإيطالي في إريتريا والفرنسي في جيبوتي.

تقسيم اداري
ويضيف عبدي ، أن التقسيم الإداري الذي اعتمدته أثيوبيا إبان عهد رئيس الوزراء ملس زيناوي في خلق حدود تحمل داخلها أراضي مشتركة قد ساهم في توسعه دائرة الخلافات أو مختلفاً عليها بين القوميات.

أيادي خفية
كذلك عجز ذلك التقسيم عن حل إشكاليات الجيوب والجزر العرقية، المنتمية إلى أقاليم وقوميات تقع خلف الحدود المصطنعة تلك، ناهيك عن إهمال التنمية في المناطق الملتهبة، وإبقائها عرضة للمزايدات السياسية، والتحشيد العرقي المطالب بالتعامل العنيف مع الطرف الآخرن خصوصاً مع وجود أطراف خارجية تساهم في تفاقم المشكلات القائمة، عبر دعم منصات إعلامية تضخ مزيجاً من الأخبار المضللة، وتنقل صورة قاتمة لمستقبل أبناء القوميتين في مناطق التجاور والاحتكاك.

تفاصيل ماحدث


برغم من أن الامور لم تتضح بشكل كامل بشأن الحادثة الأخيرة والتي أنتجت حالة من تبادل الاتهامات مابين قيادات إقليم الصومال ، والعفر بشأن استهداف كل طرف للآخر مستخدم في ذلك السلاح والذي بدوره أسفر عن مقتل مئات المزارعين والرعاه في غضون ساعات.

لكن مراقبون لتطورات الاوضاع في أثيوبيا وماتحملة من مؤشرات باندلاع حرب أهلية على خلفية مايحدث من حرب واقتتال بين القوات الحكومية المركزية ، وقات اقليم تغراي في شرق البلاد ونزوح مايقارب خمسة ملايين مواطن أثيوبي نحو الاراضي السودانية حتى الآن بسبب الحرب منذ ديسمبر الماضي.

كافة هذه المسائل واشراك الطابع الاجتماعي والسياسي ، والتاريخي فيها استدعت على ما يبدو بفتح شهية الحرب في عده مناطق اثيوبية. خاصة وان الصراع في إقليم الصومال الإثيوبي المعروف بـ أوغادين اندلع بين مؤيدي حاكم الإقليم السابق، عبدي محمد عمر ايلي، والحكومة الفيدرالية، حيث قامت الأخيرة بإبعاد عبدي ايلي وسجنه، بتهم تتعلق بانتهاكات ضد حقوق الإنسان، وتعذيب مواطنين، حيث أدت الاشتباكات والعنف في الإقليم إلى نزوح وهجرة مئات المواطنين حينها.

عين المراقب

هلال العفري، ناشط سياسي صومالي

ويشير الناشط السياسي هلال العفري في حديثه لـ “أفريقيا برس”، أن الصراع القائم بين العفريين والمليشيات العيساوية في الإقليم العفري هو صراع قديم، مؤكدا بان “الشعب العفري تصدى لمليشيات إرهابية حاولت قطع الطريق المؤدي إلى العاصمة أديس أبابا واحتلال الأراضي العفرية في كل من مناطق قدميتو، وعديتو، وعندا فعو عبر تهجير وترهيب السكان بقوة السلاح في أوقات سابقة.

والهدف قطعا من تاجيج هذا الصراع هو أن قبائل العيسى التي حصلت على ستي زون، في الإقليم الصومالي تسعي إلي حلم أبعد من مجرد منطقة، وهو تحقيق إقليم خاص بالقبائل العيساوية ينفصل عن الإقليم الصومالي ويقتطع أجزاء من الأراضى العفرية علي ضفاف نهر” أواش “.

ولتحقيق ماسبق أتجهت بعض المجموعات المناوئة لاقليم ” العفر ” بتشكيل مليشيات من “جبهة تحرير العيسي” و”القورقا ” ، لشن حرب شعواء على الأراضى العفرية للسيطرة عليها.

ويقول ” هلال “، بعد حسم العفر المعركة علي مناطقهم بدأ الحراك السياسي لحل الأزمة قانونيا، وجري الحوار بين حكومة الإقليم عفر والإقليم الصومالي برعاية الحكومة المركزية الإثيوبية في أديس أبابا.

من هم العفر

تعتبر قومية عفر من القوميات التي لها تداخل في عدة دول وذلك فيما يسمي بمثلث العفر والتي تمتد في ثلاث دول هي إثيوبيا وجيبوتي وإريتريا، لكن العدد الأكبر من هذه القومية. وتقدر بعض الإحصائيات تعداد العفر بنحو 5 ملايين نسمة أو يزيد؛ حيث يشكلون نحو 50% من إجمالي تعداد جيبوتي، ونحو 10% من سكان إريتريا، ونحو 4% من سكان إثيوبيا. ويتمتع إقليم عفر الإثيوبي بحكم شبه ذاتي، ويتبع الكونفيدرالية الإثيوبية المكونة من 9 أقاليم، والتي بدأت الحكم الفيدرالي بعد سقوط نظام منغستو هايلي ماريام، عام 1991.

قلق جيبوتي
ويرى مراقبون في المنطقة أن هناك حالة من الفتور بين جيبوتي وإثيوبيا، وذلك على خلفية التقارب الإثيوبي الإريتري الأخير، الذي أثار بدوره قلقا عميقا لدى حكومة جيبوتي، باعتباره يشكل تهديدا مباشرا لمصالحها الاقتصادية.
وظلت إثيوبيا تعتمد على موانئ جيبوتي، بنسبة 90% من الصادرات والواردات من وإلى إثيوبيا، قبل أن تشكل عودة العلاقات الإثيوبية الإريترية منفذا آخر تسعى منه خلاله إثيوبيا إلى الاستفادة منه في تنويع منافذها البحرية مع دول الجوار.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here