“طوفان الأقصى” تطاول النفط… الأسواق تخشى صراعاً أوسع

1
"طوفان الأقصى" تطاول النفط... الأسواق تخشى صراعاً أوسع

أفريقيا برس – أرض الصومال. قفزت أسعار النفط بالأسواق العالمية، أمس الاثنين، في أولى جلسات التداول منذ اندلاع الحرب بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي مطلع الأسبوع الجاري، إذ يخشى المتعاملون أن يؤدي التصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة إلى صراع أوسع تتورط فيه إيران وربما الولايات المتحدة، لتتسع رقعة المخاطر الجيوسياسية التي تحيط بالأساس بأسواق الطاقة التي تئن بالفعل تحت وطأة تخفيضات إمدادات مجموعة “أوبك+” وانخفاض المخزونات عالمياً.

وصعد خام برنت بأكثر من 5% في التعاملات المبكرة في آسيا، أمس، ليصل إلى 89 دولاراً للبرميل، قبل أن تهدأ الأسعار بعدها ليصل خلال التداولات إلى نحو 88 دولاراً للبرميل.

وجاء صعود الأسعار في أعقاب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، نقلت فيه مزاعم من أعضاء كبار في “حماس” بأن ضباطاً من الحرس الثوري الإيراني ساعدوا في التخطيط للهجوم المباغت الذي نفذته حماس على الاحتلال الإسرائيلي، وهو نفاه الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، خلال مؤتمر صحافي، أمس، مؤكدا أن طهران لا تتدخل في قرارات الدول الأخرى، بما فيها فلسطين. وأضاف كنعاني أن “الإشارة إلى دور إيران (في هجوم حماس) تهدف إلى تحويل الرأي العام وتبرير الإجراءات المقبلة التي قد تتخذها” إسرائيل.

حاملة طائرات هجومية

كما لم يؤكد المسؤولون الأميركيون بعد أي صلة لإيران في هجمات المقاومة الفلسطينية. ويوم الأحد، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لشبكة “سي أن أن”: “لم نر بعد دليلاً على أن إيران وجهت هذا الهجوم بالذات أو كانت وراءه”. لكن واشنطن أعلنت في الوقت نفسه تحريك حاملة طائرات هجومية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط وتعزيز أسراب طائراتها المقاتلة في المنطقة، فضلا عن نقل آلاف المقاتلين.

وقال فيفيك دار، محلل السلع الأولية في “كومنولث بنك” الأسترالي في مذكرة: “إذا ربطت الدول الغربية الاستخبارات الإيرانية رسمياً بالهجوم الذي شنته حماس، فإن إمدادات وصادرات النفط الإيرانية ستواجه مخاطر وشيكة”.

وأضاف دار وفق ما نقلته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أمس: “إذا رأينا الولايات المتحدة تلقي اللوم على إيران في هذا الهجوم، فقد نشهد تراجعاً كبيراً في صادرات النفط الإيرانية هذا العام.. ورغم أن التأثير على المعروض العالمي سيتراوح بين حوالي 0.5% و1% إلا أن تأثيره كبير” في ظل الأوضاع الحالية، متوقعا أن يدفع ذلك خام برنت إلى الصعود فوق 100 دولار للبرميل.

وتابع أنه “في حال تأكدت أميركا من تورط الحرس الثوري الإيراني، فإن ذلك سيحفز واشنطن على تطبيق العقوبات المفروضة على إيران بشكل أكثر صرامة”، معتبرا أنه جرى تطبيق هذه العقوبات بشكل ضعيف هذا العام للسماح بمزيد من الإمدادات للأسواق بسبب المخاوف بشأن ارتفاع أسعار الوقود.

كما رأت هيليما كروفت، محللة السلع في مؤسسة “آر بي سي كابيتال ماركتس”، وفق الصحيفة البريطانية، أن البيت الأبيض تبنى “نهجاً ناعماً” في فرض العقوبات على إنتاج النفط الإيراني، لكن سيكون من “الصعب” الحفاظ على هذا النهج إذا اتهمت إسرائيل طهران بتقديم الدعم لحماس.

وكانت صادرات النفط الإيرانية قد ارتفعت في أغسطس/آب الماضي، لتبلغ 2.2 مليون برميل يومياً خلال أول 20 يوماً من ذلك الشهر، وفق تقديرات نشرتها شركة “تانكر تراكرز”، التي توفر بيانات بشأن شحنات النفط إلى الحكومات وشركات التأمين والمؤسسات الأخرى.

وجاء أغسطس/آب الأعلى من حيث تدفق النفط الخام، بما يزيد قليلاً عن 200 ألف برميل يومياً. وتبيع إيران الغالبية العظمى من براميلها إلى الصين، حيث يبتعد العملاء السابقون مثل كوريا الجنوبية واليابان عن البراميل الخاضعة للعقوبات. أما الهند، التي كانت في السابق مشترياً كبيراً للنفط الإيراني، فركزت أخيراً على الحصول على المزيد من البراميل من روسيا.

تحذيرات من هجوم إسرائيلي على إيران

وتوقع محللو بنك “سيتي غروب” أن يكون للحرب الدائرة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي “تداعيات صعودية” على أسعار النفط. وأشاروا إلى أن هناك مخاطر متزايدة أيضاً من هجوم إسرائيلي على إيران، نظراً لدعمها “حماس”، وفق ما أورده محللون بينهم إد مورس في مذكرة البنك.

وبحسب وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع في مجموعة “آي أن جي” المصرفية الهولندية، فإنه إذا لعبت إيران دوراً في هذه الهجمات بشكل مباشر أو غير مباشر، فقد يكون هناك تطبيق أكثر صرامة للعقوبات النفطية الأميركية على طهران، الأمر الذي سيعمل بعد ذلك على زيادة شح الإمدادات في سوق شحيحة للغاية بالفعل.

وأسهمت الإمدادات المتزايدة من النفط الإيراني في خفض أسعار الوقود العام الجاري، بينما تضغط السعودية وروسيا على الإمدادات للحفاظ على مستويات الأسعار وعدم هبوطها. وهذا الإجراء المشترك بين الرياض وموسكو يستنزف مخزونات النفط بأسرع وتيرة منذ سنوات، مما يضع علاوة سعرية مكلفة على الإمدادات السريعة المعروفة في الصناعة بارتفاع قيمة العقود ذات الآجال الأقرب عن أسعار العقود المستقبلية في الشهور القادمة.

وفقاً لسيناريو أكثر تطرفاً، يمكن لإيران الرد على أي استفزاز مباشر من خلال إغلاق مضيق هرمز، وهو نقطة بحرية ضيقة في شمال بحر العرب. ويمر حوالي خُمس نفط العالم عبر المضيق، إذ تحمل الناقلات نحو 17 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات كل يوم عبر هذا الممر المائي، والذي يبلغ عرضه في أضيق نقطة له 21 ميلاً فقط. وكانت طهران هددت بإغلاق المضيق عندما فُرِضت عقوبات عليها في العام 2011، لكنها تراجعت في نهاية المطاف.

وقال غاري روس، مستشار النفط المخضرم الذي تحول إلى مدير صندوق تحوط في شركة “بلاك غولد إنفستورز”، إن سوق النفط الخام ضيقة للغاية، فيما تستغيث الأسواق بسبب تزايد تكلفة العقود ذات الآجال الأقرب، مما يؤدي إلى زيادة السعر.

وفي السياق، أشار جوي تشينشي، المحلل في شركة “سيتيك فيوتشرز” للسمسرة، إلى أن سعر النفط قفز 240% خلال حرب الخليج عام 1990، و45% أثناء حرب العراق في 2003، و40% إبان حرب ليبيا عام 2011، قبل أن يتراجع لاحقاً.

ومن المتوقع أن تستفيد روسيا من أي أزمة نفطية في الشرق الأوسط. فإذا فرضت واشنطن عقوبات على إيران، فقد توجد مجالاً لبراميلها الخاضعة للعقوبات لاقتناص حصة في السوق وتحقيق أسعار أعلى، وفق مقال نشره خافيير بلاس الخبير في شؤون الطاقة والسلع في وكالة بلومبيرغ يوم السبت الماضي.

تعقيد جهود التطبيع بين السعودية وإسرائيل

ويبدو أن أثار الصراع لن تقتصر على الإمدادات الإيرانية، وإنما يمكن أن يؤدي العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة إلى تعقيد الجهود التي تبذلها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للتوسط في صفقة مع المملكة العربية السعودية لتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، ما قد يؤثر على رغبة المملكة في زيادة إنتاجها النفطي.

ووفق مذكرة لمحللي بنك الاستثمار الأميركي “غولدمان ساكس”، فإن الحرب ضد غزة يمكن أن تقلل من احتمال تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية على المدى القريب، الأمر الذي يحمل في طياته أموراً منها تراجع احتمال إنهاء تخفيضات الإنتاج السعودي مبكراً، لتتشابك مع المخاطر التي تهدد توقعات إمدادات النفط الإيرانية التي تميل الآن نحو التفاقم.

ويأتي التصعيد الحالي بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي بعد 50 عاماً تقريباً من حظر النفط العربي، عندما أقدمت السعودية ومنتجون آخرون في منظمة “أوبك” على تجميد التدفقات إلى الغرب في أعقاب حرب أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973.

لكن لا أحد يتوقع أن تبادر الرياض هذه المرة، بإيقاف ضخ النفط تضامناً مع الفلسطينيين حالياً. وفي أسوأ الأحوال، قد يعرقل الصراع محادثات التطبيع، ويحول دون أي تدفقات نفط سعودية إضافية قد تكون نتجت عن ذلك، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية.

وكان سهيل المزروعي وزير الطاقة في الإمارات، وهي عضو رئيسي في منظمة “أوبك”، واضحاً في تصريحاته للصحافيين في الرياض، يوم الأحد الماضي، عندما قال إن الصراع لن يؤثر على عملية صنع القرار في المنظمة، مضيفا: “نحن لا ننخرط في السياسة، ونقيّم الوضع وفق العرض والطلب، ولا نأخذ في الاعتبار ما فعلته كل دولة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس