الصومال..خلافات التيارات السلفية، ألغام في طريق حكومة الرئيس حسن شيخ محمود

63
الصومال..خلافات التيارات السلفية، ألغام في طريق حكومة الرئيس حسن شيخ محمود

الهضيبي يس

أفريقيا برس – الصومال. اندلعت خلافات حادة بين رجال دين سلفيين وآخرين من جماعة الاعتصام في أرض الصومال الانفصالية. وبحسب ما ورد، فإن رجال الدين من جماعة الاعتصام غضبوا من خطاب ألقاه العام الماضي الشيخ عبد الله حسن حاشي بربراوي، وهو رجل دين سلفي أعيد نشره اتهم فيه جماعة الاعتصام بالتطرف.

وقال البربراوي في كلمته إن حركة الشباب التي تقاتل في الصومال خرجت من رحم جماعة الاعتصام، مشيرا إلى أن الجماعة والحركة متفقان في المنهج. وأشار إلى أن جماعة الاعتصام تنظيم سياسي له رئيس ونائبه، ومجلس شورى ومجلس تنفيذي ومكاتب تعمل بمثابة الوزارات وحكام أقاليم، واصفا إياها بأنها دولة داخل الدولة. وقد نفى المنتمون إلى جماعة الاعتصام ما وصفوه بمزاعم الشيخ بربراوي ورفعوا ضده شكوى إلى وزارة الشؤون الدينية في أرض الصومال.

جماعة الاعتصام

تأسست جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة في عام 1996، بعد اندماج بين حركتي الاتحاد الإسلامي الذي أسس في 1983، والتجمع الإسلامي للإنقاذ الذي أسس في 1993. وتعد الجماعة كبرى الحركات الإسلامية في شرق إفريقيا وأوسعها انتشاراً، وهي حركة تغييرية وإصلاحية شاملة، ينضوي تحت لوائها معظم رموز الدعوة السلفية في الصومال، وتمتد جذورها المنهجية والعقدية إلى أهل السنة والجماعة في النظر والاستدلال، بالإضافة إلى منهج الدعوة والاصلاح والتغيير، كما هو منصوص عليه في منهج الجماعة المنشور. وللجماعة هيكل إداري، يشمل الرئيس العام للجماعة، وهو حاليا الشيخ الدكتور بشير أحمد صلاد، رئيس هيئة علماء الصومال؛ ومجلس الشورى، وتتفرع منه اللجنة العلمية الدائمة للجماعة، التي تعنى بقضايا التأصيل العلمي؛ بالإضافة إلى المجلس التنفيذي للجماعة، الذي يرأسه حالياً الشيخ أحمد عبد الصمد عبدلي.

علاقة مزدوجة

وتتمتع الجماعة بعلاقات إيجابية مؤثرة مع الإدارات والحكومات الصومالية، وقد تولى أربعة من كوادرها الوزارة في الحكومة المركزية أيام رئاسة شيخ شريف أحمد، بينما شارك في الوزارة في أرض الصومال “صوماليلاند” ثلاثة وزراء، والعدد نفسه تقريباً في حكومة إقليم بونتلاند. كما انتخب بعض كوادر الجماعة، عبر عشائرهم، أعضاء في البرلمان الفيدرالي، وكذلك في برلمانات بونتلاند وصومال لاند؛ كما أنشأ بعض أعضائها حزبا في بونتلاند يسعى إلى المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويشكل بعض أفراد الجماعة كتلة هامة فاعلة في أحد الأحزاب الرئيسية المسجلة في صومال لاند. وجلب أحد أبنائها نظر المراقبين للانتخابات الرئاسية الصومالية الأخيرة، حيث احتل المرتبة الرابعة وسبق بفارق كبير شخصيات كثيرة كان لها ثقل ظهر “الاتحاد الإسلامي” – كأول تنظيم سلفي كبير- في أوائل الثمانينات “ما بين 1982 – 1984″، ضم المجموعات السلفية في كل من “الجماعة الإسلامية” في الجنوب، وحركة “وحدة الشباب الإسلامي” في الشمال، فيما يشبه اندماج للجماعتين في حركة سلفية منهجاً ومعتقداً، حيث يقوم منهجها على التوحيد، وتصحيح المفاهيم العقائدية، ومحاربة الشرك وتدريس أصول أهل السنة والجماعة.

نشاط سياسي

بمرور الوقت ومع ازدياد الوعي الديني لدى الناس ازدادت أعداد الشباب المنضمين للاتحاد، كما استطاعت الحركة إدخال الدعوة الإسلامية إلى أوساط القبائل والعشائر دون أن تصطدم بهم، إذ أكسبها سلوكها، ومع تنامي وجود الحركة بدأت حكومة سياد بري في مقاومتها، حيث رأت في الاتحاد الإسلامي مكمن خطر على مصالحها، إذ شكل طرح الحركة لرؤيتها القائمة على أن الإسلام لا يمكن فصله عن السياسة تحدياً جريئاً للنظام، حيث طالبت بتطبيق أحكام القرآن والسنة في جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والمفاهيم الحياتية كبديل عن الشيوعية والديمقراطية والدساتير التي من صنع الإنسان، وهو ما دعا هذه الحكومة إلى تبني مجموعة من القرارات والإجراءات لحظر التجمع في المساجد، وعدم مخاطبة الجماهير فيها دون إذنٍ مسبق. سياسي سابق، مع أنه أعلن عن ترشحه قبل موعد الانتخابات بأقل من عشرين يوما، ولم تبذل الجماعة ولا أفرادها أي جهد يذكر في دعمه.

الدين والسياسة

ودخلت جماعة “حركة الاعتصام” في خلافات سابقة مع الجماعة السلفية في الصومال مابعد العام 2012 اي مابعد اندلاع الحرب الأهلية والتوقيع على اتفاق يفضي إلى إنشاء دستور دائم للبلاد، حيث سعت الجماعة السلفية الصومالية وقتها بجمع أطرافها وتعبئة الجماهير لصالح توجية كتابة الدستور لسياسات وقناعات الجماعة وهو ما لاقى اعتراضا واسعا من قبل الكيانات السياسية والدينية الصومالية بشكل كبير. بينما تتهم الجماعة السلفية التي هي على خلاف مع جماعة “الاعتصام” وحركة الشباب الصومالية المصنفة إرهابيا، بأنهم مجموعات يحملون رؤى وأهداف مشتركة تسعى إلى بث النعرات والخلافات الدينية وتنفيذ أعمال عسكرية تضعف من حكومة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود المنتخب للمرة الثانية، وهو الأمر الذي يستوجب مجابهته اجتماعيا وسياسيا. خاصة وأن جماعة “الاعتصام” تتخذ من إقليم ارض الصومال- “صوماليلاند” مكان لها ممارسة نشاطها الذي ضد الدولة ويتعارض معها دستوريا حسب حديث لأعضاء ينتمون للجماعة السلفية.

السلف والسياسة

علي سعيد - كاتب صحفي
علي سعيد – كاتب صحفي

ويقول الكاتب الصحفي، علي سعيد في حديث لموقع “أفريقيا برس”؛ “أزمة الخلاف بين التيارين السلفيين في الصومال هو أمر قديم متجدد ولكن ما ظهر مؤخرا؛ تدافع تلك التيارات نحو ازدياد النشاط السياسي. فمثلا جماعة “الاعتصام” التي هي امتداد لمجموعة المحاكم الصومالية التي تفرقت بها السبل في منتصف التسعينات من القرن الماضي، هي الآن شريك في نظام الحكم القائم في إقليم ارض الصومال “صوماليلاند” أي إنها تتمتع بقدر من الحكم وإتخاذ القرار. بينما ما يحدث في تقديري لايعدو تنافسا سياسيا يُقصد منه دعم برنامج الحكومة الفيدرالية لمحاربة حركة الشباب، باعتبار أن تلك التيارات هي الداعم للرئيس الشيخ داخل البرلمان فقط وهي تحمل افكارا وقناعات مختلفة عن بعضها البعض على مستوى تطبيق المنهج الديني”.

مخاطر الجماعات

ويؤكد الكاتب الصحفي، حاج ماجد سوار في حديث لموقع “أفريقيا برس”؛ “ما يحدث من خلاف بين الجماعات السلفية في الصومال واتهام كل طرف للآخر بتبني فكرة ونشاط العمل المسلح بالبلاد، أمر بالغ الخطورة وله تأثير كبير على مؤسسات البلاد مطلوب منها إنهاء أنشطة الجماعات الإرهابية”. مضيفا “هذه الجماعات هي جزء من حكومات الإقليم الصومالية ومؤسساتها التشريعية والتنفذية، ما قد يجعل حكومة الرئيس حسن شيخ محمود مطالبة بتوضيح سياسي تجاه ما يحدث من ازدواجية للمعايير والسياسات ما بين الإعلان عن مكافحة الإرهاب، وابرام اتفاقات وصفقات سياسية تسهم في مشاركة جماعات التطرف بالحكم”. وهنا يرى سوار أن الأمر يحتاج إلى معالجات يستوعب جملة التعقيدات والتركيبة الاجتماعية الصومالية لتفادي الوقوع في مستنقع الحرب الأهلية مجددا، دون فقدان لمكاسب العلاقة مع المجتمع الإقليمي والدولي سياسيا، واقتصاديا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here