إلى أين تتجه تطوارات الحرب في السودان؟

52
إلى أين تتجه تطوارات الحرب في السودان؟
إلى أين تتجه تطوارات الحرب في السودان؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. منذ إندلاع الحرب في السودان الشهر الماضي ، لم يتم تسجيل تطوارات جديدة على أرض الواقع ، حيث أن كل الاطراف تتدعي أنها تسيطرة على العاصمة الخرطوم ، ولكن لم يثبت ذلك ميدانيا ، ولان الحرب مازالت تدور راحها ، يتوقع الكثيرون بأن تكون هنالك تطورات جديدة للحرب ، وربما يعد أمر تسليح معاش القوات المسلحة والشرطة أبرز التطورات ، فضلا عن حديث قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان أنهم لم يستخدموا كامل قوتهم المميتة، مستدركا ، ولكن سنضطر إلى ذلك إذا لم ينصاع العدو أو يستجيب لصوت العقل.

مراحل الحرب

الشاهد أن الحرب في السودان انتقلت لمرحلة أخرى مخالفة لقواعد وقوانين الحروب ، حيث ظلت قوات الدعم السريع تنهب الممتلكات والمدنيين ، فضلا عن قتل العزل ، كذلك اعتدت على المنشآت الصحية والمدنية. ولم تكتف قوات الدعم السريع بالاعتداء على المستشفيات والمرافق العامة ، بل ارتكبت جرائم اغتصاب وذلك وفقا لتقارير صحفية وبيانات من منظمات دولية.

وقد قالت وحدة مكافة العنف ضد المرأة إنها وثقت وقوع 25 حالة اغتصاب بدارفور لنساء وفتيات بين 14- 56 عاما، وحسب افادة الناجيات كان الجناة فيها يرتدون الزي الرسمي لقوات الدعم السريع ويمتطون سيارات تحمل لوحاتها. أيضا، قوات الدعم السريع استمرت في عمليات احتلال منازل المدنيين بالرغم من اتفاق جدة الذي نص على الهدنة لسبعة أيام وتم تمديدها لخمسة أيام أخرى.

حرب ضروس

وكشف مسؤول عسكري رفيع بالجيش السوداني، بأن بوصلة الصراع بين طرفي النزاع في السودان تتجه إلى العودة إلى ما قبل الخامس عشر من أبريل، مستشهدا بأن الطرفين التزما بوقف إطلاق النار، وأضاف لموقع “أفريقيا برس “:كذلك الطرفين وافقا على تمديد الهدنة إلى فترة أخرى.

ويرى المسؤول العسكري والذي -فضل حجب هويته- إن الهدنة ستمهد إلى جولة جديدة وجادة من المفاوضات لوضع نهاية للحرب العبثية والتي يؤكد إنها اندلعت بدون أهداف محددة.

وأقر المسؤول العسكري إن الحرب الضروس التي خاضها طرفي النزاع قد انهكتهما لدرجة يصعب معها مواصلة الحرب والاستمرار في الكبرياء العسكري لكلا الطرفين بالإضافة إلي أن حرب الأربعين يوما قد دمرت البنية التحتية للبلاد وشردت الآلاف من المدنيين وحولت العاصمة إلى ثكنة عسكرية ومنطقة عمليات مما يجعل الحياة فيها أشبه بالمستحيل للمدنيين. ويرى المسؤول العسكري أن الحرب قد كشفت وهن وضعف الاقتصاد السوداني المنهار والاستمرار في الحرب، وهو الأمر الذي بحسب المسؤول العسكري يعني أن كل السودان يتهدده شبح الحرب الأهلية والمجاعة والتقسيم والذهاب إلى المجهول.

وفي تقدير محدثي أن جهود المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وكذلك الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد قد آتت أكلها بعدم جدوى الحرب ودعوتهم لطرفي النزاع بالجنوح للسلم والدخول في مفاوضات جادة مع ضرورة إشراك المدنيين في رسم المشهد التفاوضي وصولا إلى دولة مدنية وديمقراطية في سودان ما بعد الحرب. وتوقع محدثي أن تتضاعف الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الصراع خاصة وأن طرفي النزاع أبديا رغبة أكيدة في عدم مواصلة الحرب وهنا يقول المسؤول العسكري تكمن نقطة الانطلاق من مربع الحرب الى مربع السلام والاستقرار.

وبشأن تصريحات الفريق البرهان الأخيرة القائلة: “بأننا لم نستخدم القوة المميتة بعد”يقول مراقبون إنها لا تعدو كونها تصريحات لرفع معنويات جنوده ورسالة بأن الجيش هو القائم على أمر البلاد. مشيرين إلى أن هنالك نشر واسع للفيديوهات التي تبثها قوات الدعم السريع لإرسال ذات الرسائل التي أرادها البرهان.

تزايد الانتهاكات

في ذات السياق، يقول القيادي بقوى الحرية والتغيير عروة الصادق لـ “أفريقيا برس” إنه وفي حال لم يصل أطراف النزاع في السودان لحل يوقف الحرب، حتما ستتزايد الانتهاكات وسيحفز ذلك جماعات كثير للاستجابة لدعوات التسليح، وحينها يقول عروة : ستطل الجريمة المنظمة برأسها وجماعات الغلو والتطرف وتجار الممنوعات والسلاح والبشر، متوقعا بأن تندلع حرب أهلية والتي قال إنها ستمزق السودان، مشددا على ضرورة خفض حدة التوتر وإيقاف ضجيج السلاح وأن لا تتوسع رقعة التسلح.

وفي رده على سؤال، إلى أين تتجه تتطوارات الحرب في السودان سيما بعد خطوة الجيش بشأن تسليح متقاعدي القوات المسلحة؟ قال عروة إن الخطورة ليست في تسليح معاشيي القوات النظامية (جيش، شرطة، أمن)، ولكن كيف تتم تلك العملية ووفق أي ضوابط، متسائلا هل هناك عجز في القوات النظامية للسيطرة على فوضى الصراع في السودان؟ قد يساعد تسليح المعاشيين على حماية المجتمعات المحلية من الهجمات المسلحة والتصدي للتهديدات الأمنية في حالة تكامل أدوار أجهزة الدولة، ولكن ذلك يتم في حالة اعتداءات تتدرج في مستوياتها وتختلف أنواع أسلحتها، والدعوة له بهذه الصورة وفي ظل غياب تام لمؤسسات الدولة الامنية وشغور كراسي عدد من مؤسسات الحكومة في المركز والولايات، سيزيد من تفاقم الأمر ويمكن أيضًا أن يرفع مستوى العنف والفوضى في المجتمعات المتضررة ويدفعها للتسلح العشوائي خارج منظومة أورنيك (١٢ س).

وتابع ، من الممكن أن يؤدي التسليح إلى حدوث مزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الدولي. مشددا على ضروة أن يتم التعامل مع خطوة التسليح بحذر وفي إطار الإجراءات القانونية والضوابط المناسبة. كما شدد قائلا ” يجب أن يتم التركيز على إيجاد حلول سلمية للصراعات المسلحة بدلاً من اللجوء للتسليح وأن يمنع منعا قطعيا تسليح المدنيين، وعدم تسليح النظاميين أصحاب السوابق والانتهاكات والذين تم ابعادهم من الخدمة بسبب فظائع وشاركوا في جرائم ضد الإنسانية.

وأضف أن ذلك تنطوي عليه عدة مخاطر منها تنامي العنف وزيادة أعداد الهجمات والهجمات المضادة واتساع رقعة الاشتباكات، ما سيقود لتدهور الأمن في المدن وانخراط بعض الجماعات القبلية في الأقاليم بصورة تزيد من حدة الصراعات بحسب عروة. وبشأن تسليح المواطنيين؟ يقول عروة هذه الخطوة ستخدم المدنيين في الصراع، مؤكدا أن المواطنيين الان صاروا هدفا للهجمات المسلحة والاعتداءات وعرضة لكل أنواع الانتهاكات، وجزم بأنه وفي نهاية المطاف لن يكون بمقدور أي جهة أو سلطة السيطرة على الأسلحة في المدى القريب، وهو بحسب عروة سيحفز جماعات إجرامية منظمة على التسلح ليس لأغراض الحماية بل لأغراض الجريمة. واقترح عروة بأن يستدعي منسوبي المؤسسات المنضبطة باللواىح والقانون ، مؤكدا إنهم لا زالوا في الخدمة ويملكون سلاح (ميري) ، كما أكد بأنهم تلقوا تدريبا طويلا على استخدامه يمكن استدعاهؤهم عوضا عن استدعاء المعاشيين وتوسيع رقعة التسلح.

ماهي الخطوة القادمة؟

خبير عسكري فضل حجب هويته قال لموقع “أفريقيا برس” إن خطوة استدعاء ضباط وجنود الاحتياط من قبل الجيش السوداني تعني أن الجيش مقبل تدريجيا على خطوة انهاء وجود قوات الدعم السريع في وسط الاحياء السكنية ، معللا بأن هذه الخطوة ستنهي استفاقة قوات الدعم السريع من التزام قوات الجيش السوداني بالارتكاز في معسكراتها والمواقع الحيوية فقط من دون التزام بالدفاع عن الاحياء السكنية. ولفت إلى أن الخطوة قد تعجل بنجاح المفاوضات بين الجيش والدعم السريع بحكم انها ستقلل من فرص الدعم السريع في كسب معركته مع الجيش، مما يعني بحسب الخبير العسكري ارغام قيادة الدعم السريع على قبول الدمج في الجيش السوداني والبحث عن ضمانات لقادة الدعم السريع عبر المفاوضات.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here