بقلم : بدرالدين خلف الله
على الرغم من الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى مواجهة حركة الشباب في السنوات الأخيرة، إلا أن هناك بعض التحديات التي تعيق تحقيق نتائج إيجابية في سبيل القضاء عليها أو الحد من أنشطتها، وهو ما يجعل السيناريوهات مفتوحة أمام مستقبلها في المنطقة خلال المرحلة المقبلة.
ولا تزال حركة الشباب تشكل التحدي الأمني الرئيس في الصومال، كما تظل أحد أبرز مهددات الاستقرار والأمن الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي، وذلك في ضوء تصاعد نشاطها في الداخل الصومالي وتمدّدها بشكل متنام في المحيط الإقليمي، حيث تسفر هجماتها عن سقوط المزيد من الضحايا من المدنيين والعسكريين والمسؤولين الحكوميين، إلى جانب استهدافها للمصالح والمؤسسات الحكومية في داخل الصومال وخارجه، ما يشكل عبئاً كبيراً على دول القرن الأفريقي والقوى المنخرطة في المنطقة بسبب المخاطر والتهديدات التي تمثلها الحركة.
عشرات القتلى
في ظل تكثيف هجمات الجيش الصومالي المدعوم من القوات الأممية ضد حركة الشباب، أعلن الجيش الصومالي عن مقتل أكثر من 130 من مقاتلي حركة الشباب في الأسابيع الثلاثة الماضية خلال عمليات أمنية في إقليم شبيلي الوسطى. وقال الجيش إن العمليات الأمنية التي يقودها قائد الجيش أودوا يوسف راغي، ستكثف في جميع مخابئ الشباب في المنطقة، وأشار إلى أن العمليات ستستمر حتى يتم إخراج جميع مقاتلي حركة الشباب من قواعدهم.
وكان الجيش قد استعاد خلال العمليات الجارية في إقليم شبيلي الوسطى بولاية هيرشبيلي أسلحة ومعدات عسكرية أخرى كانت الجماعة تستخدمها لشن هجمات في الإقليم. ويقوم الجيش الصومالي حاليا بعمليات لطرد حركة الشباب من مناطق إقليم شبيلي الوسطى التي كان المقاتلون يسيطرون عليها.
مناطق انتشار حركة الشباب

تسيطر حركة الشباب على خُمس الأراضي الصومالية، لاسيما المناطق الريفية والبلدات الصغيرة في جنوب ووسط البلاد وتعزز وجودها في الشمال، خصوصاً في منطقة بونت لاند، حيث تواجه مقاتلي “داعش” في مرتفعات جل جلا. كما تتخذ الحركة من مدينة “جيليب” في الجنوب الصومالي عاصمة فعلية لها.
ويتراوح عدد عناصر الحركة بين 3 و9 آلاف مقاتل وفقاً لتقديرات وزارة الدفاع الأمريكية، بالرغم من وجود تقارير تحدثت عن تزايد معدلات الانشقاق في صفوف الحركة. ويشكل هذا الانتشار تحدي كبير للحكومة الصومالية في بسط سيطرتها والتخلص من عبئ هجمات قوات الحركة، وسيمثل تحدي للحكومة الصومالية القادمة التي ستضع في خططها الجديدة وبمساعدة دول أجنبية خريطة طريق للتخلص من قوات حركة الشباب حسب مراقبين.
تعقيدات داخلية
يرى المحلل السياسي والباحث في قضايا القرن الأفريقي الطيب كنونة أن الصراع على السلطة في الصومال ليس بجديد بدأ منذ أن استولى الرئيس الصومالي السابق سياد بري على السلطة في الصومال ولم يستطع الاستمرار في حكم في ذلك الوقت بسبب تعقيدات الحياة السياسية والاجتماعية في الصومال. وشدد كنونة في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن الغرب لعب دوراً كبيراً في عدم استقرار الوضع في الصومال وفي دول المنطقة ذات التوجه اليساري أوالشيوعي أو الاشتراكي خوفاً من امتداد أفكار المشاريع والحركات التحررية.
انفجار
وقال الجيش الصومالي في بيان جديد “إن أكثر من 60 متشددا من حركة الشباب بينهم مقاتلون أجانب قتلوا في انفجار بقرية تبعد 65 كيلومترا غربي مدينة قريولي جنوبي الصومال”. وذكر الجيش أن من وصفهم بالإرهابيين المتحالفين مع القاعدة قتلوا في الانفجار الذي وقع في مجمعهم بقرية “ألا-فوتو” في إقليم شبيلي السفلى بعد انفجار القنبلة التي كان يتم تجميعها. و تعهدت القوات الحكومية بتكثيف العمليات الأمنية في المناطق الوسطى والجنوبية حتى يتم القضاء على المسلحين الذين نفذوا هجمات ضد السكان الأبرياء.
تجارة رابحة
ويتابع كنونة “أن ماحدث في الصومال من انقسام وتشظي واقتتال قاد إلى ظهور داعش والحركات المسلحة ومن ثم أصبح تجارة رابحة لدول الغرب لبيع الأسلحة والاستفادة من الصراع القائم في الصومال وفي دول المنطقة. ولفت إلى أن الأمية والاثنية والقبلية تنتشر بصورة كبيرة في الصومال مما ساهم في تفكك المجتمع. ويشير كنونة إلى حدوث صراع عميق في الصومال في الفترة المقبلة سيؤدي إلى تفتت ودمار شامل في المنطقة وأرجع سبب ذلك لضعف القوة المركزية وفقدانها العتاد الكافي لمواجهة حركة الشباب.
إتهام أممي
وفي خضم الصراع الدائر في الصومال أفاد تقرير للأمم المتحدة أن الجنود الصوماليين الذين كانوا يتلقون تدريبات عسكرية في إريتريا شاركوا في الصراع الدائر في إقليم تيغراي في إثيوبيا مما يؤكد مزاعم مماثلة من قبل آباء الجنود والسياسيين في الصومال.
وأشار تقرير الممثل الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إريتريا إلي أن هناك أدلة موثوقة على نقل قوات صومالية من معسكرات تدريب عسكري في إريتريا حيث رافقوا القوات الإريترية أثناء عبورها على الحدود الإثيوبية.
وأضاف التقرير الذي تم توزيعه على الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 مايو أن مقاتلين صوماليين كانوا موجودين بالقرب من مدينة “أكسوم” إلا أن الحكومة الصومالية نفت في أكثر من مرة مشاركة قواتها في الصراع بإقليم تيغراي الواقع شمالي البلاد.
ويشار إلى أن القتال في إقليم تيغراي الإيثوبي أدى إلى تعميق التوترات العرقية وخلق أزمة إنسانية هائلة ، حيث يوجد 4.5 مليون شخص معظمهم في حاجة ماسة للمساعدة.