أفريقيا برس – الصومال. القاهرة –
خلافا لقضايا تمس مباشرة الأمن القومي المصري بما في ذلك الأمن المائي والملف الليبي، تراجعت ملفات الشرق الأوسط وأزماته الإقليمية في سلم الأولويات المصرية خلال عقد مضى، مدفوعة بعدم استقرار داخلي منذ ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وفي الآونة الأخيرة، خلق الاستقرار الداخلي في بنية النظام المصري مدفوعا بتراجع كبير وملحوظ لدور المعارضة وتهدئة الأزمات الإقليمية، دوافع لاستعادة القاهرة تموضعها السابق بوصفها لاعبا إقليميا رئيسيا، والذي احتلته عواصم عربية وإقليمية أخرى، بعد أن تماهت السياسات الخارجية المصرية مع أهداف لاعبين إقليميين آخرين، خاصة فيما يتعلق بالموقف السلبي من ثورات الربيع العربي.
من جهة أخرى نأت القاهرة عن المزيد من التحالفات غير المحدودة مع دول بينها الإمارات في الملف الليبي على سبيل المثال، كما بدت أكثر انفتاحا في عودة العلاقات مع تركيا، بجانب المساعي المصرية في الظهور بمزيد من الاعتدال لتجنب الدخول في أزمات محتملة مع الإدارة الأميركية الجديدة.
وفي سياق استشرافي للعام الجديد، ترصد الجزيرة نت أبرز مساعي القاهرة لاستعادة تموضعها الإقليمي، فهل تنجح في استعادة عافيتها الدبلوماسية من جديد في 2022؟ وذلك في ضوء المحاور التالية:
سياسة دفاعية
مع إعادة تشكيل تحالفات المنطقة وتهدئة ملفات إقليمية متأزمة تتشابك مباشرة مع أمن مصر القومي ودورها الإقليمي، لا يزال النظام المصري يتحسس موقعه جراء التحولات المنتظرة، في ظل احتفاظه بعلاقات مع غالبية الأطراف الفاعلة بدرجات متفاوتة.
واتسمت السياسة المصرية الخارجية في الأساس بالدفاع عن مصالح الدولة؛ حيث لم تغب مصر كليا عن المشهد الدولي والإقليمي ولم تستطع عزل نفسها عن العالم إثر مصالح حيوية كان أبرزها:
الأمن المائي في علاقتها مع السودان وإثيوبيا والمخاوف المحتملة من سد النهضة الإثيوبي.
الصراع في ليبيا، وآثاره الأمنية والجيوسياسية على مصر.
الأحداث في السودان وما يمر به من فترة انتقالية عصيبة، وتداعيات ذلك على العمق الجنوبي لمصر.
فك الارتباط
تزايدت وتيرة التطبيع العربي مع “إسرائيل” -وهو خطوة عزاها مراقبون إلى تشكيل تحالف عربي “إسرائيل”ي أميركي لمواجهة إيران- لكنَّ التطبيع خاصة الإماراتي لم يكن بالصورة الإيجابية على القاهرة، التي بدأت تتحسس أمنها القومي ودورها الإقليمي الذي يتآكل تدريجيا، وفق مراقبين.
وفي ضوء ذلك، اتبعت مصر مع الإمارات أهدافا متباينة في سياستها الخارجية بمراحل مختلفة، لكن في بعض الأحيان كان لدى البلدين أجندات متضاربة، وذلك في ضوء المؤشرات التالية:
إخفاق الحملة العسكرية للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، دفع القاهرة لإعادة النظر في خططها، والرهان على تسويق المسار السياسي.
انفتاح القاهرة على حكومة طرابلس، والالتزام بإجراء الانتخابات، والتأكيد على ضرورة خروج القوات الأجنبية.
التقارب مع تركيا التي شهدت هي الأخرى تقاربا مع الإمارات.
المخاوف المصرية من النشاط الإماراتي المناوئ لمصالحها الأمنية والإستراتيجية بما في ذلك قناة السويس.
رفض القاهرة في السابق إرسال قوات لدعم التحالف السعودي الإماراتي في اليمن عام 2015.
مركز إقليمي للطاقة
أحدثت اكتشافات الغاز الضخمة شرق البحر المتوسط سلسلة من الصراعات الأمنية والسياسية، وبدا في الأفق التمييز بين محورين متعارضين أحدهما تركيا، والآخر يضم مصر اليونان وقبرص و”إسرائيل”، والذي امتدت تداعياته لتشمل الملف الليبي. وإلى جانب التوترات السياسية بين المحورين، سعت القاهرة إلى التحول إلى مركز إقليمي للطاقة، وعملت في هذا الإطار على:
تدشين “منتدى غاز شرق المتوسط” (EMGF) في أوائل 2019 بالقاهرة، ضم مصر و”إسرائيل” ودولا أخرى.
تحالفت مع قبرص واليونان في مشاريع استخراج الغاز وترسيم الحدود البحرية في نطاق البحر المتوسط.
اتفقت على توصيل الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عن طريق سوريا.
وقد يشهد ملف الطاقة تطورات جديدة مع تسارع وتيرة التقارب المصري التركي، والتأكيد التركي المستمر أن القاهرة ستحصد مكاسب اقتصادية كبيرة في شرق المتوسط بالاتفاق مع أنقرة.
تحول مفاجئ
رغم معارضة بعض دول الخليج لحكم الرئيس السوري بشار الأسد وتدشين علاقات صحية مع إيران، واصلت القاهرة دعم الرئيس السوري وسط تسريبات إعلامية عن مباحثات مصرية إيرانية نفتها القاهرة.
وفي وقت -تشير فيه تقديرات دبلوماسيين سابقين بمصر إلى إمكانية حدوث انفراجة في الموقف العربي من سوريا في ضوء مفاوضات فيينا لعودة أميركا إلى الاتفاق النووي ورفعها العقوبات تدريجيا عن طهران، وبالتطورات المحتملة لمحاولات التقارب بين السعودية وإيران- تمثل التحول المصري نحو إيران وسوريا في التالي:
مواصلة دعم الأسد، بعد تبدل الموقف جذريا منذ صيف 2013، حيث استضافت القاهرة بانتظام اجتماعات مع مسؤولي المخابرات السورية.
تحول مفاجئ في موقف القاهرة من التأييد الضمني للنظام السوري إلى المعلن، بعد اللقاء الوزاري الأول من نوعه منذ 10 سنوات بين وزير الخارجية المصرية سامح شكري ونظيره السوري فيصل المقداد.
المسؤول بوزارة الخارجية الإيرانية، مير مسعود حسينيان، أشار سابقا إلى أن “العلاقات مع مصر ستتحسن قطعا حال نجحت المباحثات مع السعودية”.
انتزاع رعاية الملف الفلسطيني
خلال العدوان ال”إسرائيل”ي الأخير على قطاع غزة -في مايو/أيار 2021- شهدت القضية الفلسطينية تحولا غير مسبوق في السنوات الأخيرة للسياسة الخارجية المصرية، تمثلت أبرز نتائجه في:
إتاحة الفرصة لمصر لإعادة تمثيل دورها التقليدي بوصفها محاورا دوليا رئيسيا بشأن القضايا الأمنية، وهي فرصة انتهزتها في تدعيم موقفها لدى الإدارة الأميركية.
في هذه الجولة، حازت مصر على استحسان دولي لمساعدتها في تأمين نهاية سريعة نسبيا للعدوان الذي استغرق 11 يوما.
أثبتت مصر أنها الشريك الأقوى في الجهود المبذولة لحماية المصالح الأمنية ل”إسرائيل” والتوصل إلى نتيجة أكثر استدامة للفلسطينيين.
امتصاص حالة الاستياء الشعبي، كما حدث خلال استنفار الأجهزة الرسمية والدينية والأحزاب، في دعم غزة خلال العدوان الأخير.
بلورة تكتل أفريقي
في خضم توتر متصاعد مع إثيوبيا حول أزمة سد النهضة، كانت خطوات مصر هي:
في الربع الأول من 2021 عززت مصر تعاونها العسكري والأمني مع 5 دول مجاورة لإثيوبيا، هي السودان وأوغندا وبوروندي وكينيا وجيبوتي، في مسعى لتطويق أديس أبابا.
في السنوات الأخيرة توجهت مصر نحو إعادة التمركز بين دول أفريقيا وخصوصا حوض النيل، بعد غياب لعقود، في إطار تبادل المعلومات الأمنية (ومن بينها الكونغو والصومال وموزمبيق وأوغندا)، خلافا لدعم عمليات تنموية مرتبطة بالمياه.
“الشام الجديد”
عملت القاهرة على تدشين تحالف عربي مع الأردن والعراق، وفي السنوات الثلاث الأخيرة عقدت اجتماعات ثلاثية بين القاهرة وبغداد وعمان بهدف تنفيذ صفقات للبنية التحتية، وتوفير الطاقة وتعزيز العلاقات التجارية، ويعزز هذا التحالف استعادة الدور المصري في ضوء المؤشرات التالية:
يضم التحالف 3 دول متجاورة تقريبا تمتلك فيما بينها موارد طاقة كبيرة (العراق)، ورأس مال بشري (الأردن)، وفرصا في السوق، وعمال بناء متنقلين وقدرات عسكرية (مصر).
التوافق المصري الأردني العراقي قد يساعد في مجابهة التهديدات الإماراتية ال”إسرائيل”ية، الرامية لتدشين بنى تحتية وخطوط تجارية تربط البحر المتوسط بالخليج العربي وما وراءه.
عدم ممانعة واشنطن، في إطار مساعي تقليل اعتماد العراق اقتصاديا على إيران، وإن كان مستبعدا من الناحية العملية.
قد تسعى مصر لإنجاح مشروع “الشام الجديد” ذي الأهمية الاقتصادية والسياسية الكبيرة للقاهرة، من خلال الحوار مع إيران وتسهيل الحضور المصري في العراق.
مشروع الشام الجديد تعود جذوره لدراسة أعدها البنك الدولي في مارس/آذار 2014، وطبقا للدراسة يشمل كلا من سوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية، إضافة إلى تركيا والعراق ومصر، لكنه بقي مجرد دراسة نظرية.
بداية من عام 2019 بدأ المشروع يتلمس طريقه إلى النور، بعد أن عقدت مصر والأردن والعراق عدة اجتماعات على مستوى القادة أو وزراء الخارجية، لمجابهة تغير المناخ الجيوسياسي في المنطقة.
يقوم المشروع على أساس التفاهمات الاقتصادية والسياسية بين البلدان الثلاث ويعمل هذا على استقطاب الاستثمارات إلى العراق، وتعزيز الربط الكهربائي وتبادل الطاقة، وربط شبكات نقل الغاز، وإتاحة منفذ لتصدير النفط العراقي عبر الأردن ومصر من خلال المضي باستكمال خط الغاز العربي وإنشاء خط نقل النفط الخام (البصرة – العقبة).
حول هذه القصة
سؤال وجواب.. هل يشهد العام الجديد تصفير الأزمات المصرية التركية؟تجيب الجزيرة نت عن أبرز التساؤلات المرتبطة بالملف المصري التركي في سياق استشرافي لعام 2022، منها هل تتكلل جهود 2021 بإعادة تسمية السفراء أو تبادل زيارات على مستوى القادة وكبار المسؤولين؟Published On 3/1/20223/1/2022
سؤال وجواب.. هل يشهد العام الجديد تصفير الأزمات المصرية التركية؟
تجيب الجزيرة نت عن أبرز التساؤلات المرتبطة بالملف المصري التركي في سياق استشرافي لعام 2022، منها هل تتكلل جهود 2021 بإعادة تسمية السفراء أو تبادل زيارات على مستوى القادة وكبار المسؤولين؟
مؤشرات وتحولات وعقبات.. هل باتت مصر الرهان الأفضل للمقاومة الفلسطينية و”إسرائيل”؟بعد حرب استمرت 11 يوما بين المقاومة الفلسطينية و”إسرائيل”، ثارت تساؤلات حول دور مصر بالملف الفلسطيني، وذلك بعد حزمة قرارات وتحولات غير مسبوقة تجاه قطاع غزة شملت مناصرة المقاومة علنا بعد سنوات القطيعة.Published On 22/5/202122/5/2021
مؤشرات وتحولات وعقبات.. هل باتت مصر الرهان الأفضل للمقاومة الفلسطينية و”إسرائيل”؟
بعد حرب استمرت 11 يوما بين المقاومة الفلسطينية و”إسرائيل”، ثارت تساؤلات حول دور مصر بالملف الفلسطيني، وذلك بعد حزمة قرارات وتحولات غير مسبوقة تجاه قطاع غزة شملت مناصرة المقاومة علنا بعد سنوات القطيعة.
طريق تجاري يربط الإمارات بتركيا عبر إيران.. فما تأثيره على مصر؟في هذا التقرير ترصد الجزيرة نت أبرز الحقائق والأرقام حول قناة السويس، مقارنة بالطريق الجديد بين الإمارات وتركيا عبر إيران، مع أجوبة خبراء حول تأثيره على القناة التي تعد من أهم شرايين الاقتصاد المصري.Published On 29/11/202129/11/2021
طريق تجاري يربط الإمارات بتركيا عبر إيران.. فما تأثيره على مصر؟
في هذا التقرير ترصد الجزيرة نت أبرز الحقائق والأرقام حول قناة السويس، مقارنة بالطريق الجديد بين الإمارات وتركيا عبر إيران، مع أجوبة خبراء حول تأثيره على القناة التي تعد من أهم شرايين الاقتصاد المصري.
زيارة تاريخية بعد 3 عقود.. السيسي في بغداد من أجل الاقتصاد والأمن وسد النهضةأشاد محللون مصريون بالزيارة التي قام بها السيسي الأحد إلى العراق وشهدت قمة مصرية-عراقية-أردنية، واعتبروها تمثل حدثا تاريخيا خاصة أن آخر زيارة لرئيس مصري إلى العراق كانت قبل أكثر من 30 عاما.Published On 27/6/202127/6/2021
زيارة تاريخية بعد 3 عقود.. السيسي في بغداد من أجل الاقتصاد والأمن وسد النهضة
أشاد محللون مصريون بالزيارة التي قام بها السيسي الأحد إلى العراق وشهدت قمة مصرية-عراقية-أردنية، واعتبروها تمثل حدثا تاريخيا خاصة أن آخر زيارة لرئيس مصري إلى العراق كانت قبل أكثر من 30 عاما.
المزيد من سياسة
الأمم المتحدة تدعم “خارطة الطريق” لإنهاء المرحلة الانتقالية والأعلى للدولة يطالب بقوانين توافقية
الأمم المتحدة تدعم “خارطة الطريق” لإنهاء المرحلة الانتقالية والأعلى للدولة يطالب بقوانين توافقية
عبد اللهيان: الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا على المسار الصحيح ولا تنازل عن رفع العقوبات
عبد اللهيان: الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا على المسار الصحيح ولا تنازل عن رفع العقوبات
إجراء لن يغيّر الخريطة السياسية.. ماذا وراء إحالة قيادات تونسية للقضاء واستثناء قيس سعيّد؟
إجراء لن يغيّر الخريطة السياسية.. ماذا وراء إحالة قيادات تونسية للقضاء واستثناء قيس سعيّد؟
في ذكرى الهجوم على الكونغرس.. بايدن يوجه سيلا من الاتهامات لسلفه ترامب
في ذكرى الهجوم على الكونغرس.. بايدن يوجه سيلا من الاتهامات لسلفه ترامب
الأكثر قراءة
موقف إيراني وبيان من الدول التركية.. مقتل العشرات بكازاخستان وروسيا ترسل طلائع قوات “حفظ السلام”
موقف إيراني وبيان من الدول التركية.. مقتل العشرات بكازاخستان وروسيا ترسل طلائع قوات “حفظ السلام”
ديلي بيست: كابوس بوتين أصبح حقيقة رغم أنفه.. الثورة تجتاح كازاخستان
ديلي بيست: كابوس بوتين أصبح حقيقة رغم أنفه.. الثورة تجتاح كازاخستان
شاهد | القصة الكاملة لصناعة الدرونز الإيرانية التي تغير الشرق الأوسط
شاهد | القصة الكاملة لصناعة الدرونز الإيرانية التي تغير الشرق الأوسط
بشرى بشأن أوميكرون من منظمة الصحة العالمية.. وبشأن كوفيد-19 من وزارة الصحة البريطانية
بشرى بشأن أوميكرون من منظمة الصحة العالمية.. وبشأن كوفيد-19 من وزارة الصحة البريطانية
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس