3 تحديات يمكن أن تقوض عمل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال

0
3 تحديات يمكن أن تقوض عمل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال
3 تحديات يمكن أن تقوض عمل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال

الشافعي أبتدون

أفريقيا برس – الصومال. بحلول يوليو/تموز المقبل، ينتظر أن تنقل بعثة القوات الأفريقية الانتقالية (أتمس) المنتشرة في الصومال، والتي انتهى تفويضها أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، مهامها إلى بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال الجديدة (أوصوم)، والتي وافق مجلس الأمن على نشرها نهاية ديسمبر الماضي. إلا أن “أوصوم”، والتي تعد ثالث بعثة أفريقية بالصومال بعد قوات حفظ السلام الأفريقية (أميصوم) التي تم نشرها للمرة الأولى في العام 2007 وتم استبدالها في إبريل/نيسان 2022 بـ”أتمس”، ينتظر أن تواجه عدة تحديات في عملها.

وتتمثل التحديات في الانتشار في مناطق مهددة بالسقوط في يد حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة، وتضاؤل الدعم الدولي للبعثة لتوفير تمويل مستدام يقدر بأكثر من 100 مليون دولار أميركي، وتشكيل قوات للاستجابة السريعة لمواجهة الثغرات الأمنية مضافاً إلى تحدي التنسيق بين قوات بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال والمشاركة في العمليات الجارية لمواجهة الحركة والانتقال من استراتيجية البقاء في المقار العسكرية إلى تخطيط وتنفيذ الهجمات بالتنسيق مع الجيش الصومالي.

وكان مجلس الأمن أقر أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي نشر بعثة جديدة باسم بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال (أوصوم)، لمدة لا تتجاوز السنة لدعم الجهود الأمنية الرامية لبسط نفوذ الدولة ومكافحة حركة الشباب. ووافق مجلس الأمن على قرار تشكيل القوة الجديدة بأغلبية 14 من أصل 15 دولة، حيث امتنعت أميركا عن التصويت، بحجة التحفظ على تمويل القوة الجديدة من دون وجود ضمانات حقيقية لمهام بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال وجديتها في الدفع بجهود إحلال الأمن والسلام في البلد.

وتأتي التحديات التي تواجه “أوصوم” في وقت دعت فيه قمة مصغرة في عنتيبي وسط جنوبي أوغندا، شارك فيها مسؤولون من عدة دول أفريقية تشارك قواتها في مهمة البعثة الجديدة، إلى الإسراع في دعم جهود تدريب الجيش الصومالي وتجهيزه وتطوير قدراته، وكذا تعزيز الدعم في مجالات الطيران والاستخبارات والمساندة الجوية في الحرب ضد الجماعات الإرهابية. كما جرى تأكيد أهمية التعاون بين الحكومة الصومالية والولايات الفيدرالية لضمان استقرار المناطق المحررة من قبضة مسلحي “الشباب”، وتنفيذ الاستراتيجية الخاصة بتمويل بعثة “أوصوم” ودعم القوات الصومالية.

وقال حسين معلم محمود، مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، في تصريح لوسائل الإعلام المحلية أخيراً، إن القوات الأفريقية الجديدة ستصل إلى قواعدها في مناطق مختلفة في الصومال مطلع يوليو/تموز المقبل، كما سيتم توحيد الجهود الأفريقية والصومالية لمواجهة حركة الشباب وتنظيم داعش، وتعزيز تمويل البعثة العسكرية للقوات الأفريقية، لإنجاح مهام بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال من أجل دعم الجيش الصومالي، وتمكينه من استلام ملف الأمن من القوات الأفريقية بعد انتهاء مدة تفويضها.

تحدي الانتشار

وكانت بعثة القوات الأفريقية الانتقالية (أتمس)، التي انتهى تفويضها نهاية 2024، أخلت نحو 20 موقعاً في مناطق مأهولة بالسكان وسط البلاد وجنوبها في العام 2022. وفي حين سقط بعضها بيد “الشباب”، تشهد بعض المدن مواجهات عنيفة بين الحين والآخر بين الجيش ومسلحي الحركة، وهو ما يشكل عقبة أمام بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال لسد هذه الثغرات الأمنية ويدفعها لخوض معارك شرسة ضد الحركة من أجل الوصول لتلك المناطق مجدداً.

وأعرب الصحافي في موقع العاصمة، أحمد علي شيخ، عن اعتقاده أن بعثة “أوصوم” لا يمكن أن تكون بديلاً كاملاً لبعثة “أتمس”، إذ إن عديد قوات البعثة الأفريقية الجديدة أقل منه لدى نظيرتها في “أتمس”، حيث يبلغ نحو 12 ألفاً، مقارنة بـ14600 في البعثة السابقة، وأكثر من 20 ألفاً في “أميصوم”، التي تم نشرها في 2007. وعليه، من غير المرجح أن تنتشر القوات الجديدة في جميع المناطق التي انسحبت منها قوات “أتمس”، معتبراً أن الهدف من تقليص عديد “أتمس” هو تمكين القوات الصومالية من تولي مسؤولية الأمن في تلك المناطق.

ووفق علي شيخ فإن التحدي الراهن، نتيجة للمعلومات المتوفرة، يتمثل في عدم رضا القوات الصومالية عن الانتشار في المناطق الريفية، التي تفتقر في الغالب إلى التسهيلات والخدمات المتوفرة في المدن، كما أن هذه القوات لا تمتلك التجهيزات والدعم اللوجستي الذي كانت تتمتع به قوات الاتحاد الأفريقي، الأمر الذي يدفعها للانسحاب بشكل متكرر من المواقع التي تسيطر عليها. وتابع: يضاف إلى ذلك تأثير غياب التنسيق في قيادة القوات، إلى جانب التوترات السياسية، والخلافات بين الحكومة الفيدرالية والإدارات الإقليمية، والنزاع حول الانتخابات، فضلاً عن استغلال حركة الشباب للانقسامات القبلية. وأشار إلى أن الحكومة الفيدرالية تستطيع دحر حركة الشباب وتحرير العديد من المناطق، إلا أن الحفاظ على هذه المناطق يتطلب دعماً مباشراً للمليشيات المحلية المعروفة بـ”المعويسلي”، من خلال صرف رواتب منتظمة لها وتقديم الدعم العسكري، إلى جانب قيام القوات النظامية بمهام المراقبة والإشراف عليها بشكل دائم.

أزمة تمويل قوات بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال

وكان أعضاء في مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي بحثوا، في أديس أبابا الثلاثاء الماضي، موضوع تمويل “أوصوم”، خصوصاً سداد المستحقات المالية للجنود وأفراد عناصر الشرطة المتأخرة منذ يناير/كانون الثاني الماضي، وهو أمر كانت الدول المساهمة بقواتها في البعثة الأفريقية حذرت منه. ويقدر إجمالي المبلغ العاجل المطلوب لتغطية التكاليف المالية للفترة الممتدة من يناير الماضي إلى يونيو/حزيران المقبل بنحو 96 مليون دولار أميركي، في حين استطاعت مفوضية الاتحاد الأفريقي تأمين 16.7 مليون دولار. وتحتاج بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال إلى نحو 15 مليون دولار شهرياً لتفي بالتزاماتها. ولهذا السبب، شددت الدول، التي تشارك في القوة الأفريقية، على أن تأمين تمويل مستدام وقابل للتنبؤ به يمثل أولوية استراتيجية لضمان استمرارية عمليات “أوصوم”، وضمان مواصلة دعم القوات الصومالية في تولي مسؤولياتها الأمنية الكاملة.

وكانت أميركا أكبر داعم لقوات حفظ السلام الأفريقية العاملة في الصومال منذ 2007، إلا أن واشنطن أبلغت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، أخيراً، أنها “لن تدعم تطبيق القرار 2719 على بعثة أوصوم عند طرح المسألة أمام مجلس الأمن في 15 مايو/أيار” الحالي. ويهدف القرار إلى توفير تمويل مستدام وقابل للتنبؤ لعمليات دعم السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي في الصومال. وقد أوضح مسؤول أميركي خلال قمة عنتيبي أن بلاده لا ترى أن “الصومال هو المكان الأنسب لتفعيل القرار”، ولا تدعم “تطبيق نموذج التمويل المختلط” لتمويل البعثة. وبحسب مصادر من الاتحاد الأفريقي، فإنه من المرجح أن تتجه قيادة مفوضية الاتحاد إلى واشنطن للتباحث مع الإدارة الأميركية وشركاء آخرين حول هذا الملف، بينما أفادت تقارير بوجود الممثل الأعلى لرئيس المفوضية لشؤون التمويل دونالد كابيروكا حالياً في أميركا في مسعى لحل هذه المسألة. وفي هذا الإطار، ساهمت الصين مؤخراً بمبلغ مليون دولار، فيما قدمت اليابان ثلاثة ملايين دولار دعماً للبعثة، فيما دعا الاتحاد الأفريقي بقية الشركاء إلى أن يحذوا حذوهما.

وأشارت الباحثة في الشؤون الأمنية سميرة غايد، إلى أن مسألة تمويل الاتحاد الأفريقي وبعثاته معقدة، موضحة أنه تم تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم) وفق نموذج ثلاثي الأركان: الأمم المتحدة كانت تقدم الدعم اللوجستي، والاتحاد الأوروبي يتولى دفع مخصصات الجنود، في حين كان الشركاء الدوليون الآخرون يقدمون الدعم المباشر أو الثنائي للدول المساهمة بالقوات، سواء عبر تقديم خدمات الاستطلاع والمراقبة أو الدعم اللوجستي، أو التدريب.

وأضافت: خلال السنوات العشر الماضية، بدأ الاتحاد الأوروبي يمارس ضغوطاً متزايدة ليس فقط على الاتحاد الأفريقي، بل أيضاً على الحكومة الصومالية، مؤكّداً أنه يجب إنهاء مهمة بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال لأنه يتحمل عبء دفع المخصصات منذ انطلاق عمل البعثات الأفريقية في الصومال. وكان موقف الاتحاد الأوروبي واضحاً في كل مرة تطرح فيها مسألة الانتقال، إذ كان يطالب برؤية تحسن في أداء الحكومة الصومالية يبرر انتقالها لتولي المسؤوليات الأمنية، وعندما لم يرَ نهاية قريبة لمهمة الاتحاد الأفريقي، أعلن بوضوح أنه سيتوقف عن تمويلها، داعياً شركاء آخرين إلى سد هذا الفراغ. وأوضحت أنه في 2016، خفض الاتحاد الأوروبي 20% من مخصصات الجنود، وفي 2021 خفض 10%.

واعتبرت سميرة غايد أن الواقع الأمني في الصومال لم يشهد تحسناً، بل ساء خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة الأخيرة، وهو ما يظهر أن الانسحاب والانتقال بين بعثات الاتحاد الأفريقي كانا سابقين لأوانهما. ومع تصاعد التدهور الأمني، يصبح من الخطير جداً أن تواجه بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال احتمالاً واقعياً بعدم وجود مخصصات للجنود، ما قد يدفع الدول المساهمة بالقوات إلى اتخاذ قرارات تنفيذية صعبة، خصوصاً إذا استمر الغموض لفترة طويلة. كما أن الاجتماع الأخير في عنتيبي لم يناقش التمويل بشكل جوهري، بل طالب بزيادة عديد قوات الاتحاد الأفريقي لمواجهة التهديد الأمني المتفاقم. ولذلك، فإننا نواجه لحظة دقيقة للغاية، لا سيما بالنسبة للصومال وللمجتمع المحلي، حيث نشهد تراجعاً في الانتشار العسكري، وتصاعداً في التهديد الأمني، وسط حالة من الغموض المالي الذي قد يهدد استمرارية البعثة برمتها.

معضلة التنسيق الأمني

وتواجه بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أوصوم) تحدي التنسيق الأمني فيما بينها، خاصة ما يتعلق بالمشاركة والاستجابة السريعة للثغرات الأمنية وتحديد دورها في العمليات الجارية ضد حركة الشباب وسط البلاد وجنوبها، كما أن احتمال مشاركة مصر بقوة قوامها 1050 جندياً يمكن أن يثير شكوكاً بين الدول المشاركة في المهمة، خاصة بين القاهرة وأديس أبابا.

وفي هذا الصدد، قال الباحث والصحافي المصري حامد فتحي، إن هناك مصلحة مشتركة بين مقديشو والقاهرة في نشر قوات مصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، فتجربة سيطرة قوات غير حكومية على دولة قريبة من المدخل الجنوبي لقناة السويس، كما في حالة الحوثيين في اليمن، وتهديدها للملاحة البحرية وبالتالي إيرادات مصر من المرور عبر قناة السويس، تؤكد ضرورة مساهمة القاهرة في أمن الإقليم المطل على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وجنوبه، بما في ذلك الصومال.

وشدد على أن “الصومال بحاجة ماسة للخبرات العسكرية والأمنية المصرية، فقد رأينا كيف قدمت القاهرة دعماً عسكرياً كبيراً خلال وقت قصير، حين التقت مصالح البلدين، ومع هذا فلا يجب أن يكون التعاون موجهاً ضد طرف ثالث، وإن كان بطبيعة الحال تحجيماً لأي أهداف غير مشروعة لأطراف أخرى. مع هذا، فإنه ينبغي على قادة الصومال وضع مصالحهم أولاً، وإدارة المصالح المتعددة لحلفائهم، بما يحقق فوائد مشتركة لجميع الدول”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here