عن ماذا تبحث روسيا في الصومال؟

179
عن ماذا تبحث روسيا في الصومال؟
عن ماذا تبحث روسيا في الصومال؟

الهضيبي يس

أفريقيا برس – الصومال. رغم حالة الاضطراب السياسي والأمني، التي يشهدها “الصومال” أعادت روسيا فتح سفارتها في العاصمة “مقديشو”. وتكاد العودة مرتبطة بعد فتح إعادة عدد من سفارات الدول الأوروبية من “فرنسا، ألمانيا، النرويج، السويد” لسفارتها مجدداً بالصومال – وهم قطعاً المنافسون لروسيا في أي مكان.

بدائل سوريا

وبالعودة إلى الأسباب والأهداف التي تقف من وراء خطوة موسكو بالتوجه نحو الصومال، نجد أن تأزم الأوضاع في سوريا بدأ بعد ما باتت قوى المعارضة المسلحة تهيمن على الأمور، ومع دخول تنظيم “داعش” طرفاً في الحرب في الأراضي السورية، بدأت روسيا في التفكير بالبحث عن بدائل لها تؤمن لها تحقيق مصالحها ومزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية، وتحافظ على قاعدتها “العسكرية” بمنطقة الشرق الأوسط، بالاستعداد لأي طارئ قد يحدث برحيل “الأسد” وقتها، أو بتدخل أطراف إقليمية ودولية أخرى على خط الأزمة، تجبر روسيا على سحب قاعدتها. فكان قرار موسكو بحلول العام 2019 التوجه ناحية منطقة شرق أفريقيا وتحديداً عند دولة الصومال التي تطل على المحيط الهندي، والمدخل الجنوبي للبحر الأحمر الذي يمثل الطريق الملاحي الاقتصادي والعسكري الأهم.

سوق السلاح

كذلك تسعى موسكو اقتصادياً إلى إيجاد أسواق جديدة لأسلحتها بمنطقة القرن الأفريقي، خاصة في الصومال، ففي آخر زيارة قام بها رئيس الوزراء الصومالي إلى روسيا صرح مسؤولون روس أن بلادهم مستعدة لتلبية طلبات مبيعات الأسلحة من أي بلد بما فيه الصومال، ولا سيما أن الاهتمام الروسي يأتي بعد رغبه ملحة في استعادة علاقات سبعينيات القرن الماضي، بعد الحرب الباردة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ما يعني أن التحركات الروسية الأخيرة في الصومال تحمل رسائل تعبر عن رغبتها في العودة مجدداً بإعادة المياه إلى مجاريها ومن ثم تطويرها.

قراصنة المالح

وتحمل مضامين العودة أهدافاً من قبيل الإسهام في إطار حماية حركة التجارة الدولية التي باتت تتعرض مؤخراً لعمليات السطو المسلح على يد القراصنة، باعتبار أن دولة مثل الصومال تقع في منطقة استراتيجية اشتهرت بحركة الملاحة الدولية، خصوصاً وأنها تطل على المحيط الهندي، ومنطقة البحر الأحمر ما جعلها تتحكم في طريق التجارة الدولية للنفط.

وتطمح موسكو أيضاً في لعب دور مباشر على مستوى إعادة البناء بالنسبة للجيش الوطني الصومالي حتى يصبح قادراً على مكافحة الإرهاب.

العين على “الإرهاب”

وبخصوص “مكافحة الإرهاب” كانت قد عرضت روسيا، على الصومال تنفيذ برنامج متكامل يهدف للتعريف بوسائل وأدوات حديثة لمكافحة الجماعات المسلحة التي أرهقت كاهل الحكومة الصومالية بولايات وسط وجنوب البلاد بحلول العام 2020.

تحديات موسكو

وتعاني العلاقات الروسية الصومالية، من عامل تحدي الصورة الذهنية التاريخية إبان عهد الرئيس الصومالي “أسياد بري” في العام 1975 وما حدث من قطيعة نتيجة للحرب الصومالية، الإثيوبية التي مد فيها الاتحاد السوفيتي “إثيوبيا” بالسلاح على حساب الصومال، واستعادة العلاقة يظل رهيناً – حسب مراقبين صوماليين – إلى التخطيط لتنفيذ برامج مشتركة تخدم الصومال وتساعد في تجاوز مجمل الأزمات السياسية، والأمنية من قبل روسيا.

أهداف روسيا

ولتحقيق أهدافها في منطقة القرن الأفريقي – قامت دائرة اتخاذ القرار الروسي بوضع آليات لوجودها في الصومال من بين تلك الأدوات كان “السلاح” الروسي، الذي بات يستخدم في العمليات العسكرية لصالح الحكومة الصومالية “لمكافحة الإرهاب” وضد حركة الشباب. ومؤخراً نفذت عناصر شركة “فنغر” الروسية، وهي شركة العمليات العسكرية الخاصة، نفذت عدداً من الأعمال في دول مثل “ليبيا، سوريا، نيجيريا” والآن سعت مجموعة من رجال الأعمال الصوماليين لاستعادة هذه الشركة بغرض تأمين أنشطتها التجارية ببعض مناطق سيطرة “الشباب”.

مخاوف الكرملين

حسن مكي، محلل سياسي

ويقول المحلل السياسي حسن مكي في حديث لموقع “أفريقيا برس”؛ إن تمدد روسيا وجعلها اتخاذ قرار التوجه نحو دولة مثل الصومال هو تصاعد حالة المخاوف الروسية جراء إقامة قواعد عسكرية لمنافسيها مثل تركيا التي قامت بإنشاء قاعدة عسكرية بميناء مقديشو الصومالي. بالإضافة إلى الصين التي قامت بإبرام اتفاقية مع الجارة الحدودية للصومال جيبوتي في العام 2017 بإنشاء قاعدة عسكرية تطل على المحيط الهندي، ناهيك عن العدو اللدود والمنافس الشرس لروسيا، الولايات المتحدة الأمريكية التي تمتلك قاعدة “بان ندونق” العسكرية على المياه الإقليمية الصومالية بمنطقة البحر الأحمر، وخليج عدن. أيضاً من أسباب التوجهات الروسية نحو الصومال محاولة فقدان خسارة صفقة كانت موسكو أبرمتها مع السودان، تضمنت توظيف المياه الإقليمية السودانية بمنطقة البحر الأحمر بإنشاء قاعدة للتزود اللوجستي إبان عهد الرئيس السوداني سابقاً عمر البشير، ولكن جاءت المتغيرات السياسية الداخلية التي أطاحت بالبشر في إلغاء تفاصيل ما ورد.

وطبقاً لـ “مكي” فإن منطقة شرق أفريقيا من المتوقع أن تشهد تنافساً كبيراً خلال الفترة القادمة بين الدولة صاحبة الإمكانيات العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية باعتبار أن دولاً مثل الصومال تمتلك قدراً من الموارد الخادم غير المستقلة وتجابهة إشكاليات داخلية يتطلب حلها.

مطامع الجفرافيا

محمد محي الدين، محلل سياسي

ويوضح الكاتب الصحفي محمد محي الدين في حديث لـ “أفريقيا برس”: “سوف يظل موقع الصومال الجيوسياسي محط اهتمام الكثير من الدول الغربية في الفترة القادمة. ويعزو محي الدين ذلك إلى ارتفاع وتيرة المهددات التي باتت يتعرض لها طريق الملاحة الدولية للتجارة على مستوى البضائع والنفط. فضلاً عن محاولات وبرامج تكاد مرسومة بشكل مسبق بدراسة كيفية الاستفادة من دول مثل الصومال كما تفعل الآن بريطانيا في مساعيها لتعويض خسائرها جراء قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي. هذه المسوغات كافة جعلت المحفز عند روسيا يزداد يوماً بعد يوم بأن تبحث لها عن موطئ قدم في بلاد الصومال.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here