منظمة إيغاد ومحاولات إطفاء حرائق القارة

25

بقلم : الهضيبي يس

أفريقيا برسالصوماليقع النطاق الجغرافي لـ “منظمة إيغاد” على محيط جيوسياسي ، وآخر جيواقتصادي رئيس يسمح لها بالتقاطع مع المناطق الاستراتيحية المحاذية مثل الشرق الأوسط ، وشرق المتوسط. “إيغاد” التي تضم في عضويتها ثمان دول هي إثيوبيا ، الصومال ، السودان ، أرتريا ، جيبوتي ، أوغندا ، جنوب السودان وكينيا يمتد دورها على مساحة جغرافية تبلغ 5،2 مليون كيلو متر مربع وتمتلك دولها حدود بطول 6960 كيلو متر من المحيط الهندي وحتى خليج عدن والبحر الأحمر. وهذه تعد ممرات مائية مهمة بالنسبة لمرور التجارة الدولية بين دول الشرق الأوسط وأفريقيا واوروبا وجنوب شرق آسيا والشرق الأقصى لاسيما النفط. وكذلك للمنظمة حدودا بطول 6910 كيلو متر مع كل من مصر، وليبيا ، وتشاد ، وأفريقيا الوسطي ، والكنغو ، ورواندا ، وتنزانيا ، وهو ما يجعلها بوابة مهمة الى وسط وجنوب القارة ومنطقة الساحل والصحراء.

الزعامة

محمد محي الدين، كاتب صحفي

يقول الكاتب الصحفي محمد محي الدين في حديثه لموقع “أفريقيا برس” تظل هناك حسابات بين الدول الأعضاء داخل عضوية “إيغاد” فرضها الطموح السياسي للزعامة مما أدى الى زيادة التنافس وزيادة الإنقسام داخلها  وتضارب المصالح بين بعض دول المنظمة في العديد من الأزمات الإقليمية، الأمر الذي شكل قيودا على مواقف المنظمة تجاه عدد من الملفات الإقليمية في القرن الأفريقي وجعلها في بعض القضايا تفقدها الإستقلالية التي تتيح لها وساطة محدودة على مستوى العديد من أزمات وقضايا القارة.

ميزان القوة

ويميل ميزان القواة داخل “إيغاد” الى أثيوبيا التي تسيطر على المنظمة تاريخيا خاصة أنها ترأسها خلال السنوات الماضية لعقود رئاسة المنظمة قبل انتقال رئاستها الى السودان في العام 2020. وتعد إثيوبيا الدولة الأكثر تقدما مقارنة بمحيطها الإقليمي حيث تدرك جيدا مجموعة المنظمة الدور المحوري والتأثير الأساسي لأثيوبيا في تحقيق السلم والإستقرار بالمنطقة وسط تقدم إقتصادي ونمو سكاني، ماجعل إثيوبيا هي من تقوم بدور التحالفات مع بعض الدول داخل “إيغاد” فكان التحالف مع كينيا التي تعتبر هي الأخرى قوة نافذة داخل المنظمة الأفريقية.

كينيا هي الأخرى تتمتع بنفوذ سياسي وإقتصادي كانت في السابق المنافس الوحيد لأثيوبيا ولكن بعد التحولات التي شهدتها منطقة شرق أفريقيا جعلها تفضل الحالف مع أديس ابابا. من تلك التحولات الخلافات بين مقديشو – نيروبي ، بالاضافة الى النزاع الحدودي بين أديس أبابا – الخرطوم، والذي دفع بفرضية وجود هذه التحالفات جائزا ومطلوبا. ويضيف محي الدين أن تنامي الطموح السياسي عند نيروبي في تزايد وتحاول أن تلعب دور المؤثر في الانتخابات الصومالية.

تكتل القرن

علي سعيد، محلل سياسي

ويشير المراقب السياسي علي سعيد في حديثه لموقع “أفريقيا برس” مادفع بقيام تكتل جديد على مستوى دول القرن الأفريقي اُطلق علية اسم “التعاون في القرن الأفريقي” وذلك بحلول العام 2020 الذي يضم دول إثيوبيا ، أرتريا والصومال، ما أثار حفيظة بعض الدول الأعضاء داخل “إيغاد” بأن يكون هذا التكتل الجديد بمثابة جسم موازيا لـ “إيغاد” وهو ماقد يقلص من دورها ونفوذها في القرن الأفريقي ما يعني تجدد انعدام الثقة بين دول المنطقة وتزايد مخاوف الإنقسامات الإقليمية.

موقف

وأضاف سعيد أن “إيغاد” عاشت خلال العامين الماضين العديد من التحديات السياسية ، والاقتصادية ، والأمنية وبعض التحولات السياسية والتي منها قطع العلاقات الدبلوماسية بين الصومال وكينيا في ديسمبر 2020 بسبب النزاع الحدودي والاتهامات للأخيرة بالتدخل في الشؤون الداخلية الصومالية. كذلك تحفظ الصومال على أداء المنظمة في الفترة الأخيرة وأدائها الذي أصبح محصورا في الاكتفاء بالشجب والادانه دون تحريك اي ساكن تجاه مايحدث لعديد من القضايا.

وتعاني الصومال من حرب أهلية امتدت لنحو 20 عاما ماجعلها تطلق تهديدات بالانسحاب من “إيغاد” عقب نشوب الخلافات مع كينيا حيث قامت “إيغاد” بارسال بعثة لتقصي الحقائق في العام 2020 والنظر في الادعاءات التي دفعت الصومال الى قطع علاقتها الدبلوماسية مع كينيا. ورفضت وقتها مقديشو نتائج بعثة التقصي التي أكدت عدم وجود أدلة كافية لدعم مزاعم الصومال مما دفع الأخيرة الى اتهام كينيا بالتاثير على جيبوتي وهددت بالإنسحاب من “إيغاد” حال عدم التراجع عن تلك النتائج.

كذلك خلافات الصومال مع جيبوتي وما زاد في تعقيد الأمور بمرور الوقت القفزة التي قام بها الرئيس الصومالي بابرام اتفاقيات مع أرتريا وتحالف مع الرئيس أسياس أفورقي. جميع هذه المسائل عقدت كثيرا من مهمة رئيس الوزراء السوداني ورئيس “إيغاد” عبدالله حمدوك الذي على مايبدو أنه لم يمسك بعد بخرطوم إطفاء الحرائق داخل المنظمة.

أزمات

ويؤكد سعيد بان المنظمة تعاني من عده أزمات رسمت وفي طريقها عقبات لم تستطيع تخطيها حتى الآن منها النزاعات الأهلية بدول الأعضاء للمنطقة والتي ولدت حرب خلفت أوضاع إنسانية بالغه التعقيد.

كذلك عدم التوافق حول برنامج حتى الآن يحدد أولويات المنظمة الأفريقية حتى تكون قادرة على تقديم مبادرات تسهم في توفير حلول للأزمات التي تعاني منها. وأهم تلك العوائق التحول الديمقراطي والإستقرار السياسي بالمنظمة التي سعت كثيرا بتقديم مبادرات لتحقيق التوافق السياسي في كل من السودان ، جنوب السودان ، إثيوبيا وأرتريا.

وتواجه المنظمة مشاكل على مستوى رسم وتقسيم الحدود المشتركة بين الدول الأعضاء ، والحرب الأهلية مثل ما يحدث باقليم “تغراي” والحرب بدولة جنوب السودان.

المستقبل

وعن مستقبل المنظمة يؤكد محي الدين أنها لم ترق حتى الآن لتصبح كتلة متماسكة إقليمية تحمي مصالح دولها ومواطنيها في مواجهة الصراعات السياسية والتحديات الإقتصادية والتهديدات الأمنية والتدخلات الأجنبية في شؤونها.

وهي تعيش حالة من الضعف التي تبدو عليها بسبب غياب عملية الإصلاح الداخلي الحقيقي الذي نجم عنه الفقر للمنظمة. وعجزها كذلك في القيام بدور مهم إزاء قضايا المنطقة مقارنة ببعض التكتلات الإقليمية الأخرى في مناطق غرب أفريقيا وغياب قوة عسكرية لـ “إيغاد” تستطيع التدخل لإنهاء النزاعات بالمنطقة.

و الماثل الآن أمام المنظمة في تنفيذ استراتجية “إيغاد” للاعوام 2021- 2025 مرهون بالتغلب على هذه التحديات التي شكلت عائقا أمام تفعيل دورها خلال السنوات الأخيرة تجاه القضايا التي تهدد الاستقرار بالقرن الأفريقي.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here