هل يعيد “تكتل الرياض” الأمن المفقود للصومال؟

23
هل يعيد

الهضيبي يس

أفريقيا برس – الصومال. بات هناك ظهور لتكتل جديد يلوح في الأفق، يضم الدول المطلة على منطقة البحر الاحمر وباب المندب أمرا واقعيا. التكتل الذي يضم كلا من “السعودية، الأردن، السودان، جيبوتي، الصومال، اليمن، مصر، الإمارات، أريتريا”، بهدف توفير الأمن لهذه المنطقة تجاه ما تتعرض له من مهددات بشكل يومي. وكانت مبادرة منتدى الرياض للدول المتشاطئة  والذي عقد في مارس 2022 بحضور هذه الدول قد تطرق إلى تهديدات الدول النافذة في منطقة الشرق الأوسط، والعمليات العسكرية التي يقوم بها القراصنة بالمحيط الهادي، وخليج عدن عند المياه الإقليمية الصومالية.

و تعتبر بعض القوى الإقليمية في هذا التكتل تهديداً لنفوذها في اقليم شرق أفريقيا والبحر الأحمر، كتركيا التي تمكنت من نسج علاقات قوية مع بعض دول الإقليم خلال العقد الماضي، وتمكّنت من إيجاد موطئ قدم فيها، كالنفوذ التجاري الذي تحظى به في الصومال، بالإضافة إلى تواجدها العسكري فيها؛ لكن انضمام الصومال لهذا الحلف كعضو مؤسس لهذا الجسم، على سبيل المثال، يدفع القيادة التركية لتبني مواقف أكثر صرامة إذا ما بدا هذا التكتل أحد أشكال التهديد لمصالحها. بينما تكاد الصومال التي تمتلك أطول خط في بمنطقة البحر الأحمر بواقع يفوق “3” آلاف كيلو  مستقل فيها مايقارب 20% فقط، وهو ما جعلها منطقة تتعرض للانتهاكات والاختراقات بصورة دائمة من قبل قراصنة البحار.

جيوب الإرهاب

كذلك تربط الصومال حدود مائية مع كل من كينيا عند المحيط الهادي، والبحر الأحمر، وخليج عدن مع اليمن وهو ذات الشيء الذي جعل المملكة العربية السعودية تسارع بدعم الصومال في حربها ضد الإرهاب مخافة تسرب السلاح عن طريق المياه الإقليمية الصومالية لمقاتلي أنصار الله في اليمن. الحكومة الصومالية بدورها رحبت باهداف ومضامين التكتل، في وقت لم تخف مخاوفها تجاه وما تتعرض له من تهديدات بصفة يومية جعلها تطلب المساعدة للحد من عمليات القرصنة وما تشكله من إرهاب وتعطيل لحركة الملاحة البحرية بمنطقة البحر الأحمر وباب المندب. وعلى الضفة الأخرى تقف بعض الدول التي تتبنى موقفا داعما لهذا الجسم، كالموقف الأمريكي، إذ ترتبط الإدارة الأميركية بعلاقات مميزة مع الدول الرئيسية له، كما يأتي هذا التشكل الإقليمي ضمن مساعيها الحثيثة لإيجاد تحالفات إقليمية موالية من شأنها المساهمة في حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب، الأمر الذي يتوافق مع الرواية الرسمية لتأسيس هذا التكتل.

تحديات وأهداف

اجتماع وزراء خارجية الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن
اجتماع الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن

وتعود الأهداف والغايات الرئيسية لتكتل “الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن”، من أجل تلبية احتياجات أمنية وعسكرية في ظل السعي لمواجهة التهديدات المختلفة والمتمثلة في؛ انتشار المخدرات، وعمليات الاتجار بالبشر، وتهريب الأسلحة. ومما يضاعف هذه التهديدات قلة الرقابة الأمنية في الكثير من النقاط والمواقع الجغرافية الحساسة نتيجة للعجز المتمثل في محدودية قوات الأمن، ونقص الموارد، وعدم توفر الخبرة التقنية. وهو مايزيد من حجم التحديات التي تواجه الصومال ومن أبرزها؛ إنعدام الاستقرار السياسي، ومتى ما توفر ستكون الدولة قادرة على إبرام الاتفاقيات الإقليمية، والدولية وسن التشريعات لمجابهة المهددات الأمنية بمنطقة البحر الأحمر وخليج عدن. سيما وأن الحكومة لم تتوارى عن حاجتها في مثل هكذا تكتل لتحقيق فوائد اقتصادية، والحصول على دعم سياسي من قبل دول مثل “السعودية، مصر، الإمارات” وسط ما تمر به من أوضاع غاية في التعقيد.

موازين القوى

اجتماع وزراء خارجية الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن
اجتماع وزراء خارجية الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن

بينما يأتي تشكيل هذا التكتل الإقليمي في سياق السعي لتحقيق أهداف اقتصادية واستثمارية من خلال تعزيز التجارة والاستثمار، وتوفير فرص العمل، وتزويد الفئة الشابة ببدائل تساهم في صرفهم عن مداولة الأنشطة غير القانونية؛ لكن تواجه ذلك تحديات كبيرة على مستويات مختلفة يكمن أبرزها على الصعيد الإداري، فضلاً عن وجود إرادة سياسية قوية. وعليه سينتج عن تأسيس هذا التكتل تغييراً في موازين القوى في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر إذا ما تحققت أهدافه المعلنة وغير المعلنة. لكن تبقى هذه الفرضية مرهونة بمدى الفاعلية التي يمكن أن يظهرها التكتل، الأمر الذي يعد مثيراً للشك من قبل بعض المهتمين، بحكم حالة العجز عن توحيد الرؤى بين الدول المؤسسة للتكتل.

أبعاد أمنية

محمد محي الدين، محلل سياسي

ويقول الكاتب الصحفي محمد محي الدين في حديث لموقع “أفريقيا برس” أن اهم الأبعاد الأمنية المتصلة بهذا التكتل، تنبع من حجم المهددات من تلقاء البحر الأحمر الذي تتنافس عليه دول العالم وكل لها استراتيجية. خاصة بها لذلك فإن الهواجس الأمنية وشواغل الأمن القومي والتي تمثل اهم العناصر الدفعة لقيام التكتل. ومعلوم أن الصومال حسب محي الدين هي الدولة الثالثة من حيث طول الساحل، ووقوعها في منطقة قريبة من باب المندب ما يجعلها شريكا استراتيجيا مهما لأي منظومة للأمن الإقليمي، تنشأ لتأمين الملاحة في البحر الأحمر. ولعل الصومال، قد صار جزءً من تحالف الدول المتشاطئة التي دعت لتشكيله المملكة العربية السعودية مؤخرا، وهو تكتل سياسي عسكري يتوقع له ان يتطور في غضون السنوات القليلة القادمة. ما يستوجب على مركز القرار الصومالي – الإدراك التام بأهمية الخطوة والدور الذي هو مقدم علية ومجمل الاحتياجات والمتطلبات المتوقع أن يقوم بها سياسيا، وامنيا.

مخاطر دولية

الكاتب الصحفي أحمد عمر خوجلي
أحمد عمر خوجلي – كاتب صحفي

ويشير الكاتب الصحفي أحمد عمر خوجلي في حديث لموقع “أفريقيا برس”: “أضحت أهمية منطقة البحر الاحمر تزداد يوما عن يوم  بسبب ازدياد حجم المخاطر على مستوى حركة الملاحة الدولية مما إثر بشكل مباشر على سلعة النفط. كذلك ازدياد حجم ماتتعرض له السعودية من مهددات يومية سواء من قبل عناصر الحوثيين، أو شعورها بفقدانها السيطرة على منطقة البحر الاحمر بمناطق عدن، و الحديدة مابعد قيام ما عرف بحكومة الإقليم الجنوبي المدعوم إماراتيا”. ويضيف خوجلي “تأكيد المملكة على أنها قادرة بتلبية متطلبات المرحلة القادمة إقليميا، ودوليا بتولي زمام ملف سيكون محط أنظار العالم في المستقبل القريب لما له من أهمية. بينما كافة العوامل تشير حسب” خوجلي “إلى إستفادة الصومال من خطوة قيام التكتل متى ما درست الأمر بشكل جيد.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here